صفحة الكاتب : شعيب العاملي

أخوّة النورين: محمدٌ وعلي   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
كان البحث في فقه حديث المنزلة (أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي )، وكانت المنزلة الأولى الوزارة، وقد بُحِثَت إلى حدٍّ ما، والثانية الأخوّة، لأنّ مدلول الحديث أن علياً من النبيّ بمنزلة هارون من موسى.
 
فمقتضى عموم التنزيل واستثناء النبوة من الجهة العلميّة أن جميع المزايا التي ثبتت لهارون من موسى قد ثبتت لأمير المؤمنين عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله قطعاً، وإحدى هذه المزايا هي الأخوة: ﴿هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾
 
فيكون مقتضى عموم هذا التنزيل إثبات أخوّة عليّ عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله، مع فارقٍ هو أن تلك الأخوة كانت نسبيّة، وهذه الأخوة ليست في النسب لكنها في جميع المراتب، لذا حتّى لو لم يكن هناك أي مستندٍ آخر فإنّ هذا الحديث بنفسه يثبت الأخوة، وهو الذي اتفقت جميع المذاهب على صحته، علاوة على كونه في حد التواتر.
 
أنت أخي في الدنيا والآخرة
 
مضافاً إلى روايات الفريقين التي تثبت الأخوّة بشكل تامّ ومنها هذه الرواية:
عن عبد الله بن عمر قال: لما ورد رسول الله (ص) المدينة آخى بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال رسول الله (ص): يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة.
 
أولاً: نتعرض لمصادر هذا الحديث إلى حدٍّ ما.
وثانيا: نتعرّض لفقه الحديث.
 
وردت هذه الرواية في الكتب التالية من متون العامة: سنن الترمذي، أسد الغابة، البداية والنهاية، مجمع الدقائق، فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر، تاريخ بغداد، نظم ودرر السمطين، كنز العمال، تاريخ مدينة دمشق، أنساب الأشراف، ينابيع المودة.. هذا قسمٌ فقط من مصادر الحديث في كتب العامة.
وخصوصية هذه الرواية أنها مرويّة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
 
ما كان منشأ المؤاخاة؟ وما هي كيفية عقد الأخوة منه صلى الله عليه وآله؟ وبأي مناط؟
 
لقد آخى بعد نزول قوله تعالى ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَة﴾، وكان هذا أوّل عمل عمله صلى الله عليه وآله، وهو الذي فِعلُهُ فِعلُ الله: ﴿وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى‏﴾.
والعمدة على فهم الحديث، فإنّ فعل النبي صلى الله عليه وآله هو نفس فعل الله تعالى.
 
بأي نحو آخى النبي صلى الله عليه وآله بينهم؟
 
لقد آخى صلى الله عليه وآله بينهم على قدر منازلهم، ولم تكن هذه الأخوة دون حساب، لأن الأخوّة التي تحصل بيد الخاتم صلى الله عليه وآله وبعد نزول الآية لا تكون اعتباطية، إنما بحسب المنازل، فكلٌّ يؤاخى بينه وبين من يتناسب معه، وقد صرّح رواة العامة أنفسهم أن الأخوّة كانت بحسب منازلهم والتناسب بينهم.
 
وقد عقد النبي صلى الله عليه وآله الأخوة بين أبي بكر وعمر، وهنا المعجزة!!
وآخى بين عثمان وعبد الرحمان بن عوف!!
 
إذا أدرك أحدٌ ما هذه الحقائق فإنها الإكسير الأعظم، طالعوا قضية الشورى عندما جعلها ذاك بين ستة أشخاص وقال: إذا حصل خلاف بينهما فالمرجع رأي عبد الرحمان، وعبد الرحمان اختار عثمان!
 
هنا يتحيّر العقل، حيث أنّه في اليوم الذي هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وكان البناء على تعيين الأخوة بين الصحابة آخى بين عثمان وعبد الرحمان!!
وآخى بين أبي عبيدة وسعد بن معاذ! وهكذا كانت المؤاخاة بين المتناسبين من الجهة النفسية والروحية.
 
هذه الأخوة كانت بحسب المراتب باعتراف الخصم إذاً، وأصلها وجذورها في النفوس، والسنخيةُ علَّةُ الإنضمام بناءً على برهان السنخية، فإلى أيّ حَدٍّ كانت السنخيّة بين الأول والثاني حتى آخى صلى الله عليه وآله بينهما؟
بنفس ذلك الحد كانت السنخية بين عثمان وعبد الرحمن بن عوف فآخى بينهما.
 
أما السنخية بينه صلى الله عليه وآله وبين عليّ عليه السلام، فقد كان جواب النبي محيراً لعلي عليه السلام:
 
فقال رسول الله (ص): يا علي أنت أخي: هنا على الفخر الرازي أن يفكِّر، لَم يَقُل (جعلتك أخي) إنما قال (أنت أخي)، أولئك الأشخاص (جعلتُهُم) أخوةً، أما أنت فلست محتاجاً لجعل الأخوّة (أنت أخي)، هذا الرمز الأول.
 
الرمز الثاني قوله صلى الله عليه وآله: في الدنيا والآخرة: هنا حِيرةُ العقول.
 
أولاً: بحسب نقل عبد الله بن عمر، وباتفاق تمام علماء المذاهب، فإن هذه الأخوة كانت بحسب السنخيّة والمنازل، وينبغي التأمل في ذلك، فماذا كانت منزلة خاتم النبيين؟ ومن هو الذي يكون لائقاً بأخوته؟
 
هنا الحجة البالغة لله تعالى، والتي تُسكِتُ تمام أئمة المذاهب الأربعة، هل كان هناك أحدٌ بهذا الحدّ من النبي صلى الله عليه وآله؟
 
هنا البرهان، وهذا بحثٌ علميٌّ وفنيٌّ بناء على أدقّ موازين الاستدلال، لأنّ الطرف المقابل هم أركان العامة من أئمة الفنون.
 
إذا كانت الأخوة بحسب السنخيّة فهل كان بين أحدٍ من جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله سنخيةٌ للأخوة مع النبي صلى الله عليه وآله؟
 
الأمر بين النفي والإثبات، فإذا كان منهم من هو كذلك وقد افتخر النبي صلى الله عليه وآله بأخوة عليٍّ يكون فعله ترجيحاً بلا مرجح، وهو قبيحٌ ومحالٌ من شخص الخاتم صلى الله عليه وآله، فيثبت بالضرورة أنه لم يكن في مثل هذا الطرز والمستوى أحد من جميع الأصحاب وجميع الأمة، هذا أولاً.
 
وثانياً: من الجهة الإثباتية، فإنه عليه السلام قد صار من نفس طراز من قال فيه تعالى ﴿سُبْحانَ الَّذي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾.
 
ليس عليه السلام من طراز موسى عليه السلام، بل شأنه أجلّ من ذلك.
وليس من طراز عيسى عليه السلام، ولا إبراهيم الخليل عليه السلام، بل من طراز الشخص الأول لعالم الإمكان صلى الله عليه وآله.
 
فهل هذا برهانٌ أم لا؟
إذا كان برهاناً، فارجعوا.
وإن لم يكن برهاناً أجيبوا، نحن على استعداد.
هذا الكتاب، والسنة، والعقل والمنطق والاستدلال.
 
إنها أخوّة عقل الكلّ، وكلّ العقل، علم الكل وكل العلم، أخوّة أشرف الأنبياء، أخوّة من كان أفضل من الملائكة، أخوة من قال: أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي‏، وقال فيه تعالى: ﴿دَنا فَتَدَلَّى‏﴾.
 
مَن وصل إلى قاب قوسين، كان عليّ عليه السلام من طرازه صلى الله عليه وآله.
عندما وصل صلى الله عليه وآله إلى هناك (وهذا من مصادر الخاصة) خاطبه الله تعالى بلهجة علي عليه السلام، إلى ما قبل هذه النقطة كان الكلام من مصادر العامة، وهذه النقطة كانت من مصادر الخاصة.
 
ما كان مبدأ هذه الأخوّة؟ وما منتهاها؟ يأتي إن شاء الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/27



كتابة تعليق لموضوع : أخوّة النورين: محمدٌ وعلي   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net