صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

العراق في الهشاشة القصوى
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العراق بلد هش وهو مفهوم تحليلي؛ بمعني دولة أشبه بالدولة الفاشلة، الضعيفة، أو المنهارة و من اكبر المخاوف التي بدأت تدب في عقل الانسان العراقي بعد الاحداث الاخيرة من التفجيرات التي ذهب ضحيتها اعداد من المواطنين البسطاء والمعدومين الذين يفتشون عن لقمة عيش حلال لعوائلهم وإمكانية توسع شبكات المنظمات المتطرفة العنيفة نشاطها بما يتجاوز المناطق التي هم فيها حالياً وتوسيع تحركاتهم ، ولاسيما المنظمات المرتبطة بتنظيم داعش والقاعدة وغيره من الشبكات الارهابية المجرمة التي تنمو وتنشط في مناطق مختلفة من جديد وارتخاء القوات المسلحة في مواجهتها . كما تشعر بالقلق حيال الهجمات الهستيرية التي قد تقوم بها في المستقبل في ظل الوضع السياسي المضطرب مع تنامي شدت الخلافات بين القوى المشاركة في الحكومة ونحن على موعد مع الانتخابات وقد تلجأ هذه المجموعات الى اساليب جديدة لاستغفال البسطاء والاطفال والمراهقين واغرائهم في مثل ،التجار غير المشروع كالمخدرات والاسلحة والبشر، وغير ذلك من القضايا البعيدة عن الانسانية التي تستوجب من الدولة على تقييم المخاطر ووضع الخطط للطوارئ. وبشكل مشابه، ولخلق دوائر التطوير الواسعة من الاطر النظامية لتقييم الهياكل السياسية الواضحة من قبل الدولة بدل من ان يجعل المواطن فيها عرضة لمجموعة مختلفة من الأخطار المتنوعة في حين يتحسس بضعف كفاءة الدولة في أداء مهامه الأساسية مثل الامن والاقتصاد والسياسية و لكونه بلداً مهتز الشرعية بحسب مؤشر تقييم أداء الدولة والأداء المؤسسيCPI لسنة 2020 حيث وضع العراق في التسلسل 13 في حالة التأهب القصوى من الدول،و يكشف تقرير "مؤشر الدولة الهشة Fragile States Index " الصادر في شهر يوليو 2014 عن أن غالبية دول الشرق الأوسط تدخل ضمن فئة الدول الهشة وغير المستقرة، وذلك في اتجاه يتصاعد تدريجياً منذ اندلاع "الثورات" العربية في عام 2011 ، حيث تعاني هذه الدول من اضطرابات سياسية وأمنية ومجتمعية، فضاً عن ثبات الأوضاع المتدهورة لدول مركزية بالإقليم، خاصة العراق واليمن وسوريا ولبنان ودول اخرى .

ويحتاج العراق في الوقت الحالي إلى نماذج إنمائية، يختلف جذريًا عن تلك التي تُستخدم في الدول الأكثر تماسكًا واستقرارًا، نظرًا إلى البيئة المليئة بالأخطار التي تتواجد فيها وهوعرضة سريعة للأزمات، في أكثر من نظام فيه، الرئيسية والفرعية ، ومعرض للتقلبات الداخلية والخارجية، والصراعات المحلية والدولية. فقد ظل فيه حالة عدم الاستقرار المزمن يُعرقل الأمن الغذائي لسنوات. وبما أن البلاد لا تزال تتعافى من جولات الصراع المتكررة، والدمار الذي أحدثه تنظيم “داعش”، فإن هشاشة مؤسسات الدولة – في بلد يعتمد فيه السكان بشكل كبير على تدخل الدولة لتلبية احتياجاتهم الغذائية – يمثل سبب رئيسي للقلق. على الرغم من انخفاض عدد المحتاجين إلى مساعدات غذائية عاجلة خلال عام 2019 ، و لا يزال محفوفًا بالخطر بعد ان تعطل سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية إلى وضع ضغط شديد على واردات البلاد من الغذاء، حيث تستورد عادة حوالي 70 % من احتياجاتها الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، ألحق انهيار أسعار النفط بتاثير شديد في ميزانية الدولة لكونها تعتمد على عائدات النفط بنسبة 90 % من إجماليها.

وادى استمرار العنف لمدة طويلة، إلى إهمال البنية التحتية اللازمة لتقديم الخدمات الضرورية للمجتمع وتفسخ المتبقي " قال الروائي الروسي ليو تولستوي إن "العائلات السعيدة كلها متشابهة، ولكن كل أسرة تعيسة هي فريدة في تعاستها" ، كما أن غياب الحكم الرشيد، وانهيار النظام الاجتماعي، وادى كذلك إلى ازدياد الإقصاء المجتمعي وخاصة مكوناته ، سواءعلى أساس عرقي، أو ديني، أو سياسي، أو جنسي. هذا الُعنف الذي استشرى بعد عام 2003 سبب الإرهاب أو الصراع، مما فسح المجال امام مجموعة واسعة من المعوقات الأمنية، التي اثرت على توقف الخدمات الأساسية بشكل ملفت للنظر،كذلك، فإن الترتيبات المؤسسية في هذه الحالة تجسد أو حتي تحمي أوضاع الأزمات؛ فمن الناحية الأقتصادية تعزز في الركود، أو معدلات النمو المنخفضة، أو قد تجسد أوضاع متطرفة من عدم المساواة ،وجملة من العوامل قد تتمكن من أن تؤدي إلى صراع كامنة في داخل الدولة وليس بينها وبين غيرها من الدول. حيث يُعتقد هناك خطرًا مباشرًا تشكله الدول ذات الدخل والإمكانيات المحدودة وخاصة وهو يعتمد على الطاقة النفطية الغير مستقرة كمورد وحيد لدعم اقتصاده و في البلدان المنخفضة الدخل مثل العراق ، يحتاج الى حكومة قوية تعمل على كبح جماح الفساد في جميع المؤسسات المجتمعية والحكومية العاملة. وكثيرا ما يعاني من الفساد وعدم فاعلية الهيئات القضائية والرقابة البرلمانية. ومن ناحية أخرى، تظهر البلدان الغنية دلائل على عدم كفاية تنظيم للقطاع الخاص، من حيث معالجة الرشوة في الخارج من قبل هذه الدول، وضعف الرقابة على المؤسسات والمعاملات المالية و وفي جميع الاحوال فأن الواقع الحالي يؤشر الى حاجة ملحة الى تبني استراتيجية واضحة لمناهضة المعاناة وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الا إنسانية أو المهينة تعتمد إضافة الى النهج العقابي نهجاً وقائياً علاجياً يشجع على اتّباع الممارسات والاجراءات التي تقي من الدخول في وضع مدمر قاسي مستمر ومغادرة نهج الانكار واعتماد نهج المصارحة والحقيقة والمسائلة في التعامل مع الانتهاكات التي وقعت في الماضي او تلك التي ستقع والتعامل المهني والاحترافي معها من خلال توثيقها ومسائلة مرتكبيها في خطوات جادة في عملية شاملة لتحقيق العدالة للتعامل مع الانتهاكات التي وقعت في الماضي بمهنية وحيادية لتمنع استمرار وقوعها في المستقبل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/24



كتابة تعليق لموضوع : العراق في الهشاشة القصوى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net