صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

أخطاء محاضرة "الاخ رشيد" عن المسيح – ( 3 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 ومبشراً برسول ياتي من بعدي
ثم يذكر رشيد حمامي قوله تعالى في الآية (6) من سورة الصف: ((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)).
ويعترض رشيد فيقول ان الاناجيل ذكرت ان يوحنا هو الذي كان يمهد الطريق للمسيح، بينما نبي الاسلام جعل المسيح هو الممهد له، وانه استعمل لغة انجيلية بقوله (ومبشراً)!
يا رشيد حمامي، إنَّ الاناجيل التي تؤمن بها مضطربة في العلاقة بين يوحنا المعمدان والمسيح، كما سنبينه، كما انها تبيِّن ان يوحنا المعمدان نجح في وظيفته النبوية اكثر بكثير من نجاح المسيح! ففي انجيل متى (3: 1-3): (وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلا: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات. فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل: صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة»)، فيكون العهد القديم في هذا الموضع قد بشّر بيوحنا المعمدان وليس بالمسيح!! وفي انجيل مرقس (1: 4-8): (كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الأردن، معترفين بخطاياهم. وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، ومنطقة من جلد على حقويه، ويأكل جرادا وعسلا بريا. وكان يكرز قائلا: «يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه. أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس»). وهذا النص الخطير يكشف عن ان يوحنا المعمدان، وبدون ان يجري اي معجزات نجح في جذب جميع اليهود اليه فعمدهم جميعاً، جميع اهالي اليهودية واورشليم، معترفين بخطاياهم! في حين ان المسيح مع المعجزات التي جاء بها لم يتمكن ان يحقق هذا النجاح!! وحتى شكله بقي مجهولاً لغالبية اليهود بحيث انهم احتاجوا ليهوذا الاسخريوطي ليدلهم عليه وليميزه لهم من بين تلاميذه ساعة القاء القبض عليه!! واما انجيل لوقا (1: 16 و17) فيكشف الدور الموكل الى يوحنا المعمدان حيث جاء كلام الملاك لزكريا: (ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته، ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا»).
 
وكذلك فإنَّ يوحنا المعمدان بالاضافة الى انه لم يكن يعرف شخص المسيح ولا وظيفته ولم يكن يمهد له، فقد كان له تلاميذ واتباع وتكونت له طائفة لها وجود حتى اواخر القرن الاول الميلادي وقت كتابة انجيل يوحنا[1]، ولم يندمج هو او تلاميذه مع دعوة المسيح، بل بقيت له شخصيته الدينية اليهودية المستقلة. مما يدل على انه لم يكن ممهداً للمسيح بل لنبي آخر الزمان.
والاناجيل الاربعة ترسم صورة متناقضة للعلاقة بين يسوع المسيح ويوحنا المعمدان ، الصورة الاولى هي:
•     ان يوحنا المعمدان ظهر ليمهد الطريق لدعوة يسوع المسيح[2].
•     ان يسوع المسيح بدأ دعوته بعد أعتقال يوحنا المعمدان[3]، حيث ان يوحنا يمثل في عقيدة المسيحيين آخر أنبياء العهد القديم[4].
•     ان يسوع المسيح تعمًّد على يد يوحنا المعمدان[5]وان يسوع عندما أراد ان يتعمًّد على يد يوحنا المعمدان قال له يوحنا بأنه هو الذي يجب ان يتعمًّد على يد يسوع وليس العكس[6].
•     في انجيل يوحنا (1: 15-40) نقرأ كلام ليوحنا المعمدان يشهد به للمسيح من قبيل: (هذا هو الذي قلت عنه: إن الذي يأتي بعدي صار قدامي، لأنه كان قبلي) ،،، (ومن ملئه نحن جميعا أخذنا، ونعمة فوق نعمة. لأن الناموس بموسى أعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا. الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر)!،،، (أنا أعمد بماء، ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه. هو الذي يأتي بعدي، الذي صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه)! ،،، (وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا إليه، فقال: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم! هذا هو الذي قلت عنه: يأتي بعدي، رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي. وأنا لم أكن أعرفه. لكن ليظهر لإسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء». وشهد يوحنا قائلا: «إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه، لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله». وفي الغد أيضا كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه، فنظر إلى يسوع ماشيا، فقال: «هوذا حمل الله!». فسمعه التلميذان يتكلم، فتبعا يسوع)! وهذا النص سنرى بعد قليل ان هناك نصوص في الاناجيل الازائية الثلاثة تنقضه!!
 
هذه الصور تتناقض مع الصورالاخرى في الأناجيل الأربعة:
     ان تلاميذ يوحنا المعمدان استمروا محافظين على تعاليم يوحنا المعمدان بعد أعتقاله ، فالانجيل يخبرنا عن وجود تلاميذ ليوحنـا المعمدان يتعبدون بتعاليمه أثناء حياة يسوع المسيح[7]، غير أن يسوع لم يطلب منهم الايمان به وأتباعه ولا يوحنا المعمدان طلب منهم ذلك .
     لم تذكر الاناجيل الازائية أي شخص تحول في أيمانه الى يسوع المسيح وترك الايمان بيوحنا المعمدان أو تعاليمه مثلما كان يحدث مع اليهود والفريسيين والوثنيين الذين يتركون عقيدتهم ويؤمنوا بعقيدة يسوع المسيح (بحسب رواية الاناجيل) . فقط انجيل يوحنا (1: 37) يذكر ضمن الصورة المضطربة التي يرويها عن يوحنا المعمدان وانه كان يعرف شخص المسيح وانه يصرّح بأنه "المسيح ابن الله" يذكر ايضاً ان اثنان من تلاميذ يوحنا المعمدان قد تركاه وتبعا المسيح!! في نفس الوقت نقرأ ان انجيل مرقس (1: 14) يقول ان المسيح لم يبدأ دعوته وبشارته الا بعد اعتقال يوحنا: (وبعدما أسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله)!
     بعدما وجدنا ما ورد في انجيل يوحنا من تمجيد من قبل يوحنا المعمدان للمسيح، نقرأ في الاناجيل الازائية ان يوحنا المعمدان لم يكن يعرف من هو المسيح! ويجهل حقيقة يسوع وحقيقة وظيفته ! بحيث انه أرسل له وهو في السجن من يسأل يسوع عن حقيقته[8]!؟ وأيضاً في انجيل لوقا (7: 13-19): (فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه، وأرسل إلى يسوع قائلا: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» فلما جاء إليه الرجلان قالا: «يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك قائلا: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين. فأجاب يسوع وقال لهما: «اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: إن العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر في»)!
     انَّ ما ورد في الأناجيل الأربعة يفهم منه إنَّ دعوة يسوع المسيح هي دعوة متكاملة مع دعوة يوحنا المعمدان وان هاتين الدعوتين كانتا تسيران في خطين متوازين لان مصدرهما واحد وهدفهما واحد مما ينفي عن يسوع المسيح المزاعم القائلة بأنه كان محور احداث العهدين القديم والجديـد - لأنه لو كان كذلك لصب مجرى دعوة يوحنا المعمدان في يسوع المسيح بدل ان يتوازى معه - وفي هذا الامر نقض لعقيدة أتباع بولس.   
 
واما بخصوص العبارة التي وردت في انجيل يوحنا (18: 6): (فلما قال لهم: «إني أنا هو»، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض)! حيث تبين حدوث اضطراب غير مفهوم الاسباب في ساعة القبض على المسيح! فقد حاول رشيد حمامي تجاوز هذه النقطة وعدم التعليق على مأزقها! وانتقل الى كلام وعظي عن دور المسيح بالاعلان عن نفسه وان الموضوع لاهوتي متعلق بالعهد القديم!! ويصور المسيح كالبطل الذي يتقدم الى الاعدام غير آبه!! متناسياً ان هذه هي وظيفة المسيح التي من اجلها نزل الى الارض وتجسد، بحسب العقيدة المسيحية، فقد تجشّم الاقنوم الثاني عناء التجسد منذ ان كان طفلاً وصبر على نفسه ينمو في جسد بشري رضيعاً ثم طفلاً ثم فتى ثم شاب الى ان بلغ الثلاثين سنة فسمح لنفسه حينئذٍ ان تبدأ بشارته بدعوته الناس للتوبة بعدما تعمَّد على يد يوحنا المعمدان!!؟! ثم يستفز اليهود بأن يجري المعجزات ويخفي حقيقة شخصيته ويتحدث معهم بالامثال غير المفهومة المغزى من اجل ان يثيرهم ضده فيتآمروا عليه ليقتلوه، بل هو في حقيقته انتحار على الصليب، وبعد ان يُقتل على الصليب يصبح لديه الحق في غفران خطايا المؤمنين به! ذلك الحق الذي كان عنده منذ البداية فلماذا اتعبنا المسيح بكل هذا اللف والدوران!! الم يكن يوحنا المعمدان اكثر رفقاً بالناس من المسيح حيث دعاهم للتوبة بكل وضوح!!
 
 اما تصريح رشيد حمامي بأن القرآن استخدم لفظ التبشير فاستخدم لغة انجيلية جاعلاً موضوع الانجيل البشارة بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وذكر قوله تعالى: ((وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)) وكأنما هذا اللفظ من مختصات المسيحية!! فماذا تريده ان يقول، مثلا ان يقول: (مكرزاً برسول ياتي من بعدي)! مع ان لفظ (يكرز) و(كرازة) هي من الالفاظ الدخيلة على العربية وليست الفصيحة، ولم يعرفها العرب[9]!! ام تريد الآية ان تقول: ومعلناً انجيلي برسول يأتي من بعدي اسمه احمد"، بإعتبار ان كلمة انجيل تحمل معنى الخبر السار او البشارة!! 
لقد استعمل القرآن الكريم في العديد من آياته الكريمة كلمات: يبشِّر، نبشِّر، بشّرتموني، بشّرناك، ابشروا، بشرى، بشراكم، بشير. فمتى كانت هذه اللفاظ والمعاني حكراً على المسيحية الا في هذيان بعض المبشرين النصارى!!
 
معنى كلمة (المسيح)
ويقول رشيد حمامي ان نبي الاسلام اخذ وظيفة المسيح وجعل المسيح بوظيفة يوحنا المعمدان! فبدلا من ان يكون محور العهد القديم ونبوءات الانبياء هو المسيح جعلها نبي الاسلام تحوم حول شخصه! وان معنى المسيح اي الشخص المختار، وان هناك مسحاء آخرين وردوا في العهد القديم من قبيل تعبير مسيح الرب، لكن ان يكون بلفظ (المسيح) فهو المقصود به يسوع ابن الإله! وان تفاسير المسلمين مضحكة حول تفسيرهم لمعنى كلمة المسيح فاحدها يجعل معنى المسيح انه ذو القدم المسطحة والآخر يجعلها اشتقاقاً من تعبير يسيح في الارض! هكذا انتقى معنيين فقط مما ورد في كتب المسلمين وترك معاني عديدة أخرى!! فأين هو المنهج العلمي الذي تتبعه يا رشيد حمامي؟!!
ولجواب كلامه نجد اننا امام الأسألة التالية:
1.     هل ان محور نبوءات العهد القديم هو المسيح أم نبي آخر الزمان محمد؟
2.     هل ورد في الكتاب المقدس ظهور انبياء بعد المسيح؟
3.     ما معنى كلمة (مسيح)؟
4.     هل ذكر المسيح للناس في زمانه انه المسيح الذي تنبّأ به العهد القديم؟ 
5.     لماذا لم يكن رشيد حمامي يعرف اجوبة هذه الاسألة السابقة اعلاه؟!
فأما جواب السؤال الاول، فقد ذكرنا في اكثر من بحث ومقال ان هناك عدة احبار يهود وعلماء مسيحيين تعمقوا في قراءة مخطوطات التوراة واسفار الانبياء والاناجيل بلغاتها القديمة التي كتبت بها واعلنوا ان اسم (محمد) ورد فيها وانه المقصود بالنبي الموعود المبشّر به في آخر الزمان. فليس الموضوع متعلقاً بالقرآن وحده انه ذكر ان المسيح بشّرَ برسول يأتي من بعده اسمه (أحمد) بل هو موضوع لاهوتي بالدرجة الاساسية يتعلق بالديانتين اليهودية والمسيحية.
وكما قال ميخا النبيّ (751- 693) ق.م كما وَرَدَ في سفر اخبار الايام الثاني (18: 13): (حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ إِلهِي فَبِهِ أَتَكَلَّمُ). فهؤلاء وجدوا اسم (محمد) في العهد القديم فلم يكن امامهم الا ان يذعنوا للموضوع لأنهم يطلبون الحق والحقيقة.
انظروا لهذا الاعتراف في موقع مسيحي قبطي آرثوذكسي ان ظاهر كلمات في الكتاب المقدس بلغاته القديمة هي اسم (محمد) والنبوءة بمجيئه، حيث كتب القمص عبد المسيح بسيط: (زعم البعض أنَّ هناك نبوّات كثيرة تنبّأ بها الكتاب المقدّس بعهديه، القديم والجديد، عن نبي المسلمين، بلّ وحاولوا تصوير أنَّ جوهر رسالة المسيح هي البشارة بمجيئه!! وكتبوا في ذلك عشرات بل مئات المجلدات والكتب والمقالات عبر مئات السنين، وكلها تكرّر نفسها وتقتبس من بعضها البعض نفس النصوص ونفس الإدعاءات. كما وضعوها على لسان أبطال المسلسلات التلفزيونية حتى يحفظها ويردّدها العامّة من الناس. والأمر الغريب في ذلك أنهم يستشهدون بآيات الكتاب المقدّس ويحاولون تفسير كل كلمة فيها، بلّ وفي أحيان كثيرة يرجعون إلى لغات الكتاب المقدّس الأصلية، العبرانيّة واليونانيّة، لا ليستشهدوا بمعناها ومغزاها اللغويّ،  بل يؤوّلونها ويفسّرونها حسب ظاهرها، بما يخدم أغراضهم، وليس بحسب جوهرها ومعناها الحقيقي!!)[10]. انظر في نهاية كلامه كيف يرفض دلالات ظاهر الفاظ الكتاب المقدس والتي تدل على اسم (محمد) ويريدون تفسيرها تفسيراً باطنياً بحسب اهوائهم!! 
واليهود في زمن المسيح لم يكونوا ينتظرون المسيح وحده، بل كانوا ينتظرون: المسيح وايليا والنبي، ويقصد به نبي آخر الزمان، كما في انجيل يوحنا (1: 19-21): (وهذه هي شهادة يوحنا، حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، وأقر: «إني لست أنا المسيح». فسألوه: «إذا ماذا؟ إيليا أنت؟» فقال: «لست أنا». «ألنبي أنت؟» فأجاب: «لا»).
فهذه شهادة مهمة بأن المسيح وحده لم يكن محور نبوءات العهد القديم، ومن فمك ادينك.
 
واما جواب السؤال الثاني (هل ورد في الكتاب المقدس ظهور انبياء بعد المسيح؟)، فنعم المسيحيون يعتبرون تلاميذ المسيح وبولس وكتبة الاناجيل الاربعة المنسوبة الى متى ومرقس ولوقا ويوحنا، وكذلك يوحنا كاتب سفر الرؤيا، يجعلونهم انبياء ويطلقون عليهم لفظ (رسول)، ويجعلون كلامهم وحياً إلهياً مقدساً!
ومن جهة اخرى نجد أنَّ المسيحيين لا يمنعون القول بظهور نبي جديد بعد المسيح.
وفي سفر اعمال الرسل (13: 1): (وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع، وشاول).
وفي رسالة بولس الاولى الى اهل كورنثوس (12: 28): (فوضع الله أناسا في الكنيسة: أولا رسلا، ثانيا أنبياء، ثالثا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء، أعوانا، تدابير، وأنواع ألسنة). 
وفي (14: 37) يقول بولس عن نفسه: (إن كان أحد يحسب نفسه نبيا أو روحيا، فليعلم ما أكتبه إليكم أنه وصايا الرب).
وفي رسالته الى افسس (4: 11): (وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلا، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين).
وفي رسالة يوحنا الاولى (4: 1-3): (أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم).
وفي اعمال الرسل (15: 32): (ويهوذا وسيلا، إذ كانا هما أيضا نبيين، وعظا الإخوة بكلام كثير وشدداهم).
ولكنهم بعد المسيح يشترطون لصحة ان يكون النبي نبياً ان يكون من ضمن الكنيسة! فقط اغابيوس كان يهودياً فيما يبدو وجاء ذكره في أعمال الرسل (11: 27- 28): (وفي تلك الأيّام، نزل أنبياء من أورشليم إلى إنطاكية. فقام واحد منهم اسمه أغابيوس، فأنبأ بالروح أن ستكون مجاعة شديدة في جميع المسكونة. وقد وقع ذلك في أيّام كلوديوس). فالنص يتحدث عن عدة انبياء وليس اغابيوس وحده، نزلوا من اورشليم ولم يصرِّح انهم من اتباع المسيح، فهم إذن من اليهود. وفي (21: 10 -11): (وبينما نحن لابثون هناك (قيصرية فلسطين)، نزل نبي من اليهودية اسمه أغابيوس. فدخل إلينا وأخذ منطقة بولس وأوثق بها رجليه ويديه وقال: هذا ما يقول الروح القدس: إن الرجل صاحب هذه المنطقة، سيوثقه اليهود هكذا في أورشليم ويسلمونه إلى أيدي الأمم). ويمكن ان يكون هذا تحذيراً لبولس لكي يرتدع عن دعوته الجديدة!
والمسيحيون دفعاً للاحراج اعتبروا اغابيوس من القديسين! ويحتفلون له بيوم مخصوص في السنة وهو عند الكنيسة الكاثوليكية في 13 شباط / فبراير وعند الكنائس الشرقية في 8 آذار/ مارس! ويقول موقع الانبا تكلا همانوت القبطي: (يقول تقليد متأخر إن أغابوس كان واحدًا من تلاميذ المسيح السبعين)[11]! هكذا بدون اي دليل على صحة ما يذكرونه، فلا هو مذكور في العهد الجديد كأحد الرسل السبعين ولا لديهم تاريخ من خارج العهد الجديد او وثيقة تذكر صحة هذا الادعاء!!
إذن لم يكن المسيح خاتم الانبياء، وظهر بعده انبياء عديدون آخرهم رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
 
 واما جواب السؤال الثالث (ما معنى كلمة مسيح؟)، فقد ورد في العهد الجديد (بولس باسيم) في فهرس (شروح تاريخية لبعض اللفاظ): (المسيح: من مَسَحَ، أي دهن بالزيت، كان الاقدمون يمسحون الملوك عند توليهم الملك، وكان اليهود يمسحون عظيم الاحبار عند تنصيبه. اطلقوا هذا الاسم على رسول الله الذي كانوا ينتظرونه لخلاصهم (يو4/25)، بيد انهم توهموا ان المسيح منقذ سياسي دنيوي اكثر منه رسول يعلن ملكوت الله ويكشف للناس عن اسراره ويدعوهم الى التوبة والبر وينقذهم من الشيطان ولذلك نهى يسوع تلاميذه عن اذاعة خبره (متى16/20) فالمسيح هو الذي ارسله الله منقذاً ومخلصاً وهو يسوع الناصري ابن ابراهيم ابن داود (متى1/1) وابن الله. حملته امه من الروح القدس (متى1/20 لو1/32) وانقذ الناس من خطاياهم (متى1/21 يو1/29))[12]. 
اما قول المسيحيين ان اليهود اخطأوا حينما كانوا ينتظرون مسيحاً مخلصاً دنيوياً فهذا من وهم المسيحيين لأن المسيح الموعود كان يفترض به إحياء شريعة موسى ودولة داود وسليمان، فحينما جاء المسيح وقال: اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، كشف عن انه ليس الموعود المنتظر وهو نفسه قال بان بعده نبياً أسمه (احمد). فلجأ اتباع بولس الى هذه الذريعة بأن اليهود كانوا مخطأين انقاذاً لأنفسهم من المأزق الديني الذي وضعتهم فيه نصوص العهد القديم.
واما معنى لقب (المسيح) عند علماء المسلمين، فقد قالوا الآراء التالية واهمها:
ـ لأنه مسح بالبركة[13].
ـ لأنه مسح بالتطهر من الذنوب[14].
ـ لأنه مسح بدهن زيت بورك فيه . وكانت الأنبياء تتمسح به[15].
ـ سماه الله بذلك لتطهيره إياه من الذنوب ، وقيل مسح من الذنوب والأدناس التي تكون في الآدميين كما يمسح الشئ من الأذى الذي يكون فيه[16].
ـ الكلمة عبرانية أو سريانية مشيحا ، فعربت فقيل المسيح[17]. وقالوا: أصله "مشيحا" بالعبرانية ومعناه: المبارك كقوله: ((وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ))، وكذلك "عيسى" معرب من "ايشوع"[18]. وقالوا: إنه سرياني ، وأصله مشيحا ، فعربت كما عربت أسماء الأنبياء[19]. 
ـ سمي مسيحا لأن جبرئيل مسحه بجناحيه وقت ولادته يعوذه بذلك من الشيطان[20].
ـ لأنه كان لا يمسح ذا عاهة بيده إلا برأ[21].
ـ أصله أنه مسح من الأقذار وطهر[22].
ـ المسيح عيسى بفتح الميم والتخفيف ، وهو الصديق[23].
ـ سمي مسيحا لأنه خرج من بطن أمه[24] ممسوحاً بالدهن[25].
ـ سمي بذلك لأنه كان يمسح الأرض مشيا[26]. وقالوا: سمي عيسى عليه السلام مسيحا لسياحته في الأرض ، وقيل ، أصل مسيح فعيل من مسح الأرض لأنه كان يمسحها أي يقطعها[27].
ـ قال السيد الطباطبائي: الذي يمكن أن يعول عليه أن هذا اللفظ كان واقعا في ضمن البشارة التي بشر بها جبرائيل مريم عليه السلام على ما يحكيه تعالى بقوله " إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم " وهذا اللفظ بعينه معرب " مشيحا " الواقع في كتب العهدين . والذي يستفاد منها أن بني إسرائيل كان من دأبهم أن الملك منهم إذا قام بأمر الملك مسحته الكهنة بالدهن المقدس ليبارك له في ملكه فكان يسمى مشيحا فمعناه إما الملك وإما المبارك[28]. 
وفي موضع آخر قال: قوله " انما المسيح " أي المبارك[29].
هذه اشهر اقوال المفسرين المسلمين بخصوص معنى كلمة (المسيح) الواردة في القرآن الكريم. غير ان رشيد حمامي لجأ الى قولين شاذين فقط وغير معتبرين ونقلهما لكي يقول للناس ان هذا هو كلام المسلمين وفهمهم لمعنى لقب (المسيح)! اين الامانة العلمية يا رشيد؟!
والذي نستشفّه من اقوال المفسرين أنَّ المسيح هو المبارك الممسوح من قبل الله سبحانه، الله عزَّ وجلَّ هو الذي مسحه وليس اليهود. فاليهود كانوا يمسحون الكهنة والملوك بالزيت المقدس، اما النبي عيسى (عليه السلام) فقد كانت له الى جانب وظيفته النبوية وظيفة كهنوتية[30]، والمسيحيون يعترفون بهاتين الوظيفتين. فالله سبحانه وتعالى كرّم المسيح ورفعه فوق القانون والطقوس اليهودية لأنه جاء ليقومها وينسخها، فكيف يقوّم شيء ياخذ بركته أو شرعيته منه! لا يمكن ذلك، ولذلك كان المسيح مسيحاً وممسوحاً من قبل الله جلَّ جلاله. وربما لذلك استعمل القرآن الكريم هذا اللقب للمسيح، ليعلن في كل العصور والازمنة ان المسيح عيسى بن مريم هو رسول الله وهو الممسوح من الله. فإذا كان النبي عيسى قد حصل على لقب المسيح وأصبح ممسوحاً مباشرة من الله فلا يمكن أن يكون إلهاً كما هو واضح. ولذلك فإنَّ الآيات التي يبين الله سبحانه فيها كفر مقوله تأليه المسيح يستخدم فيها تعبير (المسيح بن مريم) وليس (المسيح عيسى بن مريم) الوارد في آيات أخرى، وربما هذا للتركيز على ان لقب المسيح يعني ان حامله لا يمكن أن يكون إلهاً لأنه اخذ شرعيته من الله تبارك وتعالى، فهو ليس الله ولا ابنه، لأنه لو كان كذلك لكانت الشرعية تلقائية ولما احتيج الى لقب (المسيح)! 
فالمسيحيون واقعون في مازق كبير حينما يطلقون لقب المسيح على عيسى بن مريم (عليهما السلام) ثم يقولون انه الله او ابن الله، اي انهم يظهرون انفسهم ومعتقدهم في غاية اللامنطق واللاعقل!!
والآيات التي اشرنا الى انها تذكر تعبير (المسيح بن مريم) نجدها في قوله تعالى:
        في الآية (17) من سورة المائدة: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)).
        في الآيات (72-75) من سورة المائدة: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)).
        الآيتان (30 و31) من سورة التوبة: ((وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)).
فقوله تعالى: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ))، وفيها يضمحل اسم (عيسى) ولا يظهر في الآية، ربما لأن التركيز على اسم (المسيح) وهو متضمن معنى انه ممسوح من قبل الله ومختار ومصطفى منه سبحانه وانتم ايها الكفار تجعلونه نداً لله تبارك اسمه الذي خلقه واصطفاه ومسحه، فلذلك لم يذكر اسم (عيسى) في هذا المورد والموارد المماثلة، ويستعاض عنه بلقبه (المسيح) وهو الذي يبين ان ابن مريم مبارك من الله ومسيح من الله فكيف تكفرون بان تجعلونه الله نفسه! او ابن الله! او نداً لله، تعالى الله عما يصفون. فكل شيء يضمحل امام عظمة الله تبارك وتعالى.
الايات التي استعملت تعبير (المسيح عيسى بن مريم)، ربما كان الاستعمال في مواضع الحفاوة والتكريم، وهي في قوله تعالى: 
    الآية (45) من سورة آل عمران (عليهم السلام): ((إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ)).
    الآية (157) من سورة النساء: ((وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً)).
    الآية (171) من سورة النساء: ((يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)).
 
اما الآيات التي ذكرت (المسيح) وحده فنجدها في الآية (172) من سورة النساء قوله تعالى: ((لَن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلَّهِ وَلاَ المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً)). ودلالتها واضحة، فكيف يمكن ان يستنكف الانسان وكل شيء عنده من الله. ولاسيما المسيح المولود من غير أب وجعله اللهُ سبحانه مسيحاً مباركاً، هل يعقل ان يستنكف مثل هذا الانسان؟! فالآية الكريمة لم تذكر اسم امه المبارك وهو ايضا ليس لديه اب، في اشارة الى انه كان لأن الله باركه ومسحه بعد ان خلقه بطريق اعجازي. فهل يعقل ان يستنكف من يحمل هذه الصفات؟! فالآية الكريمة تلفت الانتباه الى ان المسيح ليس لديه شيء لولا ان اعطاه الله كل شيء يملكه من وجود اعجازي وبركة وجعله مسيحاً. فكيف يستنكف مثل هذا الانسان وكيف تعتبرونه ايها الكفار إلهاً!! لقد كفرتم بالنعم التي انعمها الله سبحانه على المسيح ثم كفرتم بان جعلتم لله شريك في الألوهية.
واما الآيات التي ذكرت تعبير (عيسى ابن مريم) بدون لقب المسيح، فربما هي التي تتحدث عن المسيح من حيث نبوته، او باعتبارات مغايرة للاعتبارات التي ذكرناها سابقاً، ونجدها في  قوله تعالى:
•        الآية (87) من سورة البقرة: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُـكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)).
•        الآية (253) من سورة البقرة: ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)).
•        الآية (46) من سورة المائدة: ((وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)).
•        الآية (78) من سورة المائدة: ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)).
•        الآيات (110-116) من سورة المائدة: ((إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ العَالَمِينَ (115) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ (116) )).
•        الآية (34) من سورة مريم (عليها السلام): ((ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)).
•        الآية (7) من سورة الاحزاب: ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً)).
•        الآية (27) من سورة الحديد: ((ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)).
•        الآية (6) من سورة الصف: ((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)).
•        الآية (14) من سورة الصف: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)).
 
نعود الى رشيد حمامي لنجده يقول: عندما يقول المسلمون ان المسيح جاء ليبشر بنبي الاسلام فهذا ليس اكرام للمسيح بل هو اكبر اهانة للمسيح لأنهم يجعلون كل مهمته هو التبشير بنبي الاسلام وان المسيحيون لا يقبلون بذلك!!! لأن معنى لقب المسيح عندهم بالالف واللام انه هو المختار الذي ينتظره الناس! وكلامه هذا متهافت جداً فمن الطبيعي ان المسيحيين لا يقبلون بان يكون إلههم المتجسد مبشراً برسول يأتي من بعده، وكل صاحب دين لا يقبل الا بما يؤيد دينه، ما دام لا يبحث عن الحق! وكل أهل ملّةٍ لا يقبلون الا بثوابت ملَّتهم، إنما البحث في أصالة تلك الثوابت وحقانيتها. فكلامنا هل الحق هو ان المسيح قد بشّر برسول من بعده أسمه (أحمد) أم لم يبشر لكونه إله متجسد!
 
واما جواب السؤال الرابع (هل ذكر المسيح للناس في زمانه انه المسيح الذي تنبّأ به العهد القديم؟)، فقد بيّنا في مقالنا ("مسيح الاناجيل الأربعة" وصواب رفض اليهود له) ان المسيح لم يفصح عن شخصيته امام عامة الناس في المجتمع اليهودي، وهو ما اعطى المبرر لليهود ليتآمروا على قتله، ولهم الحق في ذلك بإعتبارهم اصحاب دين توحيدي. فلمن يرغب بالاطلاع على الموضوع يمكنه مراجعة مقالنا المذكور للاطلاع على تفاصيله[31].
 
وأما جواب السؤال الخامس (لماذا لم يكن رشيد حمامي يعرف اجوبة هذه الاسألة السابقة اعلاه؟!)، فليس هناك فرق عند رشيد حمامي سواء عرف اجوبة هذه الأسألة سابقاً لم يعرفها، لأن سبب ارتداده عن الاسلام ليس قلّة معرفة بالاسلام، بل دوافعه النفسية التي جعلته يبحث عن الشواذ في التاريخ والتفاسير الاسلامية من اجل الايحاء لنفسه صواب تركه للاسلام!!؟ ((خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ  ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ))[32]. 
 
هل المسيح وحده هو منتظر العهد القديم؟!
يقول رشيد حمامي ان المسيحيين لم يكونوا ينتظرون شخصاً غير المسيح، ويذكر عبارة في اعمال الرسل (3: 18- 20) والتي جاء فيها: (وأما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه[33]، أن يتألم المسيح، قد تممه هكذا. فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم، لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب. ويرسل يسوع المسيح المبشَّر به لكم قبل). وقال رشيد حمامي: جميع انبياه العهد القديم تكلموا عن المسيح والمسيحيون لم يكونوا ينتظرون اي شخص بعد المسيح، فالمسيح عندهم هو البداية والنهاية، وانَّ كل الانبياء تكلموا عن المسيح وكل اسفار الكتاب المقدس تجد فيها اشارات عن مجيء المسيح! وجواب دعواه هذه يكون من عدة جوانب:
فأولاً. الكلام المنسوب لبطرس والمذكور آنفاً في اعمال الرسل (3: 18- 20) يجانب الصواب، فليس جميع الأنبياء ذكروا الآلام المزعومة للمسيح! نعم هناك نبوءات تخص ظهور المسيح في بعض اسفار العهد القديم وليس جميعها، فليس "جميع الانبياء" قال ذلك بل بعضهم، وقد لا نختلف حول وجود تلك النبوءات في تلك المواضع، ولكن نختلف في تشخيص من هو المسيح الذي اشارت اليه نبوءات العهد القديم هل هو المسيح النبي الذي نجّاه الله سبحانه من الصلب والقتل، ام المسيح الأقنوم الثاني ابن الإله والإله الذي قتله اليهود!! وتلك النبوءات التي تخص المسيح والمشار اليها في العهد القديم لم تذكر آلام المسيح ولا صلبه، وقد يفهم بعض علماء المسيحية ذلك بلي عنق النصوص، وإلا فإن نبوءة مثل التي وردت في سفر المزامير (6:20) : (إن الرب مخلِّص مسيحه) بالتأكيد انها تخص نجاة المسيح من كيد اعداءه وتخليصه، فلا صليب ولا قتل، متناغمة بذلك مع ما جاء به الاسلام.
في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس قالوا عمّا نُسِبَ لبطرس في اعمال الرسل (3: 18) آنفاً، كتبوا: (هذه النبوات وردت في سفري المزامير وإشعياء (مز 22، إش 6:50 ، 5:53))[34]. فهم يعترفون ضمنياً بكذب هذه العبارة حيث اشارة الى موضع واحد في سفر المزامير وموضعين في سفر اشعياء، فليس جميع الانبياء إذن قد تحدثوا عن آلام المسيح.
  فاما ما ورد في سفر المزامير، الفصل (22) فالتشابه بينه وبين قصة "مسيح الأناجيل الأربعة" تكمن في المواضع التالية: 
ـ مزمور (22: 1): (إلهي، إلهي، لماذا تركتني)، وقد ورد مماثل له في انجيل متى (27: 46)، وانجيل مرقس (15: 34)، بينما في انجيل لوقا (23: 46) قال: (يا أبتاه، في يديك أستودع روحي)! فلم يتفقوا على نص ما قاله!
ـ مزمور (22: 7و8): (كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه، وينغضون الرأس قائلين: «اتكل على الرب فلينجه، لينقذه لأنه سر به»)، ورد قريب منها في انجيل متى (27: 29 و39) وانجيل لوقا (23: 35)
ـ مزمور (22: 16): (لأنه قد أحاطت بي كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يدي ورجلي). في طبعة الكتاب المقدس (بولس باسيم) الصادرة عن دار المشرق التعليق التالي على هذا النص: (يذكرنا هذا المقطع بـ أش 53/5، إلا أنَّ الإنجيليين لم يستعملوه في روايات الآلام)[35]! إذن هذه العبارة لا تخص آلام المسيح.
ـ مزمور (22: 18): (يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون). استشهد به صاحب انجيل يوحنا (19: 24) حيث قال: (فقال بعضهم لبعض: «لا نشقه، بل نقترع عليه لمن يكون». ليتم الكتاب القائل: «اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة». هذا فعله العسكر)! وكذلك ورد في انجيل متى (27: 35): (ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها، لكي يتم ما قيل بالنبي: «اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة»)! وجاء التعليق الآتي في طبعة العهد الجديد (بولس باسيم) ان عبارة (لكي يتم ما قيل بالنبي: «اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة») "زيدت في بعض الاصول نقلاً عن يوحنا 19: 24"[36]! اي ان بعض مخطوطات انجيل متى وردت فيها هذه العبارة ولكنهم وجدوا المخطوطات الاكثر اهمية خالية منها ولذلك لم يدرجوها ضمن نص انجيل متى في الطبعة الحديثة المشار اليها!
 
ولكن المفاجأة نجدها في (22: 23 و24) حينما نجد ان الرب استجاب لنداء عبده وانقذه من اعداءه وهو بخلاف قصة المسيح الذي تركه "الأب" "الأقنوم الاول" يموت على الصليب، حيث يقول النص: (يا خائفي الرب سبحوه! مجدوه يا معشر ذرية يعقوب، واخشوه يا زرع إسرائيل جميعا! لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين، ولم يحجب وجهه عنه، بل عند صراخه إليه استمع). فكيف يزعمون ان المزامير تنطبق على "مسيح الأناجيل الأربعة"؟!! هل يتصور المسيحيون ان الاهانة التي تعرض لها المسيح والآلام المنسوبة له والصلب والقتل هو نجاة للمسيح لمجرد انه قام من الموت في اليوم الثالث فيما يزعمون!! هل هذا هو انجاء الإله القدير له!! فالعهد القديم يذكر ان العديد من البشر قد قاموا من الموت في الدنيا فأي ميزة للمسيح! ولو ان المسيح عندما قام من الموت عاد الى حياته السابقة "يكرز" ويدعوا الناس الى التوبة ويتحدث بالامثال ويجري الاعمال العجيبة (المعجزات) لربما نقول انه انتصر على اليهود، ولكنه امضى اربعين يوماً[37] بعد قيامته متخفياً ممتنعاً عن الكرازة!! ثم ارتفع الى السماء، ربما خوفاً من ان يمسك به اليهود من جديد!!! هل هذا هو الانجاء! ام هو الهروب من اليهود!! فأي إله هذا يضطهده اليهود ويهينوه ثم ينتحر على الصليب ثم يهرب من مواجهة اليهود من جديد!!!
وكدليل على الانتقائية التي يتعامل بها المسيحيون مع نصوص العهد القديم ونبوءاته نجدهم يتجاهلون تماماً ما ورد في الفصل (20) من المزامير لأنه يتحدث عن نجاة المسيح ومعونة الرب له وانجائه من اعدائه، ونصّه: (ليستجب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب. ليرسل لك عونا من قدسه، ومن صهيون ليعضدك. ليذكر كل تقدماتك، ويستسمن محرقاتك. سلاه. ليعطك حسب قلبك، ويتمم كل رأيك. نترنم بخلاصك، وباسم إلهنا نرفع رايتنا. ليكمل الرب كل سؤلك. الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، بجبروت خلاص يمينه. هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن فاسم الرب إلهنا نذكر. هم جثوا وسقطوا، أما نحن فقمنا وانتصبنا. يا رب خلص! ليستجب لنا الملك في يوم دعائنا)! وكذلك الفصل (21) يتحدث ايضاً عن النصر والمعونة التي سيقدمها الإله لمسيحه، وكذلك الفصل (23) ومقدمته الرائعة: (الرب راعي فلا يعوزني شيء). والمزمور (30): (أعظمك يا رب لأنك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي. يا رب إلهي، استغثت بك فشفيتني. يا رب، أصعدت من الهاوية نفسي. أحييتني من بين الهابطين في الجب. رنموا للرب يا أتقياءه، واحمدوا ذكر قدسه. لأن للحظة غضبه. حياة في رضاه. عند المساء يبيت البكاء، وفي الصباح ترنم. وأنا قلت في طمأنينتي: «لا أتزعزع إلى الأبد». يا رب، برضاك ثبت لجبلي عزا. حجبت وجهك فصرت مرتاعا. إليك يا رب أصرخ، وإلى السيد أتضرع ، ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة؟ هل يحمدك التراب؟ هل يخبر بحقك؟ استمع يا رب وارحمني. يا رب، كن معينا لي. حولت نوحي إلى رقص لي. حللت مسحي ومنطقتني فرحا، لكي تترنم لك روحي ولا تسكت. يا رب إلهي، إلى الأبد أحمدك).
 
واما اختيارهم ما ورد في اشعياء (50: 6) فزعموا انها متعلقة بالمسيح: (بذلت ظهري للضاربين، وخدي للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق)! فأيضاً هو مثال للانتقائية التي يمارسونها ليخرجوا انفسهم من ورطة ما ورد في اعمال الرسل (3: 18)، فكلام اشعياء في هذا الفصل (50) يتحدث في بدايته عن بني اسرائيل، وكيف انهم باعوا انفسهم للخطيئة، يقول التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: (لقد وعد الرب ان يحارب عن بني اسرائيل ولكنهم باعوا أنفسهم للخطيئة فكانوا هم انفسهم سبب مشكلاتهم. "هل قصرت يدي عن الفداء؟" معناها: "هل انا عاجز عن المعونة؟" لقد نسي بنو اسرائيل الله وتكلموا على بلاد أخرى لمساعدتهم، فالله لم يرفضهم ولكنتهم هم الذين رفضوا الله)[38]. فالنص لا علاقة له بالمسيح الذي لم ترد فيه الاشارة اليه، ولا من حيث السياق الذي لا يساعد إلا بلي عنق النص ليُقصَد به المسيح قسراً! وإلا فإنَّ مجرّد وجود معاناة فيه وجلد للظهر وبصق لا يعني ان يكون المقصود به هو المسيح، فهي اما ان تكون تعابير مجازية او تعابير حقيقية، وفي كلا الحالتين لا تكون محصورة بالمسيح الذي لم يرد أسمه في النص.
واما اختيار ما ورد في اشعياء (53: 5): (وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا)!! فلنقرأ اولاً ما ورد في الفصلين (52) و(53) من سفر اشعياء:
اشعياء 52: 
{ 1 استيقظي، استيقظي! البسي عزك يا صهيون! البسي ثياب جمالك يا أورشليم، المدينة المقدسة، لأنه لا يعود يدخلك في ما بعد أغلف ولا نجس. 2 انتفضي من التراب. قومي اجلسي يا أورشليم. انحلي من ربط عنقك أيتها المسبية ابنة صهيون. 3 فإنه هكذا قال الرب: «مجانا بعتم، وبلا فضة تفكون». 4 لأنه هكذا قال السيد الرب: «إلى مصر نزل شعبي أولا ليتغرب هناك. ثم ظلمه أشور بلا سبب. 5 فالآن ماذا لي هنا، يقول الرب، حتى أخذ شعبي مجانا؟ المتسلطون عليه يصيحون، يقول الرب، ودائما كل يوم اسمي يهان. 6 لذلك يعرف شعبي اسمي. لذلك في ذلك اليوم يعرفون أني أنا هو المتكلم. هأنذا». 7 ما أجمل على الجبال قدمي المبشر، المخبر بالسلام، المبشر بالخير، المخبر بالخلاص، القائل لصهيون: «قد ملك إلهك!». 8 صوت مراقبيك. يرفعون صوتهم. يترنمون معا، لأنهم يبصرون عينا لعين عند رجوع الرب إلى صهيون. 9 أشيدي ترنمي معا يا خرب أورشليم، لأن الرب قد عزى شعبه. فدى أورشليم. 10 قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم، فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا. 11 اعتزلوا، اعتزلوا. اخرجوا من هناك. لا تمسوا نجسا. اخرجوا من وسطها. تطهروا يا حاملي آنية الرب. 12 لأنكم لا تخرجون بالعجلة، ولا تذهبون هاربين. لأن الرب سائر أمامكم، وإله إسرائيل يجمع ساقتكم. 13 هوذا عبدي يعقل، يتعالى ويرتقي ويتسامى جدا. 14 كما اندهش منك كثيرون. كان منظره كذا مفسدا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم. 15 هكذا ينضح أمما كثيرين. من أجله يسد ملوك أفواههم، لأنهم قد أبصروا ما لم يخبروا به، وما لم يسمعوه فهموه.}.
اشعياء 53:
{ 1 من صدق خبرنا، ولمن استعلنت ذراع الرب؟ 2 نبت قدامه كفرخ وكعرق من أرض يابسة، لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه. 3 محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن، وكمستر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به. 4 لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. 5 وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا. 6 كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا. 7 ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه. 8 من الضغطة ومن الدينونة أخذ. وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء، أنه ضرب من أجل ذنب شعبي؟ 9 وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته. على أنه لم يعمل ظلما، ولم يكن في فمه غش. 10 أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلا تطول أيامه، ومسرة الرب بيده تنجح. 11 من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها. 12 لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة، من أجل أنه سكب للموت نفسه وأحصي مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين.}.
هل هذان الفصلان يدلان على المسيح ام لا؟! 
لو كانا يدلان على المسيح فلماذا لم يتم الاستشهاد بهما في جميع اسفار العهد الجديد؟! لا في زمن المسيح ولا في زمن بولس وبطرس ويعقوب ويهوذا ويوحنا ويوحنا الآخر اللاهوتي!
يقول التفسير التطبيقي بخصوص اشعياء (53: 5) : (ولكن الله كان يزيح ستار الزمن ليجعل الناس في زمن اشعياء يتطلعون الى الامام، الى آلام المسيا في المستقبل والغفران الناتج عن ذلك والذي سيتاح لكل البشر)[39]! فيتوهم المسيحيون ان هذين الفصلين فيها نبوءات تخص مجيء المسيح الذي حدث فعلاً، ويفرحون لأن بعض احبار اليهود اشاروا الى انها فعلاً تخص مجيء المسيح[40]! ولكن أحبار اليهود هؤلاء لم يقولوا انه مسيح النصارى: الاقنوم الثاني، والإله، وابن الإله، المتجسد بجسد الرضيع الى ان نمى الى عمر الـ30 سنة! والذي انتحر بعد ذلك على الصليب بعد ان استفز اليهود اشدّ الاستفزاز دون ان يعلن عن حقيقة شخصيته! بل ان احبار اليهود يقولون انها تخص مجيء المسيح الملك الذي ما زالوا ينتظرون قدومه الى يومنا هذا. 
نقرأ في ترجوم جوناثان بن عزيئيل Jonathan b. Uzziel، حيث جاء بخصوص نهاية الفصل (52) من سفر اشعياء:
Thus shall He scatter," &e.; i.e., "in the same proportion as their hope for a Messiah of temporal greatness was ardent, in the same proportion shall their expectation be answered." From this paraphrase we see, how early the idea of the temporal greatness of the Messiah's kingdom obtained an ascendeney over the expectation of a spiritual kingdom. Both ideas were correct according to the Word of God; only, that the latter was of necessity to precede the fulfilment of the former[41]. 
وهذا الترجوم يعود الى القرن الاول الميلادي[42]! وربما يريد كاتبه الرد فيه على المسيحيين ويرسخ الفكرة اليهودية بأنَّ المسيح المنتظر لا بد ان يكون ملكاً لليهود.
والملفت في هذين الفصلين أنَّه لا شيء فيهما يتحدث عن "مسيح إله" ولا عن "مسيح ملك"!!؟ ولو كان المسيحيون محقين في دلالة هذه النصوص على المسيا (المسيح) لجاؤوا بشواهد من  تفاسير اليهود يعود زمنها لما قبل الميلاد تثبت أن رؤيتهم الدينية أو لوردت نصوص في العهد الجديد تشير الى نبوءات اشعياء هذه!
الم يقرأ المسيحيون في اشعياء (52: 5): (البسي ثياب جمالك يا أورشليم، المدينة المقدسة، لأنه لا يعود يدخلك في ما بعد أغلف ولا نجس)! والذي يتحدث فيه اشعياء عن تثبيت الشريعة والعمل بها من خلال رمزية الختان. وكذلك نفس الاشارات نجدها في (52: 11): (لا تمسوا نجسا. اخرجوا من وسطها. تطهروا يا حاملي آنية الرب) حيث يتحدث عن الطهارة والنجاسة. وفي (52: 13) يتحدث عن انسان عبد لله: (هوذا عبدي يعقل، يتعالى ويرتقي ويتسامى جدا)، فلم يتحدث عن ابنه او الإله نفسه متجسد بل قال عنه (عبدي) بكل وضوح. ويتمسك المسيحيون بما جاء في اشعياء (53: 12): (وأحصي مع أثمة)، والتي جاءت في انجيل لوقا (22: 37) منسوبة للمسيح: (لأني أقول لكم: إنه ينبغي أن يتم في أيضا هذا المكتوب: وأحصي مع أثمة. لأن ما هو من جهتي له انقضاء)! وبعض مخطوطات انجيل مرقس في (15: 27 و28) كتبوا: (27 وصلبوا معه لصين، واحدا عن يمينه وآخر عن يساره. 28 فتم الكتاب القائل: «وأحصي مع أثمة»)! وجاء التعليق التالي على الجملة (28) في طبعة العهد الجديد (بولس باسيم): (في بعض الاصول: (فتمت الآية التي ورد فيها: "واحصي مع المجرمين" زيدت في مرقس نقلا عن لوقا 37:22). اي ان هذه العبارة ليست في المخطوطات القديمة لإنجيل مرقس وانما وجدت في بعضها! فالاصل هو القول المنسوب للمسيح في انجيل لوقا، وهو مكتوب زمانياً في فترة بعد انجيل مرقس. ولا يوجد لدينا ضمان ان المسيح قال تلك العبارة فعلاً، ومجرد نقل كاتب انجيل لوقا لها لا يكفي للوثاقة خصوصاً أنها لم ترد على لسان المسيح في بقية الاناجيل الأزائية ولا في انجيل يوحنا[43]!  
عموماً يتبين مما ورد في (اولاً) اعلاه ان الكلام المنسوب لبطرس غير صحيح، وحتى ما فسروه به من نصوص في سفري المزامير واشعياء هي غير تامة!! وإنَّ عدم إمكانية إثبات صحة هذا الكلام المنسوب لبطرس وعدم وجود شواهد لـ"جميع انبياء" العهد القديم انهم تحدثوا عن آلام المسيح! ولن يتمكنوا من اثبات ذلك! فإن عجزوا فيكون هذا النص في اعمال الرسل ليس موحى به، كما هو حال جميع هذا السِفْر.
 
ثانياً. ان النص في انجيل يوحنا (1: 19-21) صريح بأن اليهود آنذاك كانوا ينتظرون ثلاثة: إيليا والمسيح والنبي الموعود، حيث جاء فيه: (وهذه هي شهادة يوحنا، حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، وأقر: «إني لست أنا المسيح». فسألوه: «إذا ماذا؟ إيليا أنت؟» فقال: «لست أنا». «ألنبي أنت؟» فأجاب: «لا». فقالوا له: «من أنت، لنعطي جوابا للذين أرسلونا؟ ماذا تقول عن نفسك؟» قال: «أنا صوت صارخ في البرية: قوموا طريق الرب، كما قال إشعياء النبي»).
فكما أنَّ هناك بعض نبوءات بالمسيح في العهد القديم، فهناك أيضاً بشارات بالنبي الموعود فيه، ولذلك كان عامة الناس في اليهودية والجليل وأورشليم ينتظرون مجيء ايليا والمسيح والنبي الموعود. 
وأيضاً في انجيل متى (17: 10-13): (وسأله تلاميذه قائلين: «فلماذا يقول الكتبة: إن إيليا ينبغي أن يأتي أولا؟» فأجاب يسوع وقال لهم: «إن إيليا يأتي أولا ويرد كل شيء. ولكني أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم». حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان)! فهم كانوا ينتظرون ايليا ايضاً، فهل جاء ايليا الى يومنا هذا؟ لم يأتِ لحد الآن! وتلاميذ المسيح ظنوا انه يقول لهم عن يوحنا انه ايليا! فيما وجدنا في نص انجيل يوحنا ان يوحنا قال صراحة انه ليس ايليا!
وفي انجيل متى (16: 13-16): (ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا: «من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟» فقالوا: «قوم: يوحنا المعمدان، وآخرون: إيليا، وآخرون: إرميا أو واحد من الأنبياء». قال لهم: «وأنتم، من تقولون إني أنا؟» فأجاب سمعان بطرس وقال: «أنت هو المسيح ابن الله الحي!»)! 
وفي انجيل مرقس (8: 27-30): (ثم خرج يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس. وفي الطريق سأل تلاميذه قائلا لهم: «من يقول الناس إني أنا؟» فأجابوا: «يوحنا المعمدان. وآخرون: إيليا. وآخرون: واحد من الأنبياء». فقال لهم: «وأنتم، من تقولون إني أنا؟» فأجاب بطرس وقال له: «أنت المسيح!» فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه).
وفي انجيل لوقا (9: 18-21): (وفيما هو يصلي على انفراد كان التلاميذ معه. فسألهم قائلا: «من تقول الجموع أني أنا؟» فأجابوا وقالوا: «يوحنا المعمدان. وآخرون: إيليا. وآخرون: إن نبيا من القدماء قام». فقال لهم: «وأنتم، من تقولون أني أنا؟» فأجاب بطرس وقال: «مسيح الله!». فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد).
فكيف إذن يدّعي رشيد حمامي انه لم يبشر العهد القديم بمجيء احد غير المسيح، مع أن هذه النصوص في العهد الجديد تبين أن اليهود كانوا ينتظرون ايليا والنبي الموعود؟! ولماذا يكون التبشير المسيحي في اغلب الاوقات او في العديد من الاحيان مصاحباً للكذب! هل سنَّ بولس لهم سنَّة الكذب كوسيلة مقبولة عندهم للتبليغ الديني والتبشير بالمسيح حينما قال في رسالته الى أهل رومية (3: 7): (فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ؟)! والظاهر ان رشيد حمامي يريد أن يسير على خطى بولس بخصوص الاعتماد على الكذب في التبشير!!
إذن في هذا النص نجد اليهود كانوا في ذلك الوقت ينتظرون العديد من الأنبياء: يوحنا المعمدان (كان حينذاك قد قُتِل!) وإيليا وارميا، أو أحد الانبياء. فلم يكونوا ينتظرون المسيح وحده كما يحاول رشيد حمامي ان يوهم الناس!
 
ثالثاً. ليست جميع اسفار الكتاب المقدس تكلمت عن مجيء "المسيح الإله" واذا تحدث بعضها عن مجيء المسيح (مسيا) وفيها نبوءات عن ظهور المسيح فهي لا تعني شيئاً اكثر من ظهور المسيح، وهو فعلاً قد ظهر، ولكن اي مسيح هو الذي ظهر؟ هل تحققت نبوءات العهد القديم بظهور المسيح الانسان النبي المولود من غير أب، وهو عبد الله الذي نجاه الله سبحانه وتعالى من الصلب والقتل، ام المسيح الاقنوم الثاني الذي تارة يقولون عنه انه "ابن الإله" وتارة "الإله" نفسه! والذي سلّم نفسه لليهود ليذلوه ويقتلوه ويصبح ملعوناً على الصليب على حد تعبير بولس من اجل ان يصبح له الحق بغفران الخطايا! فليس المعيار ان يُذكر المسيح في العهد القديم، فنحن نؤمن انه مذكور في بعض المواضع فيه، ولكن المقصود به المسيح النبي وليس المسيح الإله. فالإله قدير وعظيم ولا يخشى الاعلان عن نفسه امام اليهود والعالم كله، كيف يخشى وهو خالق كل شيء ووجود كل شيء مرتبط بأمره وإرادته.
 

 
________________________________________
الهوامش:

[1] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) ـ الحواشي على العهد الجديد ص 478.
[2] أنجيل مرقس (1: 1-5).
[3] أنجيل مرقس (1: 14).
[4] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 70 الهامش.
[5] أنجيل مرقس (1: 9).
[6] أنجيل متى (14:3).
[7] أنجيل متى (14:9).
[8] أنجيل متى (11: 2و3).
[9] جاء في موقع الانبا تكلا هيمانوت: (الكرازة هي المناداة علنًا بالإنجيل للعالم غير المسيحي، فهي ليست المواعظ الدينية لجماعة مغلقة من المبتدئين، لكنها التبشير العلني بعمل الله الفدائي بالمسيح يسوع..  فهناك فرق بين الكرازة والتعليم..  الأساس بينهما واحد، ولكن الكرازة تكون في الأغلب لغير المؤمنين..  فالكرازة والتبشير والوعظ كلها مسميات ترمي إلى غرض واحد هو توصيل الإيمان بالمسيح إلى الناس، أما التعليم فهو شرح حقائق هذا الإيمان لهم). انظر الرابط: https://bit.ly/39tej9z 
[10] موقع الانبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، مقال بعنوان (هل تنبأ الكتاب عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟) للقمص عبد المسيح بسيط، مستل من كتابه (هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟)، عبر الرابط: https://bit.ly/32Tiw5b 
[11] موقع الانبا تكلا همانوت، تراث الكنيسة القبطية الآرثوذكسية، عبر الرابط: https://bit.ly/2ZZyetP
[12] العهد الجديد / - ص1024.
[13] التبيان / الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 461.
[14] التبيان / الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 461.
[15] التبيان / الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 461.
[16] التبيان / الشيخ الطوسي / ج 3 - ص 400. و تفسير مجمع البيان / الشيخ الطبرسي - ج 3 - ص 246.
[17] التبيان / الشيخ الطوسي / ج 3 - ص 400. و تفسير غريب القرآن / فخر الدين الطريحي - ص 175 و176.
[18] تفسير جوامع الجامع / الشيخ الطبرسي - ج 1 - ص 287.
[19] تفسير مجمع البيان / الشيخ الطبرسي - ج 3 - ص 246
[20] تفسير جوامع الجامع / الشيخ الطبرسي - ج 1 - ص 287. و تفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج 3 – ص193 و194.
[21] تفسير جوامع الجامع / الشيخ الطبرسي - ج 1 - ص 287. و تفسير غريب القرآن / فخر الدين الطريحي - ص 175 و176. وتفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج 3 – ص193 و194.
[22] تفسير مجمع البيان / الشيخ الطبرسي - ج 2 - ص 293.
[23] تفسير مجمع البيان / الشيخ الطبرسي - ج 2 - ص 293. و تفسير غريب القرآن / فخر الدين الطريحي - ص 175.
[24] قد يكون هذا الامر حقيقي او مجازي بمعنى ان الله سبحانه هو الذي جعله مسيحاً، وليس اليهود.
[25] تفسير غريب القرآن / فخر الدين الطريحي - ص 175 و176.
[26] تفسير مجمع البيان / الشيخ الطبرسي - ج 3 - ص 247
[27] تفسير غريب القرآن / فخر الدين الطريحي - ص 175 – 176.
[28] تفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج 3 – ص193 و194.
[29] تفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج 5 - ص 149.
[30] راجع مقالنا (يسوع المسيح كاهن الهيكل).
[31] المقال منشور في موقع كتابات في الميزان، عبر الرابط: 
https://www.kitabat.info/subject.php?id=146819
[32] الاية (11) من سورة الحج.
[33] هذا النص فيه كذب، فلم ينقل العهد القديم ان جميع الانبياء انبأوا بآلام المسيح، وهناك اشارات صغيرة مبعثرة هنا وهناك لكلام يحاول المسيحيون تأويله ولي عنقه ليقولوا انه يخص آلام المسيح، وعبثاً يفعلون ذلك.
[34] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس / لجنة من اللاهوتيين / جمعية الكتاب المقدس الدولية / مطبوع في بريطانيا العظمى، طبعة رابعة 2002م – ص2276.
[35] الكتاب المقدس / صادرة عن دار المشرق / صادق على طبعها بولس باسيم النائب الرسولي للاتين في بيروت / المطبعة الكاثوليكية، 1988م – ص1143.
[36] العهد الجديد ، صادق على اعادة طبعه بولس باسيم النائب الرسولي للاتين في بيروت – هامش ص142.
[37] اعمال الرسل (1: 3).
[38] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص1450.
[39] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص1454.
[40] مقال بعنوان (وجهات نظر الرابيين بخصوص آلام وموت المسيا)، منشور في الموقع الالكتروني لفريق الدفاع اللاهوتي، عبر الرابط:
https://www.difa3iat.com/25785.html#gsc.tab=0
[41]  The Chaldee paraphrase on the prophet Isaiah [by Jonathan b. Uzziel]. Over the link:   https://bit.ly/2DAEnUg
[42] مقال بعنوان (وجهات نظر الرابيين بخصوص آلام وموت المسيا)، بقلم ، منشور في الموقع الالكتروني (فريق اللاهوت الدفاعي)، عبر الرابط:
https://www.difa3iat.com/25785.html#gsc.tab=0
[43] والذي فهمناه مما ورد في نبوءة اشعياء في الفصل (53) انها اقرب في انطباقها على شخصية الامام الحسين (عليه السلام)، وربما يتيسر لنا الوقت – إنْ شاء الله – لكتابة مقال مستقل بخصوصها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/10



كتابة تعليق لموضوع : أخطاء محاضرة "الاخ رشيد" عن المسيح – ( 3 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net