كلمةٌ مُهمّةٌ جِدّاً لمُمثّلِ المرجعيّة الدينية العُليا سماحة السيّد أحمد الصافي أعزّه اللهُ بشأن فايروس كورونا

في ظلّ الظرف الذي يمرّ به العالم ويمرُّ به بلدنا أيضاً - سألَ سائلٌ هل هذا هو ابتلاءٌ من الله تعالى على البشريّة أم ماذا ؟
فأحببتُ على نحو الإيجاز السريع أن أبيّنَ هذا الموضوع من جهة دينيّة فقط ، وليس لنا علاقة بجهات أخرى – أتحدّث عن المفهوم الديني لهذه القضيّة .
بدءاً أنَّ الله سبحانه وتعالى يُحبّ عباده ( يا حبيب مَن تحبّب إليه ) والإنسان يحتاج إلى الله سبحانه في كلّ آنٍ وفي كلّ زمان ، وفي بعض الحالات الإنسان يغفل ويبتعد نتيجة الوثوق الكبير بنفسه الزائد عن الحدّ ، ونتيجة ما يكتشف من أشياء كثيرة تتعلّق بالطبّ وبالصناعة وينشغل.
والله سبحانه وتعالى لا يُريد للعبد إلّا الخير ، وبالنتيجة إذا خرج العبدُ عن ما أراده الله سبحانه - فالله يُنبّه العبدَ مرّةً ومرّتين وثلاث وعشرا – لعلّ هذا العبد يرجع إلى الله تعالى.
وأنا أعتقد إنصافاً أنَّ العالَمَ ألآن لا أقول كلّه حتى لا أُعمّم أنَّ النّاس في كثير من التصرّفات نَسَت اللهَ تبارك وتعالى ، والمقصود بهذا النسيان - النسيان في العمل – فاتّكلًت النّاسُ على أنفسها ونست اللقاءَ الحتمي الذي سنواجه اللهَ تبارك وتعالى فيه – فعملت الكثير من المعاصي والكثير من الظلامات .
 فالله يُنبّه عبادَه – ولا حظوا في سورة يونس حين نقرأ القرآنَ تمرّ علينا بعض الآيات الشريفة – لا حظوا هذه الآية التي هي أيضاً واردة في دعاء الطاعة المنسوب للإمام المَهدي (صلوات الله وسلامه عليه) والذي يتضمّن هذه الآية ((  إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24))) يونس.
وطبعاً هذه قواعد تجري ، فالتاريخ يُعيد نفسَه ، والإنسان كلّما يبتعد عن الله سبحانه وتعالى  ماذا يتوقّع ؟
 يتوقّع مزيداً من التنبيهات له لعلّه يرجع – فإذا لم يرجع  فسيواجه العذاب - وأنتم تعلمون أنَّ الموت دائماً على الأبواب – فالإنسان في تمام الصحة ولا يعلم بعد ساعة أو بعد دقيقة ماذا يحصل له ؟ 
فلا بُدّ للإنسان من أن يكون مستعدّاً – فإذا جاء هذا البلاء ففي بعض الحالات يكون رحمةً للنّاس حتى تنتبه .
والفرق بين موت الفجأة (أجارنا الله وإيّاكم) وبين ترقّب الموت فرقٌ كبيرٌ  - وعلى الإنسان أن ينتبه ويترّقب الموت -  و ألآن ويوميّاً تُنبئنا الصحفُ بأعداد معلنة - وقد يقول البعض أنّ هذه الأعداد أقلّ من الواقع ( أجارنا الله تعالى وجميع الناس من كلّ سوءٍ).
ولكن أقول : على الإنسان أن يتهيّأ لبلاء – وبأيّ شيءٍ يتهيّأ – يتهيّأ لدفع البلاء بالإياب إلى الله سبحانه وبالتوبة إليه .
وعلى الإخوة المؤمنين في كلّ مكان : عليهم أن يعقدوا مجالس التوبة والاستغفار حتى في البيوت وإرجاع الظلامات والتوجّه إلى الله تبارك وتعالى – بأن يكشفَ هذه الغُمّة عن الأمّة .
ولا حظوا في سورة يونس أيضاً ، الآية الشريفة تتحدّث عن موضوع ، وهو قضيّة عندما ينزل العذاب قال تعالى : ((فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98))) يونس.
فالإنسان عندما يأتي هذا البلاء ينتبه إلى أنّه يُشارف على الانتقال من الدنيا إلى الآخرة – وقلتُ : إنَّ الإنسانَ يُشارف يوميّاً على الموت – فالناس ألآن تموت بالأسباب الطبيعيّة – ففي أتمّ الصحة نفقد الإنسانَ ، وقد يبقى المريضُ إلى سنين طويلة .
فالله تعالى إنّما جعل الموت غير معلوم لنا حتى نكون دائماً في أهبة الاستعداد .
:: وما يضرب العالم ألآن من هذا الفايروس لابُدّ من أن يكون مَدعاة لنا للجوء إلى الله سبحانه – واليوم لا ينفع إلّا رحمة الله .
 نعم يجب تهيئة الأسباب الطبيعية من قبل الإنسان ، والله تعالى أبى إلّا أن تجري الأمور بأسبابها ، ولكن نحن نتكلّم كمنظومة دينية نعتقد أنَّ اللهَ تعالى قادرٌ على رفع البلاء (اللّهمّ اكشف هذه الغُمّة عن هذه الأمّة) .
وكم من مشكلة مرّ بها الناس أفراداً وجماعاتٍ الله سبحانه رفعها ، وكأنّها لم تكن ، ولكن نحتاج إلى إقبال على الله تعالى .
وأحبّ أن أُركّز : أنَّ اللهَ يُحبّ عبادَه ، وعلينا أن نُحبّه ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31))) آل عمران.
والله سبحانه سريع الرضا كما نقرأ في دعاء كُميل ( يا سريع الرضا) فهو يرضى عنّا إذا تقدّمنا خطوة إليه .
 وهذا البلاء أو الأمراض خصوصاً عندما تكون عامةً فعلى الإخوة الأعزّاء والمؤمنين : أن يتوجّهوا إلى الله سبحانه وتعالى وإلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإلى الأئمة الأطهار – وأن نسأل اللهَ سبحانه أن يرفعَ بهم البلاءَ عن هذه الأمة.
اللّهمّ إنّا نسألكَ أن تدفعَ عنّا هذا البلاءَ وأن تُرينا في أهلنا في كلّ مكانٍ خيرا ، واجعلنا من الذّين يقبلون قدرَكَ وقضائكَ ويقبلون الأقدارَ التي تُوجّهها لنا ونُسلّم لما نحن عبيدك ، ونسألكَ اللّهُمّ أن ترحمنا ، وهذا شهر رجب الأصبّ الذي تنزل فيه الخيرات ، اللهمّ ارحمنا – يا من  يقبل اليسير ويعفو عن الكثير – اقبل منّا اليسير وأعف عنّا الكثير ، إنّك أنتَ الغفور الرحيم ، وارحمنا برحمتك واكشف عنّا العذابَ إنّا مؤمنون بمحمّدٍ وآله  ، ونسأله تعالى تمامَ العافية والسلامة للجميع بمحمّدٍ وآله ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى اللهُ على محمّد وآله الطاهرين.

: الجمعة – العاشر من رجب الحرام – 1441 هجريّة – 6 – 3- 2020 م.
:تدوين: مرتضى علي الحلّي – النجف الأشرف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/06



كتابة تعليق لموضوع : كلمةٌ مُهمّةٌ جِدّاً لمُمثّلِ المرجعيّة الدينية العُليا سماحة السيّد أحمد الصافي أعزّه اللهُ بشأن فايروس كورونا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net