صفحة الكاتب : محمد حسن البحراني

مصطفى الكاظمي؛ يطلق رصاصة الرحمة على سيادة العراق
محمد حسن البحراني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بداية ينبغي ان أذكر القارئ الكريم اني كنت أحد المتفائلين بما يمكن ان يحققه رئيس الوزراء الجديد "مصطفى الكاظمي" من انجازات لصالح العراق في ضوء ماوعد بتحقيقه هو في اول مؤتمر صحفي ظهر به في الثاني عشر من حزيران الماضي، وتحت عنوان (في عهد الكاظمي .. العراق بين خيارين، الدولة أو اللادولة) اشرت الى ما ألزم به الرجل نفسه من اولويات، ووعد بتنفيذها (الانتخابات المبكرة، تحديد مصير الوجود العسكري الامريكي، مكافحة الفساد والفاسدين).

اليوم وبعد مرور شهرين من تسلمه لمسؤولياته في العراق بات واضحا ان الرجل ليس عاجزا فقط عن تنفيذ اية مهمة من المهام الثلاث المشار اليها، بل إنه إتخذ مسارا اخرا لاعلاقة له إطلاقا بالعنوان الأكبر الذي يفترض أنه جاء من أجله "خدمة العراقيين وصون حياتهم وأرواحهم وكرامتهم"، وهنا ينبغي الاشارة الى مثالين هامين جدا يعكسان مدى فشل الكاظمي في تحديد أولوياته.

صحيح أن الكاظمي لاعلاقة مباشرة له بما يواجهه الشعب العراقي اليوم من معاناة قاسية ومتصاعدة ناجمة عن تفشي فايروس كورونا في العراق بشكل مفزع ومروع، لكن الصحيح أيضا أنه استلم مسؤوليته التنفيذية وأرقام الاصابات بهذا الفايروس كانت بالعشرات، بينما الوفيات لم تتجاوز  الآحاد الى ماقبل شهرين، وكان بإمكانه تطويق الوباء والسيطرة عليه لو عمل بمنطق الأولويات .. أين هي المشكلة لو أنه أجّل الاهتمام بالملفات الاخرى "الداخلية والخارجية" لصالح الانشغال وعلى مدار الساعة بهذا الوباء الذي بات يهدد ويحصد يوميا أرواح العراقيين في كل لحظة من شماله الى جنوبه؟. للأسف لم يفعل الكاظمي ذلك ولم يوظّف بشكل مقنع امكانات الحكومة والبلد بهذا الاتجاه، وبما يتناسب مع حجم التحدي .. لم تقم بواجبك يا سيادة رئيس الوزراء كما ينبغي، في أخطر تحد يتعلق بأرواح العراقيين.

اما المسألة الثانية فتلك التي تعاطى بها الكاظمي مع ماقيل عن نية أحد فصائل الحشد قصف المنطقة الخضراء او مقرات دبلوماسية محددة (السفارة الامريكية)، وبعيدا عن رواية اطراف الحشد التي كذبت الرواية الرسمية جملة وتفصيلا، لكن حكومة الكاظمي فشلت من جانبها في اقناع الشارع العراقي بما حصل، فقصة الحكومة في فصلها الاول وعند الاعلان عنها إختلفت الى حد كبير عن النتائج والمعطيات التي سمعناها من الحكومة ذاتها في الفصل الأخير من هذه القصة، خاصة بعد تبرئة القضاء للمعتقلين، وهذا الاختلاف الكبير أدى الى نسف أصل المزاعم التي ساقها وروج لها العديد من المسؤولين المحسوبين على رئيس الوزراء.

كان المطلوب من رئيس الوزراء لو كان يتسم بقدر معقول من الحنكة السياسية أن لايندفع نحو تصفية حسابات مشبوهة وحساسة جدا بهذا الشكل المثير للريبة وعلامات الاستفهام من خلال توريط جهاز مكافحة الارهاب، أحد أشجع وأنبل صنوف القوات المسلحة العراقية، ومع من؟  مع فصائل المقاومة والحشد الشعبي! التي لم تجف دماء عشرات الالاف من أبنائها بعد، في ساحات المواجهة مع الارهاب.

لمصلحة من باسيادة رئيس الوزراء دق هذا الاسفين الخطير بين أشرف مؤسستين امنيتين وعسكريتين عراقيتين تنضويان تحت قيادتك انت؟ وكلاهما أبلى بلاءا حسنا في سوح الجهاد مع داعش، وكلاهما جاد بحياته من أجل حفظ كرامة وشرف العراقيين وأنت منهم.

ألا تعتقد انك بدقك لهذا الاسفين قد خدمت المشروع الامريكي الذي صرح به ترامب أكثر من مرة والهادف الى الهيمنة على ثروات العراق النفطية دون وجه حق؟ .. هدف ينبغي ان تكون اول من يعلم انه لن يتحقق الا بتمزيق وحدة مؤسسات العراق الامنية والعسكرية وانتهاك سيادته بالكامل.

هاهي سيادة البلد تنتهك بشكل سافر وفي وضح النهار يوم أمس بالاعلان عن نصب السفارة الامريكية في بغداد لمنظومة عسكرية متطورة للدفاع الجوي حول محيطها، لتأمين مبانيها وثكناتها من صواريخ يتوقع الامريكان ان تتعرض لها سفارتهم من قبل جهات مجهولة الهوية حتى الان، والكارثة ان هذا الاعلان يتم وسط صمت حكومي مريب جدا لايمكن تفسيرة الا بكونه قد تم برضى رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة. واذا ما صدقت الاخبار المتداولة حول هذه المنظومة الدفاعية التي حصنت نفسها بها "سفارة الولايات المتحدة" في بغداد فستمثل حالة خطيرة وغير مسبوقة في كل المعايير والاعراف الدبلوماسية، وستعطي آنذاك مبررا لكل سفارات العالم في العاصمة العراقية ان تتحول الى قواعد وثكنات عسكرية بذريعة احتمال تعرضها لهجمات معادية .. الى اين أوصلت البلد خلال شهرين فقط ياسيد مصطفى الكاظمي؟  لم يفعلها أحد قبلك في أسوأ ظروف العراق، ولا أظن ان أحدا بعدك سيجرأ على فعلها.

في الختام لابد لي من تقديم اعتذاري للقارئ الكريم على ماعكسته في مقال سابق نشرته بعد مؤتمره الصحفي الاول الشهر الماضي من رؤية ناجمة عن حسن ظن بهذا الرجل، لكني وبعد متابعة جملة من قراراته الأخيرة إكتشفت انني قد أخطأت التقدير بعد أن إتضح لي ان الرجل لايستحق الرهان عليه كثيرا في قيادة سفينة العراق الى بر الامان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن البحراني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/07/05



كتابة تعليق لموضوع : مصطفى الكاظمي؛ يطلق رصاصة الرحمة على سيادة العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net