صفحة الكاتب : فريد شرف الدين بونوارة

فلسفة الثورات عبر التاريخ
فريد شرف الدين بونوارة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الثورة، انها الأطروحة التي ظلت سبيل الشعوب منذ الأزل لدحر الاستبداد والاستعمار، هكذا كانت نظرية معظم الثائرين على مر العصور، من الحضارات الغابرة الى يومنا هذا، وكي يأخذ التاريخ نصيبه لا بد من التذكير بأن قهر المآسي التي يعتبرها المستعمر جواده الأبي مر عبر أكبر وأعتى الثورات التي دونها المؤرخون البشر، فذكر ثورات عظمى ذكر للتاريخ بنفسه، فمثلا اسم الجزائر مرتبط أساسا بثورة محبكة ومنظمة أتت أُكلها في يوم من أيام الماضي، وذكر دولة كالفيتنام تأكيدا للقول الأول وها هي اليوم تنعم تحت ما سمي سياسيا (الحرية) والبقية أكثر، ربما أتت جل الثورات التي دعت للإنسانية والتحرر حقها فلم أكد أسمع أي تجمع يدعو لردع الاحتلال أنه فشل، اعتقد أن الرعاية الربانية تسري في صالح تلك الدول التي كانت فيما مضي تحت يدي المحتل، كان هذا تفكيري غير أنه عندما نبحث في الديانات نجد عدة أديان تنتشر في دول العالم وهذا يسري بنا الا غير المعقول لئن أصبحت نظرية الثورة صحيحة فأنا لا أصدق نظرية النصرة الربانية أي أن الاله لا دخل له في نصرة تلك البلدان المحتلة، وان حدث هذا حقا فيجب علينا الايمان بتعدد الأديان والأرباب، والتمعن القليل في بعض الديانات يأخذنا الى مسالك عدة فنجد الاسلام والنصرانية واليهودية وغيرها من الديانات الأخرى غير السماوية، فهل يعقل أن ينصر الاسلام النصرانية أو اليهودية هذا أمر غير وارد والعكس صحيح، لذا فلنأخذ طريقا أخرى التي ربما هي الأصح وهي الضمير البشري والروح الانسانية وهما اللذان يحققان الاستقلال والتحرر، كون تاريخ البشرية سطر خطوطا عريضة لدول رُسمت لها الحرية وهي بدورها حاملة لديانات متفرقة وعلى سبيل المثال نستدل بما ذكر سابقا فالجزائر كدولة اسلامية نصرت في ثورتها التي تتباهى بها منذ عقدين من الزمن، والفيتنام هو الآخر ورغم ديانته غير الاسلامية فقد حقق كذلك نصرا جميلا في ثورته الخالدة في أذهان شعبه، والأمثلة عدة في اختلاف المذاهب والعقائد والاشتراك في شيء واحد ألا وهو تحقيق النصر على الظلم والجبت
وبالتفاتة صغيرة إلى الخلف نجد أمثلة أخرى وعبر عدة تؤكد مدى صحة القول، فالتمعن في الامبراطوريات الغابرة كالرومانية والاغريقية والفينيقية وغيرها نجد اختلافا ذو أبعاد عدة في الأديان والعقائد غير أن الأمر نفسه يتحقق دوما انتصار المظلوم على الظالم في نهاية المطاف وهذا ما يدعم الرأي الأول
ولننظر الى حال الدول العربية في يومنا هذا، فهي تأخذ بتلك النظريات الداعية للثورات في الدول المستعمرة والتي من أصحابها هوشي منه وأرنستو تشي جيفارا وبن بولعيد وغيرهم من الذين وضعوا الأعمدة الأساسية لهذه القاعدة والتي لخصها المناضل أرنستو تشي جيفارا في مقولته الشهيرة، "لا يهمني متى وأين سأموت , بقدر ما يهمني أن يبقى الثُّوَّار يملؤون العالَم ضجيجاً كي لا ينام العالَم بثقله على أجساد الفقراء والبائسين والمظلومين" 
صدق هؤلاء في صحة قولهم مرتبط بتحقيق نتائج طيبة وايجابية من قواعدهم التي سنوها، وسيعترف العالم بأسره أن تلك القواعد نجحت حقا لأنها حققت مبتغاها المطلوب ومنحت التحرر للشعوب العاملة بها
ويمر الزمن ويرجع بنا التاريخ الى تلك القواعد التي عادت اليها البلدان عربية، غير أنها ليست القواعد الأصح بل هي الفرعية والتي رسمتها طبقات غير مثقفة من شعوب العالم نجحت في أغلب الأحيان، وهي الثورات على حكام البلاد لنفتح صفحة الماضي على نيكولاي تشاوشيسكو رئيس رومانيا الأسبق الذي حكمها بيد من دماء مدة خمسة عشرة سنة والذي لاقى مصيرا ليس جيدا، ونعرج حينها على جعفر النميري رئيس السودان وسوهارتو وغيرهم من الذين حكموا بلدانهم بدكتاتورية مدعومة، لكن المصير كان واحدا الاندثار والبقاء للشعوب
ربما سار الربيع العربي على نفس النهج وبدأ بتحقيق نتائج طيبة ولاقت الشعوب ما لاقت وخلد بعض الزعماء الى الراحة بينما آخرين ناموا نومة النهاية، هو التاريخ يعيد نفسه عبر النظريات الفرعية، بيد أن جواد المستعمر الذي كان يتباهى به قديما صار متطورا الى حد بعيد فأين من سنوا قانون الثورة كي يحرروا بعض البلدان المحتلة في الخفاء ووراء الستار، انها حقيقة لا بد من ذكرها فقد صار المستعمر أكبر حنكة كي لا يثير اهتمام المناضلين، والآن يجب استنباط طرق أخرى للحرية كون مبادئ أرنستو تشي جيفارا والآخرين أمست لا تحقق المطلوب في ظل الانتداب السياسي في الظلام

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فريد شرف الدين بونوارة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/02



كتابة تعليق لموضوع : فلسفة الثورات عبر التاريخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net