صفحة الكاتب : ابراهيم الأنصاري

الهاد في كتاب الله – وتخبط المفسرين
ابراهيم الأنصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وآله الطيبين الطاهرين كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم أنك حميد مجيد
من هو الهاد الذي ذكره الله خالق العباد في كتابه العزيز الكريم ؟
وقبل ذلك  نسأل أنفسنا من له الحق أن يفسر أو يأول القرآن لنا ؟؟؟  هذا السؤال نجيبه بعد أن  نستعرض ما جاء من تفسير كلمه الهاد في كتب السنة والشيعة بصفتهم أشهر طائفتين بالإسلام ... 
قال سبحانه وتعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد : 7]
تفسير هذه الآية وكلمة الهاد في أشهر كتب التفاسير للسنة:
* تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق
 * تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق   
* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق
ومن خلال هذا الرابط تجدون جميع التفاسير أعلاه
http://altafseer.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=0&tSoraNo=1&tAyahNo=1&tDisplay=no&LanguageID=1
وفي هذه التفاسير وردت عدة آراء في تفسير الهاد  ومعظمها آراء شخصية من المفسرين ولكن نحمد الله ان بعضهم على الأقل نقل قول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)  في هذه الآية.
الرأي الأول -ان الهادي داعي يدعوهم الى الله 
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه } قال: هذا قول مشركي العرب { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } لكل قوم داع يدعوهم إلى الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - { ولكل قوم هاد } قال: داع.
وقال الكلبي: داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق.
واترك للقاريء الرأي في من يقول ان هادي داعي يدعوهم الى ضلالة أو حق ؟؟؟ فلماذا سمي هاد؟؟؟

الرأي الثاني - الهادي نبي يدعوهم الى الله
وهو ما جاء في قول أبو العالية: قائد، أبو صالح قتادة مجاهد: نبي يدعوهم إلى الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } قال: المنذر، محمد صلى الله عليه وسلم { ولكل قوم هاد } نبي يدعوهم إلى الله.
والرسول محمد (صلى الله عليه وآله قال لا نبي بعدي) ؟؟؟ فهل الأقوام التي جاءت بعد الرسول (صلى الله عليه وآاله غير مشمولة بهذه الآية ؟؟ أم ان القرآن يتحدث فقد عن الأولين ليصح قول الذي كفروا وقالوا إنما هي أساطير الأولين؟
الرأي الثالث -  الهادي هو الله
يقولُ الله تعالى: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ }؛ أي أنتَ يا مُحَمَّد مُعَلِّمٌ بموضعِ الْمَخَافَةِ، وليس إنزالُ الآيات إليكَ، وإنما هو إلى اللهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }؛ مَن جعل هذه الواوَ للجمعِ فوصَلها بما قبلها كان تقدير الكلام: إنما أنتَ منذرٌ وهادٍ لكلِّ قومٍ. ومَن قطعَ هذه الواوَ كان المعنى: لكلِّ قومٍ هادٍ؛ أي نَبِيٌّ مثلُكَ يهديهم. وقال سعيدُ بن جبير والضحَّاك: (الْهَادِي هُوَ اللهُ)، والمعنى: أنتَ منذرٌ تُنْذِرُ، واللهُ هادي كلَّ قومٍ، يهدِي من يشاءُ.
وهو ما جاء عن سعيد بن جبير: يعني بالهادي الله عزّ وجلّ.
وهي رواية العوفي، عن ابن عباس قال: المنذر محمد، والهادي الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } قال: محمد المنذر، والهادي الله عز وجل
السؤال يطرح نفسه هل لكل قوم رب وإله ؟؟؟ كم إله لدينا ؟؟
واذا كان الله يهدي من يريد بهذا المعنى السطحي لماذا لا يهدي الله جميع الخلق وينتهي الموضوع من بداية خلق آدم (عليه السلام)؟


الرأي الرابع - الهادي هو الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)

وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } قال: المنذر، محمد صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل، هادي كل قوم. وفي لفظ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن من يهدي العباد وقد فارق الرسول (صلى الله عليه وآله) هذه الحياة ؟؟؟ الخطاب واضح انما انت ... منذر ولكل قوم هاد ... فكيف يتحقق مصداق هذه الآية الآن؟؟؟

الرأي الخامس - الهادي هو رجل من بني هاشم

أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، والحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر، وانا الهادي. وفي لفظ، والهادي: رجل من بني هاشم. يعني نفسه.

من هذا الرجل من بني هاشم ؟؟؟ اضاف صاحب التفسير كلمة يعني نفسه ؟؟ لا اعرف هل كان صاحب هذا الرأي حاضراً  مع الرسول (صلى الله عليه وآله ) في وقتها  ؟؟ وكما بينا لا يمكن بجميع الأحوال لفظاً او من ناحية الحكمة الإلهية ان يكون الهادي للاقوام في المستقبل هو نفسه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)

الرأي السادس – الهادي هو علي بن ابي طالب (عليه السلام)
روى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: " " أنا المنذر " وأومأ بيده إلى منكب علي (رضي الله عنه) فقال: " فأنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي " ".
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - وأبي الضحى في قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: " أنا المنذر، وأومأ بيده على منكب علي - رضي الله عنه - فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " { إنما أنت منذر } ووضع يده على صدر نفسه, ثم وضعها على صدر علي ويقول: " لكل قوم هاد " ".
وأخرج ابن مردوية والضياء في المختارة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المنذر أنا والهادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ".

هنا والحمد لله نقل المفسرين قول من جاء بالكتاب وعنده علم الكتاب ولكن  احد المفسرين ( وهو ابن كثير) ابدى رأي منفرداً  في هذا الحديث بعد ان ذكره مرغما قال ان فيه نكارة شديدة ولم يذكر سببا لهذه النكارة  يستند على منهج السنة في البحث في البحث في صحة الحديث فالحديث لا يجد شائبة في من رواه عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)... اضافة الى أن ابن كثير جاء متأخرا عن (ت 774 هـ) عن الذين سبقوه في رواية هذا الحديث ولم يشككوا في صحته
أما الثعلبي فقد أيد صحة هذا التأويل بإسناده الى حديث آخر عن الرسول محمد (صلى الله وآله) وقال دليل هذا التأويل: ما روي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن زيد عن ربيع عن حذيفة: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن وليتموها أبا بكر فزاهد في الدنيا راغب في الآخرة وفي جسمه ضعف، وإن وليتموها عمر فقوي أمين لا تأخذه في الله لومة لائم، وإن وليتموها علياً فهاد مهدي يقيلمكم على طريق مستقيم ".

وهنالك مصادر كثير أخرى أيدت ما جاء في التفسير الذي نقل عن الرسول محمد (صلى عليه وآله في أن علي (عليه السلام) هو الهاد  منها :
مسند أحمد ج1ص126ح1041 : " حدثنا عبد الله - ثقة حافظ - حدثني عثمان بن أبي شيبة - ثقة حافظ - ثنا مطلب بن زياد - صدوق - عن السدي - ثقة واحتج به مسلم - عن عبد خير - ثقة - عن علي في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد رجل من بنى هاشم

المعجم الأوسط ج2ص94ح1361 : " حدثنا أحمد محمد بن صدقة - ثقة حافظ - قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عن عبد خيرعن علي بن أبي طالب في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال رسول الله المنذر والهاد رجل من بني هاشم
   
 الأحاديث المختارة ج: 2 ص: 286ح668 بسنده ( عبدالله بن أحمد حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ثنا مطلب بن زياد عن السدي عن عبد خير عن علي في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد رجل من بني هاشم . ) وقال ( إسناده حسن

وهذا رابط لماذا ذكر في صحة الحديث في بعض المصادر الأخرى
http://dorar.net/enc/hadith?skeys=%D9%84%D9%83%D9%84+%D9%82%D9%88%D9%85+%D9%87%D8%A7%D8%AF&xclude=


تفسير هذه الآية وكلمة الهاد في أشهر كتب الشيعة الاثنى عشرية
وللأسف نرى هذه التفاسير أيضا نقلت أراء شخصية وبعدها تفضلت علينا ونقلت لنا قول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)
جاء في تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق
{ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } فيه أقوال أحدها: أن معناه إنما أنت منذر أي مخوِّف وهاد لكل قوم وليس إليك إنزال الآيات عن الحسن وأبي الضحى وعكرمة والجبائي وعلى هذا فيكون أنت مبتدأ ومنذر خبره وهاد عطف على منذر وفصّل بين الواو والمعطوف بالظرف والثاني: أن المنذر هو محمد والهادي هو الله تعالى عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد والثالث: أن معناه إنما أنت منذر يا محمد ولكل قوم هاد نبي يهديهم وداع يرشدهم عن ابن عباس في رواية أخرى وقتادة والزجاج وابن زيد والرابع: أن المراد بالهادي كل داع إلى الحق.
وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال لما نزلت الآية قال رسول الله: " أنا المنذر وعليُّ الهادي من بعدي يا علي بك يهتدي المهتدون ".
وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل بالإسناد عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن حكم بن جبير عن أبي بردة الأسلمي قال " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطهور وعنده علي بن أبي طالب فأخذ رسول الله بيد علي بعد ما تطهر فألزمها بصدره ثم قال " إنما أنت منذر " ثم ردَّها إلى صدر علي ثم قال " ولكل قوم هاد " ثم قال إنك منارة الأنام وغاية الهدى وأمير القرى " وأشهد على ذلك أنك كذلك " وعلى هذه الأقوال الثلاثة يكون هاد مبتدأ ولكل قوم خبره على قول سيبويه ويكون مرتفعاً بالظرف على قول الأخفش

وجاء في تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق
وأما قوله: { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } فإعطاء جواب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي توجيه الخطاب إليه دونهم وعدم أمره أن يبلغ الجواب إياهم تعريض لهم أنهم لا يستحقون جواباً لعدم فقههم به وفقدهم القدر اللازم من العقل والفهم وذلك أن اقتراحهم الآية مبني على زعمهم - كما يدل عليه كثير مما حكى عنهم القرآن في هذا الباب - على أن من الواجب أن يكون للرسول قدرة غيبية مطلقة على كل ما يريد فله أن يوجد ما أراد وعليه أن يوجد ما أُريد منه.
والحال أن الرسول ليس إلا بشراً مثلهم أرسله الله إليهم لينذرهم عذاب الله ويحذرهم أن يستكبروا عن عبادته ويفسدوا في الأرض بناء على السنة الإِلهية الجارية في خلقه أنه يهدي كل شيء إلى كماله المطلوب ويدل عباده على ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم.
فالرسول بما هو رسول بشر مثلهم لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً وليس عليه إلا تبليغ رسالة ربه وأما الآيات فأمرها إلى الله ينزلها إن شاء وكيف شاء فاقتراحها على الرسول جهل محض.
فالمعنى: إنهم يقترحون عليك آية - وعندهم القرآن أفضل آية - وليس إليك شيء من ذلك وإنما أنت هاد تهديهم من طريق الإِنذار وقد جرت سنة الله في عباده أن يبعث في كل قوم هادياً يهديهم.
والآية تدل على أن الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس إلى الحق إما نبي منذر وإما هاد غيره يهدي بأمر الله وقد مر بعض ما يتعلق بالمقام في أبحاث النبوة في الجزء الثاني وفي أبحاث الإِمامة في الجزء الأول من الكتاب.
ومن خلال هذا الرابط يمكن الإطلاع على ماجاء في هذه التفاسير وغيرها من التفاسير للشيعة
http://altafseer.com/Tafasir.asp?tMadhNo=4&tTafsirNo=56&tSoraNo=13&tAyahNo=7&tDisplay=yes&Page=1&Size=1&LanguageId=1

طبعا ما يترتب على كون علي (عليه السلام) هو الهاد سيكون بالنسبة للبعض هدم عقائدهم في الخلافاء بعد الرسول يجب ان يكونوا من الهداة ( المهديين ) – قال الرسول (صلى الله عليه وآله): فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة. - الراوي: العرباض بن سارية المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - 4607، سنن الترمذي - 2676 ، شرح السنة 1/181 ، ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - 11/622

نعود الى السؤال في من له الحق في تفسير القرآن لنرى إن كان هؤلاء المفسرون لهم الحق في إبداء أرائهم في كتاب أنزله سبحانه ولم يجعل له شركاء في أمره ...
إن كما تبين أعلاه هنالك تفسير واضح للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله) فلماذا هذا الخوض والتخبط في الآراء الشخصية التي تضع العباد في حيرة هل يتبعون آراء شخصية أم يتبعون علم النحو ليفسر لهم القرآن أم يتبعون قول من جاء ليعلمهم الكتاب والحكمة ؟؟؟
مرة يفسرون برأيهم ومرة بالاعتماد على قواعد النحو التي تم وضعها بعد فترة طويلة من وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، هل الله سبحانه وتعالى سمح للعباد أن يقولوا بآرائهم في تفسير كتابه العزيز؟
نرى أن من وضع هذه التفاسير هو أنفسهم وضع حدود  للتفسير ثم قام بتجاوز هذه الحدود من خلال تفسيرهم للآية الكريمة :
قال سبحانه وتعالى- هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران : 7]
فالبعض قال لا يعلم تأوليه الله  وان الراسخون بالعلم يقولون آمنا به وذلك حسب شروط مباديء النحو التي ابتدعها الناس ولم ينزل الله بها من سلطان حيث ورد في تفاسير مذهب السنة ان التأويل لا يعلمه الا الله
كما ورد في تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق
وفي  تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق
{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ } تفسيره { إِلاَّ ٱللَّهُ } وحده { وَٱلرَّاسِخُونَ } الثابتون المتمكنون { فِى ٱلْعِلْمِ } مبتدأ خبره { يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ } أي بالمتشابه أنه من عند الله ولا نعلم معناه { كُلٌّ } من المحكم والمتشابه { مّنْ عِندِ رَبّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ } بإدغام التاء في الأصل في الذال أي يتعظ { إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَٰبِ } أصحاب العقول ويقولون أيضاً إذا رأوا من يتبعه.
وممن اختار تَمام الكلام عند قوله { إلاَّ اللهُ } واستئنافُ الكلام بقوله { وَٱلرَّاسِخُونَ }: عائشةُ وعروة بنُ الزبير ورواية طاووسٍ عن ابن عباس كذلكَ أيضاً؛ واختارهُ الكسائيُّ والفرَّاء ومحمدُ بن جرير؛ وقالوا: (إنَّ الرَّاسِخِيْنَ لاَ يَعْلَمُونَ تَأَويْلَهُ، وَلَكِنَّهُمْ يُؤمِنُونَ بهِ). والآيةُ راجعةٌ على هذا التأويل إلى العلمِ بمدَّة أجلِ هذه الأمة؛ ووقتِ قيام السَّاعة وفنَاء الدُّنيا؛ ووقتِ طُلوع الشمس من مغربها؛ ونزولِ عيسى؛ وخُروج الدجَّال ويَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ؛ وعلم الرُّوح ونحوُها مما استأثرَ اللهُ بعلمه ولمْ يُطْلِعْ عليه أحداً من خَلْقِهِ.
http://altafseer.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=8&tSoraNo=3&tAyahNo=7&tDisplay=yes&UserProfile=0&LanguageId=1
ومع ذلك نراهم فسروا وأولوا بأهوائهم ونادرا ما نجد في تفاسيرهم قال الرسول (صلى الله عليه وآله)
وهذا أيضا ما ورد في بعض كتب التفاسير الشيعية إذ ذكر الطبطبائي في تفسيره الميزان:
قوله تعالى: { وما يعلم تأويله إلاَّ الله } ، ظاهر الكلام رجوع الضمير إلى ما تشابه, لقربه كما هو الظاهر أيضاً في قوله: { وابتغاء تأويله } , وقد عرفت أن ذلك لا يستلزم كون التأويل مقصوراً على الآيات المتشابهة. ومن الممكن أيضاً رجوع الضمير إلى الكتاب كالضمير في قوله: { ما تشابه منه }.

وظاهر الحصر كون العلم بالتأويل مقصوراً عليه سبحانه, وأما قوله: { والرّاسخون في العلم } , فظاهر الكلام أن الواو للاستئناف بمعنى كونه طرفاً للترديد الذي يدل عليه قوله في صدر الآية: { فأما الذين في قلوبهم زيغ } , والمعنى: أن الناس في الأخذ بالكتاب قسمان: فمنهم من يتّبع ما تشابه منه ومنهم من يقول إذا تشابه عليه شيء منه: آمنا به كل من عند ربنا, وإنما اختلفا لاختلافهم من جهه زيغ القلب ورسوخ العلم.

على أنه لو كان الواو للعطف, وكان المراد بالعطف تشريك الراسخين في العلم بالتأويل كان منهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أفضلهم وكيف يتصور أن ينزل القرآن على قلبه وهو لا يدري ما أُريد به, ومن دأب القرآن إذا ذكر الأمة أو وصف أمر جماعة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفرده بالذكر أولاً ويميزه بالشخص تشريفاً له وتعظيماً لأمره ثم يذكرهم جميعاً كقوله تعالى:
{ آمن الرَّسول بما أُنزل إليه من ربِّه والمؤمنون }
[البقرة: 285]، وقوله تعالى:
{ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين }
[التوبة: 26]، وقوله تعالى:
{ لكن الرَّسول والذين آمنوا معه }
[التوبة: 88]، وقوله تعالى:
{ وهذا النبي والذين آمنوا }
[آل عمران: 68]، وقوله تعالى:
{ لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه }
[التحريم: 8] إلى غير ذلك، فلو كان المراد بقوله: { والراسخون في العلم } , إنهم عالمون بالتأويل - ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم قطعاً - كان حق الكلام كما عرفت أن يقال: وما يعلم تأويله إلاَّ الله ورسوله والراسخون في العلم, هذا وإن أمكن أن يقال: إن قوله في صدر الآية: { هو الذي أنزل عليك الكتاب } " الخ " يدل على كون النبي عالماً بالكتاب فلا حاجة إلى ذكره ثانياً.
هذا وكلا الطرفين تم نهيهم على لسان الرسول محمد (صلى عليه وآله ) وعلى لسان أهل البيت (عليهم السلام في القول برأيهم في القرآن وفي الدين ككل...

حدثنا محمود بن غيلان حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار-  قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح -أخرجه أحمد والنسائي وابن جرير – ياب ماجاء في الذي يفسر القرآن برأيه رقم الحديث 2950

وهذا رابط تصحيح الحديث في موقع لابن تيمية  http://www.taimiah.org/index.aspx?function=item&id=930&node=2632

وباسناده عن جندب عنه صلى الله عليه وآله سلم: "من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ - تفسير الطبري، ج1، ص 27.

روى ابو جعفر الصدوق باسناده عن الامام امير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: قال اللّه ـ جل جلاله ـ: "ما آمن بي من فسر برأيه كلامي - الامالي للصدوق (ط نجف ), ص 6, المجلس الثاني
وايضا عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام قال لعلي بن محمد بن الجهم: "لا تؤول كتاب اللّه ـ عز و جل ـ برايك، فان اللّه ـ عز و جل ـ يقول: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ - عيون الاخبار, للصدوق، (ط نجف ) ج1، ص 153, باب 14, ج1، آل عمران:7.

عن أبو عبد الله (ع) ( إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك إياك ان تفتي الناس برأيك أو تدين بما لم تعلم ) الكافي ج1 ص60
 
ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) : من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك) . أمالي الصدوق : ص507، الكافي : ج1/ص43، مستدرك الوسائل : ج17/ص257.

وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله ع ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنّة فننظر فيها ؟ قال: (لا ، أما إنّك إن أصبت لم تؤجر ، وإن أخطأت كذبت على الله عزّ وجل) .الكافي :ج1/ ص56 ، المجاسن :ج1/ص213،وسائل الشيعة :ج27/ص40.
           
عن عبد الرحمن قال لأبي الحسن (ع) بما أوحى الله فقال : يا يونس لا تكون مبتدعاً من نظر برأيه هلك ومن ترك أهل بيت نبيه ضل ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر ) الكافي ج1 ص56

كل هذا النهي ولم ينتهوا بل أولوا حديث الرسول (صلى الله عليه وآله ) ليشرعوا لانفسهم التأويل وكأنهم يقولون للخالق سبحانه لسنا بحاجة للهاد (ذرية إبراهيم والمصطفى) من قومهم...
واترك للعباد من أمة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) الحكم ليكونوا شهودا يوم الدين في ما قاله الله سبحانه أو قول الرسول (صلى الله عليه وآله) وما قاله اهل البيت (عليهم السلام ) وفيما ...
ونسأل ان يكتبنا الله  وأياكم من الشاهدين بالحق وليس بما تميل به أنفسنا الى ما جاء به آبائنا...

إبراهيم الانصاري
ربيع الاول 29 – 1433 هـ
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابراهيم الأنصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/22



كتابة تعليق لموضوع : الهاد في كتاب الله – وتخبط المفسرين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net