صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

أخطاء محاضرة "الاخ رشيد" عن المسيح – ( 4 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يوحنا واعمال المسيح:

يذكر رشيد حمامي ما ورد في انجيل لوقا (7: 18-23): (فأخبر يوحنا تلاميذه بهذا كله. فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه، وأرسل إلى يسوع قائلا: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» فلما جاء إليه الرجلان قالا: «يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك قائلا: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين. فأجاب يسوع وقال لهما: «اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: إن العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر في»). ويقول رشيد حمامي ان هذا دليل على ان يسوع هو المسيح وليس اي شخص آخر! وكأنَّه قد فسَّر الماء بعد الجهد بالماءِ!!

اول سؤال يتبادر الى الذهن لماذا ارسل يوحنا الى المسيح يسأله من هو؟ اليس هو نبي يوحى اليه، ومرسل من قبل الله سبحانه. هل يحتاج النبي الى معرفة حقانية نبي آخر من خلال سؤاله بينما هو مرتبط بالسماء!! بل هو بحسب عقيدتهم مرسل من قبل المسيح نفسه لأن المسيح عندهم هو الله، فكيف لا يعرف يوحنا المعمدان ربه؟!!! وما هي الحجة التي قدمها المسيح لتدل على نفسه أنّه المسيح! فالمعجزات التي كان يأتي بها، هي في غالبيتها لا تدل على اكثر من كونه نبي. فقد سبقه عدة انبياء قاموا بهذه المعجزات. فهو بما قدمه من حجج ليس أكثر من نبي عظيم. وإذا كانت معجزاته تدل على انه المسيح فهي اذن تدل على ان الانبياء ارذين ياتون بمثلها انهم مسحاء أيضاً!! ثم ان يكون يسوع هو المسيح لا يعني انه الله او ابن الله او الاقنوم الثاني كما هو واضح.

نعم عيسى بن مريم هو المسيح المختار من الله سبحانه وتعالى لينهض بأعباء الرسالة السماوية التي كُلِّفَ بها بتصحيح مسار رسالة موسى وتجديدها عند اليهود. اما أكثر من ذلك مما ينسبه اليه اتباع بولس فلا يصح شيء منه!

وفيما يلي بعض معجزات الأنبياء من الكتاب المقدس والتي تضاهي أو تماثل المعجزات التي كان يفعلها المسيح:

* إيليا يحيي طفلا ميتًا: جاء في سفر الملوك الأول (17: 17-24): (وبعد هذه الأمور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتد مرضه جدا حتى لم تبق فيه نسمة. فقالت لإيليا: «ما لي ولك يا رجل الله! هل جئت إلي لتذكير إثمي وإماتة ابني؟». فقال لها: «أعطيني ابنك». وأخذه من حضنها وصعد به إلى العلية التي كان مقيما بها، وأضجعه على سريره، وصرخ إلى الرب وقال: «أيها الرب إلهي، أأيضا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها؟» فتمدد على الولد ثلاث مرات، وصرخ إلى الرب وقال: «يا رب إلهي، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه». فسمع الرب لصوت إيليا، فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش. فأخذ إيليا الولد ونزل به من العلية إلى البيت ودفعه لأمه، وقال إيليا: «انظري، ابنك حي» فقالت المرأة لإيليا: «هذا الوقت علمت أنك رجل الله، وأن كلام الرب في فمك حق»).

* ميت يعود الى الحياة لمسه قبراليشع: في سفر الملوك الثاني (13 -21): (وفيما كانوا يدفنون رجلا إذا بهم قد رأوا الغزاة، فطرحوا الرجل في قبر أليشع، فلما نزل الرجل ومس عظام أليشع عاش وقام على رجليه).

* حزقيال أحيا جيشا كاملا: في سفر حزقيال (37: 9و10): (فقال لي: «تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم، وقل للروح: هكذا قال السيد الرب: هلم يا روح من الرياح الأربع وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا». فتنبأت كما أمرني، فدخل فيهم الروح، فحيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جداً).

* النبي يشوع يوقف الشمس في السماء، في سفر يشوع (10: 13): (فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل).

* ايليا يصنع معجزة عدم نفاد الدقيق والزيت، في سفر الملوك الاول (17: 13 و14): (فقال لها إيليا: «لا تخافي. ادخلي واعملي كقولك، ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة أولا واخرجي بها إلي، ثم اعملي لك ولابنك أخيرا. لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ، وكوز الزيت لا ينقص، إلى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الأرض»).

* اليشع يحيي صبي، في سفر الملوك الثاني (32:4-37): (ودخل أليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره. فدخل وأغلق الباب على نفسيهما كليهما، وصلى إلى الرب. ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه، وعينيه على عينيه، ويديه على يديه، وتمدد عليه فسخن جسد الولد. ثم عاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك، وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات، ثم فتح الصبي عينيه. فدعا جيحزي وقال: «ادع هذه الشونمية» فدعاها. ولما دخلت إليه قال: «احملي ابنك». فأتت وسقطت على رجليه وسجدت إلى الأرض، ثم حملت ابنها وخرجت).

* أليشع يشفي رجلاً من البرص، في سفر الملوك الثاني (5: 1-15) ننقل منه بإختصار: (وكان نعمان رئيس جيش ملك أرام رجلا عظيما عند سيده مرفوع الوجه، لأنه عن يده أعطى الرب خلاصا لأرام. وكان الرجل جبار بأس، أبرص) ،،،،، (فقال ملك أرام: «انطلق ذاهبا، فأرسل كتابا إلى ملك إسرائيل») ،،،،، (وأتى بالكتاب إلى ملك إسرائيل يقول فيه: «فالآن عند وصول هذا الكتاب إليك، هوذا قد أرسلت إليك نعمان عبدي فاشفه من برصه») ،،،،، (ولما سمع أليشع رجل الله أن ملك إسرائيل قد مزق ثيابه، أرسل إلى الملك) ،،، (فجاء نعمان بخيله ومركباته ووقف عند باب بيت أليشع. فأرسل إليه أليشع رسولا يقول: «اذهب واغتسل سبع مرات في الأردن، فيرجع لحمك إليك وتطهر») ،،، (فنزل وغطس في الأردن سبع مرات، حسب قول رجل الله، فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر. فرجع إلى رجل الله هو وكل جيشه ودخل ووقف أمامه وقال: «هوذا قد عرفت أنه ليس إله في كل الأرض إلا في إسرائيل، والآن فخذ بركة من عبدك»).

 

فهؤلاء الانبياء قد اتوا بمعجزات تضاهي أو تماثل معجزات المسيح عيسى بن مريم، فإذا قال المسيح لرسولي يوحنا المعمدان اللذان ارسلهما له، كما في انجيل لوقا (7: 18-23): (اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: إن العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر في)، فمعنى كلام المسيح انه نبي عظيم يجري المعجزات كما كان إيليا وأليشع وحزقيال انبياء عظام يجرون المعجزات. ولا علاقة للموضوع بما زعمه اتباع بولس له من ان اتيانه بالمعجزات دليل انه ابن الله او الله او الاقنوم الثاني!!

فليسن هناك ملازمة بين ان يكون عيسى (يسوع) مسيحاً وبين ان يكون إلهاً، فنصوص العهد القديم (التناخ[1]) تتحدث عن مجيء "المسيح" وان له مملكة يقيمها، ولذلك كان اليهود ينتظرون "المسيح الملك". فإذا كانت كلمة (المسيح) تلازم ان يكون المسمى بها إلهاً كما يفترض المسيحيون، فلماذا لم تبين الأناجيل هذا الامر بصورة صريحة؟! ولماذا لم يرد ذلك في تراث اليهود في التناخ (التوراة والانبياء والتواريخ)؟! وأسألة أخرى من قبيل: لماذا لم يرد في الاناجيل صراحة ان ذات الإله تتكون من ثلاثة اقانيم، ولماذا الاقنوم الثاني له اسم فيما الاقنوم الاول ليس له أسم!! هذا اذا اعتبرنا ان (الروح القدس) هو اسم للاقنوم الثالث وليس صفة له كصفة الأب والإبن!! وكيف يكون الابن مولوداً من الأب وكلاهما أزليان!! وكيف ينبثق الروح القدس من الأب كما يقول الآرثوذكس او ينبثق من الأب والابن كما يقول الكاثوليك ويكون في نفس الوقت ازلياً؟!! وما هو الفرق بين الولادة والانبثاق (ولادة الابن وانبثاق الروح القدس)؟!! ولماذا الاناجيل صامتة تماماً عن هذه المواضيع؟!!

 

المختار من ألقاب المسيح، يفضحهم

يتحدث رشيد حمامي بكل سذاجة فيقول ان (المختار) من القاب المسيح!! وهو بذلك يجعل نفسه أضحوكة بين العقلاء! فكيف يكون المسيح هو الله المتجسد ويكون مختاراً!! هل اختار الله نفسه!!

ويوجد في الاناجيل موضعين يوصف فيهما المسيح انه (مختار)! الاول في انجيل لوقا (23: 35): (وكان الشعب واقفين ينظرون، والرؤساء أيضا معهم يسخرون به قائلين: «خلص آخرين، فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله!») ولكن المسيحيين عادة لا يذكرون هذا اللقب ضمن القاب المسيح لأنه ينقض عقيدتهم برمتها، بينما رشيد حمامي وقع في المحذور وكشف المستور من حيث لا يدري واعترف ان المسيح يلقب بالمختار!! وعليه ان يجيب كيف يكون المسيح هو الله نفسه وكيف يكون مختاراً في نفس الوقت!! هل اختار الإله نفسه!!؟؟ ولأن هذا النص ينسب لقب (المختار) الى (رؤساء كهنة اليهود) فيمكن ان يعتذر المسيحيون ان هؤلاء هم ظنوا ان المسيح مختار الله وليس لأن حقيقته كذلك. ولذلك بقيت هذه العبارة دون تحريف، بخلاف عبارة انجيل لوقا (9: 35) في الموضع الثاني، وهو ما ورد في انجيل لوقا (9: 35) الذي ذكر فيه ان الله اختار المسيح!! ونصّها: (هذا هو ابني الذي اخترته فله اسمعوا)[2]! ولأن هذه العبارة تكشف عن تهافت فكرة الاقنوم الثاني و"الإله الإبن" أو "ابن الإله" و"الإله المتجسّد" فقد ترجموها في بعض الطبعات الحديثة في مختلف اللغات الى: (هذا هو ابني الحبيب فاسمعوا له)[3]!

ويشير بعضهم الى ان ما ورد في سفر اشعياء (49: 7): (هكذا قال الرب فادي إسرائيل، قدوسه، للمهان النفس، لمكروه الأمة، لعبد المتسلطين: «ينظر ملوك فيقومون. رؤساء فيسجدون. لأجل الرب الذي هو أمين، وقدوس إسرائيل الذي قد اختارك»). انها تخص المسيح، فإذا كانت فعلاً تخص المسيح، فهو موضع ثالث في الكتاب المقدس يوصف فيه المسيح انه مختار، وهذا يؤكد بشريته المطلقة وان الله سبحانه قد اختاره ليكون المسيح النبي، ففي هذا النص دليل واضح على بطلان عقيدة المسيحيين.

 

ولذلك حينما يستعرض المسيحيون القاب المسيح لا يذكرون لقب (المختار)! ولنأخذ مثالاً من احد مواقعهم الالكترونية[4]حيث ذكروا القاب المسيح ولم يذكروا من بينها لقب (المختار)، وكالتالي:

« في الإنجيل حسب متى: "يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم (1: 21)، "عمانوئيل، أي الله معنا (1: 23)، "المسيح ابن الله الحي (16: 16)، "يسوع المسيح (16: 20)، "ابن الإنسان (17: 9)، "معلّم (23: 10).

« في الإنجيل حسب لوقا: "يسوع الناصري، قدّوس الله (4: 34).

« في الإنجيل حسب يوحنا: "الكلمة (1: 1)، "كل شيء به كان (1: 3)، "كوّن العالم به (1: 10)، "الابن الوحيد (1: 18، 3: 16)، "ابن الله (1: 34و 49، 20: 21)، "ملك إسرائيل (1: 49)، "المسيح مخلّص العالم (4: 42)، "الخبز الحي (6: 51)، "الباب (10: 7)، "الراعي الصالح (10: 11)، "القيامة والحياة (12: 25)، "المسيح ابن الله الآتي إلى العالم (12: 27)، "الطريق والحق والحياة (14: 6)، "الكرمة الحقيقية (15: 1).

« في سفر أعمال الرسل: "القدوس البار (3: 14)، "رئيس الحياة (3: 15)، "مخلّص (5: 13).

« في الرسالة إلى رومية: "إلهاً مباركاً (9: 5).

« في الرسالة الأولى إلى كورنثوس: "قوة الله وحكمته (1: 24)، "ربّ المجد (2: 8)، "رأس كل رجل (11: 3).

« في الرسالة الثانية إلى كورنثوس: "صورة الله (4: 4).

« في الرسالة إلى غلاطية: "فادي (3: 13).

« في الرسالة إلى فيليبي: "ربّ (2: 11).

« في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس: "ربّ الأرباب (6: 15).

« في الرسالة إلى العبرانيين: "وارث لكل شيء (1: 2)، "بهاء مجد الله ورسم جوهره (1: 3)، "رئيس الخلاص (2: 10)، "رئيس الإيمان ومكمّله (12: 2)، "وسيط (12: 24)، "رئيس كهنة عظيم (14: 4).

« في رسالة بطرس الثانية: "المخلّص (1: 1).

« في سفر الرؤيا: "الرب الكائن (1: 8)، "الكائن والذي كان والذي يأتي (1: 8)، "القادر على كل شيء (1: 8)، "الأول والآخر (1: 17)، "الحي (1: 18)، "الألف والياء والبداية والنهاية (21: 6).

فهذه القاب التي يزعمها اتباع بولس للمسيح (عليه السلام)، اوردناها برغم ما فيها من قضايا مخالفة للحق، والتي تبيّن أنَّهم يتجنبون ان يطلقوا على المسيح لقب (المختار)!!

 

والسؤال الأهم هو اذا كان المسيح مختاراً فهل يعني ذلك انه بشر ام إله! لقد زودنا رشيد حمامي في هذه المحاضرة بدليل واضح ومؤكد على ان المسيح لم يكن إلهاً وكان بشراً وفقاً للكتاب المقدس، فالمسيح كان فعلاً مختاراً من قبل الله سبحانه كمسيح، ولذلك اتخذ الله عزَّ وجلَّ له لقب المسيح الذي يتضمن معنى اصطفائه من بين البشر لحمل رسالته الى بني اسرائيل. وان وصف المسيح بالمختار يعني إبطال المسيحية برمتها.

 

 

 

 

معجزات النبي

ثم بكل وقاحة يهاجم رشيد حمامي نبي الاسلام ويقول انه تلقب بالمصطفى واخذ لقب (المختار) من المسيح، ويتسائل بغباء متعمَّد: هل جرت معجزات على يديه، هل الصم سمعوا هل الموتى قاموا إلخ!! ايها الوقح قد جاء إيليا وأليشع وحزقيال بالمعجزات الباهرة فلِمَ لم تعتبرونهم ابناء الله كما هو المسيح! ولماذا لم يعتبرونهم مسحاء ايضا الى جانب المسيح وآلهة الى جانب "ابن الله"!!

ويتسائل رشيد حمامي عن معجزات النبي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويريدها ان تكون بحسب معجزات المسيح! هل انت يا "رشيد" من يحدد كيف تكون المعجزة!! فلماذا اذن لم تحدد للمسيح ان يشق البحر كموسى او ان يركب سفينة النجاة كنوح؟!!

وهذا القرآن الكريم المعجزة الإلهية عبر العصور التي حيّرت العقول، ولا يتمكن المسيحيون ولا غيرهم من معارضته او الاتيان بمثله نُظُمَاً ونِظاماً للفكر والحياة! القرآن الكريم الذي مجَّد الله سبحانه وتعالى أفضل مما هو مذكور حالياً في جميع اسفار الكتاب المقدس بكثير بل لا مقارنة. القرآن المجيد، المعجزة الخالدة، قد ذكر معجزات اخرى هي معجزة الاسراء ومعجزة شق القمر ومعجزة رمي الحصى والتراب بوجه جميع المشركين[5].

ومع ذلك فليس لكل الانبياء معجزات، فهل جاء يوحنا المعمدان ولو بمعجزة واحدة[6]، ومع ذلك نجح بما لم ينجح به المسيح – بحسب روايات الاناجيل – رغم معجزاته العديدة! لقد نجح يوحنا المعمدان بتعميد جميع سكان اليهودية واورشليم وهم معترفون بخطاياهم[7]، فقط من خلال مواعظه وكلامه فيهم. الكلام المؤثر هو الذي يدخل العقول السليمة ويستولي عليها. اما رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يأتِ بكلام فقط بل جاء بكلام الله عزَّ وجلَّ، القرآن الكريم، وهو كلام صاغه الله بطريقة اعجازية، يثبت صحته بنفسه ويثبت صحة نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). فبماذا نجح المسيح بحسب رواية الاناجيل؟ هل آمن به سكان مدينة ما؟ هل قام بتعميد جماعة ما؟!! لا شيء سوى الموت على الصليب! هذا هو الذي نجح به المسيح، بحسب رواية الاناجيل: الموت!! بل هو في مفهوم العقيدة المسيحية: (الانتحار على الصليب) ليصبح له الحق في غفران خطايا المؤمنين به!!؟ حيث استمر يستفز اليهود ويجري المعجزات ويتحدث بالامثال غير المفهومة لغالبية الناس آنذاك! في نفس الوقت الذي يخفي فيه شخصيته الحقيقية، ويطلب من تلاميذه ان لا يخبروا احداً شيئاً عن حقيقة شخصيته[8]!! كل ذلك من اجل استفزاز اليهود والايقاع بهم ليقتلوه[9]، فهو إذن إنتحار على الصليب في حقيقته، واستفزاز وتوريط لليهود!!

وهذا بولس الذي يسمي نفسه رسول المسيح لماذا لم يؤمن بالمعجزات التي جاء بها المسيح وقد عاصر المسيح وآه ورأى معجزاته!! هو فقط اقتنع بصوت شيطاني يناديه في الصحراء: انا إلهك يسوع لماذا تضطهدني!! فآمن به، رغم انه رأى يسوع نفسه ورأى معجزاته وسمع تعاليمه وكلامه بالامثال ولم يؤمن به!! فمتى كانت المعجزات التي جاء بها المسيح مهمة[10]! ولمن هي مهمة عدا الاشخاص الذين استفادوا منها، كالميت الذي عاد الى الحياة او المريض الذي شُفي او الاعمى الذي ابصر الخ. فهي كانت معجزات شخصية وليست عامة.

وفي انجيل متى (7: 16) نقرأ القول المنسوب للمسيح: (من ثمارهم تعرفونهم)! ويذكره رشيد حمامي في محاضرته ويفتخر به! ونسأله: ما هي ثمار معجزات المسيح وكلامه بالامثال عدا الانتحار على الصليب!!

 

بعثة المسيح الى بني اسرائيل

يعترض رشيد حمامي على قوله تعالى في القرآن الكريم سورة آل عمران (عليهم السلام) الآية (49): ((وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ))، ويقول ان المسيح ارسل للبشرية كلها!! ألم يقرأ رشيد حمامي قول المسيح في انجيل متى (15: 24): (لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة)!!

واذا استعرضنا اقوال المسيح في الاناجيل نجد اغلبها تتحدث عن انه مرسل الى بني اسرائيل خاصة، منها:

* في انجيل لوقا (1: 31-33): (فقال لها الملاك: «لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية»).

* انجيل متى (2: 1-6): (ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية، في أيام هيرودس الملك، إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: «أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له». فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: «أين يولد المسيح؟» فقالوا له: «في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب بالنبي: وأنت يا بيت لحم، أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل»).

* انجيل متى (15: 21-28): (ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء. وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة: «ارحمني، يا سيد، يا ابن داود! ابنتي مجنونة جدا». فلم يجبها بكلمة. فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: «اصرفها، لأنها تصيح وراءنا!» فأجاب وقال: «لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة». فأتت وسجدت له قائلة: «يا سيد، أعني!» فأجاب وقال: «ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب». فقالت: «نعم، يا سيد! والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها!». حينئذ أجاب يسوع وقال لها: «يا امرأة، عظيم إيمانك! ليكن لك كما تريدين». فشفيت ابنتها من تلك الساعة).

* انجيل متى (19: 27 و28): (فأجاب بطرس حينئذ وقال له: «ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك. فماذا يكون لنا؟» فقال لهم يسوع: «الحق أقول لكم: إنكم أنتم الذين تبعتموني، في التجديد، متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر).

* انجيل متى (10: 5و6): (هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا: «إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة).

* انجيل متى (5: 17-19): (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات).

 

فإذا كان المسيح لم يبعث الى بني اسرائيل خاصة، فلماذا لم ينشر دعوته خارج فلسطين؟ لماذا لم يسافر رحلات تبشيرية كما فعل بولس! هل بولس اكثر نشاطاً منه؟! لماذا كان نشاط بولس اكثر وأوسع وأكثر نجاحاً!

فأما أن يكون المسيح مبعوثاً الى بني اسرائيل خاصة، وهو قول القرآن الكريم، او ان يكون مبعوثاً لجميع الأمم ولكنه قصَّر في دعوته واستعجل الانتحار على الصليب!!

ولا فائدة من القول ان المسيح قبل رفعه بعد قيامته المزعومة قال لتلاميذه اذهبوا وكرزوا جميع الامم[11]! فلماذا يأمرهم بشيء لم يفعله هو؟! هل من الكياسة واللباقة ان يأمر المسيح بشيء لم يفعله هو؟! لماذا استعجل الرفع الى السماء بدلاً من اكمال مهمته على الارض بدعوة جميع الأمم؟!!

 

المسيح ومعجزة الطير:

يتهكم رشيد حمامي بمعجزة الطير الواردة في القرآن الكريم، قوله تعالى: ((وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ)). وكيف ان المسيح ياخذ ترابا ثم ينفخ فيه الروح بإذن الله فيصبح طيراً، ويقول هذا مهرج سيرك وليس رسول!! هذا المسكين يصف احدى اعظم المعجزات بانها تهريج مهرج في السيرك!! فهو لا يفقه ما يقرأ!! فهذه المعجزة فيها تذكير بأنَّ الله سبحانه كما خلق آدم (عليه السلام) من الطين، فقد خلق المسيح (عليه السلام) من غير أب وخلق هذا الطير من الطين. فالمحيي هو الله سبحانه، هو واهب الحياة، فإيّاكم والغلو في المسيح وان تقولوا عنه انه الله أو ابن الله، تعالى عمّا يصفون.

قال تعالى في سورة آل عمران (عليهم السلام): ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)).

آدم من تراب وعيسى من تراب والطير من تراب، فـ ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا))[12].

 

هدف المسيح من المعجزات

يزعم رشيد حمامي حينما يقارن بين ما ورد في الآية القرآنية ((أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ))، وما ورد من المعجزات في الاناجيل، يقول ان المسيح لم يكن يقوم بالمعجزات من اجل نفسه من بل من اجل الآخرين، فقبل ما يقيم لعازر من الموت بكى، وقبل ان يطعم الجموع تحنن، واشفق على المراة الأرملة قبل ما يقيم ابنها فلم يكن يقوم بمعجزات لنفسه، لأنه ولعدة مرّات كان يقول اذهب ولا تخبر، وهذا دليل على الفرق بين معجزات "مسيح القرآن" و"مسيح الأناجيل"! واضاف رشيد حمامي: ان المسيح قال ذات مرة ان ابن الانسان لم ياتِ ليُخدَم بل ليخدِم!

والظاهر من هذا الكلام ان رشيد حمامي لم يعرف معجزات المسيح جميعها! فيا ترى هل كان لعن المسيح للتينة المسكينة فجعلها يابسة لأنها لم تكن تحمل ثماراً وهو كان جائعاً[13]!! هو ايضاً من المعجزات التي فعلها من اجل الآخرين؟! ام يا ترى اداءه الضريبة من خلال معجزة الاستار في فم السمكة[14]! ام يا ترى معجزة اطعامه الجموع دون حاجة فعلية حيث جاء في انجيل متى (14: 15 و16): (ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين: «الموضع خلاء والوقت قد مضى. اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاما». فقال لهم يسوع: «لا حاجة لهم أن يمضوا. أعطوهم أنتم ليأكلوا»). فلم تكن الحاجة ملحّة لاطعامهم إذ كان بالامكان ان يبتاعوا هم طعاماً لأنفسهم.

ام يا ترى كانت معجزة تحويله الماء الى خمر في عرس قانا الجليل، في انجيل يوحنا (2: 1-12)، هي من تحننه على الناس لأنهم لم يشربوا كفايتهم من الخمر في العرس!!

أم يا ترى معجزة مشي المسيح على الماء في انجيل متى (14: 22-33)، بحيث استولى الخوف على تلاميذه وصرخوا!! هي من تحننه عليهم!!؟

واذا كان المسيح يفعل المعجزة لا للاعلان عن نفسه فلماذا حينما ارسل يوحنا تلميذيه اليه قال لهم: العمي يبصرون الخ، ألم يتخذ من معجزاته وسيلة للتعريف بنفسه؟!

وهل ان ما وصف المسيح انه يفعله من اعمال "خيرية" هو اسلوب إله يتجسد بين الناس لكي يشفيهم من امراضهم ويحيي ميتهم بينما هو يمكنه ان يفعل ذلك مباشرة وهو في السماء! فلماذا نزل الإله الى الارض فقط لكي يحيي لعازر ويشفي اعمى ويطعم الجموع!! مع انه كان يمكنه ان يفعل ذلك بدون تجسّد!! بل ويحرص المسيح على ان لا يخبر الناس حقيقته الإلهية! بل وكما يقول رشيد حمامي يحرص المسيح على "تطفيش" الناس عنه! هل الإله يريد من الناس ان يسلكوا سبيل النجاة ام ان يسلكوا طريق الخطيئة والشيطان برفضهم له لأنه لم يكشف لهم حقيقته!

إنَّ "الأفعال الخيرية" التي كان يقوم بها الاقنوم الثاني، وفقاُ لكلام رشيد حمامي، لم تتمكن من انقاذ الممسوسين من الشياطين الا بادخالهم في الخنازير البريئة التي لا ذنب لها الا انها كانت تتواجد في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ[15]. واذا كان وجود المسيح (الاقنوم الثاني) في ذلك المكان والوقت وتحننه على الممسوسين باخراج الشياطين منهم يمثل نعمة عليهم فهو يمثل نقمة على الخنازير المسكينة!! يا ترى لماذا كانت "الأفعال الخيرية" للاقنوم الثاني نقمة على الخنازير!! ونقمة على التينة المسكينة التي لعنها المسيح دون سبب!! الم يكن يمكن للاقنوم الثاني، "خالق كل شيء"، ان يخرج الشياطين ويطردهم ليبقوا بلا مسكن، ام تراه لفرط حنانه تحنن على الشياطين وسمح لهم أن يسكنوا اجساد الخنازير لكيلا يبقوا بلا مأوى!!! فإذا صح هذا فكيف تمكنت تلك الخنازير الخبيثة من افشال خطة الإله وفضلت الانتحار في البحر لتغرق هي والشياطين معاً وتفشل خطة "الإله الإبن"!!!

وبناءاً على وصف رشيد حمامي للمسيح من انه كان يعمل المعجزات فقط حسب حاجة الناس الذين يتعاطف معهم، ولكن الاناجيل تبين ان المسيح اصبح لديه رصيد من تلك المعجزات "الخيرية" وقد اتخذها وسيلة للإعلان عن نفسه كما حصل مع تلميذي يوحنا المعمدان حينما سألوه من انت!!! فهذا اسلوب السياسيين اليوم طلباً لفوزهم في الانتخابات عندما يتظاهرون للقيام بأعمال خيرية للحصول على مكاسب شعبية!! وليس اسلوب نبي يريد ان يكون وسيلة لتقريب الناس الى الإله! ولا هو أسلوب "إله يتجسد" ويقوم بأعمال اعجازية لتوزيع الحنان واحياء الموتى وشفاء المرضى!!

كان يمكن للمسيح ببساطة ان يجيب تلميذي يوحنا المعمدان بالصمت او الاعراض عنهما، ولا يستثمر معجزاته للاعلان عن نفسه وفقاً لنظرية رشيد حمامي!! ولكنه لم يفعل هل تعرفون لماذا ؟ لأن الانبياء يأتون بالمعجزات لأسباب عديدة، ابرزها لأثبات صحة نبوتهم وصلتهم بالسماء وانهم مبعوثون من قبل الله تبارك وتعالى، ومن الاسباب الأخرى للمعجزات انهم يجرونها للحالات الانسانية، وأيضاً يجرونها طلباً للنصر، كما فعل موسى عندما شق البحر ليعبر بني اسرائيل وينتصر بالهرب من فرعون[16]، وكما في ايقاف يشوع الشمس الى ان انتصر على عدوه[17].

 

ثم يضيف رشيد حمامي ما يعتبر احد التناقضات في سيرة المسيح التي روتها الاناجيل، وذلك ما جاء في متى (12: 38): (حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين: «يا معلم، نريد أن نرى منك آية»)!! فهم رغم ما شاهدوه من معجزات واعاجيب فعلها المسيح، يطلبون منه "آية"!! فماذا كان يفعل المسيح إذن؟!! رشيد حمامي يعلل ذلك بأن المسيح لا يفعل الآيات اذا طلبها احد منه، فهو لا يفعل المعجزات لغرض الاعلان عن نفسه، ولا يفعلها اذا طلبها الآخرون!! فلماذا لم يقل لهم: انظروا ما افعله دائماً من اعمال "خيرية" وسترون المعجزات وليس معجزة واحدة فقط، وسترون الايات وليست آية واحدة!! ولماذا لم يجبهم كما اجاب تلميذا يوحنا المعمدان[18]؟! لم يقل لهم ذلك بل قال: (جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال)! ويعتبرون ذلك اشارة الى مقتل المسيح على الصليب وبقائه في القبر ثلاث ايام وثلاث ليال!! مع انهم يعترفون انه مات عصر الجمعة ووضع في قبره الى صباح الاحد، اي بقي في القبر ليلتان فقط (ليلة السبت وليلة الاحد) وليس ثلاث ليال!!! هكذا تُكذِّبُ الاناجيل نفسها!! و"الاقنوم الثاني" بدلاً من ان يستجيب لطلب اليهود وينزل عليهم آية لعلهم يرشدون ويصدقونه، فإذا به يوبخهم!! واذا كان لديه الحق في توبيخهم لأنه اتى بمعجزات عديدة، فلماذا لم يرشدهم الى ما فعله من معجزات كما ارشد تلميذي يوحنا المعمدان وهما ايضاً كانا من اليهود!!

اسألة عديدة وتناقضات واوهام لا نجد لها جواباً مقنعاً عندهم!!؟

ويحاول رشيد حمامي تعليل رفض المسيح للاتيان بمعجزة بحسب طلب بعض اليهود ان "منطقة الروحانيات" منطقة مقدسة لا يجوز اللعب فيها والسخرية فيها! فأي سخرية أو لعب حينما يطلب الانسان معجزة تبيّن له الحقائق وتثبت له ان من يدعي النبوة هل هو محق في دعواه! فرشيد حمامي يريد مصادرة حق الانسان في التثبت من الدعاوى الدينية التي يواجهها!!

يا ترى هل قرأ رشيد حمامي ما ورد في انجيل يوحنا (2: 11) بخصوص معجزة تحويل الماء الى خمر، حيث جاء فيه: (هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فآمن به تلاميذه)!

يسوع أظهر مجده من خلال المعجزات، هكذا تقول الأناجيل. هل قرأت هذه العبارة الآن يا رشيد حمامي فالظاهر انك لست مطلعاً بصورة جيدة على الاناجيل التي تركت دينك من اجلها!!؟

 

لماذا لم يكشف المسيح عن شخصيته

يقول رشيد حمامي إنَّ بعض المسلمين يتحدوني اين قال المسيح اني انا الله فاعبدوني! يريدون ان يمشي المسيح في الطرقات وينادي اني انا الله فاعبدوني، هذا القذافي وليس المسيح!! اي واحد عنده جنون العظمة وغير واثق من نفسه يعمل هذا. اما المسيح فكان واثق من نفسه ولا يحتاج ان يقول لكم اي شيء فأما ان تؤمن به واما ان تتركه!! ويقول بلهجة عاميّة: "ده حتى كان بيطفش الناس احياناً"!! فحينما قال لهم انا خبز الحياة تركه الكثير من الناس فالتفت الى تلاميذه وقال لهم اذهبوا انتم ايضا ان شئتم!!

وبيان اخطاء كلامه يكون عبر التالي:

1. كيف يريد "مسيح الأناجيل الأربعة" ان يؤمن به الناس دون ان يخبرهم عن شخصيته؟! بماذا إذن سيؤمنون؟ شحص يظهر في مجتمع دينه توحيدي أي يؤمنون بأن (لا إله إلا الله) ويريد منهم ان يؤمنوا بأنه إله أو إبن الإله دون أن يخبرهم انه كذلك؟!! هل هذا معقول؟! ما هذا الهراء الذي يقوله رشيد حمامي والمسيحيون والأناجيل الأربعة!!؟

2. لماذا كان إله العهد القديم يعلن عن نفسه ويرسل الانبياء وانزل التوراة، ووعد بني اسرائيل ارض الميعاد! فيما "إله" العهد الجديد المسيح المزعوم يخفي نفسه ولا يعلن إلوهيته المزعومة!!

3. اذا كان المسيح إلهاً ولا يحتاج للاعلان عن نفسه؟ فماذا كانت تفعل نبوءات العهد القديم وجهود الانبياء فيها والتوراة؟!!

4. اليس يزعمون ان للمسيح وظيفة نبوية بالاضافة الى وظيفته الإلهية، اليست وظيفته النبوية ان يدعو الناس لكي يتوبوا ، فكيف سيكون ذلك بغير ان يعلن لهم انه نبي ورسول من الإله أو أنه الإله نفسه؟!

نحن نجيبكم لماذا لم يعلن "مسيح الأناجيل الأربعة" عن نفسه وشخصيته الإلاهية، لنه لم يكن كذلك، وكل ما جاء به العهد الجديد بخصوص تجسد الإله وان المسيح هو الله او ابن الله وانه الاقنوم الثاني هو محض هراء وباطل. فلم يرد شيء من ذلك على لسان المسيح (عليه السلام)، والأناجيل الأربعة كتبها اتباع بولس وفكره الديني المنحرف عن اليهودية والمنحرف عن دعوة المسيح الحقيقية، وهو نفسه يذكر انه كان يعيش مع الحواريين تلاميذ المسيح لمدة 14 سنة ولديه دعوة سرّية لا يعلمون بها، من إظهاره الأيمان بيسوع سنة 36م إلى انتهاء انعقاد أول مجمع لتلاميذ المسـيح سنة 50م، يقول بولس نفسه عن هذه المسألة في رسالته إلى أهل غلاطية (2 :1و2): (ثم بعد أربعة عشر عاما صعدت أيضاً إلى أورشليم مع برنابا آخذاً معي تيطس أيضاً، وانما صعدت بموجب إعلان ، وعرضت عليهم الإنجيل الذي ابشر به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئـلا يكون مسعاي في الحاضر والماضي بلا جدوى)!!

 

محاولة عقيمة لتوحيد المسيحيين!!

في نهاية محاضرته يحاول رشيد حمامي ان يجد للمسيحيين منطلقاً يتوحدون حوله من اجل التخلص من التشتت الكبير الذي يعانون منه بسبب الاختلافات العقائدية الكبيرة التي تعاني منها الكنائس المسيحية المختلفة، وعبر التاريخ! يقول لهم ان المهم هو تحرير القلب بخصوص المسيح وليس العقيدة المسيحية فمسيحهم ليس مسيح الطقوس ولا مسيح "الدين" ولا حتى مسيح العقيدة!!! يقول ان المسيح لا يهمه العقيدة بقدر ما يهمه تغيير قلبك!! تاركاً مستمعيه في حيرة: تغيير القلب الذي يقصده الى اي شيء إن لم يكن الى العقيدة المسيحية التي تقول ان المسيح فادي ومخلّص!! فكيف يكون فادياً ومخلصاً إن لم يكن هو الأقنوم الثاني المنتحر على الصليب لخلاص المؤمنين به، فهل إنَّ من قتل على الصليب هو ناسوت المسيح أم لاهوته؟! وهل ان طبيعتا المسيح ممتزجتان ام منفصلتان؟ وهل ان له مشيئة واحدة ام مشيئتان واحدة لاهوتية وأخرى ناسوتية؟ أم ان المسيحيين ليسوا بحاجة الى اجوبة هذه الاسألة والذي يعني ان الكنائس المسيحية قضت عشرين قرناً في خلافات عبثية فيما بينها!! فكيف تكون كنيسة للمسيح وهي غير مسددة من قبل المسيح وكل ما فعلته في مسيرتها عبر 2000 سنة هو مجرد خلافات عبثية!!

يقول رشيد حمامي: هل سيحاسب اللهُ المسيحيين على المعرفة التي عندهم وعلى الترانيم التي عندهم وعلى كمية الكتب التي قرأوها؟! على كميات الوعظات التي سمعوها! يا ريت يكون لدى المسيحيين قدر ايمان صغير كايمان المراة نازفة الدم او ايمان اللص على الصليب[19]! ويضيف: هل تعرف مسيح يغير قلبك ويغير حياة ناس كثيرين! ولكن رشيد حمامي لم يبين كيف سيغير المسيح قلب الانسان هل اذا آمن بانه الاقنوم الثاني! هل هذه هي دعوة المسيح في حياته! أليس معنى كلام رشيد ان النساطرة على خير وحق كما هو حال الكاثوليك والآرثوذكس البيزنطيين والشرقيين والبروتستانت والإنجيليين، وكذلك يكون حال شهود يهوه أيضاً، فالجميع يؤمن بالمسيح، ولا حاجة الى تفاصيل ذلك الإيمان!!؟ أليس معنى كلام رشيد حمامي أن قانون الايمان الذي شرعته المجامع المسيحية وأقرّوه هو محض هراء لا حاجة للمسيحي به؟!!

إن كلام رشيد حمامي يضرب بكلام بولس ووصاياه عرض الحائط، فهو يقول في رسالته الثانية الى اهل تسالونيكي (2: 10): (فاثبتوا إذا أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا) والذي اصبح اساساً للـ "تقليد المقدّس" الشفوي والمنقول! بينما رشيد حمامي يقول ان هذا كله ليس مهماً بل المهم ان تؤمنوا بأن المسيح رب وفادي ومخلّص وكفى، واضربوا بتقاليدكم المقدسة عرض الحائط!!؟ إنه في الحقيقة يريد أن ينصر المذهب البروتستانتي[20]، الذي يقف بالضد من التقاليد والطقوس، على بقية المذاهب الكاثوليكية والآرثوذكسية وغيرها، عبر هذا الكلام المعسول المنمّق!

ان النص الموجود في انجيل متى (10: 5-7) يبين فحوى كلام المسيح للص على الصليب وللمراة النازفة، حيث جاء فيه: (هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا: «إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات)، فليس المطلوب ان يؤمن المسيحي بأن المسيح هو إله او ابن إله او ان له لاهوت وناسوت، او انه الاقنوم الثاني، فكل هذا لم يرد في الاناجيل! بل المطلوب ان يعلن الانسان التوبة ويعود للحق عبر التذكر والايمان بإقتراب ملكوت السماوات! وما قاله اللص على الصليب بحسب رواية انجيل لوقا (23: 42) يعني انه قد آمن بملكوت السماوات وكذلك المراة النازفة. فالمهم عند المسيح هو الايمان بملكوت السماوات الذي يعني التوبة عن الخطيئة. وفي العهد الجديد (بولس باسيم)، نقرأ ما نصّه: (ملكوت السموات، ويقال له ملكوت الله، أو الملكوت، وكلمة السموات كناية عن الله، لأن اليهود لم يكونوا يذكرون اسم الله حرمة ورهبة) ... (رسالة يسوع هي دعوة الناس الى ملكوت السموات. ويدخل الناس في ملكوت السموات اذا تابوا عن خطاياهم وحفظوا وصايا الله)[21]. فإذن ليس الإيمان بالمسيح هو المهم كما يتوهم رشيد حمامي، بل التوبة وحفظ وصايا الله سبحانه في التوراة وتعاليم المسيح الذي قال انه لم يأت لينقض الشريعة او الانبياء، والايمان بالمسيح هو طريق للتوبة وحفظ الشريعة عبر العمل بها. فقضية المسيح هي قضية اخلاقية وليست قضية ايمان بإبن الله او الرب المسيح أو الثالوث[22]، كل ذلك لم يطلبه المسيح، بل كل ما طلبه هو التوبة والعمل الصالح. فليس مهم عنده أن تكون مؤمناً بالمسيح سواء كان فادي أو مخلِّص بحسب عقيدة اتباع بولس، بل المهم أن تكون ذا اخلاق تقربك من الله بالتوبة والعمل الصالح.

اما الخلافات العقائدية بين المسيحيين فلا يمكن غض النظر عنها، فقد مرّت أكثر من 2000 سنة ولم يتمكنوا من ذلك، وما زالت كنائسهم في خلاف وعداء وتعاني المزيد من الانشقاقات كلما طال الزمان! لكل منهم (قانون ايمان) يختلف عن الآخر! ولكل منهم قديسيه الذين لا يعترف الطرف الآخر بهم!! ولكل منهم طقوسه التي لا يعترف الآخر بها!! واستمرت خلافاتهم العقائدية عبر القرون حتى ظهر في القرن الاخير المورمون وشهود يهوه و"كنيسة الله القدير" في الصين وغيرهم! ولديهم من الاتباع الآلاف إنْ لم يكن الملايين!! وأي مجمع لاهوتي يعقدونه ليتخذ اي قرار يخص الايمان سوف يؤدي الى مزيد من الانقسامات داخل المذهب الواحد والطائفة الواحدة!! لأن عقيدتهم ليست قائمة على العقل والمنطق والنص، بل هي قائمة على الآراء الشخصية المبنية على اوهام التجسد والثالوث والآراء الشخصية!! وهذه مجامعهم التي عقدوها في الماضي منذ سنة 325م وما بعدها خير شاهد على تشتت شمل المسيحيين وتشرذمهم بعد كل مجمع "مقدَّس"!!

 


الهوامش:

 

[1] التسمية اليهودية لأسفار العهد القديم.

[2] ورد هذا النص بكلمة (اخترته) في طبعة العهد الجديد (بولس الفغالي)، وطبعة العهد الجديد (بولس باسيم)، والعهد الجديد (كتاب الحياة)، والتفسير التطبيقي للكتاب المقدس، والكتاب المقدس (العالم الجديد) الخاص بشهود يهوه، والكتاب المقدس: الترجمة الكاثوليكية (اليسوعية).

[3] ورد هذا النص بكلمة (الحبيب) في طبعة العهد الجديد (المكتبة البولسية)، والكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة)، والكتاب المقدس (الآباء الدومينيكان)، ونسخة الملك جيمس الانجليزية، وفي طبعة الكتاب المقدس الصادرة عن (1599Geneva Bible (GNV)) الانجليزية، وترجمة مارتن لوثر الالمانية (Luther Bibel 1545 (LUTH1545))!

[4] موقع كلمة الحياة، عبر الرابط: https://bit.ly/3f22cRY

[5] اشار اليها قوله تعالى في سورة الانفال الآية (17): ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ)).

[6] ليوحنا المعمدان (النبي يحيى) معجزة واحد مرتبطة بحياته وهي ولادته الاعجازية بعد دعاء والده النبي زكريا ليرزقه الله سبحانه وتعالى ولداً صالحاً.

[7] انجيل مرقس (1: 5).

[8] على سبيل المثال نقرأ في متى (17: 9): (وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلا: «لا تعلموا أحدا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات»). وفي انجيل متى (10: 5-7): (هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا: «إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات)، فقط بهذا المقدار: توبوا فقد اقترب ملكوت الله!

[9] راجع مقالنا: ("مسيح الأناجيل الأربعة" وصواب رفض اليهود له)، عبر الرابط:

https://www.kitabat.info/subject.php?id=146819

[10] هي مهمة بلا شك في الواقع، فنحن المسلمون لدينا نظرة اخرى للمسيح المبارك (عليه السلام)، وهو قد نجح في دعوته وارسى دعائم التوحيد لفترة طويلة، رغم ان الكنائس المسيحية تحول ان تغطي على آثار اهل التوحيد من اتباع المسيح (عليهم السلام). وممكن ان نعتبر آريوس ودعوته من الموحدين الرافضين للقول بإلوهية المسيح.

[11] انظر إنجيل مرقس (16: 15): (وقال لهم: اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها)!

واعمال الرسل (1: 8): (لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض)!

[12] سورة النساء، الآية (171).

[13] انجيل متى (21: 18 و19).

[14] انجيل متى (17: 24-27).

[15] في انجيل متى (8: 28-32): (ولما جاء إلى العبر إلى كورة الجرجسيين، استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جدا، حتى لم يكن أحد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق. وإذا هما قد صرخا قائلين: «ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا؟» وكان بعيدا منهم قطيع خنازير كثيرة ترعى. فالشياطين طلبوا إليه قائلين: «إن كنت تخرجنا، فأذن لنا أن نذهب إلى قطيع الخنازير». فقال لهم: «امضوا». فخرجوا ومضوا إلى قطيع الخنازير، وإذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلى البحر، ومات في المياه)!

[16] سفر الخروج (14: 21-25).

[17] سفر يشوع (10: 13).

[18] في انجيل متى (11: 2-6): (أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح، أرسل اثنين من تلاميذه، وقال له: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» فأجاب يسوع وقال لهما: «اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران: العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر في».

[19] يشير رشيد حمامي الى ما ورد في انجيل لوقا (23: 42 و43): (ثم قال ليسوع: «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك». فقال له يسوع: «الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس»). ولكن رشيد حمامي يتجاهل ما ورد في انجيل متى (27: 44) وانجيل مرقس (15: 32) من ان اللصين كلاهما كانا يعيران المسيح: (أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه)!! ... فتناقضات الاناجيل كثيرة جدا جداً!!؟

[20] المذهب البروتستانتي يؤمن بالطبيعتين والمشيئتين في السيد المسيح! كما يؤمن بانبثاق الروح القدس من الآب والابن معاً، ولا يؤمنون بأسرار الكنيسة السبعة! كما انهم لا يؤمنون بالتقليد Tradition أو التسليم الرسولي فهم لا يؤمنون إلا بالكتاب المقدس فقط، ولا يقبلون كل القوانين الكنسية، ولا المجامع المقدسة وقراراتها، ولا يلتزمون بتعاليم الآباء. وبالتالي لا يقبلون كل ما قدمه التقليد من نظم كنسية. ولا يقبلون بالكهنوت وليس عندهم كهنة ولا درجة كاهن في كنائسهم! كما انهم في موضوع الخلاص يركزون فقط على الإيمان، وعدم الاهتمام بكل ما عداه، وهنا يعتمدون على عبارة "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ" (سفر أعمال الرسل 16: 31). ويرون أنه بمجرد إيمان الإنسان يخلص، في نفس لحظة إيمانه، وكأنهم بهذا ينكرون الأسرار اللازمة للخلاص، مثل المعمودية والتوبة، وينكرون دور الكنيسة في موضوع الخلاص، الذي يعتبرونه مجرد علاقة مباشرة مع الله. ويتكرون الطقوس! ولا يؤمنون بكل فاعلية المعمودية! ولا يؤمنون بالاعتراف! ولا يؤمنون بسر الافخارستيا! ولا يؤمنون ببعض أسفار الكتاب مثل طوبيا، يهوديت، يشوع بن سيراخ، باروخ، سفر الحكمة، المكابيين الأول والمكابيين الثاني، وبعض أجزاء أخرى من الكتاب... واعتبارهم إنها أبوكريفا أي منحولة (مزورة)! و"لا يتعاملون مع العهد القديم بالاحترام اللائق لكل تعاليمه، كما لو كان السيد المسيح قد نقض الناموس أو الأنبياء، أو اعتبار أشياء جوهرية في العهد القديم، وكأنها كانت مجرد رموز، وانتهت في العهد الجديد"! ولا يوافقون على أصوام محددة في مواعيد معينة يصومها كل الشعب، فهم لا يصومون الأربعاء والجمعة، ولا أسبوع الآلام، ولا الصوم الكبير، ولا صوم الميلاد، ولا صوم العذراء، ولا صوم الرسل، ولا باقي الأصوام، كما لا يؤمنون بالصوم النباتي. لا يقبلون قيدًا على الإنسان في أكله وشربه بأية صورة! أما الرهبنة فلا وجود لها في البروتستانتية، وكل رتب الخدام متزوجون! و"لا يؤمنون بالصلاة على الموتى فلا يطلبون الرحمة لنفس الميت، ولا النياح له، كل ما يحدث أن يدخل جثمان الميت إلى الكنيسة، لتقرأ بعض الفصول وتلقى العظة، لمجرد تعزية أسرة المتوفى، أو للاستفادة من الموت، ولكن لا يصلون مطلقًا من أجل الميت، ولا يطلبون مغفرة، ولا يسألون الله من أجل أبدية هذا الذي انتقل"! و"لا يؤمنون بشفاعة الملائكة، ولا العذراء، ولا القديسين، ولا شفاعة الموتى في الأحياء، ولا الأحياء في الموتى، لا وساطة إطلاقًا بين الله والناس"! ولا إكرام للملائكة ولا للقديسين، فلا يحتفلون بأعياد القديسين، كما يفعل بقية المسيحيون الكاثوليك والآرثوذكسيين، ولا يقرأون في الكنيسة سنكسارًا يشمل سير القديسين، ولا توجد عندهم تماجيد للقديسين، ولا ذكصولوجيات، ولا تذاكيات، ولا صلاة مجمع، ولا إكرام لعظام القديسين، ورفات أجسادهم"! ولا أيقونات ولا صور في البروتستانتية، وقد أخذت (حرب الأيقونات)، دورًا هامًا في التاريخ، بينهم وبين الكاثوليك. فلا يؤمنون بوجود صور وأيقونات في الكنيسة، ولا بإيقاد شمعة أمام صورة أحد القديسين، ولا بنذر ينذر على اسمه، فهذا نوع من طلب شفاعة، وهم لا يؤمنون بالشفاعة! ولا يؤمنون بدوام بتولية العذراء بل يعتقدون أنها تزوجت بيوسف النجار، وأنجبت منه بنين، عرفوا باسم "أخوة يسوع" (إنجيل متى 13: 55، 56). ولا يكرمون العذراء، وكثيرًا ما يلقبونها باسم "أم يسوع"، ولا يوافقون على عبارة "الممتلئة نعمة" (لوقا 28:1)، بل يترجمونها "المنعم عليها"، وينكرون صعود جسد العذراء إلى السماء، الأمر الذي يعتقد به الكاثوليك والأرثوذكس، ولا يحتفلون بأي عيد من أعياد السيدة العذراء، وبعضهم يقول عن العذراء إنها "أختنا"!! ولا يستخدمون رشم الصليب مع أهمية الصليب في البروتستانتية كوسيلة الرب لفداء البشر، إلا أنهم لا يكرمون الصليب، كما يكرمه الأرثوذكس والكاثوليك. لا يوجد عندهم عيد للصليب، ولا يبدأون الصلاة برشم الصليب، ولا بأسم الآب والابن والروح القدس، ولا ينهونها كذلك، ولا يمسك رعاتهم صلبانًا في أيديهم، لأنه للرشم وللبركة، وهم لا يؤمنون باستخدام الصليب للبركة، ولا بصدور بركة عن الآباء الكهنة، ولا بطريق الرشم. وللمزيد انظر مقال بعنوان (سؤال: ما هي مُجْمَل الخلافات بين الكنيسة الأرثوذكسية و طائفة البروتوستانت؟)، منشور في موقع الانبا تكلا هيمانوت للتراث الآرثوذكسي القبطي، عبر الرابط:  https://bit.ly/3k7hQPL

[21] العهد الجديد (بولس باسيم) / (فهرس3) المتعلق بشروح تاريخية لبعض الالفاظ - ص(1025).

[22] في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: (ان تعليم الثالوث معناه ان الله ثلاثة أقانيم، ولكنه واحد في الجوهر)،،،، (فالله واحد ولكنه في نفس الوقت ثلاثة أقانيم. وهذا احد اسرار الله التي لا تدرك)! انظر ص1875. فالمسيحيون يتحدثون عن الله تعالى أن له جوهر، كما يقولون ان له روح أيضاً كما في في سفر التكوين (1: 2)! فهو مركب من جوهر وروح وثلاثة اقانيم!! وكل ما هو مركب إذن يحتاج بعضه بعضاً فلا يمكن ان يكون قديماً!! أي هو ليس بإله!! تعالى الله عمّا يصفون.

ومن جهة أخرى قالوا بأن الاقنوم الثاني له ناسوت بالاضافة الى اللاهوت، وكلاهما قديم!! أي جعلوا لله جزءاً مادياً قديماً، فتكون المادة الناسوتية في الإله قديمة كما ان الاقنومين الآخرين (الأب والروح القدس) قديمان!! وهذا يعني تعدد القدماء، وهو من اقسام الشرك!! ولا يجوز تعدد القدماء عقلاً. قال السيد محمد الشيرازي: (فلا يمكن تعدد الواجب لأنه لو كان في البين واجباً الوجود لكان لهما جهة اشتراك وجهة امتياز ـ إذ لولا جهة الاشتراك لم يشتركا في صفة الوجوب، ولولا جهة الامتياز لم يكونا إثنين ـ وحينئذ يلزم تركيب الواجب، فجزآ الواجب لو كانا واجبين لزم التسلسل أن ننقل الكلام في كل جزء وإن كانا ممكنين لزم الخلف، إذ باجتماع ممكنين لا يتحقق الواجب). انظر: القول السديد في شرح التجريد للسيد محمد الشيرازي / دار الايمان في قم المشرفة / الطبعة الاولى، 1961م – ص282.

قال تعالى في سورة الشورى الآية (11): ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)). وقال تعالى في سورة الإخلاص: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ))، وقال تعالى في سورة النساء الآية (171): ((وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلً)).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/16



كتابة تعليق لموضوع : أخطاء محاضرة "الاخ رشيد" عن المسيح – ( 4 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net