صفحة الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي

بين المؤامرة والفتنة
الشيخ مظفر علي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هناك الكثيرُ من الناسِ هي غير راضية عن الوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي في العراق ، وتتمنى التغيير ، وبنفس الوقت تتوجس من المستقبل ؟ 
السؤال هنا لماذا إذاً لا تتحرك هذه الكثرة الكاثرة نحو التغيير ؟
 وتحولهُ من أمنيةٍ إلى واقع عملي ، وإنها ترى يوماً بعد يومٍ تُسلب حقوقها وتصادر حرياتها ، ويتمُ ابتزازها علناً وبدون حياء من أصحاب المناصب والمتنفذين .
فيا تُرى لِمَ السكوت ؟
وأين الخلل ؟
وفي الحقيقة الجواب على هذا السؤال شائك ، وفيه نوع من الحساسية والتحسس .
لكن ربما بالتحليل -القريب إلى الدقة وهو المحتمل - أن أغلب الناس تلزم السكوت ، لأنها تخاف أن تقع في المحذور بين أمرين ، بين حذر الوقوع في  المؤامرة  أو السقوط في  فتنةٍ .
لهذا ينقسمُ الناس إزاء المظاهرات إلى صنفين :
الصنف الأول :  يرى الخروج بمظاهرات ضد الحكومة هو خلق فتنة ، يرى أن المظاهرات حق وطني وشرعي وقانوني ، لكن يخلف من تبعات هذه المظاهرات أنها سوف تُسيس لجهة معينة حزب معين أو شريحة معينة فتُستَغل من قبل أبالسة السياسة في حرفها عن حقها المشروع وعفويتها، لتنقاد إلى جهات تحاول من خلالها أن تركب الموجة وتصفي حسابات لها مع خصومها ، أو تكون تلك المظاهرات دعاية انتخابية لها 
أو تحقق اجندات داخلية أو خارجية لها، أو ربما تؤدي هذه المظاهرات إلى التجاوز على الأملاك العامة والخاصة وإلى حرق ونهب وسلب وقتل وإحداث فوضى ، وقد تؤدي إلى حرق الأخضر واليابس ، وبالتالي لا يمكن السيطرة عليها وتوجيهها التوجه الصحيح من الخروج لأجل المطالب المشروعة والمعقولة .
وربما تكون هذه المظاهرات شرارة فتنة قد تكون سبباً لحرب حزبية ، أو طائفية ، أو إقليمية ، ولا يكون للعراق فيها ناقة ولا جمل .
وثمةَ المتدين فيها والعاقل يلتزم السكوت والصمت ، لأن النصوص الشرعية والقواعد العقلية تلزمه بذلك من قبيل .
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال : 25]
{ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ} [البقرة : 191]
(كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ).
و( الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها ) 
إلى غيرها من النصوص
وربما القواعد العقلية تحكم ( شرٌ تعرفه خير من خير لا تعرفه )
والوضع الحالي على مافيه من سلبيات هو شرٌ معلوم ، ولكن المستقبل هو خير  مجهول لا يمكن التكهن به .
وإن المشاركة في المظاهرات تعني تعطيل الحياة ، وسد باب الرزق ، وأن الإنسان مهما أوتي من حكمة وقوة وشجاعة ، لا يمكنه قيادة الجماهير الغاضبة وإن العقل الجمعي سوف يسوقها ويخرج الزمام عن السيطرة ويحدث ما لا يُحمد عقباه .
الصنف الثاني : هناك شريحة من المجتمع ترى أن الخروج للمظاهرات والدعوة لها  هو ( مؤامرة ) تنفذ اجندات خارجية ، الغرض منها أن يكون العراق ضعيفاً وتابعاً إما للشرق أو للغرب ، وربما يكون ساحة حرب بالوكالة لتصفية حسابات إقليمية .
أو ربما هي مؤامرة لأجل تقسيم العراق وإضعافه والقضاء عليه . 
أو ربما هي مؤامرة يقودها الموساد وأذنابه لأجل تجويع العراق وإخضاعه للتطبيع .
وربما وربما الكثير من الإحتمالات التي ترد ويمكن تخمينها وجعل كل ذلك مؤامرة . 
والنتيجة من هذه المؤامرة أن الخاسر الوحيد فيها هو العراق ( وشعبه المسكين ) 
فإذاً الساكت هو بين محذورين 
محذور الفتنة 
ومحذور المؤامرة
والدخول في المظاهرات يعني المقامرة. فقد يربح الإنسان فيها وقد يخسر ، ولكن نسبة الربح قد تكون قليلة لا يتوقع حصولها .
وبين المحذورين ما هو الحل ؟
العقلاء يذهبون إلى صناديق الاقتراع ترى الحل فيها ، فهو الشعب الذي يختار بحريته وإرادته، إذا كانت الإنتخابات حرة وخالية من التزوير والتلاعب .
وهو الشعب الذي سوف يقرر ويختار يريد بقاء الفاسدين ، أم يختار الإصلاح والمصلحين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مظفر علي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/05



كتابة تعليق لموضوع : بين المؤامرة والفتنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net