صفحة الكاتب : حسام عبد الحسين

أنتشلت زوجتي نصف روحي..
حسام عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     منذ طفولتي وأنا هارب الى فوضى خلقتها سلطات على شعوبها، عادات قاتلة، فوارق مالية وعرقية، إنحيازات مشتتة، أفكار رجعية، مناهج بائسة، مدارس متردية، تعليم محطم، بيئة ملوثة، أطفال في سوق العمل، قاصرات في بدلة زفاف، نساء تحت سلطة رجال، حريات غابرة، افتراءات، غضب، أحقاد، نفاق، فراق..إلى آخره.

كان الأمل يداهم صبا شغفي، منذ التاسعة من العمر أتساءل؛ لماذا أخلاق السلطة تنعكس على أخلاق المجتمعات!!؟

لا إجابة في ذلك الحين، لكن انبعاث أمل التغيير لا أميز مصدره.

كنت في ذلك العمر بطل ناشئ في الفنون القتالية وأتساءل؛ لماذا لا ينازلني حاكم بمفرده دون جيشه!!؟

لماذا لا ننظم قوانا لنحدد أنظمتنا!!؟

لا إجابة ايضا وصرخة الأمل في منازلته قائمة.

كنت متميز في دراستي وتركتها لفترة معينة بسبب أفكاري الخاصة، وأتساءل؛ لماذا أتهمت من أقاربي بأني أتعاطى مخدرات وبدأت بالإنحراف!!!؟

لماذا أرى البغض بأعين عائلتي الجميلة!!؟

ألست إنسان!!!

لا إجابة وأمل النجاح يضاهي حرقة الشمس..

كنت أكتب ما يلوح في عقلي، حتى أعتقدت إني مفكراً، بلغت حينها إحدى صديقاتي، فقالت: والدي أشترى سيارة فارهة ووالدتي لديها ذهب كثير وأقاربي كبار في السلطة، كررت لها: أنا مفكراً.. لا إجابة أيضاً.

كنت أكتب مع أحد أصدقائي وصديقتين ما يغضب السلطة، ونرمي تلك الكتابات في المدرسة، في أماكن الرياضة، في الأرصفة، وكان صديقي رساماً يرسم الحاكم آنذاك بشكل مضحك ونجلس نسخر منه، فقررنا ان نعلن اننا عظماء، فتساءلت: نحن أطفال أين العظماء من سفالة السلطة!!؟

لا إجابة وأمل معرفة العظمة في الأفق.

كنت أحلم أن أكون عاشقاً، مغرماً، مجنون الهيام، لكن في الحلم فقط. لكي لا أخالف مقولة أتضح إنها كاذبة بعد زمن في كتاب (العشق سعادة للأغنياء وفناء للفقراء)، لذا كنت أهرب من أي جميلة تصادفني، وأتساءل: هل العشق للأنسان!!؟ وما هي علاقة الغنى والفقر فيه!!؟

لا إجابة كالمعتاد وأمل الهيام في القلب يرتجى.

كنت متمرد في بعض الأحيان، وعند عودتي من الرياضة، رأيت أحد رجال السلطة الذي يبغضه "الجميع" يعاكس بنت الجيران بسيارته الفارهة، قمت وحرقت السيارة في الليل، وعند الصباح أرى "الجميع" ووالد الفتاة ، يلعنون من حرقها، تساءلت في القلب وأكتفيت بلماذا!!؟

كنت وكنت وكنت...الخ.

كان مقام زوجتي يراودني منذ التاسعة من العمر حين بدأ الأمل، وكنت أرسم لها صورة في مخيلتي، وشخصية لها في عقلي، كنت أراها بجانبي دائما، وأسأل أمي وأبي، أين زوجتي الان، فكانت الابتسامة تلوح فيما بينهم.

وحينما جاءت زوجتي محملة بصفات عظيمة؛ حب، هدوء، ذكاء، تضحية، إيثار، اخلاص؛ ثقة...؛ أجابت عن تلك التساؤلات، عن إنعكاس أخلاق السلطة في المجتمع، عن عدم منازلة الحاكم لي دون جيشه، عن إتهامات أقاربي لي، عن صمت صديقتي بأني مفكر، عن عدم وجود العظماء في مجابهة السلطة، عن علاقة الغنى والفقر في الحب، عن الذين يلعنون حارق السيارة...وأستمرت بكل إجابات طفولتي لسن الثالثة عشر وتوقفت، لاني أخفيت أحداث ذلك العمر والى الان، وسأكتب تفاصيله في نهاية العمر.

وتساءلت هنا: لماذا عنوان ما سردته الان هو ( أنتشلت زوجتي نصف روحي.. ) فأجابت زوجتي: لاني جسدتُ لك وجود الأمل وإمكانية الثورة وبهما يمكن أن تفهم البشرية فكرة أن الإنسان أعظم الوجود.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسام عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/12



كتابة تعليق لموضوع : أنتشلت زوجتي نصف روحي..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net