صفحة الكاتب : واثق الجابري

مَنْ يصدق أن أمريكا دولة مؤسسات؟!
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

واحدة من أهم المقولات بعد إغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، تلك التي قالها مرشح الإنتخابات الأمريكية جو بايدن: "ترامب وضع إصبع الديناميت في برميل البارود".

لا أريد تصديق أو تكذيب ما قاله بايدن، ولكن بالمراجعة للخطابات الأمريكية منذ مشروعه لتقسيم العراق، مروراً بالإنتقادات اللاذعة المتبادلة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وما إنفك ترامب منتقداً في كل مناسبة لسياسة سابقه باراك أوباما.

هذه التساؤلات مشروعة، عندما تحدِّث أمريكا بقية الشعوب عن الديموقراطية، وتدخلاتها بذريعة الإنسانية وحفظ أمن المجتمع الدولي، وكأنهم يقولون لنا أنها دولة مؤسسات، وما الرؤوساء سوى موظفين يعملون بما تملي عليهم المؤسسة، لكن هذه الإنتقادات الحادة غير مفهومة، عندما ينتقد ترامب أوباما ويتهمه بأنه إرتكب جرماً، عندما وقع إتفاقية مع ايران، لذلك مزق إتفاقية دولية بذلت فيها دول عدة جهوداً مضنية في سنوات، بينما يرى بايدن أن ترامب إرتكب جرماً، بإستهداف العراق والنتائج ستكون وخيمة ربما تصل بأمريكا لفقدان نفوذها في المنطقة.

رغم إختلاف الطرفين، لكنهما يتفقان بمعاداة ايران وتعزيز النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وفي حادثة سليماني، برر ترامب جريمته بأن المغدور كان يخطط لتفجير السفارة الأمريكية، ثم زادها في تصريح آخر أربع سفارات، ودون أن يُعطي دليلاً ملموساً، وكذلك جون كيري عندما تنافس مع أوباما، كان ينتقد التواجد الأمريكي في العراق ووعد بسحب القوات حال فوزه، ولكن بعد خسارة الإنتخابات زار القوات الأمريكية في العراق، وعندما أصبح وزير خارجية كان من أكثر المدافعين عن التواجد الأمريكي في العراق.

من يُصدق أن أمريكا دولة مؤسسات؟ ومن قال أنها جاءت للمنطقة لنشر الديمقراطية وهي تدعم حكومات زبائنية، والحقائق تشير الى أن كل خطاباتها وتناقضاتها إعلامية محضة، بقصد مخاطبة الناخب الأمريكي بين مؤيد ومعارض..وبمجرد انتهاء الفترة الإنتخابية، وبعد فض الإشتباك تتجه كل الأطراف السياسية، بالإشارة لعدو مفترض، وعليها تبني المواقف وتعزيز الذرائع، بدعوى الأمن القومي الأمريكي.

عند العودة لخطاب ترامب قبيل الإنتخابات الرئاسية العام 2012م، تجده يحذر اوباما من توريط أمريكا في حرب مع ايران، وكشعار لكسب الأصوات، وفاز اوباما دون حرب، ليأتي ترامب لإنتقاد أوباما فيعتبر دبلوماسيته شجعت ايران وأعطتها القوة، بينما يرى بايدن إغتيال سليماني حادثاً عدوانياً غير مدروس يدفع بأمريكا للحرب، بعد قرار ترامب من منتجع فلوريدا، وإستشارة الجنرال مارك ميلي، الذي يعتبر سليماني عدواً شخصياً، في قرار ترامب دون العودة للكونغرس.

تراجعت حدة تصريحات ترامب، في أول ظهور له بعد الضربة الإيرانية لقاعدة عين الأسد، لسببين إما أن يكون الرد أقل من المتوقع، وهذا ما يدل على معرفته بقدرة إيران في مجاراة أمريكا وتتوقع الكثير، أو أن الضربة صادمة، وحرك مخاوف التورط في الحرب ومزيد من الخسائر، وفقدان الهيمنة الأمريكية والإنتخابات، وعليهم أن يدفعوا الخطر القريب من الأبواب.

أمريكا ليست دولة مؤسسات، ولماذا لا تحاسب اوباما إن كان قد أخطأ التقديرات بالدبلوماسية مع إيران، أو لماذا لا تحاسب ترامب عندما إرتكب جرماً فضيعاً ونتيجته نهاية الوجود الأمريكي في المنطقة، إنها ليست دولة مؤسسات، بل هدفها السيطرة على مصادر الطاقة في العالم، وزيادة أرباح معامل السلاح، ولا حليف لها سوى من يقبل بإبتزازها وهيمنتها، ويفسح لها المجال للهيمنة على أرضه وسيادته، ولا يهم أن تجوع أو تقتل بقية الشعوب، من أجل أن يُقال أن أمريكا دولة مؤسسات!!

بل أمريكا دولة عصابات..ليس إلّا..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/19



كتابة تعليق لموضوع : مَنْ يصدق أن أمريكا دولة مؤسسات؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net