صفحة الكاتب : شاكر فريد حسن

ذكرى أحمد فؤاد نجم شاعر الغلابا  
شاكر فريد حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في الثالث من كانون أول العام 2013 فقدت الحياة الثقافية والشعرية والادبية المصرية والعربية الفاجومي أحمد فؤاد نجم، الشاعر الشعبي المصري الكبير، وأحد أهم وأبرز شعراء العامية المشاكسين والمشاغبين في مصر والوطن العربي، تاركًا وراءه ثروة شعرية هائلة وإرثًا نضاليًا سيظل سلاحاً وزوادة للكادحين والمسحوقين في معركتهم الطبقية ضد اعدائهم ومستغليهم وظالميهم . 

أحمد فؤاد نجم هو شاعر الغلابا والجياع والبؤساء والصعاليك، أسماه الدكتور علي الراعي "شاعر البندقية" وقال عنه لويس اراغون "فيه قوة تسقط الأسرار" في حين نعته الراحل أنور السادات بـ "شاعر البذاءة" . 

قدم أحمد فؤاد نجم من عمق الصعيد المصري، ومنذ صغره أختار عن قناعة تامة وإيمان راسخ درب الفقراء وحياة البؤس والتشرد والانسحاق والكفاف وشظف العيش، وقرر أن ينتفض ويتمرد على المجتمع الظالم والقاسي والكفاح ضده لأجل تأسيس مجتمع العدالة والحرية، فتصعلك وثار كالمارد متحديًا الزوابع والعواصف وصمم أن يكون أبنًا للشوارع والأزقة والطرقات والحقول الواسعة، وعرفته المقاهي والسطوح، وعاش في مملكته الخاصة التي لا يشاركه فيها سوى الغلابا والناس الفقراء . 

كتب نجم الشعر الشعبي وألهمته المواويل المصرية القديمة والموروثة حسًا فنيًا مرهفًا وشحنته بالإبداع والأصالة والقوة ، ومنذ أن ارتبط شعره بالثورة وهو ضيف دائم على السجون والمعتقلات والزنازين المصرية، وقضى حوالي 18 عامًا وراء القضبان الحديدية في عهدي عبد الناصر والسادات ولكن في النهاية أبى الاعتقال والسجن والمنفى ودخل تجربة الاختفاء بين أحضان الشعب ، متحديًا أجهزة الظلام وجواسيس النظام. 

عرف أحمد فؤاد نجم طريقه الى الشعر الحقيقي، الشعر الرافض الاستفزازي التعبوي المحرض، وأخذ يكتب الشعر بلغة الصدق الفني والصدق الأدبي والفكري، وكرست أشعاره وقصائده وحدة القهر والجور والتخلف التاريخي الذي تعاني منه شعوبنا العربية، من الماء إلى الماء. 

أحمد فؤاد نجم قارع وصارع الظلم والطغيان وشارك الآخرين همومهم وعاشها بعمق مؤثر، عاش الواقع الإنساني المعذب بكل جوارحه مما جعل روح التمزق الإنساني والعذاب البشري المر يظهران بوضوح في شعره، وأنشد مؤيدًا كل قضايا الحرية، داعيًا أصحابها الى تضييق الخناق على الظالمين والمستغلين والمستبدين. 

وما يثير الإعجاب بنجم عفويته المتدفقة وصدقه الإنساني واستقامته ومبدئيته وثوريته الراسخة، والتزامه الطبقي المنحاز والمنتصر أبدًا لجموع المضطهدين والمقهورين والمهمشين والكادحين. 

وقصائد نجم صادرة عن إيمان عميق بأصالة الإنسان البسيط المسحوق وعظمة روحه، وقدرته على إبداع الحضارة وبناء المستقبل الزاهر الجميل، وهي قصائد لطيفة وواضحة وفيها إحساس غامر بالألم والوجع والعاطفة الجميلة. 

أحمد فؤاد نجم شاعر مرهف النفس، عميق الإحساس، غاص في أعماق وقاع الشعب، شكل مع الشيخ إمام ظاهرة فنية غنائية نفخت في الروح العربية النائمة والغافية لهيبًا ووقودًا ثورية، وعكست أثرها الإيجابي على الجماهير العربية . وتقديرًا لدوره في التعبير عن واقع ومعاناة وأوجاع الطبقات الشعبية المسحوقة الكادحة والمطحونة ونضاله الدائب لأجل الخلاص من القهر والظلم والفقر والاستغلال الطبقي والجشع الرأسمالي اختير ليكون سفير الفقراء العرب إلى جانب الزعيم الافريقي المناضل نيلسون مانديلا، لكي يشكل ـ كما قال في حينه ـ حكومة عالمية ، من ورائها السيد المسيح وعلي ابن أبي طالب وأبو ذر الغفاري. 

وبهذا التتويج غادر أحمد فؤاد نجم مملكة القصيدة إلى أكواخ الفقراء، محدقاً في عيون الأثرياء والأمراء والسلاطين والقوادين العرب الذي شيدوا القصو ، وأقاموا المصانع والشركات والمصالح التجارية، ورصدوا الأموال في المصارف فوق ظهور العمال والمستضعفين . 

فالمجد لك يا سفير الفقراء، أيها الناطق الحقيقي باسم الفقراء العرب ـ وما أكثرهم ـ  وناضلت وعملت بجد على مكافحة الفقر والجوع والاستغلال والطمع والفساد وعفن الديكتاتوريات والأنظمة العربية المشغولة بنهب خيرات وثروات الشعوب ومصادرة حقوق وحرية الإنسان. 

 

  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر فريد حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/03



كتابة تعليق لموضوع : ذكرى أحمد فؤاد نجم شاعر الغلابا  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net