صفحة الكاتب : علي الخفاجي

لكي يكون فصيحاً...!
علي الخفاجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 {حم*وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ*إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} الزخرف (1-3)
رغم الثراء الذي تميزت به اللغة العربية في الجاهلية، يبدو أنها ذات صبغة بدوية ولهجات متنوعة، ولما نزل القرآن الكريم سحر ألباب العرب رغم وجود أسود الفصاحة، وفرسان البلاغة، فأضفى على اللغة سيلاً من حسن البيان وعذوبة السجع وبلاغة التعبير، وعمل على توحيدها وحفظها من الانقراض، حين ضمن لها حياة طيبة وعمراً طويلاً. فكثير من اللغات في التاريخ انقرضت بانقراض الأمم أو تلاشت وبقيت رسومها أو شغفت وفقدت حضارتها وآدابها.
وحرص الكثير على تنقيتها من الشوائب التي علقت بها وساعد على تهذيب ألفاظها وعمل على انتشارها حتى أصبحت لغة الدين والثقافة.
فكان النص القرآني في أعلى درجات الفصاحة التي تعني الظهور والبيان والوضوح والإتقان:
{نَزَل بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}الشعراء/ 193-195.
وإذا عرفنا ما للمدرسة النحوية من دور في تأسيس قواعد، تميز الصيغ السليمة من غيرها، وما للمدرسة البلاغية من دور في الكشف عن الظواهر الجمالية من مفردات اللغة وتراكيبها. كانت المدرسة الصوتية لها دور لا يقل عن سابقيتها في البحث عن المواصفات المضبوطة لأداء الصوت اللغوي، حين تصدى لها أصحاب التجويد والقراء. وكما كافح علماء العربية ظاهرة (اللحن) في اللغة وعالجوا العيوب اللسانية التي تحرف الكلام عن قواعد الصرف والنحو- كافح الموجودون الفساد الذي وقع في النطق، والسماجة التي طرأت على لغتنا المسموعة، وكان يعتقد أن قواعد التجويد خاصة بتلاوة القرآن الكريم، ولعل سببه يعود إلى أن هذا المجال من الدراسة ظل محصوراً ضمن اهتمامات مقرئي القرآن الكريم. 
وفي الواقع أن علم التجويد بالإضافة إلى جانبه الفني والتنغيمي، فيما يعتمد عليه من مدود وغنن ومن بقية المحسنات التجويدية... هو الصوت الصحيح الذي تنطق به الحروف، وتؤدى به الألفاظ وهو الذي يشخص عوامل الخلل في كلام المتكلمين وأدب المتأدبين. ولما كان القرآن المجيد من أعلى مراتب الكلام العربي فيما يحمله من فصاحة راقية ومن مسحة صوتية تعد وجهاً من وجوه إعجازه كانت له الحصة الأكبر في عالم التجويد. 
فتجويد القرآن الكريم يصيرني فصيحاً. وما من شيء مثل فصاحة القرآن، تجعل منطقي عذباً ولساني مهذباً، خصوصاً لو عودنا ألسنتنا على أداء الحروف والألفاظ وفق نظامها الصوتي الصحيح من خلال رياضة الألسن على إخراج الحروف من مخارجها وإعطائها صفاتها. وتكرار الألفاظ القرآنية المسموعة من القراء والمجودين خصوصاً إذا ابتدأنا بتعليم الأطفال -التجويد- فهم يمتلكون بفطرتهم قدرة سمعية وأصواتا سليمة ولهوات رقيقة ونكون قد تخلصنا ولو قليلاً من شوائب اللحن والرطانات العامية واللهجات المحلية وبالأخص إذا دعمت هذه الجهود بالنقد الإقرائي من أصحاب الخبرة فالنقد يصقل المواهب وينمي القدرات ويطور المهارات. 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الخفاجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/24



كتابة تعليق لموضوع : لكي يكون فصيحاً...!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net