صفحة الكاتب : د . سعد سادر الدراجي

الامام الحسين ( عليه السلام) مَلِكا على القلوب
د . سعد سادر الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (المَلِك (بفتح الميم وكسر اللام، هو لقب يحمله شخص يمارس سلطة على أرض ومجموعة من البشر، وهنا لا اتكلم عن الملك بصفته المادية التي عرفناها سابقا، ولكني اتكلم عن الملك بصفته المعنوية والروحية والفكرية التي تملك جوارح الانسان واحاسيسه ومشاعره، فالامام الحسين(عليه السلام) وان لم يتحقق له الحصول على حقه الطبيعي في خلافة وقيادة المسلمين – وهذا بحث يمكن تناوله في كتابات قادمة – الا انه استطاع من خلال ما يمتلكه من شخصية فريدة ان يتملك القلوب، ويكون عرشه على الارواح والمشاعر لعشرات بل مئات الملايين من البشر منذ يوم العاشر من المحرم سنة 61 هجرية الى يومنا هذا، -والى قيام الساعة- ويبسط مبادئه وقيمه واثاره وعنفوانه على العالم باسره.
يقول عباس محمود العقاد في كتابه ( الحسين عليه السلام .. ابو الشهداء) :" فليس في العالم اُسرة أنجبت من الشهداء ما أنجبتهم اسرة الحسين عدة وقدرة وذكرة، وحسبه أنه وحده في تاريخ هذه الدنيا الشهيد ابن الشهيد أبو الشهداء في مئات السنين، وأيسر شيء على الضعفاء الهازلين أن يذكروا هنا طلب الملك ليغمروا به شهادة الحسين وذويه . . . فهؤلاء واهمون ضالون مغرقون في الوهم والضلال؛ لأن طلب الملك لا يمنع الشهادة، وقد يطلب الرجل الملك شهيدا قديسا ويطلبه وهو مجرم بريء من القداسة، وإنما هو طلب وطلب، وإنما هي غاية وغاية، وإنما المعول في هذا الأمر على الطلب لا على المطلوب، فمن طلب الملك بكل ثمن، وتوسل له بكل وسيلة، وسوى فيه بين الغصب والحق وبين الخداع والصدق وبين مصلحة الرعية ومفسدتها، ففي سبيل الدنيا يعمل لا في سبيل الشهادة، ومن طلب الملك وأباه بالثمن المعيب، وطلب الملك حقا ولم يطلبه؛ لأنه شهوة وكفى، وطلب الملك وهو يعلم أنه سيموت دونه لا محالة، وطلب الملك وهو يعت بنصر الإيمان ولا يعتز بنصر الجند والسلاح، وطلب الملك دفعا للمظلمة وجلبا للمصلحة كما وضحت له بنور إيمانه وتقواه، فليس ذلك بالعامل الذي يخدم نفسه بعمله، ولكنه الشهيد الذي يلبي داعي المروءة والأريحية، ويطيع وحي الإيمان والعقيدة، ويضرب للناس مثلا يتجاوز حياة الفرد الواحد وحياة الأجيال الكثيرة، من ثم يقيم الآية على حقيقة الحقائق في أمثال هذا الصراع بين الخلقين أو بين المزاجين والتاريخين، وهي أن الشهادة خصم ضعيف مغلوب في اليوم والأسبوع والعام، ولكنها أقوى الخصوم الغالبين في الجيل والأجيال ومدى الأيام، وهي حقيقة تؤيدها كل نتيجة نظرت إليها بعين الأرض أو بعين السماء على أن تنظر إليها في نهاية المطاف" ، ويتوضح مما تقدم ان سيد الشهداء او – ابو الشهداء – كما يسميه العقاد كان لديه هدفان رئيسيان من خلال نهضته المباركة : الاول هو طلبه لحقه في خلافة ابيه واخيه – وهو حقه الطبيعي كما نص بذلك النبي الاكرم( صلى الله عليه واله) في كثير من الروايات الموثوقة- وهذا الهدف وان لم يتحقق بسبب المعادلة العسكرية الغير متكافئة، وخذلان الناس عن نصرة الحسين(عليه السلام)، ومنع انصاره ومواليه من نصرته والخروج معه بسبب زج الكثير منهم في سجون ابن زياد، ومطاردة وتهجير وقتل الاخرين، الا ان الامام الحسين ( عليه السلام) استطاع من تحقيق الهدف الثاني وبنجاح كبير، الا وهو اقامة الشريعة الاسلامية والحفاظ عليها من الزيغ والاهواء، وتمكنت مبادئ واهداف وقيم ثورة سيد الشهداء(عليه السلام) ان تكون منارا ومنهجا ونبراسا لكل الثوار في العالم، ولكل من ينشد الحرية والمساواة والعدالة ونبذ الظلم، وطريقا للوصول الى الكمالات في جميع جوانب الحياة الانسانية، ومن خلال ذلك اخذ الحسين(عليه السلام) بلب العقول، واستحوذ على المشاعر والقلوب، وتملكها، فاصبح حب الحسين علامة فارقة لدى من ينشد القيم الانسانية، واصبح الحسين ملكا على قلوب ومشاعر هؤلاء الذين امنوا به وبنهضته المقدسة في كل زمان ومكان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سعد سادر الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/31



كتابة تعليق لموضوع : الامام الحسين ( عليه السلام) مَلِكا على القلوب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net