صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

مجلس حسيني ـــ ولادة الامام الحسين (ع)
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

فقرة مهمة من فقرات الصلوات الشعبانية المباركة المعروفة بشجرة النبوة الطاهرة والتي يتسحب الصلاة بها عند كل زوال من أيام شهر شعبان المبارك وفي ليلة النصف منه. عند كل زوال من أيام  شهر شعبان يتكرر التوكيد على منزلة أهل بيت العصمة والطهارة عند الله تعالى وعند رسوله المختار، فلا صلاة على الحبيب المصطفى دون الصلاة عليهم." اللهم صلّ على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العِلم وأهل بيتِ الوحي". عن النبيّ الأعظم ص أنه قال : "لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا : وما الصلاة البتراء؟ قال ص : تقولون : اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وتمسكون، بل قولوا : اللهم صلِّ على محمد وآل محمد". وقال الله تعالى في محكم كتابه المبين : "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". من نافلة القول هو أني كنت ذات مرّة مع صديق لي وأخ عزيز من أحبتنا من أبناء السنة الكرام فقال لي أن الآية الكريمة واضحة ولم تذكر الصلاة على اهل البيت أو آل النبيّ عليه وعليهم السلام فمن أين اتيتم بهاعليهم كلما صليتم على النبيّ ص؟ قلت : لو كان الشافعيّ حيّاً لأخبرك قبلي لماذا أوجب الصلاة على اهل البيت في التشهد الثاني من الصلاة المكتوبة، يعني أنه قد أفتى بوجوبها حيث قال :

يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللَهِ حُبَّكُمُ

فَرضٌ مِنَ اللَهِ في القُرآنِ أَنزَلَهُ

يَكفيكُمُ مِن عَظيمِ الفَخرِ أَنَّكُمُ

مَن لَم يُصَلِّ عَلَيكُم لا صَلاةَ لَهُ

هذا أولاً وأما ثانياً : فإن النبيّ ص هو الذي بيّن لأمته كيف يصلون عليه ويسلموا تسليما. فبإجماع عدد كبير من علماء ومفسرين العامة ان الصلاة على النبي وحده دون آله هي صلاة بتراء لا تُقبل، ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما... عن كعب بن عنجرة : أن رجلاَ اتى إلى النبي ص فقال : أمّا السلام عليك فقد علمناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال النبيّ ص : "قل اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صليتَ على إبراهيم وآلِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ. اللهم بارك على محمدٍ وآلِ محمدٍ كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ". وأمّا ثالثا : فهو العجيب حقا : عجيبٌ لمن يقول بفضل أهل البيت عليهم السلام ويثبت عنده قبل غيره قرب منزلتهم من رسول الله ص الذي يعني قربهم من الله تعالى، ثم يستكثر عليهم الصلاة كلما صلى مصلٍّ على جدهم المختار. وأمّا خامسا فهو سؤال بسيط : هل أن أهل البيت صلوات الله عليهم قد أساؤوا لأحد من أهل لا إله إلاّ الله أو حتى للمشركين؟ هل غصبوا حق أحد أو منعوه إرثه؟ هل قتلوا أحد أولياء الله وأقربهم إليه وإلى رسوله ومنعوه وعياله شرب ماء الفرات المباح ثم سلبوا عياله وسبوا نساءه وأطفاله، فكانت السياط من كربلاء إلى الشام تقرع أجسامهم الطاهرة النحيفة بوحشية وقساوة دونما أدنى رحمة أو شفقة؟! هل أهل بيت النبيّ فعلوا ذلك وغيره مثله بأحد من الناس حتى يستكثر ذلك المحترم صديقي من الصلاة عليهم؟ وأمّا سادسا : فإن الآية الكريمة وكما يقول العلماء والمفسرون معناها ان نصلي على النبيّ ونسلّم لأمره، نلتزم بما يأمرنا به وقد أمرنا بأن نصلي عليه وآله (أو على آله) لأن الصلاة بدونهم لا تُقبل. وآية "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" خير دليل على ذلك. فهما إختلف المفسرون في معنى (ويسلموا تسليما) فإنها في النهاية لا تعني إلاّ الإذعان لأوامر النبوة والرسالة. وهل ذلك إلاّ الإذعان إلى أوامر الحبيب المصطفى وعدم الإجتهاد أمام أوامره أو نواهيه. "وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ". ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يقول قولا عاطفيا او تحت ضغوطات من هنا وهناك وهو المسدد من السماء ويحميه مليكها "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ". فلا يقول إلاّ الصدق ولا يأمر إلاَ بالحق والمعروف ولا ينهى إلاّ عن المنكر، فمن صدّقه فقد صدّق ما جاء به عن الله تعالى، وكان واجبا عليه الإذعان لأوامره وإجتناب نواهيه دون نقاش او جدال أو أعتراض، فليس أمام أوامر الحبيب المصطفى ص إلاّ السمع والطاعة. ومن لم يصدّقه فما صدّق رسالة رب العالمين. لا يوجد بين الحق والباطل منطقة حياد او منطقة وسطى. فليست المسألة أهواء ومشاعر وعواطف. إليكم الخبر:

 " يقول العلاّمة السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور: أمر رسول الله يوماً أن توصد جميع الأبواب المشرفة على المسجد - من بيوت الصحابة - سوى باب علي فكان هذا الأمر عزيزاً على المسلمين حتّى أنّ حمزة عمّ النّبي عتب عليه وقال: كيف أوصدت أبواب عمّك وأبي بكر وعمر والعبّاس؟! وتركت باب علي مفتوحاً "وفضّلته على الآخرين؟!" فلمّا علم النّبي أنّ هذا الأمر صعب عليهم دعا الناس إلى المسجد وخطب خطبة عصماء وحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: "أيّها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ولا أنا أخرجتكم وأسكنته ثمّ قرأ: (والنجم إذا هوى ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى"

تعليق..

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هو ابن عمّ النبي وأول من آمن برسالته وصدّق بها وقد بات على فراش الحبيب المصطفى ووقاه بنفسه وهو زوج إبنته فاطمة الزهراء عليها السلام، وهو أبو الحسنين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين، وهو أمين الله في أرضه وحجته على عباده وآيته الكبرى والنبأ العظيم وهو الفاروق الأعظم. وهل يسع الانترنت بطوله وعرضه لذكر فضائل ومناقب علي عليه السلام. وهل بمقدور عاجز مثلي أن يكتب عن علي عليه السلام. هل كثير على عليّ عليه السلام أن نصلي عليه كلما صلينا على ابن عمه المختار؟ سؤال لا نريد الإجابة عليه.

وفاطمة من أهل البيت..

أمُّ أبيها وقلبه النابض وروحه وقلبه. عن الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إنّ الله ليغضب لغصب فاطمة ويرضى لرضاها" وفي حديث آخر عن مجاهد أن الرسول صلى الله عليه وآله خرج وقد أخذ بيد فاطمة وقال : "مَن عرف هذه فقد عرفها، ومَن لم يعرفْها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جَنبَيّ، فمن آذاها فقد آذاني، ومّن آذاني فقد آذى الله". إذن أين الغرابة من أمر النبيّ  بالصلاة على آله الطيبين الطاهرين؟!

ليس أبي نبيّا..

لم أنسّ بعض المواقف العالقة في الذهن منذ أيام الطفولة والصبا. كان أحدنا نحن الأخوة مقربا إلى والدي رحمه الله ورحم أمواتكم. يستدنيه عند الطعام ويحب ان يجالسه ويستمع الوالد إليه رغم صغر سنّه فلم نشعر يوما أن الوالد يبخسنا حقنا ولا يعدل بيننا. الوالدة والأبناء جميعا نحترم ذلك الأخ المقرّب من الوالد، ليس فقط لأنه أفضل منا أو أكثر تأدبا وأرجح لُبّاَ وأوسع إدراكاَ. بل، إحتراما وطاعة للوالد الكريم وتاج الرأس والسند، نحب لحبه ونبغض لبغضه لأنه والدنا وسيدنا ونحن جميعا الصغار في خدمة السيد الكبير. ليس نحن فقط في العائلة وانما حتى العمات والخالات والجدات يحترمون كثيرا ويتوددون إلى أخينا الذي يحبه والدي كثيرا. حبنا للوالد جعلنا نذوب حبا بأخينا العزيز، والأكثر من لك أننا في كثير من الأحيان نتسابق في خدمة ذلك الأخ الحبيب كي ننال رضا الوالد وعلى رأسنا وفي المقدمة كانت الوالدة  رحمة الله عليها، فكانت تعتني كثيرا بذلك الأخ العزيز وتقول له : عندي غيرك من الأولاد الأعزة وكلكم قرة عيني إلاّ أني أحبك مرتين، مرة أنك إبني وثمرة فؤادي، ومرة أخرى لأن سيدنا ونور سراج بيتنا والدك، كثيرا ما يقرّبك منه. كنا نعتقد ونجزم أن هناك صفات جاذبة لأخينا نفتقرها نحن فالوالد هو مدرستنا ومعلمنا وما علينا إلاّ السمع والطاعة، وأن إطاعة الوالد ورضاه هما طاعة لله تعالى والفوز برضاه.

تعليق..

لم يكن الوالد نبيا ولا مرسلا من السماء ليبلغ رسالة الحق سبحانه فقد كان بسيطا في كل شيء وقد ذكرت مرّة أن مساحة بيتنا كانت لا تتجاوز بضعة أمتار مربعة. نعم بضعة أمتار لا تتجاوز أعداد أصابع اليد الواحدة. لا أدري كيف تعهدنا الوالد بالتربية والإرشاد بحيث كنا وانا أول الأبناء أنظر إلى أكبر بيت في حي السعد في النجف أو أكبر بيت في حيّ النقيب في كربلاء فأراه أصغر بكثير من بيتنا. هذا موضوع آخر أرجو أن لا أنسى الكتابة عنه يوما ان شاء الله تعالى. أجل كان الوالد بسيطا جدا لكنه كان سيدنا ومثلنا ومقتدانا ونتخلف عنه خطوة أو أكثر في المسير في الشارع كي يعرف الناس أنه هو السيد ونحن خدامه. بسيطا لكن أقواله وافعاله واحيانا حتى سكناته كانت حجة علينا، فلم نفكر يوما بالتمرد عليه او التصرف بما لا يرضاه. لسابق علمنا ان الوالد ليس ظالما ولا يفرّق بين أولاده وإنما هو يرى ما لا نرى. نقطة وإنتهى الأمر.

كيف الحال إذن بأمة نبي الإسلام ورسول رب العالمين الذي أرسله الله تعالى " رحمة مهداة" وبعثه الله مبشرا ونذيرا "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا" و "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". أية رحمة هذه التي تخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله تعالى. نبيّ الرحمة المسدد من السماء لا ينطق عن الهوى فقد أقسم الحق سبحانه على ذلك. بإختصار شديد نقول : أين الإشكال بالصلاة على محمد وآل محمد؟! ناهيك عن ثواب الصلاة على محمد وآل محمد والإكثار منها وأن هناك ختومات مجربة لقضاء الحوائج سنذكر بعضها في قادم الأيام ان شاء الله تعالى. نعم.. سيدي الكريم هذا المختصر هو فقط في لزوم إتباع أوامر الحبيب المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما المستحبات وطلب الأجر والثواب فذلك بحث مهم آخر. وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام "على محمد وآل محمد شجرة النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومعدن العلم واهل بيت الوحي".

نسألكم الدعاء


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/18



كتابة تعليق لموضوع : مجلس حسيني ـــ ولادة الامام الحسين (ع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net