صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 2 )
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الواضح في سيرة الافراد والمجتمعات ان الغالب في حال استمرار الترف والرخاء تحقق البعد عن القيم الروحية والأخلاقية والتوجه الشديد نحو الملذات واتباع الشهوات والذي يؤدي الى انهيار المنظومة الأخلاقية المتزنة والتطرف في التوجه الأخلاقي السلبي بمديات مختلفة ودرجات متفاوتة.
وفي المقابل عند وقوع الابتلاء والتعرض للصعوبات والشدائد فان التوجه العام ياخذ جانب الأخلاق المتزنة التي تحقق قدراً جيداً في العدل والانصاف والتكافل والتوازن الاجتماعي ونمو القيم المجتمعية الايجابية.
وقد تعرض القران الكريم في العديد من الآيات الكريمة الى الحكمة الالهية من الابتلاء، كما اشار الى وقائع تاريخية كان للابتلاء والصعوبات دور مهم في اعادة بناء الفرد والمجتمع.
وبالإضافة الى دور الابتلاء في اعادة البناء الشخصي والاجتماعي بينت آيات الذكر الحكيم ان كل ما في الكون يجري ضمن التقدير الالهي الذي يسعى بالنهوض بالإنسان مع حفظ اختيار الانسان في سلوك سبيل الخير او الشر.
وحيث ان البحث يتصدى الى اثر الابتلاء في بناء الانسان فسيقتصر البحث على الاثار في الحياة الدنيوية دون التعرض الى ترتب الاثار الاخروية على الابتلاء.
والى هذه الامور التي بينت اعلاه اشار قوله تعالى في سورة الحديد
﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ 
انواع الابتلاء
ينقسم الابتلاء الى نحوين:
الاول: الابتلاء المحبب للإنسان، كالمال والاولاد والزعامة والصحة ...
الثاني: الابتلاء غير المحبب للإنسان، كالفقر والمرض ومصادرة الحرية والموت وانعدام الامن وتسلط الحاكم الجائر ....
والى النحو الاول من الابتلاء اشار قوله تعالى 
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ 
وقوله تعالى:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ 
والى النحو الثاني من الابتلاء اشار قوله تعالى:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ 
فكلا النوعين من آي الذكر الحكيم يشير الى الابتلاء الالهي وان مسير الانسان في هذه الحياة الدنيا هو مسير ابتلاء يختبر فيه الانسان في مجال الشكر والصبر، ويكون كل نحو من انحاء البلاء مؤثرا في بناء الفرد والمجتمع حتى يتحقق للإنسان كماله المطلوب بعد ان يمر الفرد في دورة حياته القصيرة بالكثير من الابتلاءات التي يحدد على ضوئها نجاحه الشخصي وليكن مثالا لمن عاصره من ابناء جلدته، كما ان المجتمع على اساس حياته الطويلة الممتد باستمرار الاعقاب بعد الاعقاب التي كونت ذلك المجتمع يشير بقاؤه واستمراره الى نحو من النجاح في الابتلاء وان كان في فترة من فترات حياته كمجتمع قد اصيب بالإخفاق الشديد او النسبي الا ان بين حنايا ذلك المجتمع تكمن فئة من الناس تشكل درجة من درجات النجاح في الاختبار الالهي، كما ان انقراض المجتمع يدل بشكل واخر الى فشل ذلك المجتمع في الاختبار وانه ليس خليقا بالبقاء على الارض مثل قوم نوح وعاد وثمود وسدوم.                                                                                                                                                                                                                                   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/05



كتابة تعليق لموضوع : الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 2 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net