صفحة الكاتب : سعد العميدي

الحياة خيارات
سعد العميدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أن ترتضي العيش بذل و أن تفتح فاهك بإنتظار ما تجود به موائد السلطان و حاشيته , خيار .

أن تتمرد على الحاكم و تتصدى لقمعه و جبروته, و تحاول كسر شوكته, خيار.
أن تحاكي الجلادين و تقوم بنفس أفعالهم , خيار أيضا.
أن تتلون بشتى الألوان و تلبس ثياب الذل كبائعات الهوى و هن يقفن على مفترقات الطرق , خيار أيضا.
أن تكتب في مدح السلطان و تقول فيه مالم ينزل به سلطان , خيار .
أن تختار قلمك كي يكون سلاحك في فضح الظلم و الجور و اللاعدالة , أو أن تحمل السلاح الى جانب القلم كي تفضح أشباه المثقفين الذين بنوا للطغاة عروشا من جماجم الأبرياء و المساكين, خيار.
أن تنزع الزيتوني مع دخول أول جنود الأحتلال أرض وطننا و تدنيسهم لتربته , و تطلق اللحية و تشتري مسبحة بوزن جمجمة , خيار ايضا.
أن تقول بأن المثقف , شاعرهم , كاتبهم , ممثلهم , كان مضطرا لمسايرة المغول , لهو إفتراء و جهل لا يلجأ إليه إلا الوصوليين و الإنتهازيين.
في العراق و ليس في مكان آخر من هذا العالم , إستخدم البعث و الدكتاتورية مئات الآلاف من المواطنين و حولهم الى وحوش بشرية , إستخدمهم كوقود لحرق العراق , كان ذلك خيارهم , شرطي الأمن و المخابرات و الإستخبارات , و الأخطر من هؤلاء جميعا , جوقة البعث الثقافية التي ساهمت في إطالة عمر الدكتاتورية و أوجدت لها المبررات لكل ما قامت به.
العشرات بل المئات من المثقفين , كانوا اشبه بالراقصات المبتذلات أو بنات الليل البخيسات الثمن , إستمرأوا عيشة الذل على حساب معاناة شعبنا و جوعه و فقره.
كان بإمكانهم التمرد و الصراخ بأعلى أصواتهم
كفى ذلا
سنقف إلى جانب شعبنا
لن نشارك في جبل الجماجم و حصد الرؤوس
كانت الفرصة سانحة لهم عندما إنتفض الشعب العراقي في آذار من عام 1991 بعد إنتهاء حرب الكويت , تمرد الكثيرون , لكن مدمني الخنوع و الخضوع , من الإنتهازيين و الوصوليين , بقوا أمناء لسيدهم و نظامه الدكتاتوري , هذا كان خيارهم.
المثقف ضمير الشعب , إلا في العراق , مثقفوا البعث كانوا , أدوات تعذيب و ترويع للشعب العراقي , كم من المثقفين الجلادين كان لدينا , و كم من المثقفين الذي كانوا يعملون كشرطة أمن و كتاب تقارير.
مالذي تغير بعد التغيير 
كم من هؤلاء القتلة و الجلادين تسللوا الى جسد الثقافة العراقية مرة أخرى وسط صمت و تواطئ من الأحزاب الحاكمة و المؤسسات الرسمية.
لست من حملة رايات الأنتقام و لن أكون كذلك و لن أرتضي ذلك لنفسي لكن!
لكن , أليس من مسؤليتنا إدانة هؤلاء و تسليط الضوء عليهم , و مطالبتهم بالأعتذار من الشعب العراقي , و أن يقدم الى العدالة من تثبت عليه تهمة المشاركة في قمع الشعب العراقي.
كم من هؤلاء المثقفين الجلادين و الذين كانوا يرددون و بفخر 
بعث تشيده الجماجم و الدم
تتهدم الدنيا و لا يتهدم
لكن هل أدانوا حقبة الدكتاتورية!
هل أدانوا تلك الفترة المظلمة من تاريخ شعبنا!
قليل منهم لا يتعدى عدد أصابع اليدين فعل ذلك , لكن الآخرين تسللوا كالأميبيا و كالطاعون و باتوا اليوم مع صمتنا و مع إنكفاء المثقفين الوطنيين , الذين قدموا خيرة سني حياتهم قربانا من أجل أن يحصل الشعب العراق على حريته , يتسيدون المشهد الثقافي العراقي.
جبال من الكذب في ظل ضياع المعايير الأدبية و الوطنية
جبال في زمن معوج
جبال من جماجم المساكين و الأبرياء و المحرومين
جبال من أكوام قمامة 
الفرق بينهم و بين المثقف الوطني الغيور الذي وقف إلى جانب شعبه كالفرق بين جبل قنديل الذي كان قلعة للمعارضين لنظام القتلة , و جبل القمامة الذي كانوا يقفون على قمته
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعد العميدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/19



كتابة تعليق لموضوع : الحياة خيارات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net