صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

انطلاقُ معركةِ إقصاءِ نتنياهو وحرمانه
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد أن استعادوا رباطة جأشهم، واستفاقوا من هول الصدمة والهزيمة، وباتوا أكثر قدرةً على امتصاص مرارة الخسارة، وأقدر على التفكير الهادئ الرصين، بدأت فلول المهزومين أمام نتنياهو وتكتله اليميني في تجميع صفوفهم وجمع كلمتهم، وإعادة تنظيم برامجهم والتنسيق فيما بينهم، لتحويل تفوق نتنياهو وائتلافه إلى حسرةٍ وندامةٍ، وهزيمةٍ وخسارةٍ، ومنعه من مواصلة الاحتفالات وتوزيع الابتسامهات ابتهاجاً بالنصر وسعادةً بالفوز، فهم يملكون إن اجتمعوا عليه قرار حرمانه وخيار تجريده من فرصة التكليف ومهمة التشكيل، ويملكون إن أحسنوا تجميع قواهم وتنسيق جهودهم، مفاتيح زنزانته وبوابة سجنه، التي قد تؤذن بالفتح يوم 17 آذار من الشهر الجاري، قبل أن يبدأ رئيس الكيان الصهيوني في استقبال رؤساء الكتل النيابية، تمهيداً لتكليف أحدهم بتشكيل الحكومة.

 

تدرك أحزاب يسار الوسط، أزرق أبيض وجيشر والعمل وميرتس، الذين حصلوا على أربعين عضواً في الكنيست، أنهم في حاجةٍ ماسةٍ إلى القائمة العربية التي تتمتع بخمسة عشر عضواً، وترفض تسمية نتنياهو رئيساً للحكومة وتعارض سياساته، وتخشى كثيراً من تهديداته التي تطال وجودهم وتستهدف هويتهم وقضيتهم، وتفضل عليه بني غانتس رئيساً للحكومة، وإن كانت لن تسميه أمام رئيس الكيان كما حدث في المرتين السابقتين، ولكنها قد تمنح حكومته الثقة في الكنيست حال عرضها عليه، بعد أن تأخذ منه ضماناتٍ وتفرض عليه شروطاً قد يجد نفسه مرغماً عليها، ومكرهاً على القبول بها.

 

كما أنهم بحاجة إلى أفيغودور ليبرمان زعيم البيت اليهودي الذي حصل في الانتخابات على سبعة أعضاء، وبات يشعر أن الشقة بينه وبين نتنياهو تزداد، والخلافات تتعمق وتتعقد، وتأخذ بعداً شخصياً انتقامياً وثأرياً، وأنه لم يعد قادراً على أن يلعب دور "بيضة القبان" في حكومته، إذ لا لقاء بينه وبين الأحزاب الدينية التي باتت تشكل عصب ائتلاف نتنياهو، ولهذا فقد يقبل الاتفاق مع يسار الوسط والقائمة العربية، لتشكيل كتلة برلمانية تعدادها 62 عضواً، تكون قادرة على تمرير قانون في الكنسيت يمنع رئيس الكيان من تكليف أي عضوٍ متهمٍ جنائياً، أو ماثلٍ بسببها في المحكمة أمام القضاء.

 

يعلم هذا التكتل الذي جمعت بين أطرافه الأضرارُ والمنافع، أنهم غير متفقين كلياً فيما بينهم، وأنه لا يوجد إطارٌ قادرٌ على جمعهم والتوحيد بينهم، إلا الخسائر والمخاوف والرغبة في الثأر والانتقام والتجريد والحرمان، ولهذا فإنهم يسعون للقاء والاتفاق، ويبذلون قصارى جهودهم لتحصين صفهم وتوحيد كلمتهم، ويعملون أن نتنياهو يسابقهم ويتحداهم، ويحاول اختراق صفوفهم وتمزيق جمعهم وقنص بعض أعضائهم، وقد ينجح في محاولاته المحمومة ومساعيه المجنونة، كونه يدرك الخطر المحدق به ويعرف أن هذه هي فرصته الأخيرة، وأنه يملك القدرة على المناورة والتفاوض ومحاولة شراء بعض الذمم والضمائر حتى يوم 16 آذار القادم فقط، أي بعد يومٍ من الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخاباتٍ، وقبل يومٍ واحدٍ من أول جلسةٍ من جلسات محاكمته الرسمية.

 

قد يكون هذا الهدف مصلحة إسرائيلية مشتركة للأحزاب المتنافسة والحاقدة على بعضها البعض، والتي تحركها المصالح الشخصية والمنافع الحزبية فقط، إذ أنها متفقة في السياسات العامة ومتشابهة في المنهجية والعقلية الصهيونية، لكنه قد يكون من مصلحة المواطنين الفلسطينيين الذين يستهدفهم نتنياهو وتكتله اليميني بالطرد والترحيل، والحرمان والمصادرة والتشتيت، علماً أنهم صوتوا بأعدادٍ كبيرةٍ ونسبةٍ عالية بسبب خوفهم من سياسات نتنياهو العنصرية، ولهذا فقد يرى أهلنا في الأرض المحتلة أن إزاحة نتنياهو فرصة جيدة بالنسبة لهم، وإن كانت معركتهم مع الصهيونية مستمرة ولن تقف أياً كان الحاكم أو الزعيم.

 

فهل ينجح نتنياهو في الوقت المستقطع الأخير في الحصول على النصاب القانوني لحكومةٍ يشكلها ويرأسها، وينجو بنفسه وينتقم من خصومه ويواصل سياسته وينفذ وعوده، ويصبح طالوت إسرائيل المنتظر وملكها الأوحد وصاحب هيكلها الثالث المزعوم، أم أنه سيفاجئ أيضاً بالخيانة من داخل حزبه، وسيجد من بينهم من يصوت ضده إلى جانب المعارضين له والساعين إلى عزله وتجريده، وستتمكن الأحزاب المعارضة من جمع صفوفها وتوحيد كلمتها بعد التصريح الصريح لحزب إسرائيل بيتنا أنه سيصوت ضد تكليف أي عضو كنيست متهم بقضايا جنائية، علماً أنه هنا يشكل بيضة القبان وصاحب الصوت الذهبي، القادر على تمرير القرار وتثبيته بكل القراءات.

 

بيروت في 5/3/2020

moustafa.leddawi@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/05



كتابة تعليق لموضوع : انطلاقُ معركةِ إقصاءِ نتنياهو وحرمانه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net