صفحة الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي

أنا والنملة وزميلي في الدراسة
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال: كيف تتواضعُ وتنادي أولادك بـ ( سيدي وسيدتي)؟

قلت: وكيفً تتكبرعلى نملة!!!

قال: ماسِرُ مناداتكً للنملةِ بـ ( أستاذتي)؟

قلت: بقيتُ حتى الصباح أرقبها. كنتُ تلك الليلة تلميذها الصغير أتعلمُ من هذه المخلوقة

      العجيبة والأستاذة المحترمة ماينقصني، وماأكثره. وجدتُ نفسي من حينها أني لاأساوي نملة.

 

النملة ونبيّ الله سليمان عليه السلام..

حبسَ نبيُّ الله سليمان عليه السلام نملة وقال لها:

كم يكفيك من الطعام مدة أسبوعين؟

قالت: يانبيًّ الله يكفيني أربع عشرة حبة.

أحضرَ النبيّ لها ذلك. بعد أسبوعين جاء النبيّ ليجدها قد أكلت نصف العدد من الحبات وإدَّخرت ماتبقى. سألها لماذا قلتِ بأنكِ تحتاجين أربع عشرة حبة بدلاً من سبعة أيتها النملة؟

قالت: يانبيّ الله حينما كنتُ حرّةً طليقةً كان رزقي يأتيني من الله تعالى فهو لاينسى خلقه. فلم أكن محتاجةً للإدّخار فكل يوم يبعث الله تعالى لي رزقي. يانبيّ الله الأمرُ مختلفٌ معك، خشيتُ أن تنساني بعد أسبوعين فأبقى جائعة وأنا أسيرة عندك، فإحتطتُ لذلك!!!

سبحانك يارب حتى النملة تعرف أنك لاتنسى خلقك، فما بالُ الذين يكنزون الذهب والفضة ويخشون الإنفاق. في مملكتك يالله الكل يأتيه رزفه بعدما تكفلتً به وقلتً متكرماُ:

((وًمًا مٍن دًابًةٍ فٍي الأرضٍ إلاّ عًلى اللهٍ رٍزْقٌها وًيًعْلًمُ مُسْتًقًرًّها وًمُسْتًوْدًعًها كُلٌّ فٍي كٍتًابٍ مُبِينٍ)). سورة هود ـ آية 6.

 

سبحان ((... رًبُّنا الذي أعطى كُلًّ شيّءٍ خًلْقًهُ ثُمًّ هًدًى)). سورة  طه 50

حشرة صغيرة تنشأ لاتعلمُ شيئاً ثم تتعلم ـ كما يقول العلماء ـ. تتعلمُ  بناء مسكنها على عمق أمتارٍ تحت الإرض لتكون بمأمنٍ من المياه والأمطار. من الذي هدى النملة وعلمها غير الخلاّق العظيم!

ومرّة أخرى وثالثة ورابعة، سبحان الله. العجب كلّ العجب من معشرنا نحن الإنس.

النملة أكثر إطمأناناً لله منّا. في الغنى لانشكر وفي الفقر لانصبر. أحوالنا سيئة جداً وخطيرة فكلما تقدم بنا العمر ـ أعني نفسي ـ كلما زاد حرصنا على فتات هذه الفانية.

 إلى

صديقي الذي كان لايتصدق بالمال..

في مرحلة الدراسة كان لي زميل محترم. كان افضل مني في كلّ شيء وكان ينقصه فقط أنه لم يك من المتصدقين. كان من عائلة ثرية لكنه كان متعلقاُ بالمال لدرجة العشق.

في أحد الأيام إلتقيته في المكتبة فجلست بجواره. أقبل عليه أحد الطلاب وقال له:

علمتُ أنّكً متمكن وقد أغناك الله من فضله. وأنا أيها المحترم محتاج لبعض المال الذي لايساوي شيئاً عندك. أريد شراء بعض الكتب ولاأريد أن أثقل على والدي فهو لايملك ثمنها. نظر إليًّ زميلي المحترم وهمسً في أذن ذلك الطالب:

إذهب إلى غيري واطلب منه فأنا لاأحب المتسولين. أغرورقت عينا ذلك الطالب بالدموع فقد آلمه ذلك الرد القاسي والجارح للمشاعر، وغاب عن الدوام بضعة أيام، فربما كان قد مًرِضَ من ذلك الرد القاسي. عاتبتُ زميلي على تصرفه فقال لي بأنه أراد توبيخه كي لايعود لمثلها. هذا الزميل المحترم كان لايؤمن بالخلف وأن الله تعالى يدفع بالصدقة البلاء وقد أُبْرِمَ إبْراماً. جديرٌ بالذكر والتنويه أن هذا خُلُقُ جُلّ الذين لايؤمنون بالجزاء والثواب والعقاب. في بعض المجتمعات ترى الناس يتسابقون ويتزاحمون حتى على مكان صف السيارات أو الوقوف في الطابور.لا تسامح ولا تيامنوا مولاي.لماذا؟

الجواب: لأنهم لايؤمنون بالجزاء في اليوم الآخر أو حتى عاجلاً في الدنيا. فالحياة في هذه المجتمعات مبنيّة على قاعدة هذا لي وهذا لك. حتى الأزواج يحتسي كلّ فنجان قهوته من جيبه. يخادع نفسه من يزعم أن ذلك إشتراك في العيش الرغيد. هو بعبارة أصح عدم الإيمان بالخلف وعدم حصول اليقين بالمجازاة في يوم لاينفع فيه مالٌ ولابنون. إنه مبدأ هذا لي وهذا لك؛ وللفقراء ربٌّ يطعمهم. الشاهد في هذه قصة زميلي المحترم هو أنه قد فقد محفظة نقوده حينما خرجنا من المكتبة. صرخ زميلي المُنًّعًم  وقال: لقد فقدت محفظتي يا محمد جعفر!!!

قلت له لو تصدقت ببعض المال لدفع الله عنك الأمر ولم تفقد محفظة نقودك. ولضاعف لك العطاء وأجزل لك الثواب ودفع عنك البلايا وماتكره. ندم هذا الزميل المحترم على مافرًّط بجنب الله وبما أدخل من كرب وهمّ على تلك القلوب المنكسرة والافواه الجائعة. أصبحَ هذا الزميل بعدها من أكثر الذين يبحثون عن المعوزين والمحتاجين ليمد يد العون إليهم. توفي والده الذي جمع ثروته من الربا الفاحش. توفي بعد أن أشهر إفلاسه فجأة من غير سابق إنذار. أمّا الولد، زميلي، فقد رزقه الله تعالى الرزق الحلال المبارك. حصل على أجر المتصدقين في الدنيا وفي الآخرة العلم عند الله تعالى. (( يَمحَقُ اللهُ الرٍبا وًيُرْبي الصًّدًقات)). سورة البقرة ـ آية 276

أيها السادة الكرام..

صحيحٌ أن الإسلام لايُشجع التسول ويدعو للعمل والكسب الحلال ولكن هناك أمور:

أولاً:  (( وأمّا السائٍلً فًلا تَنْهَر)). فالرد يجب أن يكون جميلاً. 

ثانيا: دوام الحال من المحال. وبالشكر تدوم النٍعًم، ومن مصاديق الشكر هو الإنفاق والتصدق على الفقراء. فكم من ثريّ أصبح فقيرا معوزا. وكم من فقير أضحى غنيا منًّعًما.

ثالثا: هاك فئة مهمة جداً من الفقراء، وهم الذين وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز وقال جلًّ وعلا: (( لٍلْفُقًراءٍ الَذينً أُحْصٍروا فٍي سبيلٍ اللهٍ لايًسْتًطيعونً ضًرْبًاَ فٍي الأرْضٍ يًحْسًبًهُمُ الجاهٍلُ اغنياءً مٍنً التًعًفُفٍ تًعْرٍفُهُم بٍسيمًاهم)). سورة البقرة ـ آية 273

واضحٌ أن منطق تلك النملة التي حبسها النبيّ سليمان عليه السلام، كان منطقاَ بليغاَ وفيه الكثير من العبر والتأمل وهي التي لم تخلق متعلمة. بينما منطق ذلك الزميل الذي نهر ذلك الطالب المحتاج كان منطقاً سيئاُ وكان تصرفاَ لايليق بمن ينتمي للعلم والتعلم. الفرق بين بعض بني البشر وبين النملة كبير جدا وأوسعُ من وادي النمل وأطول.

دمتم بخيرٍ وعافية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جعفر الكيشوان الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/07



كتابة تعليق لموضوع : أنا والنملة وزميلي في الدراسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 4)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/04/09 .

وعليكم السلام سيدتي المباركة وإبنتي الغالية مريم الكيشوان
سأبقى ياسيدتي الراقية في خدمتكم سائلاً الله المولى الكبير المتعال أن يسامحني إن قصّرْت وأن يعفو عني إن غفلت وأن يغفر لي إن تجاوزت وأن لايؤخذني إن أخطأت وأن يتقبل مني إن أصَبْت.
أشكر مرورك الكريم وتعليقك الجميل.
لاتنسِ والدك في صالح دعواتك سيدتي الراقية.

نشكر كتابات في الميزان على كثير مزاحماتنا وقلبل نفعنا
دمتم في أمان الله وأمنه وحفظه وحراسته

• (2) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/04/08 .

السلام عليكم سيدي المفضال مهند العيساوي دامت توفيقاته.
وخادمكم أكثر إشتياقاً لجنابكم الكريم.
لقد غمرتني كعادتك أيها المحسن بحسن وكرم أخلاقك وإحسانك.
ماأجمل هذه الهدية وماأعزها وأغلاها. زيارة السيدة فاطمة بنت موسى بن حعفر المعصومة صلوات الله عليها.
كم أنا ممتن لك على هذه الهدية العظيمة.
أسأل الله أن يريكم بمحمدٍ وآله السرور والفرج وأن يدفع عنكم هذا الوباء ويكفيكم الداء ويصلح بالكم سيدي الكريم
تحياتنا ودعواتنا

تشكر الشكر الجزيل إدارة الموقع المبارك

• (3) - كتب : مهند العيساوي ، في 2020/04/08 .

نبارك لكم الولادة الميمونة لامل الامة ومنقذ البشرية جمعاء الامام الحجة بن الحسن المهدي ارواحنا لتراب مقدمه الفداء
كم اشتقنا لكتاباتكم سيدنا الموقر ... نسال الله ان يسلمكم والمؤمنين من هذا الوباء
هدية لك
زيارة السيدة المعصومة عليها السلام


https://vtour.amfm.ir/

• (4) - كتب : Mariam Alkeshwan ، في 2020/04/07 .

السلام عليكم..
موضوع في غاية الأهمية والوعي الانساني الذي يلزمنا في مثل هذه الايام.
عاشت يداك يا ابي العزيز، وفقك الله لكل ما يحب ويرضى،




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net