صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

العقد الجديد.. بين البنيان القانوني والنظرية السياسية.
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تكمن أهمية العقد السياسي والاجتماعي، في النظرة الموضوعية للنخب السياسية والذين ينظرون لهذا العقد، ومدى إمكانية تنفيذه، وفعاليته ونجاحه في أن يكون نظاما فاعلا، لإدارة الحياة العامة للمجتمع والأمة عموما والسياسية خصوصا..

سبق ان تم محاولة تطبيقه في أوربا وبعدة محاولات لتنتج هذه النماذج المطبقة في دول أوروبا.. أما في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، فأن تأثير هذا المفهوم يجب أن ينتقل إلى المستوى الشعبي، لخلق ثقافة سياسية شعبية جديدة، لان الواقع العربي أو على المستوى المجتمع العراقي وبعد سقوط الطاغية، ونشوء نظام سياسي جديد لايحتاج إلى عقد اجتماعي، بقدر احتياجه إلى نظام سياسي جديد تضمن فيه حرية الفرد في المجتمع، وعلى غرار العقد الذي جرى في الولايات المتحدة، والذي تم من خلاله إنهاء حالة الرق في القرن التاسع عشر، وكذلك العقد السياسي الذي جرى في جنوب أفريقيا نهاية القرن الماضي،والذي جرى بموجبه إنهاء حقبة الابارتية،لان الغرض لم يكن غرضاً سلبياً يتمثل في طغيان القوى السياسية، بل كان إيجابياً هدفه التأسيس لسيادة الشعب ومشاركتهم الحكم .

أن نظرية العقد السياسي الذي أطلقه بعض القادة السياسيين في العراق، وفي مقدمتهم السيد عمار الحكيم تقوم على أساس ضرورة إيجاد عقد اجتماعي جديد، لان عقد 2003 لم يكن قادراً على إدارة الدولة، لذلك من الضرورة إيجاد عقد جديد يتناسب مع المتغيرات وطبيعة المرحلة، مؤكدا الحاجة إلى عقد سياسي جديد يعيد أنتاج النظام السياسي في العراق وينهي حالة الجمود والإحباط، ويتناسب مع تطلعات الجيل الجديد الواعي والمثقف والخالي من عقد الماضي وترسباته، ويعيد تنظيم العلاقة بين الدولة والجمهور .

العقد الاجتماعي ينهي حالة الهيمنة التي تمارسها القوى السياسية، التي سيطرت على القرار السياسي وسرقت فعله السيادي, فأمسى لهذه القوى السيادة على كامل القرار في البلاد, ويأتي ذلك من خلال إجراء عقد سياسي ثنائي، بين القوى السياسية والشعب يتمثل في ضرورة إن يأخذ الشعب العراقي دوره، في إجراء التغير المسؤول للنظام السياسي، وعلى أسس متبانى عليها وبما يحقق انفتاح هذا النظام على الجميع دون استثناء..

العقد الإجتماعي هو المنظم الوحيد للمجتمع، من اجل تطوير العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وبالتالي تحقيق الحماية المطلوبة لهولاء الأفراد, لان الدولة هي المسؤولة عن الأمن والاستقرار لهولاء الأفراد وتنظيم المجتمع , إلى جانب إن الدولة عبارة عن عقد اختياري، يقوم به الناس من اجل تشكيل نظام سياسي، يخلصهم من حالة الهيمنة والتبعية إلى حالة الاستقرار الاجتماعي وحرية العيش والاختيار في بناء الدولة المستقرة, من خلال سيادة الشعب واختيار ممثلين عنهم يقومون بتشريع قوانين شفافة وسلسة، بعيدا عن الأجندات السياسة, وتأصيل  مفهوم الأغلبية لأنها تمثل العقل عند اختلاف المصالح، فعند اختلاف الآراء يتم الاحتكام للأغلبية .

يدعو الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو(1712-1778)إلى إن النظام السياسي ينبغي إن يبنى على العقد الاجتماعي، وضرورة تنازل وتخلي الأفراد عن حرياتهم وحقوقهم لصالح الإرادة العامة، وكذلك دعا  إلى النظام السياسي الذي يبنى على أن يكون هناك عقد اجتماعي، وضرورة تنازل وتخلي الأفراد عن حرياتهم وحقوقهم لصالح الإرادة العامة، ويرى أن هذا التنازل عن الحقوق بالاتحاد والوحدة، أي كلما تنازلت أكثر قويت الجماعة أكثر، لان الدولة هي مخارج الإرادة العامة، ولايمكن للدولة أن تكون متسلطة عند توظيفها للسلطة، وتسعى الإرادة العامة في الغالب إلى تحقيق المصلحة العامة..

هذا ما يجعل روسو ينادي بحرية الفرد وبالتالي تصبح للإرادة العامة خاصيتان : تكون فوق الجميع وتكون ممثلة للجميع , فلقد كان للعقد الاجتماعي والسياسي عبر التاريخ مجموعة من التطورات الملموسة تصب في مصلحة المجتمع، وتجعله متماسكا أكثر على مستوى العلاقة بين الدولة والمواطن، لذلك يأتي العقد السياسي ليحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع, ويتيح للدولة إن تشرك المجتمع معها, كما أنها تفسح المجال لهذا المجتمع إن يكون له دورا في اتخاذ القرار السياسي , كأحد المنافذ المهمة في تثبيت سيادة القرار السياسي وبالتالي السيادي , وتقوية الفرد داخل الدولة 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/21



كتابة تعليق لموضوع : العقد الجديد.. بين البنيان القانوني والنظرية السياسية.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net