صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

أخطاء محاضرة "الأخ رشيد" عن الإله – ( 1 / 7 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يوجد في موقع اليوتيوب محاضرتان لرشيد حمامي المدعو بـ "الأخ رشيد"، بعنوان (الاله الذي لم اكن اعرفه)، الاولى منشورة بتاريخ 9/8/2017م والثانية منشورة بتاريخ 21/4/2018م. وهما مليئتان بالاخطاء الفكرية والعقائدية وسوء التفكير والانقياد في حبائل الشيطان!! وسنناقش في هذا المقال اهم الافكار التي وردت في الأولى منهما، وامّا الثانية فهي مكررة في غالب أفكارها.

كنت اتوقع ان تكون محاضرته معمقة حول صفات الله سبحانه وتعالى ولكني تفاجأت بأنها محاضرة سطحية يهاجم فيها رشيد حمامي المعتقدات والصفات المشتركة بين الاسلام والمسيحية تحت عنوان انها عقائد اسلامية، دون ان يدرك انها مشتركات بينهما أو يغض النظر عن كونها مشتركات لغرض تشويه الاسلام امام المتلقي الساذج!! مقترفاً ما نهى عنه النص في انجيل لوقا (6: 41): (لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها)؟!

كما إنَّه يهاجم قضايا نتيجة فهمه الخاطيء للاسلام. أو ياخذ قضية موجودة في أحد المذاهب الاسلامية ليعممها على الاسلام العظيم كلّه! فهل ذنب الاسلام ان رشيد حمامي لم يفهم الاسلام في طفولته وشبابه نتيجة الجو الاسري الذي كان يعيشه؟!! ولم يحاول ان يفهمه بل نفر عنه بعيداً وتمسك بالمسيحية غير العقلانية، فهرب من العقل الى اللاعقل، وهذه وحدها مشكلة كبيرة وواضحة. فالملفت للنظر انه في محاضرته هذه لا يبحث عن الحق والباطل وعن ادلة المسيحية والاسلام وايهما هو الصواب وايهما الباطل، بل يعتمد على رأيه واستحساناته الذوقية في رسم صورة للإله في الاسلام وصورة مقابلة له في المسيحية، كل شيء في هذه المحاضرة يعتمد على فهمه للاسلام في طفولته ومراهقته، وليس ما جاء به الاسلام في القرآن والسنّة! ويحمّل الاسلام الصورة الخاطئة التي تكونت في ذهنه!! وكل محاضرته مبنية على هذا الفهم الطفولي!!

هذه المحاضرة رغم سطحية الافكار التي اوردها "الأخ رشيد" الا ان اهميتها تتبين في كشفها زيف المبشرين المسيحيين "الهواة" من امثال "الأخ رشيد" و"ماجي خزام" وغيرهم من الذين لا يتورعون عن الكذب والخداع من اجل "البشارة"! ومن اجل المسيح! اقتداءً بنبيهم بولس[1] الذي كان يصرِّح بأنه كان يكذب من اجل التبشير بالمسيحية!!

وسيتم التركيز في الرد على افكار رشيد حمامي "الأخ رشيد" في هذه المحاضرة من خلال مصادر المسيحية نفسها، لنبين ان افكار رشيد حمامي المرتد الى المسيحية هي ليست أفكار مسيحية اصيلة، بل هو فَهِمَ المسيحية فهماً سطحياً كما سبق له أن فَهِمَ الاسلام فهماً سطحياً، فلا أفلح في هذا ولا أفلح في ذاك!! كما أنَّه يحاول بذر الشقاق بين المسلمين والمسيحيين من خلال الكذب بإيراد افكار وادعاءات لا تمت للمسيحية بصلة!

والاخ رشيد وهو لا يعرف الإله، كما سيتبين من هذا المقال، ينطبق عليه ما جاء في سفر ميخا (4: 12): (وهم لا يعرفون أفكار الرب ولا يفهمون قصده، إنه قد جمعهم كحزم إلى البيدر).

 

هل لدينا نفس الإله

تحدث رشيد حمامي عن سؤال في بداية المحاضرة: (هل إله المسيحيين هو نفس إله الاسلام؟)! ويجيب: {نعم ولا! نعم إذا كنت تتكلم عن الخالق فنحن نؤمن ان هناك إله خالق نعم إذا كنا نؤمن ان هناك إله عادل نعم إذا كنا نؤمن ان هناك إله قاضي سيحاسب الناس كل واحد على افعاله وعلى ايمانه! لكن في نفس الوقت لا، لأن صفاته مختلفة هنا عن الجانب الثاني} يقصد ان صفاته مختلفة بين المسيحية والاسلام!

وسنبين في السطور القادمة، إنْ شاء الله، الاسلام والمسيحية يشتركان فيما ينسبونه للإله من صفاتٍ كالحياة والقدرة والخلق والكرم والرحمة والرأفة والتكبّر والانتقام والمحبة، وغيرها. وإن اختلافهما في ذات الله تبارك وتعالى، حيث جاء الاسلام بـ : ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ))، بينما في المسيحية جعلوا للإله جوهراً وروحاً وأقانيم ثلاثة!! فالمسلمون يفتخرون بالتوحيد والمسيحيون يفتخرون بالتثليث! وعدا بعض الصفات الواردة في العهد القديم التي من غير الجائز اطلاقها على الله تبارك وتعالى من قبيل انه يستريح من عمله[2]، وانه يندم على بعض اعماله[3]!

أمّا رشيد حمامي فحاله حال بقية المبشرين المسيحيين يريد أن يبرز صفة معينة للإله ويروّج لها على انها الصفة الرئيسية والوحيدة التي جاء بها المسيح في العهد الجديد وهي صفة المحبة، وانه إله متأنسن متواضع يسير بين الناس ويحنو عليهم ويعالجهم ويشفيهم وضحّى بأبنه من اجل خلاص البشر! وهو لا يدري انه بذلك يسلب صفة القدرة عن الإله جلَّ جلاله، فالله القدير يغفر ويعفو ويعاقب بدون حاجة الى تأنسن، بل الإله الحق لا يمكن أن يتخلى عن دوره كإله ويموت على الصليب ليوم كامل وليلتين، من يوم الجمعة قبيل ليلة السبت الى فجر الاحد!! الإله الحق إله قدير، ولا يمكن أن يصبح غير قدير فيهينه اليهود ويضربونه ويصلبونه ويتعذب الى درجة ان يصاب بفقدان الذاكرة وينسى انه هو الإله!! فيصيح وهو مصلوب: (إلهي إلهي لماذا تركتني)[4]!!!

 

مصادر معرفة الله في الدين المسيحي!

كان يفترض برشيد حمامي ان يناقش في بداية محاضرته مصادر معرفة الله، وهل إنَّ تلك المصادر نقلية وعقلية، أم نقلية فقط، أم هي آراء واستحسانات ذوقية شخصية!! وأن يبين بوضوح ما هي مصادر معرفة الله في المسيحية؟ هل هي تلك الاناجيل والاسفار مجهولة الكاتب ومجهولة حال ووثاقة كاتبها وضبطه (جودة حفظه واتقانه وهل خلط في شيخوخته أي ضعفت ذاكرته ام لا)؟ وهل يعرف صفات الله فقط من اسفار العهد الجديد ام يضاف اليها اسفار العهد القديم ايضاً؟ ولماذا لم يلتزم رشيد حمامي في محاضرته هذه بصفات الله في العهد القديم؟ أليست اسفار العهد القديم معتبرة عنده؟!

فالذي وجدناه أن مصادر معرفة الله سبحانه في المسيحية وهي نفسها مصادر الدين المسيحي، هي التالي:

أولاً. الشياطين التي تظهر كالملائكة: وهي مصدر أساسي عندهم ليس من حيث الوسوسة فهذا شأن جميع العقائد الضالّة، بل من حيث التدخل المباشر كما يروون هم أنفسهم في حادثة إيمان بولس! وفي الحقيقة فإنَّ مصادر معرفة الله الأساسية عند المسيحية هي رسائل بولس وبقية الأناجيل الأربعة ورسائل أتباعه التي كتبوها وفقاً لتعاليمه ووصاياه! وهي تعود جميعها الى الهاتف الغيبي الذي سمعه بولس في صحراء العرب!! الشيطان الذي يظهر بهيئة ملاك، وبولس نفسه اعترف بأن الشيطان يظهر بمظهر ملاك النور! بولس (شاول الطرسوسي) الذي آمن بنور ظهر له في مخيلته وصوت مجهول يخاطبه في الصحراء بأن المسيح هو رب وإله!! وهو نفسه يقول في رسالته الثانية الى اهل كورنثوس (11: 13 و14): (لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب. لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور)! فهل ما قاله بولس الا وصف دقيق لما فعله هو نفسه حينما ادعى انه رسول المسيح وان ملاك النور ظهر له!! فهو هنا يصح عليه المثل القائل: "رمتني بدائها وانسلّت"! حيث يرمي الآخرين بعين ما فعله هو نفسه!... ومما ذكرته في كتابي (حقائق إنجيلية)[5]، الفصل السادس: (نشوء عقيدة تأليّه المسيح)، ما نصّه: (إنّ هذه الحادثة وقعـت في الصحراء في بلاد العرب في طريق بولس من أورشليم إلى دمشق، وبعد مراجعتنا لمصادر التاريخ والتراث العربي وجدنا إن هناك ظاهرة تميزت بها الصحراء العربية وهي وجود الهواتف من الجن لمن يجتاز تلك الصحراء، وقد عقد المؤرخ المسعودي في كتابه مروج الذهب فصلا هـو (ذكر قول العرب في الهواتف والجان) قال فيه : (فأما الهواتف فقد كانت كثرت في العرب واتصلت بديارهم) إلى أن يقول: (ومن حكم الهواتف أن تهتف بصوت مسموع وجسم غير مرئي)[مروج الذهب – المجلد الثاني ص 160]. وهو كما ترى وصف مطابق لما مرّ على بولس في الصحراء إثناء ذهابه إلى دمشق. نستنتج مما سبق إن حادثة الهاتف الذي سمعه بولس في طريقه إلى دمشق إنما هو صوت شيطاني أراد أن يُضِلّ بولس…. وقد نجح في ذلك. وهكذا يتضح الدور الرئيسي الذي لعبه إبليس والشياطين في تكوين عقيدة بولس، والذي انطلى على الكثير من اتباعه إلى اليوم..مع الأسف……). ومن الجدير بالذكر انه في المسيحية من المعتاد ان تسمع أو تقرأ ان الشيطان ظهر لفلان من المسيحيين أو القديسين أو غيرهم بمظهر الملاك! فعلى سبيل المثال نقرأ عندهم أنَّ فرنسيس صاحب مناسبة "غفران أسيز في 1و2 آب" فيما كان "يصلّي في كنيسة الملائكة في البروسيونكولا ظهر له الشيطان بهيئة ملاك وراح يثنيه عن الصوم الطويل والتقشف المتواصل وإحياء الليالي في الصلاة مظهراً له ضرراً جسيماً يلحق بصحته الضعيفة. وراح يلاحقه بتجارب متتالية ضد الطهارة"[6]!

ثانياً. شهادة الشياطين بصحة الدين المسيحي! فهناك امثلة عديدة على هذه الشهادات! منها ما رواه انجيل لوقا بأن الشياطين التي كانت متلبسة في أجساد البشر والتي كان يسوع المسيح يستخرجها ويطردها عن تلك الأجساد كانت تستعمل آخر ما لديها من حيل الإغواء حيث تنادي يسوع علانية وتخاطبه بلقب "ابن الله" فينتهرها يسوع بشدة[7]، ويلتبس الأمر على بعض السُذَّج من الحاضرين بأن يسوع ابن الله تعالى وانه يريد إخفاء هذا الأمر لسبب ما !! ومن الغريب إن بولس واتباعه في كنيسة روما يستندون على شهادة الشياطين في إثبات صحة عقيدتهم في تأليّه المسيح !؟ كما مرَّ آنفاً!! يقول بولس الفغالي في تعليقه على ما جاء في مرقس (1: 34) ما نصّه: (في لو41:4 عرفت انه المسيح. اراد يسوع ان يدل على هويته بأقواله وأعماله ولكنه ما ارد ان يستبق الوقت. لهذا أسكت الشياطين الذين ارادوا أن يكشفوا شخصه)[8]! وفي التفسير التطبيقي للكتاب المقدس في تعليقه على ما ورد في مرقس (25:1) قال: (عرف الشيطان من اول وهلة أن المسيح هو ابن الله، وكان مرقس وهو يورد هذه الحادثة في انجيله يثبت ان العالم السفلي ذاته عرف ان يسوع هو المسيح المنتظر)[9]!

وشهادة أخرى للشياطين بصحة المسيحية ولكن هذه المرّة من خارج العهد الجديد! حيث "يروي التاريخ (عام 1891) أن الأب الكرملي "ايليا أم الرحمة" هناك في الهند في مقاطعة "كتّار cottar" إجتمع حول بيته عبّاد الشيطان ليقدموا ضحاياهم ويسمعوا نصائحه أي الشيطان. وراح رئيس عبّاد الشيطان يرقص ويتلوّى مثل مجنون فقد وعيه. ثم على حين غرّة توقف عن الرقص الشيطاني وقال متألماً:"لا أستطيع، لا أستطيع أن أتابع. لأنه بين الحاضرين إنسان يحمل في عنقه قطعة قماش (يعني ثوب سيدة الكرمل). إنه يوجعني كثيراً. فإن لم تبعدوه من هنا، فعبثاً تطلبون نصائحي". وراح الجمع يسأل:"مَن هذا الإنسان الذي يحمل على عنقه قطعة قماش". فكان الحضور أحد المسيحيين يلبس "ثوب العذراء". فسألوا الشيطان: نعم! هي هذه القطعة. عندئذٍ تشجّع المسيحي وقال للحاضرين:"إسالوا الشيطان أن يصرّح أمامنا جميعاً إن كان ديني المسيحي هو الديانة الحقة". وأجاب الشيطان: نعم. ومَن يتبع هذا الدين يربح السماء)[10].

والغريب ان ما كنّا نشاهده في افلام الرعب الغربية من حالات تلبّس الشياطين في جسد إنسان هم ينسبونها بصورة واقعية الى القديسين المسيحيين، فهذه القديسة كاترين السيانية، "خطيبة المسيح"! ينسبون اليها انها في اثناء احتضارها كانت تعاني من تلبس الشياطين! قالوا: "عندما كانت على فراش الموت، كانت تتغير فجاة وتظهر عليها آثار وعلامات مختلفة على رأسها وذراعيها تدل على انها كانت تعاني من هجمات خطيرة من الشياطين، وكانت تبقى بهذه الحالة الكارثية لمدة ساعة ونصف، نصف هذا الوقت كان يمر بصمت شديد…."[11]! ويعتبرون هذا من كراماتها!! وهذه القديسة فيرونيكا جولياني "عندما كانت مبتدئة، اشتعلت في داخلها تلك الرغبة والشوق القوي بأن تقضي شهيدة. بينما كانت تُحدِّث معلمتها في الابتداء بهذا الامر، سيطر عليها خفقان عنيف في القلب، وشعرت كأنّه يتحطّم. سمعت معلمتها صوت قرقعة ثلاثة ضربات حادّة متتالية. فخافت واعتقدت أن القديسة سوف تموت في الحال. ورغبت في أخذها الى العيادة، إلا أن فيرونيكا التي كانت تعرف وضعها جيداً، أكّدت لمعلمتها بأن كل شيء على ما يرام وأنّها لا تعاني من أمر خطير. في هذه المناسبة طُبع في قلبها حرف الفاء F والذي يدل على الايمان FAITH"[12]!! فالآن عرفنا من أين جاءت أفلام الرعب الهوليودية بافكارها عن تلبس الشياطين!!

وشهادة اخرى للشياطين حينما خاطب القديس مار جرجس الملطي الكبير (سان جورج في الكنيسة الغربية) الصنم الكبير ابولون في المعبد وقال له: (إنْ كنتَ أنت الإله الحقيقي فاكشف قدرتك للجموع، فخرج صوت سمعه كل الحاضرين: "الإله الحقيقي هو الذي تعبده أنت يا جرجس أما نحن فإننا شياطين ساكنين هذا الحجر. ثم رشم القديس بعلامة الصليب على الصنم الكبير وفي الحال سقط على الأرض وسقطت بقية الأصنام التي في المعبد!! والشعب الحاضر هتفوا قائلين نؤمن بإله جرجس، فأمر بقطع رؤوسهم بالسيف)[13]!!؟

ثالثاً. شهادة الوثنيين بأن "المسيح إبن الله"!! يروي أنجيل لوقا أنَّ إبليس (لعنه الله) لمّا أراد إغواء يسوع المسيح ففشل (وبعدما جرَّبه إبليس بكل تجربة فارقه إلى حين)[14]. لكن إبليس لم يستسلم فأرسل اتباعه وجنوده من الجن والأنس ليوسوسوا للناس بالفكرة القائلة بأن المسيح اله وابن اله تجسد في هيئة البشر ونزل إلى الأرض، وكان المجتمع الذي ظهر فيه المسيح مكوناً من خليط من اليهود والرومان المحتلين لفلسطين والمخالطين للسكان من اليهود، وكانت الثقافتان اليونانية والرومانية واسعتَي الانتشار وهي ثقافات وثنية تؤمن بتعدد الآلهة وتجسدها، قال برنابا في إنجيله: (وكانت عادة الرومان أن يدعوا كل من فعل شيئاً جديداً فيه نفع للشعب إلها ويعبدوه فلما كان بعض هؤلاء الجنود في نايين وبخوا واحداً بعد آخر قائلين: " لقد زاركم أحد آلهتكم وانتم لا تكترثون له حقاً لو زارتنا آلهتنا لأعطيناهم كل ما لنا وانتم تنظرون كم نخشى آلهتنا لأننا نعطي تماثيلهم افضل ما عندنا"، فوسوس الشيطان بهذا الأسلوب من الكلام حتى انه أثار شغبا بين شعب نايين ولكن يسوع لم يمكث في نايين بل تحول ليذهب إلى كفر ناحوم، وبلغ الشقاق في نايين مبلغاً قال معه قوم : إن الذي زارنا إنما هو إلهنا، وقال آخرون: إن الله لا يُرى فلم يره أحد حتى ولا موسى عبده فليس هو الله بل هو بالحري ابنه، وقال آخرون: انه ليس الله ولا ابن الله لان ليس لله جسد فيلد بل هو نبي عظيم من الله)[15]. وللتأكيد على صحة ما ذهب إليه برنابا في إنجيله في النص الآنف الذكر من إن الرومان كانوا يدعون كل من فعل شيئاً جديداً اله،فإن لوقا في أعمال الرسل يروي حادثة أخرى من نفس النمط حين اخذ الناس يطلقون علـى الحاكم هيرودس صفة الإله قال: (وفي اليوم المعين لبس هيرودس ثيابه الملوكية وجلس على العرش يخطب في الشعب، فصاحوا: هذا صوت اله لا صوت إنسان)[16]، وكذلك روى لوقا في اعمال الرسل ما حدث عندما زار برنابا وبولس مدينة لسترة الرومانية حين أخذت جموع الناس تصيح " تشبَّه الآلهة بالبشر ونزلوا إلينا "وأطلقوا على برنابا اسم زيوس وعلى بولس أسم هرمس[17].

وكما ورد أيضاً في انجيل متى (54:27) حيث ذكر كلام القائد الروماني الوثني: (وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان، خافوا جدا وقالوا: «حقا كان هذا ابن الله!»)! وفي انجيل مرقس (39:15): (ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح، قال: «حقا كان هذا الإنسان ابن الله!»). تعالى الله عما يصفون.

إذن فان عقيدة تأليّه يسوع بدأت في حياته وانما تبناها بولس بشدة بعد ذلك وعمل على نشرها، وقد فنَّدَ يسوع المسيح هذه الدعوة الباطلة علانية في النصّ المنسوب إليه أنَّه قال: (ليكن ملعوناً كل من يدرج في أقوالي أني ابن الله)[18].

 

رابعاً. اسفار العهد القديم (التناخ اليهودي)! والذي يضم التوراة واسفار الانبياء فلا نشك ان فيها بقايا نصوص كتبها أو قالها انبياء أو وحي إلهي ولكن ما ينغّص الاطمئنان الى صحة جميع ما ورد في هذه الاسفار التالي:

1. مجهولية شخوص كتبتها.

2. مجهولية قابلية كتبة تلك الاسفار على ضبط النصوص التي تصل اليهم شفاهيةً. فلا نعرف ميزة كتبة الاسفار من حيث اتقان الحفظ وجودته وهل أصابهم النسيان ام لا نتيجة التقدم في العمر، وهل كتبوا تلك الاسفار مما سمعوه قبل اصابتهم بالنسيان أم بعده!!

3. ضياع النسخة الاصلية لتلك الاسفار بلغتها التي كتبت بها.

4. ظهور مشاكل في عملية النَسْخ كبيرة وعديدة وواضحة بين المخطوطات القديمة التي تضمّها. وهناك مشاكل طالتها نتيجة تصدي نسّاخ للعمل صلاحهم للعمل متفاوت!

5. ادخال التحريف على بعض نصوصها. والتحريف فيها عدّة انواع، منها التحريف المتعمد لإخفاء نبوة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) ولا سيما ان المخطوطات الحالية له تعود الى ما بعد ظهور الاسلام حيث تمت اعادة كتابتها من قبل اليهود الماسوريين بذريعة ادخال التشكيل (الحركات الاعرابية) على حروفها[19]!!

6. وجود مشاكل عقائدية كبيرة فيها مثل ما ورد فيها من ان هارون رأى الإله ثم تروي بعد ذلك انه صنع العجل على صورة الإله! كما سنبينه بعد قليل.

فهناك مشاكل كبيرة في موضوع النسخ اشار اليها الشماس الدكتور إميل ماهر إسحاق وهو يتحدث عن مشاكل النسخ لجميع اسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد: (وقد تكاثرت المخطوطات الكتابية على مر السنين فصارت تُعدُّ بالآلاف وهي محفوظة في المتاحف والمكتبات في متناول العلماء والباحثين. ولكن من يدرس مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية أو ترجماته القديمة يلاحظ وجود بعض الفروقات في القراءات بين المخطوطات القديمة. وهي فروق طفيفة لا تمس جوهر الايمان في شيء ولا ممارسات الحياة المسيحية والعبادة[20]. ومعظم فروق القراءات بين المخطوطات يمكن ارجاعها الى تغييرات حدثت عن غير دراية من الناسخ أو قصد منه خلال عملية النساخة. فأحياناً تحدث الفروق بسبب أخطاء العين، كأن يخطيء الناسخ في قراءة النص الذي ينقل عنه فتسقط منه بعض كلمات أو عبارات، أو يكرر نساخة بعضها، أو يحدث تبادل في مواقع الحروف في الكلمات مما يؤدي الى تغيير المعنى، أو يحدث تبادل في مواقع الكلمات أو السطور. وقد يحدث الخلط بسبب صعوبة في قراءة بعض الحروف خصوصاً وأن الحروف العبرانية متشابهة في الشكل، وكذلك أيضاً الحروف اليونانية الكبيرة. فأحياناً قد يصعب التمييز بين الحروف إذا لم تكن مكتوبة بخط واضح وبقدر كافٍ من العناية، أو إذا كان المخطوط الذي ينقل عنه الناسخ قد اهرّأ أو بهتت الكتابة عليه في بعض المواضع أو بعض الحروف. وبعض فروق القراءات قد ينتج أيضاً عن أخطاء الأذن في السماع في حالة الإملاء. فمثلاً العبارة في رومية 1:5 "لنا سلام" وردت في بعض النسخ "ليكن لنا سلام"، والعبارتان متشابهتان في السماع في يونانية القرن الاول. أما في العبرانية فإن احتمال وقوع اخطاء الاذن منعدم أو ضعيف، لأنه لا توجد في كتابات الربابنة أية اشارة الى ممارسة النساخة بطريقة الاملاء للناسخ بالقراءة له من النسخة المنقول عنها. فالمسيحيون وحدهم هم الذين استخدموا طريقة الانتاج بالجملة عن طريق الاملاء لمجموعة من الكتبة في وقت واحد. وبعض فروق القراءات قد ينتج عن اخطاء الذهن كأن يفشل الناسخ في تفسير بعض الاختصارات التي كانت تستخدم كثيراً في المخطوطات، خصوصاً مصطلحات مثل "الله" و"المسيح" التي كانت تكتب بصورة مختصرة بصفة منتظمة، والفروق في تيموتاوس الاولى 16:3 بيم "مَنْ" و"الذي" و"الله" هي مثال على ذلك. فقد وردت الآية: "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" مكتوبة في قراءة أخرى: "عظيم هو سر التقوى الذي (أو: مَنْ) ظهر في الجسد".. الخ. [Reumann, p. 1226]. وقد أظهر پاك Pack في دراساته عن طريق أوريجانوس في مقارنة النصوص الكتابية أن أوريجانوس يُرجع الفروق في القراءات الى أسباب اربعة، هي:

1- أخطاء أثناء عملية النقل بالنساخة نتيجة انخفاض درجة التركيز عند الناسخ في بعض الاحيان.

2- النسخ التي يتلفها الهراطقة عمداً ببث أفكارهم فيها أثناء النساخة.

3- التعديلات التي يُجريها بعض النُسّاخ عن وعي وبشيء من الاندفاع بهدف تصحيح ما يرون أنه أخطاء وقعت من نُسّاخ سابقين أو أختلاف عن القراءة التي اعتادوا سماعها.

4- تعديلات بهدف توضيح المعنى المقصود في العبارة)[21].

وبالحقيقة فإنَّ الاختلافات بين مخطوطات الكتاب المقدس ليست على النحو البسيط الذي يحاول الشماس إميل ماهر إسحاق إظهاره. فالاختلافات ترقى الى انواع تحريفات تمس العقيدة الدينية[22].

خامساً. اسفار العهد الجديد: وهي تتصف تماماً بنفس الصفات التي ذكرناها في النقطة (رابعاً) آنفاً حول العهد القديم (التناخ اليهودي)، من حيث مجهولية شخوص كتبتها، ومجهولية قابلية كتبة تلك الاسفار على ضبط النصوص، وضياع النسخة الاصلية لتلك الاسفار بلغتها التي كتبت بها. وظهور مشاكل في عملية النَسْخ كبيرة وعديدة وواضحة بين المخطوطات القديمة التي تضمّها. وهناك مشاكل طالتها نتيجة تصدي نسّاخ للعمل صلاحهم للعمل متفاوت،وادخال التحريف على بعض نصوصها. والتحريف فيها عدّة انواع، منها التحريف المتعمد لإخفاء نبوة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله).

فالكتاب (بعهديه القديم والجديد) الذي هذه صفات اسفاره! فهل يمكن ان يكون حجة صحيحة في معرفة الله تبارك وتعالى؟!

سابعاً. بولس (شاول الطرسوسي): والمعارف المتراكمة في ذهنه الذي اصبح بوتقة لإنتاج العقيدة المسيحية، بعدما جمع كل ما وصل إليه من المعطيات السابقة، فيه.

إذن هذه ابرز مصادر المسيحية التي تجمعت في ذهن بولس، وبالتالي أصبحت ابرز مصادر معرفة الله سبحانه فيها! فهل نتوقع معرفة صحيحة في هذا الدين! وهل نلوم الشياطين فقط لأنها كفرت بالله وزعمت ان له ابناً؟!!

والمسيحي اليوم يتوفر بين يديه مصادر مكتوبة عن المسيحية، بحيث اصبح التراث المسيحي، بالاضافة الى العهد القديم (التناخ اليهودي) يشمل مصادر اساسية هي:

1. أسفار العهد الجديد. وتشمل الأناجيل الأربعة (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) وسفر اعمال الرسل ورسائل الرسل (رسائل بولس وبطرس ويعقوب ويوحنا ويهوذا) وسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي. ويقصد بالرسل جيل تلاميذ المسيح الاثني عشر والرسل السبعين الذين تم اختيارهم والمعاصرين للمسيح، بالاضافة الى بولس الذي عاصر المسيح ولكن لم يؤمن به رغم انه رأى معجزاته، ولكنه آمن بعد الصعود من خلال صوت مجهول سمعه في صحراء العرب!! وينتهي عصر الرسل سنة 100م بوفاة يوحنا الرسول.

2. كتابات الاباء الرسوليين. ويقصدون بالآباء الرسوليين الجيل التالي لجيل الرسل. وأبرزهم كليمندس الروماني، والشهيد بوليكاربوس والقديس أغناطيوس الأنطاكي وأيضاً القديس أثناسيوس الرسولي الذي عاش في القرن الرابع الميلادي. وكتاباتهم تتمثل بالتالي:

1- الرسالة المنسوبة لبرنابا.

2- كتاب "الراعي" لهرماس.

3- رسالة لكليمندس الروماني وعظة منسوبة إليه.

4- سبع رسائل للقديس أغناطيوس الأنطاكي (الثيوفورس) وثمان رسائل أخرى منسوبة إليه.

5- رسالة لبوليكاربوس ومقال عن استشهاده.

6- رسالة إلى ديوجينيتس (لا يعرف كاتبها).

7- مقتطفات لبابياس وكودراتس.

8- الديداكية "تعليم الرب للأمم كما نقله الاثني عشر رسولًا"[23].

3. كتابات القديسين، وهم الأجيال التالية لعصر الآباء الرسوليين، مثل القديس اوغسطينوس (اوغسطين).

 

صفات الله في التراث المسيحي[24]

لا يخفى وقوع المسيحيين في ورطة معرفية من حيث أنَّ دلالة نصوص اسفار العهد القديم عن الإله تختلف عن دلالة نصوص اسفار العهد الجديد! والمسيحيون مُلزَمون بنصوصهما معاً بما ألزموا به انفسهم، فالعهدان القديم والجديد مقدسان عندهم، ولأن العهد القديم فيه نصوص عديدة هي فعلاً وحي إلهي فيما يبدو أو بقايا الوحي الإلهي بعد ترجمته وإساءة نقله ونسخه من قبل مترجمين ونسّاخ غير محترفين صلاحيتهم للنَسخْ متفاوتة، مع وقوع اخطاء بشرية عديدة فيها وتحريفات متعمدة أيضاً! بينما العهد الجديد يتميّز انه كتابة بشريّة بحتة، لا يمكن ان نقول عن بعضه انه وحي إلهي لأن الذين كتبوه لم يثبت أنّهم أنبياء مرسلون من قبل الله سبحانه، فهم لم يقولوا ذلك عن أنفسهم، عدا بولس! بل الذين جاؤوا بعدهم من اتباع بولس اعتبروهم انبياء للمسيح!! وكيف يكونون أنبياء وهم يبشرون بالافكار الشركية الثالوثية!! بينما لا نجد أثراً لتلك الافكار في العهد القديم!

ويمكن ان نُفرِز ابرز صفات الإله في التراث المسيحي، صفات الذات وصفات الفعل، بالتالي:

ý يتحدثون عن ماهية الإله فيقولون أنَّه مركب من روح وجوهر وأقانيم[25] ثلاثة. بل وبولس يتحدث عن "اعماق الله"!! قال بولس: (فأعلنه الله لنا نحن بروحه. لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله)[26]. فيجعل لله تعالى اعماق وكأنما لديه جسد بشري أو حد يحده ليكون له كيانٌ فيه اعماق!!

ý الإله يمكن أن يتجسّد.

ý التنكّر لما ورد في العهد القديم من ان الإله: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))! فأصبحوا يتحدثوا عن ماهية الإله كما في النقطتين السابقتين!

ý العلاقة بين الأقانيم مرتبكة، فالأقنوم الأول وَلَدَ الأقنوم الثاني والأقنوم الثاني خلق الكون، والأقنوم الأول انبثق عنه الأقنوم الثالث. واختلفوا فقال بعضهم انه انبثق من الأقنومين الأول والثاني. ثم يقولون ان الأقانيم الثلاثة جميعها أزلية!! مع ملاحظة أنَّ المسيح نفسه في الأناجيل الأربعة لم يتحدث بهذه القضايا ابداً!!

ý الإله محبة، في تجاهل تام لجميع صفات الإله في العهد القديم من كونه منتقم وجبار ومضل وضارّ ومتعالي.

ý الإله متواضع. ولذلك فقد تجسّد بجسد بشري ونزل بين الناس ليظهر الحنان على مآسيهم ومشاكلهم الصحية خاصة، ثم بعد أن يبدي تأثره عليهم يقوم بشفائهم بطريقة إعجازية أو يحييهم من الموت! ألم يكن يعلم بمشاكلهم تلك قبل التجسّد!؟

ý الإله يقدم قرابين للبشر. أو نيابة عن البشر! فيقولون انه قدّم ابنه الوحيد على الصليب ليقتل قرباناً للبشر ليتمكن من محو الخطيئة الاصلية ولمغفرة خطاياهم التي يرتكبونها.

ý الإله يشجع على الرهبنة أي ان يترك الرجل والمرأة الزواج، ويحتفظوا ببتوليتهم! رغم انه خلقهم وخلق فيهم الشهوة الطبيعية.

ý الإله يخفي حقيقته خشية اليهود!!

 

أما عموم التراث المسيحي فنجده يتمحور حول خمسة أمور:

1. عقيدة الفداء.

2. إلغاء العمل بشريعة العهد القديم.

3. إنتاج شريعة جديدة.

4. تغييب العقل بإعتبار انَّه لا يمكنه إدراك الحقائق الدينية!

5. نظام الرهبنة.

وسنقوم بمناقشة هذه القضايا جميعها – إنْ شاء الله – في هذا المقال ضمن بياننا لأخطاء المبشّر المرتد عن الإسلام رشيد حمامي.

 

التقليد الشفهي

وهناك نقطة قلّما يتطرق اليها ناقدوا المسيحية وهي ان التراث المسيحي المنقول يعتمد بالدرجة الاساس على التقليد الشفهي، حيث يقولون ان التراث المسيحي كان يتم تداوله في البداية كتراث شفهي ويسمونه (التقليد الشفهي)، ثم بعد ذلك تم تدوين الاناجيل وظهرت رسائل بولس وغيرها من مكونات هذا التراث المكتوبة، ولذلك عندهم انهم لا يعترفون بأي تعليم يخالف التقليد الشفهي، واستمروا على هذا الحال الى اليوم، ما عدا البروتستانت الذين حينما ظهروا تمسكوا فقط بحرفية الكتاب المقدس! ووقع النزاع بينهم بسبب ذلك.

نقرأ هذا النص في موقع البابا فرانسيس: (مَنْ يقرأ الكتاب المقدّس وبعمق – أن ثمّة نوعان من التقاليد الدّينية: الإنسانيّة والإلهيّة، فنجد أن المسيح نفسه عندما اتّهم الفريسييّن وكان يشير إلى ” وصايا النّاس” (مر 7:7) لتقاليدهم الإنسانيّة. مُريدًا في ذلك الحفاظ على التّقاليد الإلهيّة واحترامها، إذ جعلها جزءاً لا يتجزّأ من وديعة الإيمان به؛ هكذا يناشد القديس بولس الرّسول المؤمنين بكنيسة تسالونيكي: ” فأثبتوا أيّها الأخوة وتمسكوا بالتّعاليم التي تعلمتوها سواء كان بالكلام أم برسالتنا ” ( 2 تس 2 : 15 ). يوضّح لنا القديس بولس الرّسول قيمة وأهمّيّة التّقليد الشّفهيّ، إذ يضعه جنباً إلى جنب مع الكلمة المكتوبة؛ والكنيسة الكاثوليكيّة تستند في معتقداتها الإيمانيّة على الاثنين، باعتبارهما مُكمّلين ومُتكاملين، لا مُتناقضين ولا ناقصين، فالعهد الجديد نفسه هو وليد التّقليد المسيحيّ، إذ أنه لم يُكتب إلى بعد القيامة، فلم يكتب التّلاميذ والرّسل شيئًا أثناء حياة يسوع، كما لا يمكننا أن نتخيلهم كصحفيّ القرن الحادي والعشرين، يسجلون وقائع الأحداث أوّلاً بأوّل، وبتقنية عالية. الإنجيل وهو الخبر السّار، دوّن في الأساس كخبرة انبثقت من حدث القيامة. الأمر الذي يُميّز إيماننا بالمسيح. إنّه مبنيّ في الأساس على حدث القيامة لا على مجرد نصّ فقط)[27].

ويقول القديس غريغورس أسقف نيصص: (يليق بنا أن نحفظ التقليد الذي تسلمناه بالتتابع من الآباء ثابتًا بغير تغيير)!

 

ماهيّة الإله والعلاقة المرتبكة بين الأقانيم الثلاثة!

إنَّ اختلاف المسيحيين والمسلمين هو في صفاته سبحانه، ففي العهد القديم نقرأ ما يتفق مع الاسلام:

ü إنَّه إله واحد: في سفر التثنية (6: 4): (اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد).

ü وهو غير محدود: سفر الملوك الأول (8: 27): (لأنه هل يسكن الله حقا على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت!).

ü وهو أزليّ أبديّ: سفر أخبار الأيام الأول (16: 36): (مبارك الرب إله إسرائيل من الأزل وإلى الأبد). وفي سفر المزامير (90: 2): (من قبل أن تولد الجبال، أو أبدأت الأرض والمسكونة، منذ الأزل إلى الأبد أنت الله). وفي سفر المزامير (93: 2): (كرسيك مثبتة منذ القدم. منذ الأزل أنت).

ورغم ان المسيحيين ألزموا أنفسهم بأسفار العهد القديم وقدسيتها! غير أنهم تبعاً لتعاليم بولس كوّنوا لهم عقيدة جديدة مخالفة عن الإله! فقالوا أنَّ الإله ثلاثة أقانيم أساسها اقنوم الأب والذي بدوره وَلَدَ أقنوم الأبن وأيضاً أنبثق منه أقنوم الروح القدس[28]!! والمسلمون يقولون بقول القرآن الكريم أنه أحدٌ صمدٌ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد. فالذي يسميه المسيحيون "الأب" هو الإله وهو إله العهد القديم وهو الخالق، وهو إله المسلمين تعالى عمّا يصفون، إنما نسب بولس واتباعه اليه انه وُلِدَ عنه وانبثق منه إقنومان، فقالوا أنَّه ولد الاقنوم الثاني وانبثق عنه الاقنوم الثالث، بنفس طريق بعض الفلاسفة الضالين الذين يقولون بقدم العالم فهؤلاء يقولون العالم قديم وأزلي كما أن الله أزلي!! وانه حيثما كان الله تعالى كان العالم الذي صدر عن الإله بطريقة الفيض أو الإنبثاق (وليس الخلق!)!! فهو الإله والعالم فاض عنه أو أنبثق منه وكلاهما قديم!! وهؤلاء اتباع بولس بنفس الطريقة يقولون ان الله ولد الابن وانبثق عنه الروح القدس وثلاثتهم ازليّون!! فالاقنوم الاول هو الاصل عندهم ومنه كانت ولادة الابن ومنه ايضا انبثق الروح القدس!! ثم يقولون ثلاثتهم أقانيم ازلية!!! وهذا خلاف العقل والمنطق!! فهم يشركون من حيث انهم يقولون بوجود كائنات أزلية الى جانب الله تعالى، فيشركون الأبن والروح القدس معه سبحانه، كما أن بعض الفلاسفة يشركون مع الإله: "العالم" في القِدَم.

وأيضاً فقد قال بولس في رسالته الاولى الى تيموثاوس (2: 5): (لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح)! ولم يتطرق الى دور الروح القدس! فالوسيط واحد هو المسيح! وهذا يسلط الضوء على نقطة أخرى جديرة بالاهتمام وهي ان هذه الرسالة كتبت قبل كتابة انجيل يوحنا، ولذلك لم يصل الى بولس ما زعمه انجيل يوحنا من ان هناك "معزي" سيأتي للمؤمنين بعد صعود المسيح، لأنه ليس هناك "معزي" الاً في انجيل يوحنا بل هو تحريف للنص، والنص في انجيل يوحنا كان يتحدث عن ظهور نبي بعد المسيح اسمه احمد، قبل ان تتلاقف النص ايادي التحريف لتطمس هذه الاشارة[29]! ولم يرد في رسائل بولس ان الروح القدس هو المعزي، إنما هي اشارة يتيمة في انجيل يوحنا نتيجة تحريف ترجمتها!! كما ان بولس لم يقل في رسائله ان الثلاثة (الأب والأبن والروح القدس) هم واحد، بل كان يذكر الأب والأبن فقط اما الروح القدس فيتحدث عنه كقوة روحية تعطى من الإله! ولذلك قال كما اشرنا آنفاً الى ان هناك وسيط واحد بين الله والناس هو المسيح! وليس الروح القدس!!

وهذه نصوص ذكر الروح القدس في رسائل بولس:

· في رسالته الى أهل رومية (5:5): (والرجاء لا يخزي، لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا).

· وفي (9: 1-3): (أقول الصدق في المسيح، لا أكذب، وضميري شاهد لي بالروح القدس: إن لي حزنا عظيما ووجعا في قلبي لا ينقطع. فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروما من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد).

· وفي (14: 17): (لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس).

· وفي (15: 13): (وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان، لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس).

· وفي (15: 16): (حتى أكون خادما ليسوع المسيح لأجل الأمم، مباشرا لإنجيل الله ككاهن، ليكون قربان الأمم مقبولا مقدسا بالروح القدس).

· في رسالته الاولى الى أهل تسالونيكي (1: 5و6): (أن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط، بل بالقوة أيضا، وبالروح القدس، وبيقين شديد، كما تعرفون أي رجال كنا بينكم من أجلكم. وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب، إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير، بفرح الروح القدس).

· وفي (4: 8): (إذا من يرذل لا يرذل إنسانا، بل الله الذي أعطانا أيضا روحه القدوس).

· وفي رسالته الاولى الى أهل كورنثوس (2: 13): (التي نتكلم بها أيضا، لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية، بل بما يعلمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات).

· وفي (6: 19و20): (أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم؟ لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله).

· وفي (12: 3): (لذلك أعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول: «يسوع أناثيما». وليس أحد يقدر أن يقول: «يسوع رب» إلا بالروح القدس).

· وفي رسالته الثانية الى كورنثوس (6: 4-6): (بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله: في صبر كثير، في شدائد، في ضرورات، في ضيقات، في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام، في طهارة، في علم، في أناة، في لطف، في الروح القدس، في محبة بلا رياء).

· وفي (13: 14): (نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم).

· وفي رسالته الى أهل أفسس (1: 13): (الذي فيه أيضا أنتم، إذ سمعتم كلمة الحق، إنجيل خلاصكم، الذي فيه أيضا إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس).

· وفي (4: 30): (ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء).

· وفي رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي (1: 5و6): (أن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط، بل بالقوة أيضا، وبالروح القدس، وبيقين شديد، كما تعرفون أي رجال كنا بينكم من أجلكم. وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب، إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير، بفرح الروح القدس).

· وفي (4: 8): (إذا من يرذل لا يرذل إنسانا، بل الله الذي أعطانا أيضا روحه القدوس).

· وفي رسالته الثانية الى تيموثاوس (1: 14): (احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا).

· وفي رسالته الى تيطس (3: 5): (لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته ­ خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس).

وأيضاً في رسائل أخرى:

· في الرسالة الى العبرانيين (2: 4): (شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس، حسب إرادته).

· وفي (3: 7-9): (لذلك كما يقول الروح القدس: «اليوم، إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم، كما في الإسخاط، يوم التجربة في القفر حيث جربني آباؤكم. اختبروني وأبصروا أعمالي أربعين سنة).

· وفي (6: 4): (لأن الذين استنيروا مرة، وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس).

· وفي (9: 8): (معلنا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد، ما دام المسكن الأول له إقامة).

· وفي (10: 15-16): (ويشهد لنا الروح القدس أيضا. لأنه بعدما قال سابقا: هذا هو العهد الذي أعهده معهم بعد تلك الأيام، يقول الرب، أجعل نواميسي في قلوبهم وأكتبها في أذهانهم).

· في رسالة بطرس الأولى (1: 12): (الذين أعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم، بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرتم بها أنتم الآن، بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء. التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها).

· في رسالة بطرس الثانية (1: 21): (لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس).

· في رسالة يوحنا الاولى (5: 7): (فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد).

وهذا هو الموضع الوحيد في الكتاب المقدس الذي جاء فيه ان الثلاثة هم واحد! وحتى بولس في رسائله لم يقل ذلك!!

· وفي رسالة يهوذا (1: 20): (وأما أنتم أيها الأحباء فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس، مصلين في الروح القدس).

· وفي رؤيا يوحنا... لا يوجد! هذه الرؤيا التي تتحدث عن احداث الايام الأخيرة ليس في تلك الايام ذكر للروح القدس!!

اما في الأناجيل الأربعة فمن المفيد ان نطلع على ما ورد فيها بخصوص الروح القدس، والتي تبين ان الروح القدس كان موجوداً مع المسيح، ويُعمِّد المسيح به، فليس هو "المعزي" الذي يأتي بعد أن يذهب المسيح، بل هو كان موجوداً مع المسيح ومع المؤمنين به في كل وقت، كيف لا والمسيح قد عمدهم به! فنقرأ التالي:

· في انجيل متى (1: 18): (لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس)، وفي (1: 20): (يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس).

· وفي (3: 11): (أنا أعمدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار).

· وفي (12: 32): (ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي).

· وفي (28: 19): (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس).

· في انجيل مرقس (1: 8): (أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس).

· وفي (3: 29): (ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد، بل هو مستوجب دينونة أبدية).

· وفي (12: 36): (لأن داود نفسه قال بالروح القدس: قال الرب لربي: اجلس عن يميني، حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك).

· وفي (13: 10و11): (وينبغي أن يكرز أولا بالإنجيل في جميع الأمم. فمتى ساقوكم ليسلموكم، فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا، بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا. لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح القدس).

· وفي انجيل لوقا (1: 15): (لأنه يكون عظيما أمام الرب، وخمرا ومسكرا لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس).

· وفي (1: 35): (فأجاب الملاك وقال لها: «الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك).

· وفي (1: 41): (وامتلأت أليصابات من الروح القدس).

· وفي (1: 67): (وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس، وتنبأ).

· وفي (2: 25 و26): (وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب).

· وفي (3: 16): (هو سيعمدكم بالروح القدس ونار).

· وفي (3: 22): (ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة).

· وفي (4: 1): (أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئا من الروح القدس، وكان يقتاد بالروح في البرية).

· وفي (11: 13): (فكم بالحري الآب الذي من السماء، يعطي الروح القدس للذين يسألونه).

· وفي (12: 10-12): (وكل من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من جدف على الروح القدس فلا يغفر له. ومتى قدموكم إلى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون، لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه).

· في انجيل يوحنا (1: 33): (الذي أرسلني لأعمد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس).

· وفي (7: 39): (قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه، لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد)!

فكيف كان المسيح يعمد بالروح القدس والمؤمنون لم يكن قد اُعطي لهم الروح القدس بعد!! فما هي فائدة العماد إذن؟!!

· وفي (20: 21-23): (فقال لهم يسوع أيضا: «سلام لكم! كما أرسلني الآب أرسلكم أنا». ولما قال هذا نفخ وقال لهم: «اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت»).

فقط في هذين النصّين: في انجيل يوحنا (14: 16): (وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد).... (14: 26): (وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم). وهو النص الذي قال عنه القس السابق عبد الاحد داود انه تعرّض للتحريف، وهو نص يتعلق بنبوة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)[30].

اما الروح القدس في الاسلام فهو روح مخلوقة كالملائكة وكبقية مخلوقات الله تبارك وتعالى.

إذن المسلمون يؤمنون بالله الواحد، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يكن له كفواً أحد. وهي نفس صفات إله العهد القديم (التناخ). وبذلك يمتنعون عن الدخول في دائرة الشرك التي رسمتها العقيدة المسيحية، أو الفلاسفة القائلين بقِدَم العالم! ومن هذا ينبغي الإعتراف ان اليهود هم أقرب الى التوحيد من المسيحيين.

وينبغي ان نشير الى ان الكتاب المقدس بعهديه يتحدثان عن ماهية الله وأسمائه وصفاته، بخلاف الاسلام الذي يتحدث عن أسماء الله وصفاته فقط، اما ماهية الله سبحانه فقد نهى الاسلام عن الحديث فيها لأن عقل الانسان المحدود لا يمكنه ادراك كنه الذات الإلهية المقدسة، وما يقوله المسيحيون عنها يقودهم الى الشرك به تعالى عمّا يصفون. بل ان عقل الانسان يمكن ان يفهم بعض صفات الله تبارك وتعالى التي علمنا الله سبحانه اياها، دون ان يدرك كنه وطبيعة وجود تلك الصفة – إنْ صح التعبير – مثلا قولنا ان الله كان ولا مكان، وانه خالق المكان، فعقل الانسان لا يمكنه ان يتصور ذلك لأنه مرتبط ارتباطاً تاماً بالتصور الذهني في ظل وجود المكان. وكذلك اخبرنا الاسلام ان الله غير مركب من اجزاء، وليس روحاً، ووضع قاعدة عامة له سبحانه حيث وصف نفسه في القرآن الكريم فقال: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))، فكل ما يخطر في بال الانسان من تصور فالله سبحانه ليس مثله. ولذلك فالإله لا يمكن ان يتجسد من نحوين: الاول انّه (الغني) والثاني أنّه ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)). وسنتطرق الى تفصيل ذلك بعد قليل إنْ شاء الله.

فمثل هذه الصفات الاسلامية لا نجد لها اثراً في التراث المسيحي! لأنه تراث بشري وليس إلهياً. وكذلك خطى التراث المسيحي البشري خطوة خاطئة بإتجاه وصف الذات الإلهية فجعلوا لها جوهراً وروحاً! وجعلوها تتكون من ثلاثة أقانيم!!؟ فاعتبروه مركبا ثم قالوا ان عقل الانسان لا يمكن ان يدرك طريقة التركيب!! فهم يتكلمون في الذات ويمنعون القول بالكيفية! بينما المسلمون يمنعون التكلم بالذات المقدسة فضلاً عن الكيفية، لأن كل ذلك مما لا يدركه عقل الانسان. فلا الذات الإلهية ولا كيفية وجودها الأزلي مما يمكن أن يدركه عقل الانسان الفاني المحدود المتعلق بالمادة تماماً!

مع العلم ان ما يقوله المسيحيون هو انهم ينسبون الى الذات الإلهية صفات يعترفون بأنها غير معقولة! فلا يعرفون كيف ولد الابن من الأب ولا كيف انبثق الروح القدس من الأب ولا يعرفون الفرق بين الولادة والانبثاق! ولا كيف يكون الثلاثة (الأب والأبن والروح القدس) إلهاً واحداً وهم ثلاثة أقانيم لكل منهم صفته ودوره وطريقة وجوده المختلفة[31]!! فينسبون مع الله تعالى كائنات أزلية ثم يقولون لا نعلم كيف وُجِدَت! ولا يعلمون كيف تتعدد الكائنات الأزلية وهو الأمر الممتنع في حكم العقل البشري.

وجانب آخر من امثال العلاقة المرتبكة بين الأقانيم الثلاثة ما نقرأه في الأناجيل ان المسيح الذي يفترض انه الأقنوم الثاني وان الأقانيم ثلاثتها متساوية في الجوهر والقيمة والقدرة، نجده يقول انه ليس لديه قدرة ذاتية لفعل الامور بل القدرة هي قدرة "الأب"، ففي انجيل يوحنا (5: 30): (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا. كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني). فما هي مشيئة الاقنوم الثاني إذن؟ اليست لديه مشيئة؟!!

ولو تسائلنا عن أدلة المسيحية حول تكوّن الإله من ثلاثة اقانيم فربما يكون مفيداً أن نطّلع على هذا النص من موقع البابا فرانسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية: (يؤمن الكاثوليّك بوحدانيّة الله، فالله قطعًا واحدٌ، والوحدة في الله لا تلغي كونه مثلث الأقانيم، كما أنَّ ثلاثتهم مساوٍ للآخر تمام المساواة: الآب، والابن، والرّوح القدس، وذلك لأنّ الله نفسه ظهر لنا هكذا في تاريخ الخلاص. أوّلاً: العهد القديم: تشير الاستشهادات الكتابيّة إلى أن هناك تعدّد الأقانيم في الله. في( تك 1 : 26) “وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا “. وفي (أش 9 :6-7 ) كشف الله الآب عن رغبته في تجسّد الله الابن في العالم ” لأنه يُولد لنا ولدٌ ونُعطى ابنًا وتكون الرّئاسة على كتفه ويدُعى اسمه عجيباً مُشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًّا رئيس السّلام “. كما نقرأ في ( مز 2 : 7 ) “إني أخبر من جهة قضاء الرّبّ. قال لي أنت ابني. أنا اليوم ولدتك “. ثانيّا في العهد الجديد: يكشف الله هذا الإيمان بصورة أكثر وضوحاً. على سبيل المثال، في معمودية الرّبّ يسوع المسيح، حيث ظهر الرّوح القدس على شكل حمامة، وسمُع صوت الله الآب: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرّرت”. (مت 3:16-17). وأيضًا (مت 28 : 19 )، “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس”)[32]!!

إذا كان هذا النص يعبّر عن جميع ادلة المسيحية حول تكون الذات الإلهية من ثلاثة اقانيم فمن العجيب ان ينقاد المسيحيون بالملايين وراء هذا السراب! نعم هو سراب، فحينما استدلوا من العهد القديم على ادلة الثالوث مارسوا الانتقائية فاخذوا نصاً من سفر التكوين الذي يفترض انه كتِبَ في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ونصّاً آخر من سفر أشعياء الذي يفترض انه كُتِبَ في القرن السابع قبل الميلاد، أي هناك ستة قرون بين النصّين! فلماذا أخفى الإله ثالوثه طيلة تلك القرون، بل وحتى بعد ظهور النص في القرن السابع ق.م لم يفهم اليهود هذا الثالوث ولم يخبر أشعياء ان هذا النص متعلق بـ "ثالوث إلهي"!! ولم يظهر الثالوث الى الوجود الا في مجمع القسطنطينية سنة 381م الذي اعلن ألوهية الروح القدس! أي في نهاية القرن الرابع الميلادي!!

واما من ناحية أدلة العهد الجديد فليس لديهم سوى صوت ينادي: هذا ابني الحبيب!! اتلاحظون في المسيحية دائماً هناك أصوات غامضة، صوت ينادي ابني الحبيب وصوت ينادي بولس: لماذا تضطهدني!! ووافق وجود حمامة تطير فقالوا عنها الروح القدس!! ولا ندري لماذا نزل الروح القدس هذه المرّة الوحيدة متجسداً ولم ينزل بهيئته الاصلية، مع ان احداً من الحاضرين لم يعرف انه الروح القدس، لأن اليهود لا يعرفون للروح القدس شكلاً، سواء كان حمامة ام بلبلاً ام ببغاءً أم غير ذلك!! وربما كان اكثر اقناعاً لو صاحبت تلك الحمامة المسيح دائما في تنقلاته وظهوره امام اليهود لقلنا ربما هي فعلا الروح القدس متجسداً، ولكن ان تظهر حمامة في موقف تعميد مع صوت مجهول، فلماذا لا يقال انه صوت ابليس نفسه الذي اراد ان يكيد للمسيح ويجربه في البرّية وفشل ذلك فكانت هذه محاولة من محاولاته!؟

فما هذه العقيدة الغامضة التي لم يعرفها المسيحيون الأوائل طيلة أربعة قرون.

ولذلك "ظهر عدد من المذاهب والفلسفات المسيحية التي ترفض التثليث، أشهرها الإبيونية والمرقيونية والموناركية والآريوسية التي ظهرت سنة 315؛ قبل تأكيد عقيدة الثالوث في مجمع نيقية عام 325 للميلاد، ومجمع القسطنطينية الأول عام 381، ومجمع أفسس عام 431. وتجدد إحياء الحركات الرافضة لعقيدة التثليث لاحقاً في إطار جماعة الكاثار في القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر، ومع ظهور حركة التوحيدية في بولندا وترانسيلفانيا خلال عصر الإصلاح البروتستانتي من خلال تعاليم سرفيتوس وفاويستوس سوسينوس، وفي عصر التنوير في القرن الثامن عشر، ومن خلال بعض المجموعات التي نشأت خلال الصحوى الكبرى الثانية في القرن التاسع عشر"[33].

فلا تستغرب ايها القاريء اذا ما وجدت مسيحياً لا يؤمن بالثالوث، فهو بلا شك من غير هذه الكنائس الثالوثية الكبرى: الكاثوليكية والآرثوذكسية الخلقيدونية وغير الخلقيدونية والبروتستانتية!

وبالمناسبة فإن المسيحيين اتباع كنيسة شهود يهوه لا يؤمنون بالثالوث ولا يعترفون بإلوهية الروح القدس، ولا يعترفون بأن المسيح أزلي بل هو مخلوق من قبل "الأب". فهم أقرب للتوحيد من هؤلاء المسيحيين اصحاب عقيدة الثالوث.

 

 


[1] بولس من الانبياء عند المسيحيين، ففي سفر اعمال الرسل (13: 1): (وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع، وشاول). وشاول هو الاسم اليهودي لبولس.

[2] سفر التكوين (2: 2).

[3] سفر التكوين (6: 6و7).

[4] انجيل متى (27: 46). وانجيل مرقس (15: 34).

[5] كتاب ألكتروني غير مطبوع ورقياً.

[6] مقال بعنوان (غفران أسيزي 1و3 آب)، منشور في موقع البابا فرانسيس، عبر الرابط:

أضغط هنا 

[7] إنجيل لوقا (41:4): (وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول: «أنت المسيح ابن الله!» فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون، لأنهم عرفوه أنه المسيح)! و (28:8): (فلما رأى يسوع صرخ وخر له، وقال بصوت عظيم: «ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟ أطلب منك أن لا تعذبني!»)!

[8] العهد الجديد، قراءة رعائية / جمعية الكتاب المقدس في بيروت / الطبعة الأولى 2004م - هامش ص132.

[9] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص1982.

[10] مقال بعنوان (ثوب الكرمل)، بقلم رعد عمانوئيل الشماع / مجـلة صـدى النهريــن - العدد العاشر / كانون الأول 2009م، الصادرة عن ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى في العراق، عبر الرابط:

أضغط هنا

[11] مقال بعنوان: (11 حقيقة مذهلة عن حياة القديسة كاترين السيانية)، في موقع البابا فرانسيس، عبر الرابط:

أضغط هنا

[12] مقال بعنوان (فيرونيكا تتحمل عذابات مهولة من أجل ارتداد العالم وتشبهاً بالقديس لورنس)، منشور في الموقع الالكتروني (فيرونيكا جولياني)، عبر الرابط:

أضغط هنا

[13] مقال بعنوان (سيرة القديس الشهيد مار جرجس – قصة حياته – وعذاباته)، في موقع كتاب النور، عبر الرابط:

اضغط هنا

[14] إنجيل لوقا (13:4).

[15] إنجيل برنابا (48: 3-11).

[16] أعمال الرسل (12: 21و22).

[17] أعمال الرسل (14 : 8-12).

[18] إنجيل برنابا (35:53).

[19] وفي تاريخ الكنيسة الكاثوليكية نجد انها ايضاً كانت تحرّم ترجمة الكتاب المقدس الى اللغات الأخرى غير اللغة اللاتينية كالانجليزية! وتقوم بجمع النسخ المكتوبة او المطبوعة بلغات غير اللاتينية وتحرقها وتمنع تداولها بين عامة الناس!! وابرز النسخ التي قامت بإحراقها النسخة الانجليزية التي ترجمها جون ويكليف John Wycliffe سنة 1382م والنسخة الانجليزية ترجمة ويليام تيندال William Tyndale سنة 1525م.

انظر: مقال بعنوان (لماذا أحرقت الكنيسة مترجم الكتاب المقدس للإنجليزية؟)، بقلم طه عبد الناصر رمضان، منشور في موقع العربية.نت بتاريخ 28/4/2019م.

[20] سوف نستعرض بعد قليل ان الفروق بين المخطوطات مهمة ومتعلقة بمواضع تخص الايمان والعبادة.

[21] مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية / الشماس الدكتور إميل ماهر إسحاق / مطبعة الانبا رويس الأوفست في العباسية بالقاهرة / الطبعة الاولى 1997م – ص19 و20.

[22] تطرقنا بالتفصيل الى بعض ما طرأ من تحريف على الكتاب المقدس في مقالنا ("الاخ رشيد" واخطاؤه في محاضرته عن الانجيل).

[23] مقال بعنوان (مقدمة عن الآباء الرسوليون)، بقلم القمص أثناسيوس فهمي جورج، نقلاً عن كتاب (كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي.

[24] اليوم أثناء كتابة هذا المقال فاجأتني تغريدة للبابا فرنسيس تصب في مجال عدم فهم المسيحيين لصفات الله سبحانه، يقول فيها: (الصلاة هي أن نسمح لله أن ينظر في داخلنا بدون ذرائع أو أعذار أو مبررات؛ لأن الغموض والكذب يأتيان من الشيطان وأما النور والحق فيأتيان من الله.)!! الله سبحانه إله عظيم وقدير وهو بكل شيءٍ عليم، ولا ينتظر ان نسمح او لا نسمح، تعالى عمّا يصفون.

[25] {كلمة أقنوم Hypostasis باليونانية ύπόστασiς هي هيبوستاسيس، وهي مكونة من مقطعين: هيبو ύπό وهي تعنى تحت، وستاسيس στασiς وتعني" قائم" أو "واقف"، وبهذا فإن كلمة هيبوستاسيس تعني تحت القائم. ولاهوتيًّا معناها ما يقوم عليه الجوهر أو ما يقوم فيه الجوهر أو الطبيعة. والأقنوم هو كائن حقيقي له شخصيته الخاصة به.. ولكنه واحد في الجوهر والطبيعة والإرادة مع الأقنومين الآخرين بغير انفصال.

ويوضح هذا "القديس كيرلس الكبير" (377-444 م.): "نحن نؤمن بإله واحد ضابط الكل، الذي لا ابتداء ولا انتهاء له، آب واحد، وابن واحد، والروح القدس منبثق من الآب وحده، وهؤلاء هم جوهر واحد، ورب واحد، وسلطان واحد وإرادة واحدة". [[نقلاً عن د. سامح حلمي في كتابه إيماننا المسيحي صادق وأمين ص 54]].

ويقول "البابا أثناسيوس الرسولي": "ليست الأقانيم ثلاثة آلهة بل هم إله واحد مثلث بقوام عقله (الآب) وكلمته (الابن) وروحه الذين هم الآب والابن والروح القدس.. ولا يستقيم أن يُقال أن جوهر الله أصم أخرس عديم عقل ولا كلمة ولا روح.. فالعقل والكلمة والروح في ذات الله ثلاث خواص ذات طبيعة واحدة وجوهر واحد ليس فيه شيء غريب، فطبيعة العقل الإلهي هيَ طبيعة الكلمة هيَ طبيعة الروح القدس.. العقل الإلهي وكلمته وروحه ثالوث بلا فرقة وواحد بلا تخليط.. الثالوث جوهر واحد. قدرة واحدة. خالق واحد، وأمر واحد، وإرادة واحدة، وقوة واحدة بلا فرقة بينهم في شيء. ليس يريد الكلمة ولا الروح إلاَّ ما يريد العقل (الآب) فكل ما في العقل (الآب) من القوة فهو في الكلمة وفي الروح أيضًا. العقل الإلهي خالق والكلمة خالق والروح خالق، ومع ذلك فهم خالق واحد وليسوا بثلاثة، لأن العقل الخالق لا يخلق دون كلمته الخالقة وروحه الخالق، وهكذا الحال بالنسبة لكل من الكلمة والروح القدس فإن أيًا منهما لا يخلق من دون الأقنومين الآخرين". [[نقلاً عن مفيد كامل في كتابه الثالوث الذي نؤمن به ص 49، 50]]}.

أنظر:، مقال بعنوان (سؤال: ما معنى كلمة أقنوم؟ ونريد معلومات أكثر عن الأقانيم الثلاثة والوحدانية)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:

أضغط هنا

[26] في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس (2: 10).

[27] مقال بعنوان (س11: لماذا يعتمد الكاثوليك في بعض عقائدهم على التقليد وليس الكتاب المقدس ؟)، في موقع البابا فرانسيس، عبر الرابط:

اضغط هنا

[28] المسيحيون الآرثوذكس يقولون بإنبثاق أقنوم الروح القدس من أقنوم الأب، بينما المسيحيون الكاثوليك والبروتستانت فيقولون بأنبثاق الروح القدس من الأب والإبن معاً!!

[29] كتاب محمد (ص) كما ورد في كتب اليهود والنصارى / القس السابق عبد الاحد داود / ترجمة محمد فاروق الزين / مكتبة العبيكان / الطبعة الاولى 1997م– ص193.

[30] كتاب محمد (ص) كما ورد في كتب اليهود والنصارى / القس السابق عبد الاحد داود / ترجمة محمد فاروق الزين / مكتبة العبيكان / الطبعة الاولى 1997م– ص193.

[31] فعندهم الأب أزلي الوجود، والأبن ازلي ولكن مولود! والروح القدس أزلي ولكن منبثق من الأب؟! والكاثوليك والبروتستانت يقولون منبثق من الأب والأبن كليهما بخلاف نصوص العهد الجديد!! فكيف يتم الجمع بين الأزلية وبين الولادة والانبثاق، وأن ثلاثتهم متساوون في القيمة اللإلهية ولكل منهم خصائصه المتميزة التي تجعله منفرداً عن الأقنوم الآخر!! هذا الامر بخلاف العقل ولا يمكن التعبد بكل ما هو خلاف العقل وبكل ما يحكم العقل ببطلانه.

[32] مقال بعنوان (س2 : لماذا يؤمن الكاثوليّك بالله ثالوثًا، وكيف ؟)، في موقع البابا فرانسيس، عبر الرابط:

أضغط هنا

[33] موقع الموسوعة الحرّة، الويكيبيديا، تحت عنوان (لاثالوثية)، عبر الرابط:

اضغط هنا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/07



كتابة تعليق لموضوع : أخطاء محاضرة "الأخ رشيد" عن الإله – ( 1 / 7 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net