صفحة الكاتب : احمد سليمان العمري

لك الله يا عراق
احمد سليمان العمري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بدأت ظهيرة يوم السبت الموافق 05 أكتوبر/تشرين الأول 2019م في ألمانيا مدينة كولونيا بمقربة من ساحة كتدرائية المدينة الشهيرة " كاتدرائية سانت بيتر وماري" وتسمى أيضاً "كولنر دوم" وقفة إحتجاجية ضخمة أُستهلّت بالنشيد الوطني العراقي تدين الإنتهاكات الحكومية العراقية والقتل ضد المتظاهرين في أنحاء مختلفة من المدن العراقية، ضمّت جميع فئات المجتمع ومشاربه من نساء ورجال ومسنين، خرجوا ليعربوا عن حجم الإحباط الذي يسيطر على جلّ المجتمع جرّاء تفاقم الوضع الاقتصادي والخدمي وتفاقم حجم البطالة وتنفّذ رجالات الدولة وانتشار الفساد وتردّي الخدمات منذ خمسة أيام متواصلة.

أتى قرار الحكومة بحظر التجول تنفيذاً لأوامر رئيس الحكومة عادل عبد المهدي رداً على الوقفات التي اجتاحت جميع شوارع العراق وهي الأكبر منذ تولّي عبد المهدي منصبه، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن المائة قتيل وجرحى تجاوز عددهم 4 آلاف شخص حسب مفوضية حقوق الإنسان، إثر اشتباكات مع قوات الأمن في ساحة الحمزة بمدينة الصدر والمدن الأخرى، آخرها يوم السبت حيث تمّ تصفية 5 متظاهرين في بغداد، هذا بالإضافة إلى ما يزيد عن 567 شخصاً رهينة الإحتجاز، وقد أُفرج عن قلّة منهم فيما بعد. في الوقت الذي حصدت العاصمة بغداد وحدها يوم الجمعة 20 قتيلاً حتى بدا الأمر للوهلة الأولى إبادة جماعية.  

 القتل المتعمّد الذي تمارسه السلطات العراقية لا يختلف كثيراً عن التي انتهجها الأمريكي في الماضي القريب بحق الشعب العراقي الأعزل، ممّا دعا الأمم المتحدة إلى التدّخل لوضع حد للعنف الذي يمارسه النظام خلال الأيام الخمسة الماضية، لا بل طالبت بوجوب مثول الأشخاص المسؤولين عن هذه المجزرة أمام العدالة.

الملفت للنظر حجم الحشود في منطقة التظاهر في كولونيا، والتي تجاوزت أعدادهم ال 3000 شخص دون تجهيز مؤسسي أو تنظيمي، إنّما من خلال مجموعة من الجالية العراقية وكثير المغتربين العرب فلسطينيين ومصريين وأردنيين ومن تونس والمغرب وكثير الجنسيات الأخرى وكان بينهم معارضون مصريون يقيمون في المهجر أحدهم الصديق حازم الجناوي، وبمشاركة لا بأس بها من الشارع الألماني، لدرجة أنّ الشرطة اضطرت لإستبدال الوقفة بالساحة التي تربط محطة القطارات الرئيسية بالكتدرائية لحجم الحضور غير المتوقع.

ولقد رفع المحتّجون شعارات مثل "هلا هلا كلهم حرامية" و "الشعب يريد اسقاط النظام" وأيضاً "نحن فداك يا عراق".

القضية التي يندّد بها الحراك في العراق ومعه الجالية في كثير العواصم الغربية هي سيطرة مجموعة من المتنفذين في الحكم وتخصيص مقدّرات الدولة لصالح عصابة تنفّذ أجندة إيرانية في المنطقة وعلى حساب الوطن والمواطن البسيط.

في أثناء التغيرات المحورية منذ سقوط العراق كان المواطن يقف متفرجاً ومراقباً ومتفائلاً في آن، فالتحوّل في الدولة من حكم كان يراه الكثير دكتاتوري عسكري قمعي يضرب بيد من حديد، إلى حكم مدني ديمقراطي، وكيفية بناء المؤسسة المدنية والتعامل المشترك مع إيران اقتصادياً بذريعة حلّ الأزمة الإقتصادية والفراغ السياسي الذي خلّفه الوجود الأمريكي.

إلى متى سنبقى مستضعفين ودماؤنا رخيصة مباحة؟ لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد إذا أصيب غربي أو إسرائيلي بسوء، بينما نموت قهراً وظلماً وقتلاً وكأنّنا بعض أشياء؟

لك الله يا عراق.

 

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد سليمان العمري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/11



كتابة تعليق لموضوع : لك الله يا عراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net