صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

الذكرى السنوية لرحيل العلامة الدكتور حسين علي محفوظ (الإنسان عبد الإحسان)
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سمعت مكررًا من شيخنا العلامة الدكتور حسين علي محفوظ: إني أحب وأرتاح عند الجلوس في أماكن ثلاثة: 1- مكتبة الجوادين العامة في الصحن الكاظمي الشريف.
2- التكية الجواهرية.
3- أسواق الكورنيش في ساحة عبد المحسن الكاظمي.
ولعل السامع يستغرب الربط بين الاثنين الأولين والثالث كما كنتُ مستغربًا حينها، إلا أنْ سمعتُ منه أنه عندما يجلس عند الساحة ويرى الناس مع عوائلهم وأطفالهم يفرح بذلك، وفي رأيي القاصر هناك عامل مشترك بين الأماكن الثلاثة يكمن في الإنسانية (هذا اللفظ الذي نجهل حقيقة معناه فنعتدي عليه من حيث لا نعلم غالبًا)، ففي مكتبة الجوادين التي كان يرتادها الدكتور منذ تأسيسها عام 1941م وسجل كلمة له في سجل زياراتها عام 1950م يرى كيف كان يلتف حول المصلح السيد هبة الدين الشهرستاني العلماء والخطباء من أجل وضع السبل التي تخدم الإنسان وتحافظ على إنسانيته وفطرته، فضلاً عن آلاف المجلدات التي تحكي قصة الإنسان ..
وفي ديوان السيد عبود الجواهري -التكية الجواهرية وهو اسم غير صحيح وأتمنى زواله- يرى الزائر ملامح يوم الطف الخالد التي سطَّر ملامح الإنسانية فيه دماء أبي عبد الله الحسين وامتداد ذلك في المواكب والمسيرة الحسينية التي تتسابق القلوب نحو هدف واحد وهو الخدمة، وفي ذلك تتسامى بالنفس عن لذاتها نخو إنسانيتها التي قد تضيع لولا هذه النفحات، ففي هذا المكان علينا أنْ نتأمل في تلك الجهود والأعمال التي تقدم للحفاظ على صورة مشرقة من صور تأريخ الأمة الإنساني، فهو حقيقة متحف عبود الجواهري الحسيني، ولمَّا كان حسينيًّا فينبغي أنْ يكون إنسانيًّا كما هو حال المسيرة التي ينتمي إليها، وهو في الواقع غالبًا كذلك ..
وعند أسواق الكورنيش يرى ذلك الشيخ تلك الصور التي تحافظ على أفراح الأُسرة فيما بينها، وعطف الأبوين على أبنائهما وحنانهم، فضلاً عن أحلام وآمال الحياة، وما في ذلك من أروع الصور الإنسانية الاجتماعية، فلم تذهب عن فكر ذلك الرجل الكبير روح الشباب المفعم بالحب والعاطفة، وأمنياته ببقاء تلك الروح شابة طوال حياتها فلا تهرم ولا تضعف، وكأنه يتمنى للناس أنْ تحاسب نفسها وما أصابها من تلوث أُسري وٱجتماعي في الحفاظ على فطرتها التي تكمن الإنسانية فيها ..
ولا يعرف حقيقة ما تقدم من إنسانية الدكتور محفوظ إلا مَنْ تعرَّف عليه عن قُرْبٍ، وقد كنتُ ٱستشعر ذلك من خلال مواقف متعددة، وقد صدق إحساسي عندما شَرِّفني يومًا بالدخول معه إلى مكتبته، والتي لا يمكن أنْ يدخلها أحدٌ بسهولة -كما يعرف ذلك كثير- ما لم يدخل قلبه أولاً من قبل، فدخلتُ المكتبة وإذا بلوحة على الجدار معلقة تتحدث مع القوب قبل العيون مكتوب عليها بخط التعليق الجميل (الإنسانُ عبدُ الإحسان)، فعندها عرفت تربية محفوظ الإنسان "رحمه الله تعالى".

مشاركة الأستاذ عبد الكريم الدباغ  
كان (رحمه الله) بكّاء تسبق عبرته عبارته، دعّاء لا يفتر عن ذكر الله ورسوله وأهل بيته، دائم التوكل على الله. يحب الخير للجميع، ويحب الخير من الجميع. كان يحترم (الإنسان)، وله في نفسه وعينه منزلة خاصة، ومكانة علياء، تتجلى في انه (خليفة الله) في الأرض، و(بنيان الله) في الأرض ملعون من هدمه، وحامل أمانة الرب العظيم التي عرضها ”على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها”. ويأسف على (الإنسان) يأكل نفسه، ويهدم بنيانه، ويهلك جنسه، ويعمه في طغيانه، ويسعى في خراب مدينته ومدنيته، وينفذ إلى أقطار السماوات ليدمر أقطار الأرض، ويخرب بيته بيده.

"كان (في صغره) يتمنى أن يكون مؤلفاً، ويود أن يصبح كاتباً، ويرتجي أن يصير شاعراً، وكان من أمانيه أن يقف خطيباً، يدبج الكلام وينثر الكلمات، تحيط به الجماعة، ويسمع له الجمع، ويصغي الناس إلى ما يلفظ من قول، كانت طفولته كبيرة. 
وهذا درس لكي يحدد الإنسان أهدافه، ويضعها نصب عينيه، ويعمل على تحقيقها.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/19



كتابة تعليق لموضوع : الذكرى السنوية لرحيل العلامة الدكتور حسين علي محفوظ (الإنسان عبد الإحسان)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net