صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

مجلس النواب العراقي يتجاوز الدستور ويمنع التدخين
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في خطوة تجاوز من خلالها مجلس النواب العراقي الدستور النائم صادقَ على منع التدخين في ألأماكن العامة ، وبذلك يكون مجلس النواب قد ضرب عرض الحائط باب الحريات العامة التي من المفترض أن يكون قد كفلها الدستور ولو أن هذا يعتبر ضربا من المستحيل في العراق .

كل يوم نسمع شيئا من شأنه التقييد على الحرية الشخصية للفرد ، فهل هذا جزاء التضحيات الكبيرة التي دفعها الشعب العراقي طيلة سنوات طويلة ؟ الشعب العراقي عانى مالم يعانيه أي شعب من شعوب ألأرض في وقت كان فيه عددا غير قليل من اعضاء مجلس النواب الحالي يعيشون خارج العراق ولايعلمون بما يجري للمواطن العراقي والبعض منهم لازال يحمل جنسية اخرى غير الجنسية العراقية ، واليوم حين وصلوا الى مناصبهم التي هم فيها ألآن تناسوا هذا الشعب وراحوا يتدخلون في تفاصيل حياته من خلال اقرار قوانين أقل مايقال عنها انها جاءت في الوقت غير المناسب .

أما كان من ألأجدر أن يتخذ مجلس النواب قرارات مهمة تتعلق على سبيل المثال لا الحصر بألأمور التالية :

1 . الزام وزارة التربية ببناء مدارس لائقة للطلبة بدلا من المدارس الطينية الموجودة في عدد كبير من مناطق العراق .

2 . الزام وزارة الصحة بتقديم خدمات طبية في المستشفيات الحكومية الجناح العام مقاربة لما يتم تقديمه بنفس المستشفيات في الجناح الخاص .

3 . الزام وزارة الكهرباء بتجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية التي تتناسب مع المليارات الضخمة المخصصة لتلك الوزارة .

4 . الزام وزارة المالية بتشريع قانون منصف للمتقاعدين بدلا من تركهم يعانون ألأمرين تحت رحمة علي عويد رئيس هيئة التقاعد .

5 . الزام وزارة التجارة بتقديم كشوفات دقيقة عن مصير المبالغ التي تم استحصالها من المواطنين عن كامل مفردات البطاقة التموينية من عام 2003 وحتى الان في حين أن المواطن يستلم الفتاة من تلك البطاقة .

ناهيك عن سائر الوزارات ألأخرى لكن ماتم ذكره هو غيض من فيض مما يعاني منه المواطن في بلد يمتلك من النفط الكثير وكل يوم نسمع أن كمية النفط التي تم تصديرها قد وصلت الى اكثر من 2 مليون برميل يوميا والكمية المصدرة في تصاعد مستمر .

أنا مع القرار حتى لو كان يتعارض مع حريتي الشخصية في الوقت الذي تتوفر فيه بعض ألأمور التي تحفظ كرامتي كمواطن ، أنا يتوجب عليّ الخروج من بيتي باكرا تلافيا للازدحامات المرورية نتيجة غلق عدد كبير من الطرق الرئيسية والفرعية ، أنا كمواطن اشعر بألأهانة حين اراجع عددا ما من الدوائر الحكومية نتيجة الترهل في الضوابط الادارية الناتجة من المحاصصة السياسية التي وضعت الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب ، أنا أعيش بأعصاب متوترة منذ الخروج من البيت وحتى ساعة العودة بسبب القلق الذي يلازمني طيلة وجود افراد عائلتي خارج البيت بسبب الوضع ألأمني المتردي ، وعندما اقول انا فأني اتكلم نيابة عن العراقيين الذين يعانون نفس تلك ألأمور ، لكن لا أحد يكترث بهم ، الجميع يئن تحت وطأة سوء الخدمات ، الجميع يستغيث لكن لا مغيث ، نحن نطالب بكذا وكذا لكن لا أحد يستمع لنا .

في سبعينيات القرن الماضي أدلى موشي دايان وزير الدفاع ألأسرائيلي آن ذاك بتصريح مثير للصحافة يخص الترسانة العسكرية الاسرائيلية ، فسأله أحد مستشاريه أما تخشى أن يطلع العرب على تلك المعلومات الواردة في تصريحك ؟ فأجابه بكل سخرية ، وهل يقرأ العرب ؟

نحن الان في العراق نتكلم عن معاناتنا ونكتب عن احتياجاتنا ، لكن لا احد يقرأ مانكتب وكأننا غرباء عن هذا الوطن !!!

أقول وبكل ثقة أن نسبة المدخنين ستزداد مهما كانت العقوبات المفروضة عليهم ، كذلك سيزيد كل المدخنين من نسبة مايدخنوه من سجائر ، وأنا أولهم ، علما أني كنت أمتنع عن التدخين تلقائيا حين مااكون في اماكن يمكن ان اتسبب بضجر للآخرين من خلال التدخين ، أما ألآن فسأدخن في كل مكان ، عاما كان أم خاصا ، ليس تحديا للقرار ولكن كرد أعتبار لما بقي لي من حرية شخصية صادرها مجلس النواب بقراره حول منع التدخين ، سيزداد عدد المدخنين بشكل لافت للنظر ، لأن العراقي لاترهبه القرارات ، في ثمانينيات القرن الماضي قام صدام حسين لعنه الله بأعدام اعداد لا حصر لها بسبب انتمائهم الى حزب الدعوة فكانت النتيجة ان انصار حزب الدعوة كانت تتزايد وشكلت معارضة كبيرة ضد صدام حسين لعنه الله ، ناهيك عن الاعداد الاخرى التي اعدمها المجرم صدام بسبب الانتماء الى احزاب سياسية اخرى .

وزارة الصحة باركت اقرار قانون منع التدخين لكنها أغفلت عن أمور مهمة جدا تتعلق بسياق عملها ، انواع كثيرة من ألأدوية منتشرة على ألأرصفة والبعض منها فاسد ومنتهي الصلاحية ولاتتخذ وزارة الصحة ألأجراء المناسب لذلك ، أطفال يموتون بسبب تردي الخدمات الصحية المقدمة لهم في المستشفيات العامة ، لكن لاجديد في القطاع الصحي العراقي ، كل تلك ألأمور اغفلتها وزارة الصحة وباركت منع التدخين !!! كذلك هلل بعض الاطباء للقانون اعلاه ، وعلى أساس ان الاضرار تأتي فقط من التدخين ، هل يعلم ألأطباء الذين يلهثون خلف المال فقط دون مراعاة الجانب ألأنساني ، هل يعلم اولك ألأطباء انهم اخطر من التدخين على المرضى ؟

هل تعلم وزارة الصحة ووزارة البيئة أن ألأدخنة الناتجة من عوادم السيارات نتيجة الاختناقات المرورية هو اخطر بكثير من دخان السجائر ؟ فهل فعلت شيئا تجاه تلك العوادم ؟ كان من ألأفضل لوزارة الصحة أن تلتزم الصمت ازاء قرار منع التدخين وتنآى بنفسها عن ردود الفعل التي تأتيها من خلال تأييد قرار منع التدخين لأن كل مواطن عراقي يحفظ بجعبته الكثير من سلبيات وزارة الصحة وكوادرها في المؤسسات التابعة لها .

هل يعلم مجلس النواب ان اغلب العراقيين حين يتابع جلسات مجلس النواب عبر التلفاز فأنه يحتاج الى علبة سجائر كاملة ؟ ليتمكن من متابعة الجلسة نتيجة الشد والجذب بين الكتل السياسية والتي غالبا ماتعيق اصدار او تشريع قوانين مصيرية جدا ، ناهيك عن الجلسات التي يظهر فيها من يدافع عن حقبة المجرم صدام بشكل مباشر أو غير مباشر أمام اعضاء المجلس الذين غالبا مايلتزمون الصمت في تلك الحالات .

سؤال أطرحه امام مجلس النواب ، السؤال هو ، أين ستذهب المبالغ التي سيتم فرضها على المدخنين في ألأماكن العامة ؟ وحتما ستكون مبالغ كبيرة جدا مقارنة بأعداد المدخنين في العراق والذين سيزدادون لاحقا تماشيا مع قرار منع التدخين ، هل وجد لها مجلس النواب تبويبا مناسبا ؟ أم انها ستبوب بنفس تبويب المبالغ المستحصلة عن كامل مفردات البطاقة التموينية ؟

اخيرا أقول تحية وشكر الى السادة أعضاء أئتلاف دولة القانون الذين اعترضوا على القانون كونه مخالفا لمواد الدستور التي تتعلق بالحريات العامة ، تحية لهم لأنهم أعترضوا من جانب يتعلق بحرية الفرد وبهذا سجلوا دونا عن غيرهم احترامهم للمواطن العراقي من خلال مطالبتهم بعدم المساس بحريته الشخصية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/05



كتابة تعليق لموضوع : مجلس النواب العراقي يتجاوز الدستور ويمنع التدخين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net