صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفة مع نصرنا لله تعالى ونصره الله تعالى لنا
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله أجمعين ...
وَاصْرِفْ عَنّي يا سَيِّدي الاَْسْواءَ، وَاقْضِ عَنِّيَ الدَّيْنَ وَالظُّلاماتِ، حَتّى لا اَتَاَذّى بِشَي مِنْهُ، وَخُذْ عَنّي بِاَسْماعِ وَاَبْصارِ اَعْدائي وَحُسّادي وَالْباغينَ عَلَيَّ، وَانْصُرْني عَلَيْهِمْ، وَاَقِرَّ عَيْني وَفَرِّحْ قَلْبي، وَاجْعَلْ لي مِنْ هَمّي وَكَرْبي فَرَجاً وَمَخْرَجاً، وَاجْعَلْ مَنْ اَرادَني بِسُوء مِنْ جَميعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَاكْفِني شَرَّ الشَّيْطانِ، وَشَرَّ السُّلْطانِ، وَسَيِّئاتِ عَمَلي، وَطَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّها، وَاَجِرْني مِنَ النّارِ بِعَفْوِكَ، وَاَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَزَوِّجْني مِنَ الْحُورِ الْعينِ بِفَضْلِكَ، وَاَلْحِقْني بِاَوْلِيائِكَ الصّالِحينَ مُحَمَّد وَآلِهِ الاَْبْرارِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الاَْخْيارِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَعَلى اَجْسادِهِمْ وَاَرْواحِهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

لنقرأ هذه الآية جيدا :
قال تعالى :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))
أول شيء يصادفنا هنا ان الآية قدمت الإيمان حيث لا يستطيع الفرد أن يقدم شيء لله تعالى إلا بعد الإيمان  فلا قيمة للعمل بلا إيمان بطبيعة الحال .
ولنعلم ان هذا الامر هو من أشكال رحمته سبحانه لكي يستزيد الإنسان من العطاء الإلهي ففي أي مورد أراد الإنسان نصرة الله تعالى له وتحقيق أمانيه وغاياته فما عليه إلا أن ينصر الله تعالى .
ثم إن الله سبحانه فتح أبواب العطاء لسد أبواب الاحتياج لدى الإنسان ومنها حاجة الانتصار ومن المؤكد إن الله تعالى غني عن العالمين فلا يحتاج إلى نصرة أي مخلوق كان ولكنه تلطفا منه ورحمة جعل نصرة العبد له ضربًا من ضروب العبادة واستزادة لحصول النصر الإلهي .
بل ان الله تعالى من سمو رحمته ينصر عبده وان كان عبده غافلا عن نصرته بشرط أن لا تكون نصرته للعبد موجبة لتسافل العبد وإبعاده عن الكمال وهو جل في علاه لا يريد لعباده إلا ما يكون فيه صالح لدنياهم وأخراهم .
والمهم هنا إن نعلم ان من أراد أن ينتصر بقوة القادر المطلق وان يستنزل النصر دون خسارة أو تضحية فعلية أن يسعى الى نصرة الله والحقيقة الثابتة هي ان كل نصرة بغير الله ليست نصرة وان توهم احدنا أن إخوانه ينصروه أو أمواله أو عقله أو قوته الجسدية أو منصبه او عمالته لأمريكا وغير أمريكا فان كل ذلك ليس إلا محض وهم صنعته أنفسنا وأهوائنا  .
وكل نصر ة أو معونة  لا ترتبط بالله تعالى فهي نصرة خاسرة ناقصة لان ما يخسره المنصور أكثر مما يعطاه
قال تعالى :
((أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ  ))
الاية تقرر انه ليس لأحد أن ينصر أحدًا وهو تحدي صريح من قبل الله تعالى لكل من يدعي القدرة على النصر وكل من يرى أن هنالك ناصرًا دون الله فهو مغرور في توهمه لان الغرور هو الاعتماد على الوهم والباطل وهو عبارة عن شيء له صورة وهمية نفسية و ليس له تأثير حقيقي .
والشيء الأخر في الآية هو إن الكافرين هنا ليسوا دائما هم من عبدوا الأصنام إنما من نسب النصر إلى غير الله تعالى فهو كافر بخصوص هذا الأمر  في نسبة ما لله إلى غيره .
ولنا ان نسال سؤال مهم وهو كيف ننصر الله تعالى ؟؟
الحقيقة بالنسبة لمواطن نصرة العبد لربه فهي كثيرة لكن نذكر منها :
أولا : نصرته بنصرة دينه ونشر تعاليمه وهداية الناس إلى هذا الدين الذي اجتباه الله وأرسل به أفضل رسله محمدًا ( صلى الله عليه وآله ) وبالتضحية من أجل تثبيت الدين والذود عن حياض الشريعه من كل عدو مفسد .

ثانيًا:  نصرته بجهاد الكفار سواء أكان الجهاد ماديًا أو ثقافيا أي بالسلاح المادي أو بسلاح الفكر والتثقيف ودحض وإفشال التخطيط الهادف إلى تشويه الحقيقة وخداع الناس .

ثالثًا:  نصرته بإتباع تعاليمه والحرص على تطبيق تلك التعاليم والتي يكون في إهمالها والإعراض عنها خذلان للغرض الأسمى من نزولها للمجتمع .
رابعًا: نصرته تعالى بنصرة الرسل والأئمة والعلماء الناطقين والأولياء فان نصرتهم نشاط فعلي لإتباع الناس لهؤلاء العظماء وبالتالي لتحقيق الإرادة الإلهية وتكون نصرتهم بنشر فضائلهم ومحاسنهم وخدمتهم لله تعالى وطاعتهم له لأجل الحق وهداية الخلق .
مثلا الوقوف في مواكب الحسين وخدمة زوار الحسين بنية صافية انما هو نصر لله تعالى .
خامسًا: نصرته بنصرة إخواننا من العباد المؤمنين به جل جلاله .

سادسًا : أن تنصر الله تعالى على الشيطان وجنده وذلك بعدم إطاعة الشيطان والانصياع لتزينهاته الفاسدة .

سابعًا : تنصره على نفسك الإمارة بالسوء وهي العد و الأول لطريق الله والسبب الرئيس لانحراف الخلق عن الإيمان والنور وتحقيق هذا النصر بكبح رغبات النفس والحد من شهواتها وعدم إطاعة أوامرها .
ولنعلم إن هذا هو النصر الأعظم لله تعالى وهو أصعب أنواع النصر .

أما بالنسبة للجزاء وهو نصر الله لعبده حسب ما قالت الآية التي قراناها في البداية فان إشكال نصرة الله لعبده لا تحصى ، ولكن نذكر بعض ما ندركه بعقولنا القاصرة ومنها :
أولا : ينصركم بإعانتكم على أعدائكم الكافرين والمنافقين وتعظيمكم في صدورهم وإنزال الرهبة في قلوبهم وإنزال السكينة على قلوبكم .
كما حصل لإخواننا من أبطال جيش الإمام المهدي في انتفاضتهم ضد المحتل الكافر حينما صمدوا وأذاقوا الاحتلال الذل والخزي والهوان  .

ثانيا: ينصركم نصرًا أخرويا ويرفع من درجاتكم في الجنان  فقد قال تعالى (  إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ  )

ثالثا : ينصركم بإنزال الملائكة لإعانتكم وكما قلنا إن النصر حقيقة من عند الله وليس من المؤمنين ولا الملائكة ولا غيرهم كما قال تعالى ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {آل عمران/123} إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ {آل عمران/124} بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ {آل عمران/125} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {آل عمران/126} )

رابعا : ينصركم بتسديد خطاكم وعصمتكم من الأخطاء وتوفيقكم للصالحات من الإعمال والان هذه الجموع نصرها الله تعالى بتوفيقها لحضور صلاة الجمعة بينما غيرهم ألان في بيوتهم جالسين غير موفقين مع الأسف .

خامسا : ينصركم على كل ما يكون سببًا في إعاقتكم عن بلوغ المقامات الايمانية حيث يؤيدكم بنصره في تجاوز الاختبارات وبلوغكم ما تتمنوه من رضوانه تعالى .

سادسا : ينصركم على نفوسكم الإمارة بالسوء بإضعاف إرادتها وبالتالي إلى الإدبار عن أهوائها وإضلالها .

اللهم انصرنا على اعدائنا الخارجيين من الكفار والمنافقين
اللهم انصرنا على اعدائنا الداخليين من النفس الامارة بالسوء والشيطان
ان نعم المولى ونعم النصير

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/28



كتابة تعليق لموضوع : وقفة مع نصرنا لله تعالى ونصره الله تعالى لنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net