صفحة الكاتب : غزوان العيساوي

الشهيد الذي لم يستشهد بعد أربعين عام 
غزوان العيساوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا تتعجب واصبر واقرأ وستجد لماذا اختير هذا العنوان ولماذا الشهيد ولماذا لم يستشهد؟
انه الماضي الجميل حسب ما يدعون مجانين القوم , انه الماضي الجميل الذي كان لا يرحم لا الطفل الصغير ولا الرجل العجوز ولا حتى المرأة ,انه الماضي الذي يظهره لنا البعض كانه الأفضل, الماضي الذي اعتقل فيه الأطفال واعدمت فيه الشباب وزنى بالنساء العفيفات, انه ماضي البيوت الفقيرة التي دائماً تلتقط انفاسها من ارواح الجياع بعد ان جلدتها العاصفة وقد يكون الظلم الذي وقع عليها اكبر من شدة الخوف والالم انه الماضي واي ماضي .
الشهر التاسع سنة 1980 لم يعلم بان القدر سيأخذه الى أربعين عاما من حياته لا يعلم من هو ومن يكون الطفل السيد احمد جواد ناصر الموسوي النور يبلغ من العمر سنتان حين اعتقل هو وعائلته الام والأب الاخوة والاخوات الخالة والعم وأبناء عمومته 9 من نفس العائلة بجريمة انتمائهم الى حزب الدعوة لم يخرج منهم سوى السيد حيدر الموسوي اخ السيد احمد الذي هربته جدته من السجن تحت عباءتها ليكون هو الشاهد على هذا الامر والباقي اعدموا حتى سيد احمد الذي كان عمره سنتان فقط وانتهى الامر لحد سنة 2020 شهر التاسع بنفس الشهر الذي تم اعتقالهم به قبل أربعون سنة .
القصة بدأت عندما نشر السيد حيدر الموسوي اخ الشهيد على صفحته الشخصية في الفيس بوك منشور يذكر فيها قصة اعدام عائلته وذكر أسمائهم بالكامل ونشر صورة أخيه السيد احمد الذي كان طفلاً صغيراً , انتشرت قصتهم كالنار بالحطيم انتشرت لأنها تذكر الناس بالماضي الذي يقول عنه البعض جميل واي جميل بجمال الرؤوس التي علقت علو المشانق , جميل بجمال النساء والأطفال التي دخلت السجون المظلمة لتخرج لا تعرف احد بعد ان اعدم زوجها امامها او ابيها وتم اغتصابها , هكذا انتشرت القصة وكان مفادها للتذكير فقط وماذنب الصغار اذا كان الامر سياسي حيث انهم أطفال لايفقهون من الامر شيء .
لم يعلم السيد حيدر ان هذا النشر الذي نشره سيؤدي الى ترميم بعض ما تعرض له القلب من تصدع , لم يعتقد بان الامل والحلم سيكون حقيقة , لم يعلم بأن الدمعة ستتحول الى ابتسامة ,ولم يعلم بان الحزن سيكون نهايته الفرح , 
هكذا انتشرت قصة هذه العائلة العلوية في بغداد بشكل كبير وبعد شهر من النشر واذا تتصل احدى قريباته باقارب السيد حيدر لتسأل عن سيد حيدر كيف حاله واوضاعه وفي ساعة متأخرة من الليل وتسال عن قصة الطفل احمد الذي اعدم ولكن في كلامها شيء تخفيه في احرفها التي تطلقها قصة استمرت لمدة أربعون عاماً من الحيف والظلم والبحث والامل واذا بها تقول له سيدنا يوجد خبر مفرح يحتاج الى ضبط أعصاب اننا نشرنا قصة عائلة السيد حيدر في احدى الكروبات النسائية وصورته واذا بإحدى النساء تتصل لتقول ان السيد احمد لم يستشهد انه عندنا ونحن منذ أربعون عاما نبحث عن اهله والحمد لله الان ظهروا لنا من خلال هذا النشر وصورته نفسها التي عندما وجدناه في الشارع .يقول السيد الذي تم الاتصال به عندما قالت لي الخبر انعقد لساني واخذت اتصبب عرقاً وانا ارتعش وبعد دقائق استوعبت الخبر وبعدها طلبت منها رقم المرأة اعطته لي واتصلت بها وقالت لي نعم لكن الوقت متأخر يقول سالتها انتم في أي منطقة خوفا ان يغلق خط الموبايل وينتهي الخبر فقالت لي نحن في منطقة الكرادة فقالت اذهبوا الى بيت والدي هناك اختي الصغيرة واحمد هناك في البيت 
يقول السيد حيدر الموسوي ان القصة بدأت عندما تم اعتقالنا واعدم من اعدم وقد علمنا ان احمد كذلك تم إعدامه ولكن في شهر 12 من سنة 2020 القي بأحمد ومعه طفل اخر عمره 5 سنوات كان اسمه فراس بالشارع في منطقة الكرادة وعن سؤال فراس لان كان عمره خمس سنوات قال لهم اسمي فراس وهذا ليس اخي واسمه احمد لكنه كان جيراننا وقد عثر عليهم من قبل احدى العوائل وكان احمد عليه اثار كدمات وتم تسليمهم الى مركز الشرطة وكان القانون في ذلك الوقت ان يتم استدعاء مختار المنطقة التي وجدو فيها وعند حضور المختار تم تسليمهم اليه ليبحث عن أهلهم اخذهم المختار الى البيت وتم البحث عن أهلهم ولم يحصل على نتيجة وكان المختار في ذلك الوقت من بيت شمسه من أهالي محافظة النجف الاشرف يقول المختار والكلام الى سيد حيدر الموسوي قال انني رأيت فراس حيث كان عمره خمس سنوات عندما يدخل الى الحمام كانه انسان كبير بالعمر ويتوضأ ويصلي فعرفت انه من العوائل الدينية هو واحمد ولكنهم ليسوا اخوة وقد قدم طلب الى مركز الشرطة بالاحتفاظ بهم بعد ان رأى في منامه انه يجلسون في حجره واحدهم يرتدي عمه خضراء والأخر عمه سوداء ولكن مركز الشرطة رفض الاحتفاظ بهم وعمل المختار على علاقاته آنذاك ليحصل على موافقة ان يبقيهم عنده .

يكمل حديثه السيد حيدر يقول ان المختار أبلغنا بعد ان نجح من الصف الخامس ليدخل الى الصف السادس واجهنا مشكلة لأنه لا يمتلك أي مستمسك  ومن مجريات القدر ان احد الأشخاص من العائلة توفى ورتبنا الامر الى السيد احمد ليكون بديل عنه بالمستمسكات , احمد اليوم يعمل في مطعم كبة البغدادي الشهيرة في الكرادة منذ 22 عام .
يعود السيد أقارب السيد حيدر ذهبنا الى العنوان الذي اعطي لنا ووجدناه واقف في الباب حيث تم إبلاغه ان اهلك الذي تبحث عنهم منذ 40 سنة سيصلون, يقول السيد من بعيد عندما رأيناه عرفناه انه احمد وابنتي معي قالت هذا الشخص يشبه سيد حيدر الذي هو اخ السيد احمد , هكذا عاد الشهيد الذي لم يستشهد الى اهله .
لو يتوقف الزمن لأربعين عاماً وتعود تلك الذكريات تحمل معها الام الانفاس التي ذبحت على مشانق الجلاد حتى نكفرُ كثيراً بكل دقيقة مرت من ذلك الماضي الجميل الذي تتحدثون عنه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غزوان العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/10/02



كتابة تعليق لموضوع : الشهيد الذي لم يستشهد بعد أربعين عام 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net