صفحة الكاتب : علي علي

ذيل الچلب...
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   يتوجب تحرير أي خبر صحفي كما تعلمنا في مهنتنا، تهيئة الصحفي إجابات وافية عن أسئلة ستة كحد أدنى، وهي: ماذا؟ أين؟ متى؟ مَن؟ كيف؟ لماذا؟.

وبإجابات هذه الأسئلة -مجتمعة- يصبح الحدث أقرب مايكون الى النقل الواقعي والميداني، مهما كانت حيثياته. وتعلمنا أيضا، أن التوسع في نقل الخبر او الحدث يتطلب تناول تاريخ الحدث وتداعياته، والاستشهاد بآراء شخصيات قريبة من الحدث، وكذلك طرح رأينا كمحررين للخبر الصحفي، وبذا يكون الخبر قد اتخذ صبغة التقرير او التحقيق، لإتمام الفائدة المتوخاة من نشره ولتوسيع رقعة المستفيدين من ذلك.

   ماتقدم ليس ديباجة في درس صحفي، وإن كان درسا فأنا أول الراسبين فيه، فيما لو طلب مني إعداد تقرير أو تحقيق أو حتى خبر صحفي عاجل عما يحدث في بلدي حاليا، فالأمر محير للغاية، وسر الحيرة فيه أن الحيتان العملاقة التي فرضت نفسها على حكم العراق بعد عام 2003 أحبكت غزلها، وفصّلت الدستور على مقاساتها حصرا، بخطط بما يجسده المثل المصري: "ماتخرش الميه". وإن أردت التقصي قريبا أو بعيدا، لا أظنني أخرج من محيط دائرة مجلس نوابنا في توجيه أصابع اتهامي. ولعل ناقدا يقول: وماذا عن تقصير المجلس التنفيذي في إنجاز ما منوط به من واجبات وطنية ووظيفية وإنسانية وأخلاقية؟

  هنا أستميح ناقدي العذر، فواجبات مجلس النواب التشريع والمراقبة والتصحيح وفرض العقوبات على المسيء والمقصر في المجلس التنفيذي، فرمينا الكرة في ساحة رئاسة الوزراء، لايبرئ البرلمان من إهماله واجباته. ذلك أننا لو أحصينا مشاريع القوانين المؤجلة من دورة الى أخرى، ومن فصل تشريعي الى آخر، لانتابتنا الشكوك في عمل المجلس، إذ من غير المعقول سلسلة التأجيلات والإرجاءات التي تتخذها رئاسة المجلس في كل اجتماعاتها، هذا إن اكتمل النصاب..!

  أما سبب عدم إمكانية صياغتي خبرا أو تقريرا أو تحقيقا عن برلماننا، فيعود الى جملة أسباب، سأسرد المهنية منها؛ إذ لو أردت الإجابة على سؤال (ماذا؟) فمن المفترض ان تكون الإجابة: (اجتماع مجلس النواب العراقي) وهنا أقف عند نقطة خلاف جذرية مع نفسي أولا ومع سيدي الكريم ناقدي ثانيا، إذ ان كل اجتماع يجب ان يفضي الى نتائج إيجابية، وما أراه في اجتماعاته لايمت بصلة الى الإيجابيات، إذ عادة مايكون عدد الأعضاء الحاضرين مخجلا، مايدل على أنهم يعدّون الاجتماع نزهة، وبالتالي فان الذهاب الى النزهة لايعد من الضروريات القصوى.

  وبالالتفات الى السؤال الثاني (أين؟) فمن المفترض ان يكون الجواب: (في مقر مجلس النواب العراقي) وفي حقيقة الأمر ان من يترقب اجتماعاتهم، يكتشف ان رهبة مجلس كهذا وهيبة رئاسته ليست كما نعهدها في مجالس أمم أخرى، إذ أراه يشبه الى حد ما (خان جغان) أو (گهوة عزاوي) حيث المقاطعات غير المدروسة، وأحيانا غير اللائقة وفق سياقات المحادثة التي نعرفها من باب الأدبيات.

  أما السؤال الثالث (متى) فهو الطامة الكبرى.. إذ أن عقارب الساعة عند هذا المجلس لاتعرف الضبط والانضباط، فهم يجتمعون ليؤجلون، ويؤجلون ليرجئون مناقشات وقراءات، ويقرأون ليعيدوا القراءة ثانيا وثالثا وعاشرا، وما إن اجتمعوا حتى تفرقوا، وهم يمتلكون من الأسباب الجاهزة للتأجيل ما لايحدها حد، وبذا يصعب حصر زمن الاجتماع بساعة معينة لكونهم (زيبگ)..!

  والسؤال (مَن؟) هو الآخر سؤال تتشعب الاجابة عنه بشكل دقيق، إذ من المفترض أن تشير أصابع الإجابة الى من تتوافر فيهم الروح الوطنية، ولسوء حظ العراقيين فهذه الخاصية بعيدة كل البعد عن أغلب الجالسين تحت قبة برلماننا.

   بقي من الأسئلة سؤالان هما؛ (كيف؟) و (لماذا؟) والإجابة عنهما أكثر بؤسا من الأسئلة الأربعة، وبهذا سأعود من مشواري الصحفي بخفي حنين، وصفر اليدين من الإجابات على الأسئلة الست، لأن اجتماعات مجلس نوابنا (مايرهم) عليها خبر عاجل، ولاتقرير مفصل، ولاتحقيق صحفي و (مايلبس عليهه عگال). وهذا ما أخرج المواطن العراقي قسرا من صبره وتظاهر عليهم، فهل سيتولد في ضمائرهم رادع أخلاقي أو وطني ليغيروا سلوكهم؟ أم سيردعون المتظاهر المطالب بحقوقه!.

 لعلي لا ألام إن ذكرت مثلا أختتم به مقالي، من باب "إن نفعت الذكرى". يقول المثل: "ذيل الچلب عمره ماينعدل".

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/23



كتابة تعليق لموضوع : ذيل الچلب...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net