صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

التعليم والإحتجاجات.. تناقضات فكرية أم تقييد للحرية؟
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العراق بلد الحضارات.. هذه الكلمات كانت تدق أوتادها في آذان ووعي كل الطلبة، ودائماً ما كنا نفتخر أننا أبناء وادي الرافدين، لكن كيف أصبحنا بلد الحضارات، وما هي أسس، أن يكون بلدنا هو مركز التطور الأول في العالم؟

لا تبنى الحضارات بالقوة، بل على عكس ذلك، فأخر ما يحتاجة الإنسان هو القوة، لأن تراثنا من بابل وسومر وآشور، التي نتباها بها، قد بنيت بالعلم.. فهو الأساس الذي تنطلق منه كل أشكال الحياة..

أول حرف ظهر على وجه الكرة الأرضية، كان بمنطقة تسمى أوروك "الوركاء حاليا" قبل أكثر من اربعة الاف سنة قبل الميلاد.

كانت بدايات الحروف صورية عن طريق الرسم، ثم تطورت إلى اللغة المسمارية، على يد أجدادنا السومريين والآشوريين، منذ القدم كانوا يعلمون، أن أي تطور ممكن أن يحدث فارقا في وجودهم، لا يمكن أن يوجد بالقتل أو الحرق أو التخريب، وإنما بالعلم..

لذلك لو بحثنا في تاريخ تطور كل الحضارات الإنسانية، نجد أن نقطة التحول من البدائية إلى التمدن كانت العلم.

عمد القدامى إلى إيجاد أهم سبل العيش بأمان، والوصول للأمن والاستقرار، يجب ان يبدأ بالأنسان.. لذلك لم يعمدوا إلى بناء الأسوار او القلاع، وانما قاموا ببناء الإنسان..

بناء البشر يأتي أولوية قبل بناء كل شيء، لأن الإنسان أساس أزدهار الأرض وأساس خرابها، لذلك كانت أهم خطواتهم هي التعليم، لأنه سيصقل القيم التي بها سيبنون حضاراتهم، وينهون حروبهم، ويجدون بها أستقرارهم وأمانهم، الذي يبحثون عنه.

إذا التعليم هو بداية نور السلام، وإنهاء حروب القتل والمعارك لا يتم إلا بالعلم، فالعقول المتحجرة وباء يفتك بكل المجتمعات والحضارات، والعلم هو السبيل الوحيد، الذي يستطيع أن ينبت فكرة، داخل الأدمغة المتصحرة..

هذا ما يعاني منه العراق اليوم، حيث نجد أن تراكمات البعث بقيادة صدام والحروب العسكرية، قد دمرت التعليم بكل الأصعدة، لكي تبقى فئة محددة من الشعب، سلاح فتاك يستخدم لتهديم المجتمع العراقي، عن طريق إستغلال جهل الشباب بعدم القراءة والمطالعة، والبحث عن الحقيقة، حتى أصبح شبابنا أسير بيد مواقع التواصل الإجتماعي، وقنوات تحاول النيل من الوطن.

للأسف تغيرت قيمنا اليوم، فأصبحنا نترك الفساد ونحارب التعليم، بدل أن نبجل المعلم أصبحنا نهينهُ بالعلن وبتفاخر.. حتى أختفى الوعي بين الشباب، وأنهارت صورة المعلم والقدوة؟!

من سيربي النشئ على القيم، بعد أن أصبحت فئة من المجتمع تبيح الإعتداء على الطلبة، وتحرق مدارس العلم؟ ومن يعارضهم ينكل به ويضرب.. فأين الحرية التي طالما تصدعت رؤسنا بها؟ نحن نتعايش وسط تناقضات فكرية وتقييد للحرية، لن نتخلص منها حتى يكون التغيير منا وإلينا.

كلنا نعلم جيداً أن المدارس للتعليم، والساحات للتظاهر.. وكلاهما يساندان بعضهما.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/22



كتابة تعليق لموضوع : التعليم والإحتجاجات.. تناقضات فكرية أم تقييد للحرية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net