صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

من اجل نظام مدني متحضر!
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
     ما يحصل الآن ومنذ سنوات في منطقة الشرق الأوسط عموما عملية تغيير حادة للنظم السياسية ورموزها، وبصرف النظر عن الآليات المستخدمة في التغيير سواء كانت خارجية مباشرة كما حصل في العراق وافغانستان وليبيا، أو خارجية غير مباشرة عن طريق وسائل الإعلام المكثفة، وداخلية بواسطة عناصرها من الشبيبة والأغلبية الصامتة التي تجاوزت حاجز الخوف، وانطلقت إلى آفاق هلامية من الحرية، دونما مفاتيح لأبواب حقبة جديدة من الحياة الاجتماعية والسياسية، بل ان معظمها لا يمتلك أي تصور لبرنامج واضح للمرحلة المقبلة وحيثياتها وكيفية التعامل مع ارث عشرات السنين من الخنوع والاستكانة وثقافة القطيع كما يحصل الآن في ليبيا على سبيل المثال؟
 
     وربما استطاع العامل الخارجي ان يساعد النخب السياسية والاجتماعية على ترتيب الأوضاع كما في العراق وأفغانستان، الا ان الأمور اختلفت في كل من تونس ومصر وليبيا، ولاحقا في سوريا واليمن وغيرهما من الدول ذات الأنظمة الشمولية، التي تتجه إلى مسارات مبهمة تحت مظلة الانتخابات ووصول قوى راديكالية أنتجتها حقبة الدكتاتوريات وثقافة الإقصاء والتهميش طيلة عشرات السنين، متمثلة بأحزاب دينية وجماعات متطرفة استطاعت القفز إلى مفاصل مهمة من خلال استخدام حالات الإحباط واليأس لدى أوساط كبيرة من الأهالي، مما سيضيع فرصة تاريخية لتحول اجتماعي كبير باتجاه المدنية، والعودة إلى أشكال ديكتاتورية تشرعنها الآلية الديمقراطية وصناديق الأكثرية والأقلية، باستخدام العقائد وخلط التشريعات العقائدية والأيدلوجية إلى درجة الإفتاء بالتحليل والتحريم في كثير من أمور السلطة والوصول اليها ومن ثم تقنين المجتمع ثانية باتجاه واحد وفكر اوحد لا يقبل الآخر الا ان يكون ملحقا!؟
 
     ان اخطر ما يواجه هذه الدول والمجتمعات بعد انهيار أنظمتها الدكتاتورية، هي نفوذ قوى متطرفة راديكالية الى سدة الحكم باستخدام آليات الديمقراطية، كمرحلة أولى لتسلق النظام السياسي والبدء تدريجيا بأدلجة المجتمع ومؤسساته تحت شعار واتجاه وتفكير واحد، بعيدا عن قبول الآخر المختلف من خلال تقزيمه تدريجيا في اوساط الناخبين الذين يعانون في أغلبيتهم من أمية أبجدية وحضارية، ومستويات معيشية متدنية وسلوكيات أدمنوا عليها خلال عقود من الحكم الشمولي والسلوك البدوي والقبلي،  وتأثيرات دينية وعشائرية تمنح هؤلاء المتطرفين شرعية التفرد في الحكم من خلال آليات قبلية أو دينية موجهة بواسطة فتاوى أو تعليمات إيديولوجية معينة.
 
     لقد آن الأوان لوضع دساتير مدنية متحضرة تبلور مفهوما ساميا للمواطنة، يتجاوز كل الانتماءات الدينية والمذهبية والقبلية والعرقية، ويحرم أي تنظيم سياسي سواء كان على شكل أحزاب أو جمعيات على خلفية دينية أو مذهبية، بل ويمنع أي منظمة على أساس قومي أو عرقي عنصري يعتمد النهج النازي والشوفيني في تنظيره وسلوكه، قبل إجراء أي انتخابات عامة لتأسيس برلمان أو حكومة دائمة، مما سيتيح في حدود معقولة منع وقوع البلاد ثانية تحت سطوة القوى المتطرفة وخاصة في البلدان ذات التركيب المتنوع قوميا ودينيا ومذهبيا.
 
kmkinfo@gmail.com  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/09



كتابة تعليق لموضوع : من اجل نظام مدني متحضر!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net