صفحة الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني

علينا أن نعتذر للشيعة
اسعد عبد الرزاق هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رجل يمتلك شخصية متفتحة، سافر إلى أغلب بلدان أوروبا وأمريكا والمشرق الإسلامي (الهند وباكستان وإيران وروسيا) واستوعب أكثر من سبعين كتابا وبحثا علميا، وناقش رسائل للماجستير والدكتوراه، وأنتج مجموعة من المصنفات والدراسات منها ـ أوضاع الدول الإسلامية في المشرق الإسلامي ـ وتتبع المصادر العلمية التي تحدثت عن تاريخ المغول في العالم بكافة اللغات الحيّة، واللغات القديمة كالصينية والمغولية واليابانية والروسية والجرجانية والأرمينية والسريانية واللاتينية إلى جانب لغات تركية. وسافر لهذا الغرض إلى المكتبة السليمانية ومكتبة متحف قصر طوبقابي في اسطنبول والمكتبة الظاهرية بدمشق ودار الكتب بالقاهرة وجامعات طهران ومكتبة مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، وتوصل لنتائج باهرة نسف من خلالها ما أثير من خيانات وهمية لا أساس لها من الصحة اتخذت أساسا للتشنيع دونما دليل علمي ملموس.
أصدر الدكتور سعد بن حذيفة الغامدي أستاذ التاريخ الإسلامي والدراسات الشرقية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض دراسة موسعة عنونها بـ(سقوط الدولة العباسية ودور الشيعة بين الحقيقة والاتهام) عن دار ابن حذيفة- أثارت غضب المتشددين والتكفيريين في السعودية ووصفها سليمان بن صالح الخراشي بالقول: تفاجأت عندما رأيته يردّد ما ردّده الشيعة الرافضة من تكذيب، وكان الدكتور عبد العزيز الهلابي قد ألف قبل سنوات كتابا حول أسطورة "عبد الله بن سبأ"، دراسة للروايات التاريخية عن دوره في الفتنة التي يتخذ منها التكفيريون مادة دسمة لتمزيق أواصر الوحدة الوطنية بشكل يخالف قرارات مؤتمر القمة الإسلامية "بيان مكة" وتوصيات خمسة لقاءات للحوار الوطني السعودي وقبلها فتاوى شيخ الأزهر الشريف الشيخ محمد شلتوت القاضية بجواز التعبّد بالمذهب الشيعي، وفوق هذا وذاك الإرادة السياسية المتوجّهة للتفاعل مع الدعوات الإصلاحية والداعية للاعتراف بالآخر.
"هل كان هولاكو محتاجا لمساعدة المسلمين الشيعة ضد المسلمين السنة، حتى نقبل أنهم كانوا أحد العوامل التي أدّت إلى سقوط بغداد؟». في الحقيقة لم يكن هولاكو محتاجا إلى مساعدة من أي فرد، شيعياً كان أم سنياً، لذلك فإننا نجد ـ كما يظهر لنا ـ أنه من غير المحتمل، إن لم يكن من المستحيل، أن يكون لهذه الطائفة من المسلمين أيّ دور فعّال، سواء من داخل أم من خارج بغداد، في هجوم المغول ضد العاصمة العباسية، بغداد، وخلافتها السنية! ولم تثبت تلك المصادر أن المسلمين من الشيعة الساكنين في حي الكرخ داخل بغداد لم يشاركوا في الدفاع عن بغداد أبان الحصار المغولي لهذه المدينة، ومع ذلك فأنهم لم يشاركوا في الحرب ضد المغول أو أنهم أبدوا تحفظا أو عدم تحمّس في قتال المغول "ثم يردف الدكتور الغامدي قائلا: مع أنهم كانوا ممتعضين من حكومتهم وجيشها المكوّن من مماليكها الذين يقوم بإدارة شؤونه وقيادته مملوك تركي (الداودار الصغير) الذي هاجم أحياءهم السكنية، فسلبها المماليك وقتلوا أهلها وهتكوا أعراض النساء قبل أقلّ من سنتين كل ذلك بأوامر من قائدهم أيبك الداودار، تلك التهم التي وجهها لهم أخوانهم المسلمون من أتباع المذهب السني، ووجدت لها صدى في كتبهم التاريخية على وجه الخصوص، يدلل المؤلف على بطلان هذه الأقوال بأنه لو كان الشيعة أعوانا للمغول إذا "لماذا أقدم المغول على اقتحام جميع الأحياء السكنية، لأتباع المذهب الشيعي في داخل بغداد؟ وما تلاه من أعمال بشعة ارتكبها الغزاة المغول بحقهم وبهذه الطريقة ذبح أهلها دون تمييز، بنفس الطريقة التي عومل بها بقية المسلمين داخل تلك المدينة المنكوبة، يظنون أن الأمر سهل، وإنما هو السيف حدثت للقاء مضاربه، وقوله أثناء حصار بغداد: لحية الوزير طويلة أو لحيتنا طويلة لكون الخليفة لم يرسل الهدايا لاسترضاء المغول، رغم أن هذا الرأي ذهب إليه الخليفة نفسه وشرع في تنفيذه لولا معارضة الداودار الصغير، والذي نراه صحيحا في هذا الشأن كما يبدو لنا- هو أن المؤرخين الذين اتهموا الوزير ابن العلقمي وعلى رأسهم الجوزجاني كانوا مؤرخين متطرفين، فقد وجهوا عليه تلك التهم بدافع التعصب المذهبي تمليه حوافز عدوانية وعواطف تحاملية يكنونها تجاه هذا الوزير المسلم، الشيعي المذهب. لهذا يقف المرء عند روايات من هذا القبيل موقف الشك هذا إذا لم يرفضها رفضاً قاطعا، وإن ما أورده أولئك المؤرخون في تقاريرهم حول هذا الشأن لا يقوم على أساس علمي دقيق ومحقق.
 ما ورد لدى المؤرخين، لم يكن من مؤرخين عراقيين معاصرين، فالمؤرخ الجوزجاني كان يعيش في الهند في دلهي، وأبو شامة صاحب الذي على الروضتين كان يعيش بدمشق، ولا يوجد شاهد عيان يؤكد ما لدينا من آراء، لم يفرّق المغول في التنكيل بين السنة والشيعة أثناء الهجوم على بغداد فقد قتلوا، ويخلص المؤلف إلى نتيجة مفادها أنه على المرء قبل أن يصدر حكمه في مسألة مثل هذه أن يأخذ في الحسبان اعتبارات عدة:
1.   دراسة الأساس الذي بنيت عليه هذه المسألة.
2.   التحرّي عن القائل (عن ميوله الكتابية والمذهبية).
3.  الشخصية التي يُعالج أمرها.
4.   دراسة الأوضاع الداخلية والخارجية وحيثيات الموضوع من جميع جوانبه.
إن التذرّع باختلاق الفتن الطائفية والمذهبية وتحميل الحاضر وزر الماضين لهو من أكبر الأسباب الداعية لانشغال المسلمين والإنسانية ككل عن خلق الوحدة الوطنية. وهذه دعوة إشادة بمثل هذه الأقلام المنصفة كالدكتور الغامدي لكي يتجاوز المسلمون على اختلاف مشاربهم أسباب الفرقة والتطاحن التي ملّ منها إنسان الحاضر الساعي إلى التقدم والباحث عن الإنصاف وينشغلوا ببناء الحاضر والبحث عن أسباب التآلف والوحدة والتسامح والعمل سوية لدرء المخاطر المحدقة بالإنسانية ككل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبد الرزاق هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/25



كتابة تعليق لموضوع : علينا أن نعتذر للشيعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net