صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

الولاية سلطة النفع وليس الانتفاع
الشيخ ليث الكربلائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تُستعمل مفردة الولاية في الفقه بمعنى السلطة في موارد كثيرة منها قولهم ( ولي الأمر ، ولاية الأب والجد ، ولاية الحاكم الشرعي ...) وغيرها فهذه كلها بمعنى السلطة لكنها ليست سلطة مطلقة كما هو انطباع كثير من الناس عنها بل هي سلطة مقيَّدة بتحقيق منفعة  المولَّى عليه والا انتقضت الولاية ، وهذا أحد وجوه الفرق بينها وبين الحق فمثلا ولاية الحاكم على الناس وولاية الأب على ابنه القاصر تختلف عن حقك في التصرف بأموالك من جهة ان شرعية تصرفات الحاكم مشروطة بتحقيق منافع الناس ولا ولاية له عليهم في اي تصرف بخلاف مصالحهم حتى إن كانت فيه مصلحته الشخصية، وكذلك ولاية الأب مشروطة بتحقيق منفعة الولد ولا ولاية له في خلاف ذلك فأي تصرف للوالد في أموال ولده القاصر ليس فيه منفعة للولد يُعدُّ في الرؤية الدينية تصرفا غير شرعي وغير نافذ حتى ان كانت فيه منفعة للوالد نفسه وهكذا .. بينما يحق لك التصرف بأموالك كيف تشاء ضمن الضوابط العامة من هنا قال بعض الباحثين في تعريف الولاية بأنها " سلطة النفع بمعنى التمكين من المنفعة أمّا الحق فهو سلطة الانتفاع" (ظ: الخلخالي، الحاكمية في الاسلام: ص175)
فوظيفة الولي نبياً كان او إماما او حاكما شرعيا او أبا او جدا... تقتصر على تمكين من له الولاية عليهم من منافعهم ومصالحهم على الوجه الذي يناسب مورد ولايته وليس له ان يَخرج في تصرفه عن هذا المقدار والا كان آثماً ضامنا، لذا يمكن القول أنَّ الولاية في حقيقتها مسؤولية تكون أحيانا شاقة بالنسبة للولي ولا يحق له تجييرها لمنفعته الشخصية بينما هي منفعة للمولّى عليه وضمانٌ لمصالحه.
أما إذا تعسف الولي ووظف ولايته في ما لا مصلحة فيه للمولّى عليه فلا شك في انتقاض ولايته في تلك الموارد، وخلاصة القول في كلمة موجزة لسماحة السيد جعفر الحكيم حفظه الله يقول فيها: " ان الولاية سلطة مقيَّدة في جوهرها بنفع الغير او عدم الإضرار به على الأقل، فالولي إذا تجاوز هذا الحد انفسخت ولايته تلقائيا في الرؤية الدينية، فالظالم ليس وليا أصلا، لا أنه ولي قد تصرف بصورة غير شرعية" (بحث الكلام، السنة6/ الإمامة/ الدرس196).
ومنه يتضح عدم صحة تحميل الرؤية الدينية للولاية سلبيات المفهوم العرفي لها الذي يبلغ أحيانا حد التعسف والدكتاتورية بل ولا يصح تحميلها سلبيات التطبيق غير المنضبط، إذ خروج بعض التطبيقات عن حدها المرسوم لها لا يكشف بالضرورة عن عيب في النظرية نفسها وهذا غير خاص بالرؤية الاسلامية بل كلنا نرى كيف يتم مثلا توظيف قانون حقوق الانسان توظيفا سلبيا من قبل الدول الاستعمارية في محاصرة الدول الضعيفة وغيره نماذج كثيرة لا تخفى على المتتبع . فالموقف الصحيح ازاء ذلك يتمثل برفض التوظيف الخاطىء لا بالتخلي عن أصل الفكرة على فرض أنها سليمة . وإلا لما قامت قائمة لأي نظرية؛ إذ ليس في البَين ثمة نظرية - لا في الاسلام ولا في غيره - تتضمن في نظامها الداخلي حصانة تكوينية ضد التوظيف الخاطئ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/13



كتابة تعليق لموضوع : الولاية سلطة النفع وليس الانتفاع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net