صفحة الكاتب : علاء الخطيب

هل حان وقت الدولة المدنية في العراق  ؟؟ 
علاء الخطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المخاض الذي يمر به العراق ، وكسر التابوهات ، وظهور جيل جديد يحمل روح التحدي وعزيمة التغيير ، بالاضافة الى ضعف معوقات بناء الدولة ، كلها عوامل تبشر بولادة وطن ، أو بداية مرحلة جديدة سماتها تختلف عن كل المراحل التاريخية التي مرت على بلاد الرافدين، فهي أكثر نصجاً وأعمق وعياً .

ربما كان طرح مفهوم الدولة المدنية قبل أعوام يلاقي معارضة شديدة في الشارع العراقي ، أو كان هناك خلط مفاهيمي في أوساط المجتمع حول الدولة المدنية ، أولعل الداعين لها لم يوفقوا في شرح المعنى الحقيقي لها ، علاوةً على التحديات التي كانت تواجه طرح مثل هذا المفهوم ، كون المنظومة القيمية سواء الدينية منها او العشائرية كانت فعالة وقوية ومن الصعب مواجهتها . 

إلا ان الواقع قد اختلف تماماً فعراق مقابل التظاهرات يختلف عن عراق ما بعدها ، فقد اختلفت قواعد اللعبة ولم يعد بالإمكان الرجوع الى الخلف . وكل ماكان قد أصبح من الماضي ، وغدا الجو مهيئا للعمل باتجاه الدولة المدنية.

فبعد الفشل الذريع لاحزاب الاسلام السياسي والأحزاب القومية والاشتراكية وضعف المؤسسة العشائرية والدينية ، وانشغال الدول الاقليمية كإيران والسعودية وتركيا التي سعت بشكل حثيث لافشال الدولة المدنية في العراق بمشاكلها ، بدا الطريق اكثر وضوحاً لطرح مفهوم الدولة المدنية .

فإيران التي تعاني من الحصار ومن اقتصاد منهك وتظاهرات داخلية لم تعد قادرة على فرض رؤيتها الدينية على الواقع العراقي . والسعودية بتوجهها الجديد الذي يقوده الامير محمد بن سلمان و ضرب المؤسسة الدينية الوهابية ، لم يعد الصراع المذهبي اولوية كما كان في السابق ، اما تركيا فهي الاخرى انشغلت بالواقع السوري ، والخطر الكردي الذي تعتبره خطراً يهدد أمنها القومي ، لذا ابتعد العراق عن اهتمامات الأتراك كأولوية في سياستها الخارجية .

بناءً على هذه المعطيات فان الدولة المدنية أصبحت اكثر قربا ومقبولية مما مضى وحان الوقت ان تطرح بقوة . وذلك لعدة عوامل

اولها : عدم وجود البديل السياسي المقبول غير الدولة المدنية .

ثانيا: انها تلبي مطالب المتظاهرين بالقضاء على المحاصصة والطائفية .

ثالثاً : تعتمد الهوية العراقية وترفض كل الهويات الفرعية .

رابعاً : تعتمد الكفائة في التعيينات .

خامساً : تعتمد سيادة القانون.

ان مشروع الدولة المدنية هو المشروع الناهض الذي يعبر بالعراق الى بر الأمان ويبني دولة قابلة للحياة وبعيدة عن الهزات السياسية .

الدولة التي تتحرر من قيود الدين وتحرر الدين من قيود الدولة ، كما انها تتحرر من قيود العشيرة والعائلة والطائفة والقوم .

الدولة التي تبتعد عن الشعارات الثورية ، والمواقف الأيديولوجية وتبحث عن المصالح الوطنية .

الدولة التي تعتبر السياسة الداخلية اولوية قصوى لانها ترتبط بالشارع الوطني .

الدولة التي تحترم كل الهويات الفرعية لكنها تعتمد الهوية الوطنية فقط ، كما انها تحترم حرية العقيدة وترفض استغلالها بالسياسة .

ان بروز النزعة الوطنية بين العراقيين بهذه القوة ، ورفض التدخل الأجنبي ، ونبذ الاجندات البالية والأحزاب المنتهية الصلاحية ، وكسر سلطة العشيرة كسلطة قسرية وسلطة رجال الدين كسلطة مقدسة ، كلها مؤشرات إيجابية لولادة عراق ذو نزعة إنسانية بحته .

ان الوعي الجماهيري الذي يجتاح الشارع العراقي هو كفيل في تحقيق حلم الدولة المدنية . فمن الدكتاتورية الى الديمقراطية الفوضوية التي أنجبت نظاماً مشوهاً ، بات واضحاً ان النظام الاكثر ملائمةً لبلد مثل العراق متعدد القوميات والطوائف والأديان والاعراق هو النظام المدني ، النظام الذي يضمن حقوق الجميع ، ويوفر فرص متكافئة لهم .

  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/17



كتابة تعليق لموضوع : هل حان وقت الدولة المدنية في العراق  ؟؟ 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net