صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

نقطة ضعف الشيعة
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 برغم مئات من السنين حكمت فيها الخلافة الإسلامية التركية بلاد العرب، لكنها لم تنجح في إستلابهم مكمن قوتهم، ولم تترك الأثر الكبير سوى في العمران الذي هو أيضا نتاج العمارة العربية، وبإستثناء بعض المفردات اللغوية، والألحان الغنائية، والعادات، وبعض أنواع من مهارات الطبخ تم لاحقا تعريبها جميعا، وتحويلها الى ثقافة عربية. فلاأحد يشك اليوم في إن الموسيقى الرائعة لكبار المغنين كأم كلثوم تركية الأصل، ولاالتلاوات القرآنية الفريدة، ومثل ذلك ينسحب على الفرس الذين تركوا اثرا أكبر من الترك لأنهم تماهوا مع الحضارة الإسلامية، وكانوا أكثر قربا الى الحكام المسلمين والعرب، وفي مجال اللغة والأدب الفريد والدين حيث نبغ علماء العربية، وهم من الفرس، وكذلك بعض الشعراء، بينما يعتقد إن علماء الفقه، وأصحاب المذاهب الدينية هم من الفرس السنة الذين أجادوا في علوم الدين واللغة، بينما كان هناك الفرس الشيعة الذين إقتربوا من الوجدان المسلم بطريق أهل بيت النبوة الذين كانوا على الدوام ملاحقين من خلفاء المسلمين الذين أوغلوا في القتل والسبي والتهجير، وتركوا مادة ثورية وإنفعالية في الوجدان الشيعي ماسمح بتوفر ديناميكية عالية لدى الشيعة ساهمت في إنتشار لافت لمذهبهم الفكري لمزجهم الدين بالأدب والمراثي والعاطفة. 

 لماذا كان مادة التظاهرات الأخيرة الصاخبة في العراق هم الشيعة المتدينون والشيوعيون واللبراليون والعلمانيون والقوميون الذين ينحدرون من مدن الشيعة في الوسط والجنوب؟ في ظاهرة لم يتوقعها السنة الغاضبون من النفوذ الذي تحقق للشيعة بعدالعام 2003 في العراق، وتمكن إيران من الدخول الى المساحة العربية الشيعية في لبنان والبحرين وسوريا والعراق، وإختراقها للقوى الدينية السنيةالمتشددة خاصة الإخوان المسلمين الذين تتفرع منهم حركات الإسلام السياسي في معظم البلدان العربية التي تحصل اليوم على دعم تركي إيراني مشترك. 

 في الواقع فإن السنة إستفادوا من تمازج القومية العربية بالتسنن على مستوى الحكم وإدارة الدولة العربية الإسلامية وهو ماأتاح لهم السيطرة الفعلية والناضجة على دائرة القرار، ولم تتمكن الدول المجاورة ( إيران تركيا ) من إستلابهم من قوميتهم رغم الضغط، بينما حرم الشيعة من الحكم على مدى قرون متطاولة، ولذلك إلتجأ بعضهم الى التماهي مع الشيعة غير العرب، بينما كانت الدول الإسلامية غير العربية تلجأ الى بلاد المغرب ومصر والعراق والشام والسعودية، وتدين لها بمايشبه الولاء. 

 الشيعة في العراق ولأسباب أخرى كانوا أقرب الى الرغبة في إظهار إنهم ليسوا مرتبطين بإيران إذ يتجاذبهم عاملا التشيع والقومية العربية اللذان منعا عنهما الإستقرار على فكرة بعينها هل نحن(شيعة عرب) أم ( شيعة نتجاوز القومية) ومن النادر أن ينقلب السنة على نظام حكم سياسي إلا وبديله نظام حكم يسيطر عليه السنة، لكن النزاع العقلي والوجداني عند الشيعة جعلهم أقرب الى القيام بما عجز عنه السنة بمختلف الأساليب. 

 عامل اللغة أحد أهم المعرقلات في طريق التماهي الكامل بين إيران والشيعة العراقيين تحديدا الذين هم مزيج من البداوة والتحرر والوازع القومي، ولعلي أرى إن عامل اللغة هو سبب فشل الكثير من محاولات الإندماج مع الشعوب التي هي الأضعف في ميزان التعامل، وسبب عدم التكافؤ، وسبب في عدم الهيمنة الكاملة. 

 قد يرى البعض إن ذلك ليس ضعفا في الشيعة بل هو مشروع فائدة غير مستشعرة على المدى البعيد. 
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/13



كتابة تعليق لموضوع : نقطة ضعف الشيعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net