صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

وَعيُ السلطةِ وَوَعيُ الدولةِ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المشهدُ العِراقِيُّ الحاليُّ يُعَبِّرُ عن هذهِ الازمةِ ، عن هذهِ الاشكاليّة ، وهي عدمُ تحديد الحدودِ ، ورسمِ المفاهيم بين السلطةِ والدولة . من الضروريِّ جداً تحديدُ المفاهيم ، وعدمِ التداخلِ بينها . وهذا الوعيُ يُعّبِّرُعن حالةِ نُضجٍ فكري ، ومغادرة لمرحلةِ الطفولةِ الفكريّة.
الحكومةُ وَوَعيُ السُلطةِ
----------------------
الحكوماتُ العِراقيّةُ المتعاقبةُ بعد 2003 م ، وبعد غياب الدولة ، وحل مؤسساتها كحل الجيش العراقيِّ ، الذي هو مؤسسة دولة ، وان كانت الحكومات المتعاقبةُ على حكمِ العراق قبل سقوط النظام السابق ،جعلته اداة سلطوية تخدم مصالحها ضد تطلعات الشعب.
حكومات مابعد 2003م ، كانت على وعيٍ كبيرٍ في السلطةِ والياتها ، وكيفيةِ تقاسم المناصب والمواقع ، وتوزيع الثروات . حتى الدستور صُمِمَ ليُعَبِّرَ عن سلطة المُكَوِناتِ ، لا عن دَولةِ المواطن. هذا الوعي المتقدم في السلطة والياتها ، صاحبَهُ غيابٌ كبيرٌ لوعي الدولة وحاجاتها وحسنِ ادارتها. فلا خدمات ولاتعبيد طرق ، ولاتوفير خدمات ، ولامشاريع جادة لتوظيف العاطلين ، ولاتوفير فرص عمل للخريجين . ( وهذه الامورتتعلق بوعي الدولة ، وهي كلها غائبة ) .
المحاصصة مشروع سلطة ، ووعي سلطة ، وليسَ مشروع دولة ، ولاوعي دولة ، وفهم للمواطن وتوفير حاجاته ، وتوفير الخدمات له . الفساد المالي ، والرشاوى ، والصفقات المشبوهة ، كان وعياً متقدماً للسلطة ، وتوزيع مناصبها وثروات البلاد بين المتحاصصين ، من احزاب وقوى وتكتلات ، وقوميات ، وطوائف.
المواطن وغياب وعي الدولة
---------------------------
والمواطن كذلك ، شريحة واسعة منه ، لاتميز بين السلطة والدولة ، ولاتميز بين حدود الدولة وحدود السلطة . المطالب الحقة للمتظاهرين مشروعة ، والتظاهرات السلميّة مطلوبة ، وهي تعبر عن الضغط على السلطة ..ولكنّّ القتلَ الدمويُّ الساديُّ الذي مارسته شريحةٌ من المتظاهرينَ ، وحرق الممتلكات العامة ، وتعطيل المنافذ الحدودية ، واجبار الطلاب على ترك مقاعد الدراسة ؛ دليل على ان هناك شريحة لاتميز بين السلطة والدولة . خطابات المرجعية كانت دائماً تضع النقاطَ على الحروف ، وتميّز بين الامور ؛ حتى لايقعَ اللبسُ والخَلطُ .حتى في فقهنا ، هناك مفردة " وجوب حفظ النظام" اي المصالح العامة للناس ، وهذه المفردةُ تؤكد على وعي الدولة ، حتى وان كنا مختلفين مع نظامها السياسي.
وهذه العقليّةُ ، التي لاتفرق بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة ، اشار اليها الكاتب اليابانيُّ (نوتوهارا) ، في كتابه : ( العرب وجهةُ نظرٍ يابانيّة ) ، فيقول:
( العرب لايفرقون بينَ الدولة والحكومة ، حيث انهم يدمرون الممتلكات العامة ؛ لاعتقادهم بانها ممتلكات الحكومة ، وليست ممتلكاتهم) .
الغربيون وعوا العلاقة بين السلطة والمواطن فنظموها بالعقد الاجتماعي ، حتى يضعوا الحدود بين السلطة والدولة ، وموقف المواطن منهما.

في نظري هذهِ هي الاشكاليّة العميقة . لو حافظ المتظاهرون على سلميتهم ، ولم يسمحوا لاصحاب الاجندات التي تريد حرف مسار التظاهرات المطلبيّة ، ولوامتلكت الحكومة بصيرة ووعيا في الدولة ووظائفها ؛ لكانت الاوضاع مختلفة تماماً .
يمكن للمظاهرات السلمية ، ان تضغط على الحاكمين ليغيروا بوصلتهم باتجاه وعي الدولة ومتطلباتها ، وبعيدا عن وعي السلطة ومحاصصاتها ، وفسادها . يمكن ان تضغط المظاهرات على الحاكمين لتجعل منهم رجال دولة ، يحملون هموم الدولة ، وخدمة مواطنيهم ، بدل ان يكونوا طلاب سلطة سلطة ، يفكرون بهمومهم الشخصية ، ومصالح كتلهم واحزابهم .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/12



كتابة تعليق لموضوع : وَعيُ السلطةِ وَوَعيُ الدولةِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net