صفحة الكاتب : شعيب العاملي

المهدي طاووس أهل الجنة! سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 بسم الله الرحمن الرحيم
 
اللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا هَذِهِ وَمَوْلُودِهَا: أيُّ ليلة هذه الليلة؟
 
إنّ أهمية كلِّ ظرفٍ ترتبط بمظروفه، وليلة نصف شعبان ظَرفُ وجودِ وميلاد من لا يُدرَك ولا يوصف، وللأسف فإنّ العمر قد انقضى ولم نَعرف ولم نصل!
 
العقل مبهوتٌ وحيرانٌ في شخصية إنسانٍ وردت في شأنه كلمتان:
 
الكلمة الأولى: المُنْتَهَى إِلَيْهِ مَوَارِيثُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَدَيْهِ مَوْجُودَةٌ آثَارُ الْأَصْفِيَاء، ولا يتأتّى شرح هاتين الكلمتين مِن كلّ أحد.
 
أما الكلمة الأولى: المُنْتَهَى إِلَيْهِ مَوَارِيثُ الْأَنْبِيَاءِ، فما هي مواريث الأنبياء؟
 
الإرث الأوّل: إرث آدم، وهو ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا﴾.
 
والإرث الثاني: ما كان عند نوحٍ فكلّه عنده.
 
والثالث إرث إبراهيم: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، وكلُّ هذه الكلمات في صدره.
 
والرابع إرث موسى كليم الله: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾، وهو الذي تمنى أن يعيطه الله تعالى مقامات الحجة بن الحسن، فأُجِيب: أين أنت وأين هو؟
هذا إمام الزمان، وظيفتكم جميعاً معرفته، وتعريف الناس به.
 
عيسى بن مريم تمنى أن يبقى حياً حتى يصلي خلفه، وقد اتفق العامة والخاصة على أن مَن أمَّ قوماً وفيهم مَن هو أفضل منه لا يزال أمرُهم إلى سفال.
 
فعندما يظهر عليه السلام يكون افتخارُ عيسى بن مريم عليه السلام وشَرَفُه أن يكون أوّل مأمومٍ لهذا الإمام، ويكونُ حاملَ لواء جيشه، وهو الذي قال فيه تعالى: ﴿يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾، فهو في القرآن كلمة الله وروح الله ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾، وهو الذي تكلم في المهد: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾.
 
العقل حيرانٌ، فعنده عليه السلام مواريث الأنبياء من آدم عليه السلام للخاتم صلى الله عليه وآله، ومواريث تمام الأوصياء من هبة الله شيث إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام، وكلُّ هؤلاء قد بيّنوا حرفين من العلم، لكنّه عليه السلام يأتي بـ 28 حرفاً من العلم، ويضع يده على رؤوس العباد، وكلُّ رأسٍ يخرج من تحت يده يصبح فيه عقل أربعين رجلاً، هذه بركة يده.
 
نص القرآن: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها﴾، وفي التفسير المعتبر عن الإمام المعصوم أنّ نور الرب الذي أشرق على الأرض هو الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام، فأيُّ مقامٍ هو هذا؟
 
لقد نقل العامة والخاصّة الرواية التالية: المَهْدِيُّ طَاوُسُ أَهْلِ الجَنَّة، الجنة التي هي مركز الجمال والكمال، وهي التي يُعطى لأهل الخلد فيها ما هو أعلى من جمال يوسف، كلُّ ذلك يُمحَى أمام جماله.
 
في الجنة التي تضمُّ آدم إلى الخاتم صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين إلى الحسن بن علي العسكري عليهم السلام، طاووس أهل هذه الجنة هو صاحب العصر! ههنا يحار العقل.
 
يذكر الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد هذا الدعاء لهذه الليلة:
اللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا وَمَوْلُودِهَا: أيُّ مولود؟ الذي إذا ولد: بَعَثَ الله مَلَكاً فَكَتَبَ عَلَى عَضُدِهِ ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً﴾، وكلُّ كمالات البشر من آدم للخاتم صلى الله عليه وآله تنتهي إلى كلمتين: الصدق والعلم للروح، والعدل للجسم.
 
المسيح كلمة الله: ﴿بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ المَسيح‏﴾، وهذه الكلمة قد تمّت هذه الليلة ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾.
 
في هذه الليلة أشرَقَت الأرض بنور ربها وهو الحجّة بن الحسن عليه السلام، وهو الذي جُمِعَ فيه شيئان من الخاتم صلى الله عليه وآله: اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي‏، وهذه لم تُجمَع لأحدٍ حتى للأئمة عليهم السلام، وأُعطِيَ اسمُ الخاتم وكنيته حصراً لمولود هذه الليلة.
 
لكن الأهم من ذلك، اقرؤوا القرآن وتأملوا قوله تعالى: ﴿جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالقَمَرَ نُوراً﴾ فعبر عن الشمس بالضياء، وعن القمر بالنور، لكن أين نور القمر وأين ضياء الشمس من نور الله تعالى وضيائه؟ وإمام الزمان هو نور الله وضياؤه المُشرِق، فهو شمسٌ وقمرٌ لكن ليسَ قمر السماء، ولا شمس الفلك، إنما شمس الله وقمر الله، هذا ولي العصر، فأين مَن يعرفه؟! وأيُّ عقلٍ تصل يده إلى مقامه؟
 
هنيئاً لأولئك الذين صاروا في محلّ ومورد عنايته، وهنيئاً لمن يكون قرب قبر جده الحسين عليه السلام هذه الليلة، فهو أيضاً عليه السلام هذه الليلة قرب قبره عليه السلام.
 
دلّ الحديث الصحيح السند والذي يحيِّرُ العقل أنّه ما مِن ملكٍ مقرّب كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل، ولا نبيٍّ مرسَلٍ كموسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام، إلا ولهم حاجةٌ واحدةٌ وهي أن يأذن الله تعالى لهم بزيارة قبر الحسين بن علي عليه السلام.
 
عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ بِنْتِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي آخِرِ زَمَانِ بَنِي مَرْوَانَ إِلَى زِيَارَةِ قَبْرِ الحُسَيْنِ عليه السلام مُسْتَخْفِياً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى كَرْبَلَاءَ، فَاخْتَفَيْتُ فِي نَاحِيَةِ القَرْيَةِ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَقْبَلْتُ نَحْوَ القَبْرِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ أَقْبَلَ نَحْوِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: انْصَرِفْ مَأْجُوراً فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ.
 
فَرَجَعْتُ فَزِعاً حَتَّى إِذَا كَادَ يَطْلُعُ الفَجْرُ أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُ خَرَجَ إِلَيَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لِي: يَا هَذَا إِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ.
 
فَقُلْتُ لَهُ: عَافَاكَ الله، وَلِمَ لَا أَصِلُ إِلَيْهِ؟ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الكُوفَةِ أُرِيدُ زِيَارَتَهُ، فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَافَاكَ الله، وَأَنَا أَخَافُ إِنْ أَصْبَحَ فَيَقْتُلُونِّي أَهْلُ الشَّامِ إِنْ أَدْرَكُونِي هَاهُنَا.
 
قَالَ: فَقَالَ لِيَ: اصْبِرْ قَلِيلاً، فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عليه السلام سَأَلَ الله أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَذِنَ لَهُ، فَهَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فِي سَبْعِينَ الفَ مَلَكٍ .
 
فهذه حاجة موسى بن عمران يطلبها تحت قبّة سيّد الشهداء، وهو الذي جُعِلَت إجابة الدعاء تحت قبّته، هذا إمام الزمان وهذا جده عليهما السلام.
 
في هذه الليلة يأتي للدنيا من كان موعود 124 ألف نبيّ، يأتي للدنيا من بوجوده تمّت الكلمة، وعظمت النعمة، ولما جاء للدنيا ﴿تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾، فقد تجلى صدق وعدل الله تعالى في وجود مولود نصف شعبان.
 
هذه الليلة، في الساعة الحادية عشر، ينبغي على الجميع تلاوة دعاء الفرج، باسم الامام الحادي عشر عليه السلام، عسى أن يكون بين كلّ هذه النفوس التي ترفَعُ يديها للدعاء شخصٌ مورد عنايته عليه السلام، وببركة نفسه ينظر إلينا جميعاً نظرة لطف.
 
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/29



كتابة تعليق لموضوع : المهدي طاووس أهل الجنة! سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net