صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

يا أرض العراق...هل من مزيد..؟
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سلاماً عليك حين كنت، وعندما تكون ويوم تُبعث حيا..

سلاماً على الشهداء والأمهات والنخيل الباسقات..

سلاماً على حرف العين والراء والألف والقاف..

عندما كُنا طلاباً صغاراً نجلس أمام السبورة، كان المعلم يكتب بالطباشير الآية (كُل نفسٍ ذائقة الموت) لكنه لم يكتب يوماً (كُل نفسٍ ذائقة الحياة)، علّمتنا هذه الكلمات منذ الصغر أن علاقتنا بهذا (الموت) لن تكون مجرد تذوق، بل ربما تعبر إلى الصداقة.

وفي حرب الثمان سنوات كان هذا الصديق يطرق أبواب الجميع ويزور بيوت العراقيين بلا إستئذان بل حتى في أيام شهر رمضان عندما كان الصائمون يبدأون إفطارهم بكلمات (اللهم لك صمنا) وهم ينظرون إلى مذيع التلفزيون وهو يقرأ بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، كان هذا الزائر يطلّ عليهم حتى من على شاشات التلفاز، وعندما كان المذيع يختم بيانه بمقولة (كانت خسائرنا طفيفة) كنا نشم رائحة الزائر من خلال عيون أمهاتنا..آبائنا عندما يتهافتون إلى الهاتف الأرضي ليسألوا الآخرين عن أبنائهم وأزواجهم، كنا نشاهده من خلال صور من المعركة يعرضها التلفزيون ليؤرق منامنا ويحولها الى كوابيس، ورغم تلك العلاقة الجدلية بيننا كان هذا الصديق يأبى أن يفارقنا بل ظل ملازماً لنا حتى في سنوات الحصار حين كان ينظر إلينا وهو يمشي مُتبختراً وقد اختار فريقاً لمرافقته من أطفال الخُدج في توابيت خُصصت لهم تسير بهم مسيرات في الشوارع قتلهم إنقطاع الكهرباء والحصار، كنا ننظر إلى الملك وهو يقود حاشيته ونحن واقفون على أرصفة الشوارع لتوديع هؤلاء...كم كان المشهد قاسياً ومؤلماً، ورغم أننا كبرنا وإمتلئ الرأس شيباً وإعتقدنا أن الزمن كفيل بالنسيان إلا أن صديقنا لم يكبر بل على العكس إزداد شباباً وقوةً فبدأ يختار الزمن والوقت الذي يحدده بدقة وعناية متمرداً على الجميع ينتقي ضحاياه في سوق أو شارع وفي أي يومٍ دامي أو مايشاء، لم يعد يكتفي هذا الموت بعدد ضحاياه بل إزداد نهماً، وفي ذروة غضبنا وحزننا وعندما كنا نعاتب هذه الأرض ونقول لها ألم تشبعي من هذه الدماء فكان جوابها يأتينا وهل من مزيد..؟

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/30



كتابة تعليق لموضوع : يا أرض العراق...هل من مزيد..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net