أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (٢٤)
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}.
إِثنان لا يمكنُ أَن يستفيدا من التَّمكين أَبداً؛ القافِلون والذُّيول.
والقافلُون هُم الذين لو تأتيهم بكلِّ آيةٍ لما غيَّروا من قناعاتهِم شيئاً كما في قولهِ تعالى {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ} وقولهُ {وَلَوْ نَزَّلْنَاعَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ* وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ۖ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ}.
أَمَّا الذُّيول فهُم الذين تصوِّر حالهُم الآية الكريمة {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ} و {قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ* إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُالأَوَّلِينَ}.
القافِلون مسكُونونَ بنظريَّة المُؤامرة، أَمَّا الذُّيول فقد سكنَ فيهِم الماضي!.
إِنَّ أَحد أَبرز شرُوط التَّمكين هوَ الإِستقلاليَّة في التَّفكير والتَّخطيط والوَلاء والشِّعار والرَّمزيَّة، وهي الفلسفة التي تُحدِّثنا عنها قصَّة تغيير القِبلة، كما في قولهِتعالى {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ثمَّ قولهُ {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَوَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنرَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}.
سياسيّاً فإِنَّ عينَ [القافُل] على [سيِّدهِ] أَمَّا [الذَّيلُ] فعينهُ عادةً خلفَ الحُدود ولذلكَ لا يمكنُ لهذَين الصِّنفَين أَن يستفيدا من فُرص التَّمكين وأَدواتهُ وأَسبابهُأَبداً.
إِنَّ التَّمكينُ يحتاج إِلى عقليَّة مُتفتِّحة تقبل التَّجديد والتَّحديث، كما أَنَّهُ يحتاج إِلى رُؤيةٍ واسعةٍ وبصيرةٍ نافذةٍ تستوعب المُتغيِّرات والمصالح في آنٍ واحدٍ، الأُولىللتَّفاعل والإِنسجام معها بما يخدِم مشروع التَّنمية والثَّانية لتشخيصِها على وجهِ الدقَّة لحمايتِها من عبث [الغُرباء] مهما كانت هويَّتهم أَو قُربهُم وبُعدهُم منها.
والصِّنفان لا يُمكنهما أَن يستوعِبا كلَّ ذلك، ولذلك فالتَّفكيرُ أَو السَّعي لتمكينهِما عبثٌ في عبثٍ.
إِنَّ أَسرى التشبُّث بالماضي والتوقُّف عندَ التَّاريخ، وكذلك أَسرى رأي الآخرين من دونِ السَّعي للتَّفكيرِ بهِ لتطويرهِ مثلاً أَو نقدهِ أَو تعديلهِ أَو حتَّى رفضهِ، وكذلكأَسرى الولاءات [الخارجيَّة] إِنَّ كلَّ هؤُلاء لا يمكنُ بحالٍ من الأَحوالِ أَن يقتنِصُوا فيُوظِّفُوا فُرص التَّمكينِ وشروطهِ وأَدواتهِ لتحقيقِ التَّغييرِ والنَّجاحِ والتَّنميةِ.
ولَو دقَّقنا النَّظر فسنكتشفَ أَنَّ سرَّ كُلَّ ذلكَ هو المطامِع التي تُقيِّد وتُكبِّل القافلين والذُّيول على حدٍّ سَواء، كُلّاً من القواعد التي يستند عليها في صياغةِ أَفكارهِالتي لا يجدها إِلَّا في مصالحهِ الخاصَّة مهما كانت ضيِّقة.
ولذلكَ قالَ أَميرُ المُؤمنينَ(ع) {لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ إلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ، وَلاَ يُضَارِعُ، وَلاَ يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ} وكذلكَ قولهُ {أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ}.
ولهذا حذَّر (ع) من استشعارِ الطَّمع بقولهِ {أَزْرَى بِنَفْسِهِ [أَي حقَّرها] مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ}.
وما أَروع قولهُ (ع) {الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ} فالقافِلُ والذَّيلُ مِن صنفِ الرَّقيق يبيعهُم ويشتريهُم [السيِّد] و [الغريب].
أَلا ترَون إِلى عبوديَّة [العِصابة (العِصابات) الحاكِمة] للسُّلطة؟! ورفضهُم للتَّغيير والإِصلاح؟! لأَنَّهم رقيقٌ بالمطامعِ وقليلاً ما يتحرَّرون.
وصدقَ (ع) بقَولهِ {إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَيْرُ مُصْدِر، وَضَامِنٌ غَيْرُ وَفِيّ. وَرُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رِيِّهِ،كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّيْءِ الْمُتَنَافَسِ فِيهِ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ لِفَقْدِهِ،وَالاَْمَانِيُّ تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ، وَالْحَظُّ يَأتِي مَنْ لاَ يَأْتِيهِ}.
١٧ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
E_mail: nahaidar@hotmail.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat