العلاقة بين القرآن وشهر رمضان
علاء تكليف العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ما إن يحل علينا الشهر الفضيل شهر رمضان الكريم، حتى يتسارع عشاق هذا الشهر الفضيل إلى ربط أيامه ولياليه بمحافل قرآنية، تملأ أضرحةَ الأئمة المعصومين والمساجد والحسينيات وحتى الدور، فتكون هي الطابع الأسمى فيه، فنجد في كلِ يوم يُقِيم المؤمنون محافلهم، أو حتى الأشخاص بتعبداتهم، يتلون جزءاً من القرآن الكريم، مقسمٌ على أيام الشهر المبارك، تلاوة، وترتيلاً، وفي بعض الأحيان تدريساً لأحكامه، بل يتعدى ذلك لتأسيس مجالس، لتفسيره وبيان ما يتضمنه من معارف، ودروس، وعبر، وقصص، وأحكام.

العلاقة بين القرآن وشهر رمضان:

وهنا يأتي التساؤل ما العلاقة بين حلول هذا الشهر الفضيل، وبين الإعتناء بالقرآن الكريم، بهذا النطاق الواسع، الذي يكون في كل عام يحل فيه شهر رمضان.
إن هذه العلاقة يمكن ان نستنتجها من خلال ما ورد في كتاب الله تعالى، وأحاديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، التي تبين لنا تلك الاهمية بينهما، والتي تكون في جلها ليس للإرشاد، بل تحمل التأكيد والإلحاح في الحث على ذلك.

العلاقة بين القرآن وشهر رمضان قراءة قرآنية:

أما فيما نستنتجه من القرآن الكريم نفسه لبيان تلك العلاقة، هو إنه تعالى خص نزوله في هذا الشهر الكريم، دون غيره من الشهور فقال تعالى في آيات إشارةً لذلك:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)(1).
وقال تعالى ايضاً في اشارة الى ليلة من ليالي هذا الشهر الفضيل، وهي ليلة القدر حيث قال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(2)، وقال تعالى أيضاً: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)(3)، كما أشارت الآية نفسها الى لزوم تدبره والتذكر، من خلال ما يحمله من بناء للروح لدى الفرد، وفي الآية السابقة أشار الى كونه كتاب هداية، وتبيان، وتفريق، حيث قال: (وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)(4)، فعلاقته المُستَنتَجة، هي بناء الروح، وعقد النفس على الاخلاق، والمبادئ الحسنة، التي يحث عليها القرآن الكريم، لتجسدها نفسية الصائم في شهر رمضان.

العلاقة بين القرآن وشهر رمضان قراءة روائية:

أما بيان العلاقة من خلال أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) فذكرت الأحاديث الواردة عنهم (عليهم السلام)، فما ورد بنص خطبة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، التي استقبل فيها الشهر الفضيل، ذكرت من تلك المضامين، التي تبين العلاقة بينهما، فأشار (صلى الله عليه وآله) بقوله: "وَمَنْ تَلا فِيهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ"(5).
وفي إشارة منه (صلى الله عليه وآله) الى لزوم تغيير السلوك، والخلق، وبناء الفضائل، وفق الهدي الرباني القويم لهذا الكتاب، قال (صلى الله عليه وآله): "القران مأدبة الله، فتعلموا من مأدبة الله ما استطعتم، إنّه النور المبين، والشفاء النافع، تعلموه فإنّ الله يشرّفكم بتعلمه"(6).
وجاء عنه (صلى الله عليه وآله) قال: "من قرأ آية في رمضان أو سبح كان له من الفضل على غيره كفضلي على أمتي فطوبى لمن أدرك رمضان، ثم طوبى له"(7). 
وورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آداب شهر رمضان: "أكثروا فيه من تلاوة القرآن "(8).
وجاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: "لكل شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان"(9). 

فمن خلال ما ذكرنا نستنتج، ان القرآن والعترة الطاهرة (عليهم السلام)، تحث على هذه العلاقة، التي تجسد الروح العالية، التي يمتلكها الانسان المؤمن، في شهر رمضان الكريم، من خلال التواصل ببناء الروح السامية، بالأخلاق الحميدة، وحب الخير، المستوحاة من عمادين، أحدهما؛ معنوي، وهو القرآن، والاخر؛ جوارحي مادي، وهو الصوم، وترك الملذات الدنيوية.

(1) سورة البقرة، الآية ١٨٥.
(2) سورة الدخان الآيتين: ٣، ٤.
(3) سورة القدر، الآيات: ١، ٢، ٣.
(4) سورة البقرة الآية: ١٨٥.
(5) الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة ج١٠، ص٣١٣.
(6) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج٨٩، ص٢٦٧-٢٦٨.
(7) نفس المصدر، ج٩٣، ص٣٤٥.
(8) الصدوق، محمد بن علي، فضائل الأشهر الثلاثة، ج٧٨،ص٩٥.
(9) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج٢، ص٦٣٠.

الموضوع السابق مقتطفات  رمضان كربلائي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat