صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّادِسةُ (١٦)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إِذا أَردنا أَن نعرفَ عظمة الدَّور الذي تحمَّلتهُ عقيلة الهاشميِّين زينب بنت علي (ع) في نهضةِ سيِّد الشُّهداء الحُسين السِّبط (ع) فما علينا إِلَّا أَن نطَّلعَ على الجهود [الجبَّارة والعظيمة] التي بذلها الأَمويُّون وكلُّ طُغاة الارض لطمسِ معالِم كربلاء وعاشوراء، على اعتبار أَنَّ الأَشياء تُعرف بأَضدادِها.
   فلقد توعَّد الأَمويُّون عاشوراء بقولهِم [إِلَّا طمساً طمساً] وتحدَّتهم زينب (ع) بقولِها {لا تمحو ذِكرنا} فمَن المُنتصر في نِهاية المطاف؟ ولماذا؟!.
   لقد تحدَّتهم لوحدِها وهُم يقودُون جيوش الظَّلام والتَّضليل والأباطيل والأَكاذيب يُنفِقُون عليها أَموال الدُّنيا! ويُسخِّرون وُعَّاظ السَّلاطين، وإِلى الْيَوْم يقودُون الجيوش الإِليكترونيَّة التي يصطادُون بها المُغفَّلين والجهَلة من الذين يصدِّقون كلَّ ما يمرُّ عليهِم ويعتقدُون بكلِّ ما يصلهُم من غثٍّ ويُسلِّمونَ بكلِّ ما يقرأُون.
   ولَم يبدأ دور العقيلة التبليغي والإِعلامي بعد عاشوراء، أَبداً، وإِنَّما بَدأَ دورها الرِّسالي لحظة أَن قرَّر الحُسين السِّبط (ع) رفض البيعة للطَّاغية يزيد بن مُعاوية، ففي تلك اللَّحظة أَعلنت العقيلة (ع) موقفها الرَّافض للإِنحراف لتلتحقَ برَكب الحُسين السِّبط (ع) غير مُباليةً بجبرُوتِ الطَّاغوت وتهديداتهِ بالقتلِ ومُستعدَّةً لأَقصى درجات التَّضحية من أَجل الإِلتزام بكلمةِ الحقِّ التي نطقَ بها الحُسين السِّبط (ع) {مثلي لا يُبايِع مِثلَه} وزينب (ع) هي مِثْلُ الحُسين (ع) فكيفَ تتخلَّف عن الإِلتزام وهي سليلة بيت النبوَّة ومعدِن الرِّسالة ومُختلف الملائِكة؟! الذين يصفهُم أَمير المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {فِيهِمْ كَرَائِمُ الْقُرْآنِ، وَهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ، إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وَإِنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا} وقولهُ (ع) {وَعِنْدَنَا ـ أَهْلَ الْبَيْتِ ـ أَبْوَابُ الْحُكْمِ وَضِيَاءُ الاَْمْرِ}.
   أَمَّا في الطَّريق إِلى كربلاء وإِلى يوم عاشوراء فلقد كانت عقيلة الهاشميِّين (ع) مصدرُ الإِلهام الذي يُغذِّي الرَّكب بالرُّوح والمعنويَّات والأَمل بالنَّصر الإِلهي الموعودونَ بهِ، فكانت السَّنَد والعضُد.
   وفِي عاشوراء كانت الخَيمَة الحقيقيَّة التي تجمَّع تحتها وفِي ظلِّها مَن تبقَّى من العِيال والأَطفال والنِّساء بعد أَن أَحرقَ الظَّالمُونَ مُخيَّم الحُسين السِّبط (ع) تمسحُ دموعَ هذا وتضمِّد جراحَ ذاك وتطيِّب خاطر تِلك.
   ثم بَدأَ دورها الأعظم في تبليغِ رسالةِ عاشوراء من أَرضِ المعركةِ إِلى الكُوفةِ ثمَّ الشَّام ثم المدينةِ المُنوَّرة ثمَّ إِلى العالَم بصرختِها الإِلهيَّة المدوِّية التي تحدَّت فيها كلَّ طُغاةَ الأَرض وشياطينهُم وأَدواتهُم، ومن مجلسِ الطَّاغية الذي ظنَّ أَنَّهُ انتصرَ بقولِها {أَظننتَ يا يزيد؟! فواللهِ لا تمحُو ذِكرنا}.
   لقد كانت على يقينٍ وكانَ يظنُّ!.
   ولقد نجحت العقيلة الكُبرى (ع) في تبليغِ رسالةِ عاشوراء بكاملِ أَدوات النَّجاح، منها؛
   *الشَّجاعة، وهي أَهم أَدوات نجاح الإِعلام خاصَّةً في عصرِ التَّضليل الذي يعتمد [السَّيف والمال] لشراءِ الذِّمم وقطعِ الأَلسُن.
   *الوضُوح في الرِّسالة والمُحتوى، بعيداً عن الفلسفة والهرطقة والميتافيزيقيا والسَّفسطة.
   *الدَّيمومة فلم تترُك لحظةً لم توظِّفها في إِنجازِ مسؤُوليَّة التَّبليغ، بدَيمومةٍ مُنقطعةِ النَّظير على الرَّغمِ من كلِّ التَّهديد والوعيد والنَّفي السِّياسي والمُحاصرة والعزل الذي كانت تتعرَّض لَهُ على يدِ سُلطات البغي.
   *الحرب النفسيَّة فكانت كلماتَها تنزِل كالصَّاعقة على رأس الطَّاغوت، عندما كانت تتوعَّدهُ وهي أَسيرةٌ بيدِ جلاوزتهِ، وتستحقِرهُ وتستصغِرهُ وهو في عنفوانِ مجلسهِ.
   *الثِّقة واليَقين بنصرِ الله تعالى في أَحلك الأَوقات وأَشدَّها أَلماً، فلم تدع الشَّك يتسلَّل إِليها وهي ترى مصائب كربلاء بأُمِّ عينها، فنزلت إِلى أَرضِ المعركة بعد استشهادِ السِّبط (ع) لتضعَ يدَيها تحتَ جسدهِ الطَّاهر والشَّريف وترفعهُ قليلاً وهي تنظر إِلى السَّماء قائلةً {اللَّهمَّ تقبَّل هذا القُربان مِن آلِ مُحمَّد (ص)} {اللَّهمَّ إِن كانَ هذا يُرضِيك، فخُذ حتَّى ترضى}.
   ما أَعظمَ زَينبا!.
   جبلُ الصَّبرِ وبحرُ اليَقينِ.
  لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/23



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّادِسةُ (١٦)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net