صفحة الكاتب : ايليا امامي

السيستاني : لا تطيحون ويعضكم الرفش .
ايليا امامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

يخفق الكثير من الناس في فهم تحذيرات هذا الرجل _ السيستاني _ ويفشل الكثيرون في تلمس حجم الخطر بين سطوره .. وجمعة اليوم 31 / 1 / 2020 من هذا النوع من الخطابات التي تبدو عادية .. بينما هي تتحدث عن تسونامي . دعني أشرح لك كيف :

* في تسعينات القرن الماضي _ من 1991 الى 1998 _ توجهت قريتنا _ والريف عموماً _ نحو الزراعة بشكل أكبر من السابق .. حيث تقلصت أسباب العيش وشاع الفقر والجوع .. بسبب الحصار الاقتصادي وسياسات النظام البائد .

تلك السنوات كنت أذهب مع والدي وإخوتي الى سقي الأرض .. ويعترض طريقنا نهر عميق .. وضع الأهالي فوقه قنطرة طويلة من جذوع النخيل لايتعدى عرضها 30 سم .

عبور هذه القنطرة الرفيعة كان محنتي الأشد .. وحيث يعبرها الجميع ويقفون على الطرف المقابل .. تبدأ المسرحية والرهانات على هذا الطفل المسكين المتردد في العبور .

فبعضهم يصيح ليربكني ( طاح طاح .. وگع وگع ) وآخر يصرخ ( يعضك الرفش يعضك الرفش ) .. ولكن من بين الجميع كان هناك متعاون واحد وهو أخي الأكبر .. حين ينادي ( أمشي بسرعة .. بس توگف تدوخ وتطيح ) .

* من ذلك الحين تعلمنا الدرس .. القناطر الخطرة .. والمتزلزلة يجب عبورها بسرعة .. فليست هي التي ستسقط .. بل أنت .. عندما ( تدوخ ) و تفقد توازنك وتبدأ بالترنح .
* اليوم .. لو دخلت الى مواقع التواصل دخول ناقد محايد.. وليس ضائع تجرفه الأمواج .. سترى فريقاً يدافع عن المتظاهرين بكل ما عملوه .. و حتى لو تبرأ من الأعمال التخريبية في البداية .. فإنه مع حدة النقاش يميل الى تبريرها من باب صداقة ( عدو عدوك ). كما قال أمير المؤمنين عليه السلام .

وعلى طرف النقيض .. فريق يبرر عنف القوات الأمنية مهما كان مفرطاً .. تحت مسمى ضبط الأمن والحفاظ على هيبة الدولة .. وأيضاً من باب قول البحتري :
وإن أحقّ الناسِ مني بخلّة
عدوّ عدوي أو صديق صديقي

* وحده السيستاني .. يقف متوازناً وسط هذا الاستقطاب .. يقف غير مصطف لجهة وسط هذا الاصطفاف والشرخ الطولي والعرضي وبكل الزوايا .

* وحده يدين الأعمال التخريبية من المحسوبين على هذا الفريق .. ويدين عنف القوات الأمنية وتبريرات ذاك الفريق .

وحده السيستاني يدفع ثمن وقوفه متوازناً _ برجل مكسورة _ وعمر تجاوز التسعين .. وسط هذه العواصف التي تدفعك الى الانضمام لأحد الفريقين .. وسلوك أحد الطريقين .. فلكل منهم خطابه وأدواته المقنعة .

* نعم .. التوازن مكلفٌ جداً .. لإنه يجبرك على ضبط أعصابك .. والتخلي عن الكثير الكثير من انفعالاتك .. والكلام الطويل الذي تريد أن تقوله وتصرخ به .

* ( النمرقة الوسطى ) ليس وصفاً عابراً يطلقه الإمام الباقر على أتباعه بدون أن يكون له ثمن .. وبدون أن يكون البقاء على التوازن من أصعب تحديات الإنسان .

* وماذا بعد ؟ هل هناك أمل بالموجودين ؟
كلا .. يؤسفني السطر الذي سمعته اليوم من خطبة الجمعة وقال فيه ( وتعذر اتفاقها _ القوى السياسية _ على إجراء الاصلاحات الضرورية ) بمعنى أن ماقاله السيد قبل ثلاث جمع من ( المغالبة وعدم التزحزح ولو قليلاً ) سد الباب على أي أمل بالاصلاح .

* في هذه الحالة نحن الآن على الجسر .. إذا بقينا واقفين .. قد ندوخ ونسقط .. ونذهب الى انقسام شعبي .. ( والرفش موجود بالنهر ) وجاهز لافتراسنا .
* فليس إمامنا سوى الاسراع الذي أكدت عليه المرجعية .. الإسراع الإسراع الإسراع في عبور النهر .. في حسم موضوع الحكومة .. في التمهيد لانتخابات مبكرة .. تنقذنا من الوقوف الطويل على القنطرة .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايليا امامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/31



كتابة تعليق لموضوع : السيستاني : لا تطيحون ويعضكم الرفش .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net