صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في دعاء السمات
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تحاول جميع مدارس علم الاجتماع الأدبي ان تقيم علاقات بين المحتوى الادبي والوعي الجمعي في حين يعطينا الادب الدعائي مبدأ مهما هو ان الانسان دون الايمان لا يستطيع أن يخلق ذاتا أو ان ينجز ما يحقق هذه الذات...فالدعاء يعمل لإيجاد بنية اجتماعية مطمئنة وتكوين شعوري يهيئ الايقاع القوي ذات المحتوى الإيماني والموقف الوجداني الذي يضعنا أمام الله سبحانه وتعالى مباشرة لابد من أن يحمل الكثير من العمق الوجداني المهذب والكشف المنطقي لتتسرب عبرها رغبات الانسان الدائمة بالتقرب الى الحلم المطلق وفي التالي يشكل حالة بوح وجداني ولذلك نجد أن أول كلمة افتتح بها دعاء السمات والمعروف بدعاء الثبور كانت منادى بأداة محذوفة (اللهم) والميم المشددة تأتي عوضا عن المحذوف وهذا التوضيح - كما يذكر أهل اللغة - مخصوص بلفظ الجلالة فقط وقد تكررت أربع مرات وفي بعض النسخ سبع مرات يتمثل حضور الذات من خلال مرتكزين الاول وجود (أن) التوكيدية مصطحبة بياء المتكلم (أني) والثاني وجود ضمائر ظاهرة ومستترة مستخدمة للارتكاز الخطابي كتكرار الكاف (51) مرة وهو ضمير متصل للمخاطب مثل ( وبجلال وجهك الكريم – ووجلت له القلوب من مخافتك – وبقوتك التي بها تمسك السماء – وبحكمتك – إلا بأذنك – خليلك- ميثاقك – مجدك....الخ ) وتكرار ضمائر متصلة كالتاء (صنعت بها العجائب – خلقت بها الظلمة – جعلت الشمس ضياء) وهناك ضمائر مستترة تقديرها أنت أو هو ويعودان للفظ الجلالة .. وكذلك تكرار أسئلك وقد وردت غالبا غير ملفوظة وانما تظهر في سياق الكلام (أن تصلي على محمد وال محمد – أن تبارك ) أو ( ربي أغفر - اللهم اعطني ) وكما نلاحظ تكرار (باسمك – أسمائك ) (احصيتها بأسمائك – وللداعين بأسمائك – والكثير من اسماء الله ) مثل (الاعظم- الأجل- الأكرم) أو ان نقرأ (حميد- مجيد- فعال- قدير) والكثير من سمات الجلالة والتي نرى فيها انعكاسات العنونة فكلمة دعاء كمفهوم عام ينحصر ما بين المبدع وربه، لكن هناك حالات أوسع وأدق حيث نرى امتلاك لتأثير أكبر فهو بمثابة تعويض لمنشئيها وأغلبهم من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يُنسب الدعاء إلى الإمام الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) وبعض الاحاديث تنسبها إلى الإمام السجاد (عليه السلام) وأنا لا أقصد من الناحية الفنية فقط ، وأن صح هذا ولكني أعني تعويضا عن تأثير حضورهم المباشر مع الناس والذي كان محذورا في حينه، وهذا يعني وجود حالة دمج بين الوسائل والغايات وأستفادة المبدع من تجربته والواقع المعاش لتساعده في خلق عوالم محسوسة ولذلك كانت تطرح الكثير من المعتقدات الفكرية.. فحقيقة الانتماء الجمعي العقائدي تكشف عن رؤى متألقة مبدئيا وهي تحمل الكثير من اللغة المبسطة لتشكيل بُنى متلاحمة وتسعى لتوضيح تلك البُنى من خلال عملية استيعاب، ثم تلاحظ وجود تشكيلات لغوية تمنح النص جمالية مثلا تكرار خمس جمل تبدأ ب(إذا) مثلا (إذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت – إذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت ) ثم وجود حروف جر متصلة لضمائر الغائب ( له – لها – عنت له الوجوه – خضعت لها الرقاب – انخفضت لها البحار – خمدت لها النيران) وتكرار عطف (الفاء) مثل (فأحسنت تقديرها- فأحسنت تصويرها) أو تلاحظ الدقة التي كرر بها الواو لإعطاء النص زخما سرديا (سلطان النهار والساعات وعدد السنين والحساب) وثم دقة الإيجاز والتكثيف حيث احتوت (637) كلمة فقط كل تلك الاشتغالات كما يكشف الدعاء عن تأثرات قرانية فنجد الكثير من المسميات والأماكن القرآنية المقدسة كما نقرأ (في المقدسين فوق أحساس الكروبين فوق غمائم النور فوق تابوت الشهادة في عمود النور في طور سيناء وفي جبل حوريث في الوادي المقدس) كما جاء ذكر (بحر سوف - مسجد الخيف - بئر شيع - بيت أيل - قبة الرمان – ساعير – جبل فاران) ونجد انعكاسات القوة المبدعة في شعرية الدعاء.
ثمة عواطف عامة وشاملة تمثل حالة انبعاث حقيقي، وأقصد لو نظرنا الان الى الحداثة لوجدناها تعني البحث الحقيقي عن صوت ايماني موحد اجتماعيا، وهذا هو مرتكز دعاء السمات ذلك التوحد الساعي للم الفكر والهوية (باركت على إبراهيم في أمة محمد صلى الله عليه وآله – باركت لإسحاق في عيسى – باركت ليعقوب في أمة موسى) ويأتي التوحد أيضا من خلال أفعال الالتماس بطلب (الصلاة – المباركة – الترحيم) مثل (أفعل – اغفر- أوسع) أو نقرأ (أكفني مؤنة أنسان سوء- جار سوء- قرين سوء- سلطان سوء) وهذه اعتقد هي امنية جميع الهويات والأديان، وأخيرا حينما نعتبر أن الوعي مسؤولا فهذا يعني بالتأكيد أننا سنعتبر ظهور المكان والزمان والوعي بالذات أمورا قائمة ومحسوب لها ضمن حسابات زمنية مكانية وعملية التفرد الواعي ستكون حتما واعية بالبُنى الاخرى وهذا ما منح المنتوج قدرة الامتداد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/26



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في دعاء السمات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net