صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

(1) الإمام عين الحياة
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

الماء والحياة
قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء30]

جعل الله تعالى عِبرةً في فتق السماوات والأرض، وفي إحياء كلّ شيء بالماء..

المُخاطَب الذي يؤمّل منه الإعتبار هو الإنسان، وهو الذي يعيش على الأرض وتظلّه سماؤها، وهو الذي يتلمّس مضمون الآية فيرى أن كل شيء يحيا بالماء.

للإنسان صِلةٌ لا تنفك عن الماء، الذي به جعل الله كل شيء حي، فالإنسان جُعِل حياً بالماء منذ تكوينه ولا يزال.. إنّ خليط الإنسان الأول كان من طينٍ مخلوطٍ بالماء، فقَوامُ حياة الإنسان بالماء.. منذ اليوم الأول لخلقه، وإلى آخر ساعات حياته..

لقد عَجِزَ غاصب الخلافة عن إجابة سؤال رأس الجالوت عن أصل الأشياء، فأجاب أميرُ المؤمنين عليه السلام بأن أصل الأشياء هو الماء واستشهد بهذه الآية المباركة المتقدّمة.

وَ سَأَلَهُ (ع) رَأْسُ الْجَالُوتِ بَعْدَ مَا سَأَلَ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَعْرِفْ مَا أَصْلُ الْأَشْيَاءِ؟

فَقَالَ ع: هُوَ الْمَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍ﴾.‏

من آثار الماء
لقد ذكر الله تعالى الماء في آيات مباركة، وذكر أنّ به حياة الأرض بعد موتها:

﴿وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [النحل : 65]

وإخراج الثمرات والنبات:

﴿وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ﴾

﴿وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْ﴾

الماء اليوم يغطي أكثر من ثلثي الأرض، وأكثر من ثلثي جسم الإنسان مكوّنٌ من الماء حسب ما يقول العلماء، ويقول أيضاً أن الماء هو الوسيط الرئيسي في جميع الكائنات الحيّة.

ويقول العلماء أيضاً أن اكتشاف سحابة هائلة من بخار الماء في الكون مؤشرٌ على أن الماء موجود في الكون منذ بداية نشأئه.

كل هذه مؤشّرات علمية تتطابق مع ما ورد في الشريعة المقدسة في الكتاب الكريم وعلى لسان أمير المؤمنين عليه السلام.

وبهذا يتبين أنّ الماء قد اقترن بالحياة، فحيثما وجد الماء وجدت الحياة وكانت مبثوثة.

طعم الماء طعم الحياة
لكن سؤالاً يُطرح ها هنا: ما هو طعم الماء يا ترى؟

كلنا يتذوق الطّعم الحلو والحامض والمالح، ويتفنن الناس في ألوان الطعام وأذواقه، وكلنا يشرب الماء أيضاً، وللماء طعمٌ بلا شك ولا ريب، وله  نكهةٌ، ولكنها لا تُعرَفُ بالحلاوة ولا بالحموضة ولا بشيءٍ مما تعرف به سائر الاطعمة، وقد لا يرتوي الانسان بغير الماء أبداً.

يقول العلماء المعاصرون أن الماء عديم اللون والرائحة والطعم، لا طعم للماء إذاً  عندهم.. لمّا خلا من الحلاوة والحموضة والملوحة فهو عديم المذاق لديهم!

لكنّ مفارقةً لطيفة تسجل هنا.. وهي سؤالٌ غريبٌ طرحه رجلٌ غريبٌ على إمامنا الصادق عليه السلام حينما سأله عن (طعم الماء).

كان للإمام كلامٌ آخر مغايرٌ لكلام هؤلاء العلماء.. جوابٌ محيّر.. قال له (ع): سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً.

كأنّ الامام رأى في سؤال السائل تعنُّتاً لا تعلماً، رغم ذلك أجابه الإمام فقال له: طَعْمُ الْمَاءِ طَعْمُ الْحَيَاةِ. (الكافي ج‏6 ص380).

هي كلمةٌ عظيمة تحتاج إلى تأمُّلٍ وتدبُّر.

وقد سئل الإمام السؤال نفسه في مجلس آخر: ما طعم الماء؟

فظن الحاضرون أن السائل زنديق، فصار الصادق عليه السلام يتأمل بالرجل، ينظر إلى أعلاه وأسفله، ثم قال له: «وَيْلَكَ، طَعْمُ الْمَاءِ طَعْمُ الْحَيَاةِ، إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ يَقُولُ: ﴿وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ﴾ (قرب الإسناد ص116)

كيف يكون طعم الماء طعم الحياة؟

هل أن طعم الماء طعم الحياة بمعنى أن الماء هو أصل الحياة؟

أم بمعنى أنّ كل شيء يحيا بالماء؟ فالماء سببُ الحياة في الكائنات، فإذا شرب الإنسان الماء تذوق طعم الحياة بنفسها ؟

هل هذا مراد الامام عليه السلام؟ ام أنّ له أبعاداً خلف هذا؟

هل سيتمكن أحدنا من سبرِ أغوار هذه الكلمة الجميلة للإمام عليه السلام؟ طعم الماء طعم الحياة.

ماذا عن ماء الأنفس والأرواح؟ ماذا عن حياة النفوس في شهر الله تعالى؟ كيف تكون حياتها؟ أبالماء أيضا؟

إنّ المؤمن والكافر يشتركان في التنعم بنعمة الحياة عبر الماء، لكن ماءً من نوع آخر يشير إليه إمامنا الرضا عليه السلام في حديثه حين يقول:

الإمام السحاب الماطر
الْإِمَامُ السَّحَابُ الْمَاطِرُ

هل هو تشبيهٌ للإمام بالسحاب الذي يأتي لنا بالمطر؟

المطر ماءٌ ينزل من السماء، فكيف يكون الإمام السحاب الماطر؟ ما هي آثار المطر الذي يتأتى من سُحب الإمام الثقال؟! هل هو علم الإمام؟ بركة وجوده؟ رعايته لنا؟ أم أخذه بيد محبيه إلى الله تعالى؟!

أم أن حياة المحبين ببركة الإمام عليه السلام؟

كلُّ هذه المعاني قد يتضمنها هذا الحديث، لكنّ الله تعالى يصف السحاب في القرآن الكريم ويذكر آثارها فيقول:

﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾

الرياح تبشر بالرحمة، ثم تأتي الرحمة بعدما تقل الرياح السحاب فيقول:

﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف57]

ضرب الله تعالى مثلا للسحاب الذي ينزل منه الماء فيخرج به من كل الثمرات، ثم جعل إخراج الموتى نظيراً له.. البلد كان ميتاً فأحياه الله تعالى كما يحيي الموتى.

السحاب أتى بالماء فبُثَّت الحياة.. هذا كلُّه في جانبٍ، وفي الجانب الآخر: الإمام السحاب الماطر.

فهل يحيينا الإمام كما يحي الماءُ الأرض الميتة؟ أم أننا بالغنا في المقابلة بين الآية والرواية؟

فضلنا كفضل الماء
إنّ خير دليلٍ على مراد الإمام عليه السلام يذكره خيرُ خلق الله تعالى النبي العظيم محمد |، حينما حاوره يهوديٌّ فسأله عن فضله على النبيين وفضل عشريته على الناس.. وكان مما أجاب به | جواب يسلب الألباب حين قال |: وَ أَمَّا فَضْلُ عَشِيرَتِي وَ أَهْلُ بَيْتِي وَ ذُرِّيَّتِي كَفَضْلِ الْمَاءِ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ.

بِالْمَاءِ يَبْقَى كُلٌّ وَ يَحْيَا كَمَا قَالَ رَبِّي تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ﴿وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ‏﴾  (الإختصاص ص37).

التشبيهُ في محلّه إذاً، إذ أن فضلهم عليهم السلام على كل شيء كفضل الماء: بالماء يبقى كل شيء ويحيا، وبهم يبقى كل شيء ويحيا..

هل من حياة دون الماء؟ هل من حياة دون الإمام؟

أيُّ حياةٍ وأيّ نورٍ يمشي به من لا يعرف الإمام؟

لقد روينا أن الخضر شرب من عين الحياة، ولا يزال الخضر حياً إلى يومنا هذا، يموت قومٌ وتتقلب الدنيا بين الأمم، ولا يزال الخضر حيا لما شرب من هذه العين..

كان ماءً ذاك الذي شربه الخضر، لكنه ليس ككلّ ماء، إنّه ماء الحياة الدائمة.

فالماء الذي نعرفه يبث الحياة في الإنسان أمداً، ثم يحتاج إلى سواه..

أما  ماء الحياة الذي شربه الخضر.. من عين الحياة، فقد بث الحياة الدائمة فيه عليه السلام

والسؤال:

ماذا نفعل نحن للحصول على عين الحياة ومائها؟ وهل هناك عينٌ أخرى بمعنىً آخر تدعى عين الحياة تكون بها حياتنا الدائمة؟ فتبقى أرواحنا حيّة بها كما بقي الخضر حياً بجسده؟

نحن عين الحياة      
لقد ذُكِرَت عين الحياة عند إمامنا الصادق عليه السلام فقال:

أ تدرون ما عين الحياة؟

قلنا: الله وابن رسوله أعلم.

قال: نحن عين الحياة، فمن عرفنا وتولّانا فقد شرب عين الحياة، وأحياه اللّه الحياة الدائمة في الجنة وأنجاه من النار. (شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام ج‏3 ص494)

إنّ عين حياة الخضر قد أحيته في الدنيا فلا يموت حتى يأخذ الله الأرض ومن عليها، أمّا الإمام والعترة الطاهرة فهم عين الحياة.

الغَرفة فيها تعني معرفتهم وولايتهم، الشراب منها لا سبيل له الا باتباعهم، فينال المُتَّبِعُ الحياة الدائمة التي لا انقطاع لها.

إنّ عين الحياة التي شربها الخضر ينقطع أثرها عندما يُفني الله الأرض ومن عليها، ثم يعود الخضر مع المؤمنين بالإمام، الذين شربوا من عين حياته عليه السلام، يعود الجميع إلى جنان الله تعالى بعين حياتنا.. الإمام المعصوم عليه السلام.

ولايتنا أعظم نعم الله
هذه هي الولاية.. وهذه أبعادُها.. وبهذا صارت أعظم نعم الله تعالى على خلقه.

لقد أمرنا الله تعالى بذكر آلائه ونعمه التي لا تُعدّ ولا تحصى، فكان أعظمها عين الحياة، ولمّا كانت ولايتهم هي عين الحياة، صارت أعظم نِعَم الله.

قال الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ﴾:

هِيَ أَعْظَمُ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَهِيَ وَلَايَتُنَا.

وإمامتهم هذه فيها تمام كل الفرائض.. كما قال الرضا عليه السلام:

بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَتَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ وَالصَّدَقَاتِ..

بدّلوا نعمة الله كفراً
إنّ مقتضى قانون المقابلة، وقاعدة التنافر والتنافي، يكشف حال من تنزّهت عين الحياة عن أن يقربوا منها.. مَن أنكر الإمامة أو جحدها، حيثُ صار مصداقاً لكلمات أمير المؤمنين عليه السلام :

مَا بَالُ أَقْوَامٍ غَيَّرُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَعَدَلُوا عَنْ وَصِيِّهِ، لَا يَتَخَوَّفُونَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمُ الْعَذَابُ؟!

ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ﴿أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ﴾..

ثُمَّ قَالَ: نَحْنُ النِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَبِنَا يَفُوزُ مَنْ فَازَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

هي نِعمَةٌ تحلِّقُ بالإنسان عالياً في سماء القرب من الله تعالى، وتنقله من حياض البهيمية والحيوانية إلى مراقي القدس والجلال، بابٌ فتحه الله لأوليائه لينزّههم عن صفات البهيمية.. وقد قال إمامنا الحسن الزكي عليه السلام:                        

وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَالْأَوْصِيَاءُ مِنْ وُلْدِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) كُنْتُمْ حَيَارَى كَالْبَهَائِمِ، لَا تَعْرِفُونَ فَرْضاً مِنَ الْفَرَائِضِ، وَهَلْ تُدْخَلُ قَرْيَةٌ إِلَّا مِنْ بَابِهَا (الأمالي ص655).

نظرةٌ عابرةٌ سريعةٌ في أيامنا هذه.. كم من الخلق لم يؤمنوا بالله رباً؟ وكم منهم لم يؤمنوا بمحمد | نبياً ورسولاً؟ وكم منهم لم يؤمنوا بأمير المؤمنين والإثني عشر أولياء؟

كل هؤلاء بمقتضى حديثه عليه السلام لا زالوا حيارى كالبهائم!

لهذا كانت الامامة! ولهذا اهتم الشيعة بها، وشكّلت عندهم محوراً ومفصلاً وأصلاً من أصول دينهم، فكلّما عرف المسلم من فروض دينه كانت معرفته منقوصة لولا الإمامة، إذ بالإمام تمام الصلاة والصوم وسواهما..

أحيا الناس جميعاً
يتساءل بعض الأعزاء في شهر الله تعالى عن أهم الفرائض وأسماها.. ما الذي يأخذ بيدنا إلى مراتب القرب من رب العباد؟ ما الذي يصفي نفوسنا؟

ولماذا القيل والقال وكثرة المقال في أبحاث الإمامة؟

إذا كانت الحياة بالإمام أيها الأحبة، فكم هو عظيمٌ إحياءُ نفسٍ بإخراجها من عمى جهل الإمام إلى حياة معرفة الإمام؟

وهل من نفسٍ أعظم عند الإنسان من نفسه؟! إن هي إلا نفسٌ واحدة يعيشها أحدنا..

أفلا يكون التعرُّف على الإمام أو الزيادة في غوصَاً في عين الحياة؟! ونوعاً من التقرُّب الى الله تعالى في أعظم ما يحب؟!

إنّ المؤمن إذا شرب شيئاً من هذه العين الطاهرة، لم ينس إخوته المؤمنين، ولم ينس نظراءه في الخلق المتعطشين للانتقال من الظلمات، ظلمات الجهل، إلى النور، نور الإمامة والعلم والمعرفة.

روينا عن أبي عبد الله عليه السلام لمّا سئل عن قول الله تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾

فَقَالَ: مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلَالَةٍ إِلَى هُدًى فَقَدْ أَحْيَاهَا، وَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلَى ضَلَالٍ فَقَدْ قَتَلَهَا. (المحاسن  ج‏1 ص232)

فهل هناك هدايةٌ أعظم من التعرف على إمامنا عليه السلام؟ ومعرفة مواطن رضاه ومحالها، فمن سواه يكون في رضاه رضا الرحمان؟

الطهارة بالإمام
أليست طهارة النفوس بالإمام عليه السلام؟

ألم يقل تعالى:

﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾

ماء المطر طاهرٌ مطهّر، لكن هل يذهب ماء المطر برجز الشيطان وحده؟ أم أننا بحاجة للإمام لتطهر نفوسنا كما تطهُرُ اجسادنا بماء المطر؟!

لقد سأل جابر إمامنا الصادق عليه السلام عن هذه الآية المباركة، فقال عليه السلام: السماء في الباطن رسول الله، والماء علي ع!

الامامُ هنا لا يتعرض لظاهر الاية، بل يتكلم عن باطنها، فان ظاهر القران أنيق وباطنه عميق، يعلمه أل بيت النبوة والعترة ولهم منه وجوه شتى.

ثم يقول:

جعل الله علياً من رسول الله ص فذلك قوله: ﴿ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾: فذلك عليٌّ يطهر الله به قلب من والاه.(تفسير العياشي ج‏2 ص50)

أيُّ طهارة في شهر الله تعالى أعظم وأفضل من التعرف على باب الطهارة، على ماء الله عزّ وجل الذي ينزله الله تعالى ليطهّر به النفوس والقلوب، قلوب الشيعة والمؤمنين.

بِعليٍّ، بالماء، برمز الامامة، يربط الله على قلوبنا ويطهرها ويدفع عنا رجز الشيطان.

فلا غرابة إذاً أن يكون الإمام عين الحياة، أن يكون الإمام الماء الذي به نحيا، أن تكون طهارتنا مقرونة بمعرفتنا لإمامنا..

العيون الكَدِرَة والعيون الصافية
في مطلع شهر الله تعالى، نتوسل إلى الله تعالى بأوليائه وأحبائه وأصفيائه وخير خلقه، أن يأخذ بيدنا لنغوص في عين حياتهم، وننهل من معينهم، فلا نكون كالذين ذهبوا إلى عيونٍ كدرةٍ.. ولنكون ممن ذهب إلى عيون صافية تجري بأمر ربها. لا نفاد لها ولا انقطاع.

سلام الله عليك يا أمير المؤمنين.. يا عين الحياة..السلام عليكم يا أئمة الهدى.. لا نفاد لعيونكم الصافية ولا انقطاع، فمن أغنى من شيعتهم في هذه الأيام المباركة؟ حيث طرقوا باب الله تعالى.

مَن طرق بابهم فقد طرق باب الله سبحانه وتعالى، ليس علينا الا التوسل بهم والتوجه نحوهم والتعرف على مقاماتهم والتشرف بقربهم والامتثال لأوامرهم والانتهاء عن نواهيهم، ثم مع هذا كلّه البراءة من اعدائهم والحذر من العيون الكدرة حتى في هذا الشهر المبارك.

إنّ إبليس وإن صفِّد فيه وغلّت أياديه.. إلا أن بذور النفاق والخبائث التي زرعها في نفوسٍ أمارة بالسوء لا تزال عصيّة على الإقرار بالإمامة الكبرى وباب الله الذي منه يؤتى.

والحمد لله رب العالمين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/15



كتابة تعليق لموضوع : (1) الإمام عين الحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net