صفحة الكاتب : ابراهيم بن مدان

العلاقة الزوجية من بناء الأسرة إلى تعويض نقائص نفسية..
ابراهيم بن مدان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

موضوع الزواج هو من المواضيع التي تحضى باهتمام كبير في جل المجتمعات وبالخصوص المتخلفة منها، من بين الأسباب الكثيرة التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع وهي أني أرى أن هذه المجتمعات التي تُسمي نفسها بالإسلامية والتي من المفروض فيها التشبث بالتعاليم الإسلامية فيما يخص علاقات الزواج نجد العكس من ذلك تماما، إذ تغلب عليها المظاهر والتباهي بشكل كبير جدا. فهذه المظاهر التي تغزو المجتمعات الإسلامية تفسر بالملموس ما ذهب إليه د. مصطفى حجازي حين اعتبر أن الكثير من التصرفات الاستعراضية التي تشيع في البلدان النامية، تهدف بالتحديد إلى التستر على عقده العار خصوصًا الاستعراض الاستهلاكي. يأتي بعده كل أشكال الإدعاء والتبجّح وخداع الآخرين بجاه أو مال أو حظوة لا أساس لها من الواقع.

لدينا مقولة معروفة بالعامية المغربية تؤمن بها العديد من النساء ويرددنها بكثرة عندما يردن تقييم أي رجل تقول القولة: "الرجل هو فلوسو". أي أن قيمة الرجل تكمن داخل ما يحوزه في جيبه من مال، ولأن العرب تعرف الأشياء بضدها فالمعنى الأخر من القولة هو أن من لا مال له لا قيمة له. كل هذا وغيره يجعلنا نطرح الكثير من الأسئلة وغيرها: هل المال هو كل شيء في هذه الحياة؟ ولماذا يركزن بالضرورة على المال قبل الأخلاق والعلم والثقافة والقيم ومجموعة من الأشياء التي تميز الإنسان؟.

لكي نجيب على هذه الأسئلة سنذهب قليلا مع علم النفس، ففي علم النفس فالإنسان الذي لم يعش كل مرحلة من مراحل حياته كما ينبغي أن تعاش فإنه يحصل له ما يسمى بالنكوص أي العودة للماضي من أجل تعويض ما ضاع من حياته، ولذلك من الممكن أن تجد إنسانا بلغ من العمر عتيا ولكنه يقوم بتصرفات يقوم بها الأولاد الصغار، فهو هكذا يريد تعويض تلك المرحلة التي لم يعشها كما ينبغي عندما كان صغيرا، فالإنسان الذي حُرم من شيء تراه أكثر الناس تشبثا به وحلما بالوصول إليه. وبالتالي فهذه المرأة التي تنظر للرجل من خلال أمواله إذا نظرنا إليها من الناحية السيكولوجية نراها عاشت طفولة مليئة بالعقد والنقص والحرمان، عانت الكثير من العقد النفسية، بالإضافة للقهر والحرمان الاجتماعي وتحلم بالرجل المخلص الذي يعوض لها كل ما فات من ماضيها الأليم، فيصبح الزوج بالنسبة لها مثل مصباح علاء الدين.

ربما هذه طبيعة المرأة التي فطرت عليها منذ القدم وقد قالها الشاعر علقمة الفحل:

فإن تسألوني بالنساء فإنني … عليم بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله … فليس له في ودهن نصيب.

الغريب في الأمر وهو أن الثروة والجاه والمنصب أشياء لا تدوم للإنسان، والإنسان الثري ليس بمأمن من الفقر في أي لحظة. فالرجل الذي تكون من نصيبه واحدة من هذا الصنف من النساء، سيعيش حياة ضنكاء، تملؤها التعاسة والشقاء من رأسها إلى أخمص قدميها، وسيكون دوره في العلاقة الزوجية هو تحقيق المتطلبات ليس إلا، عوض تكوين أسرة والعيش في سعادة وهناء. بالمناسبة اللواتي يؤمن بالثروة والمال ويقسن الرجال انطلاقا من هذا المعيار لا يصلحن أن يكن زوجات أو أن يربين الأبناء تربية سليمة، ولا أن يكون أسرة قائمة على المودة والتقدير، لأنهن بكل بساطة مريضات من الناحية النفسية بحاجة للعلاج قبل أن يكون أي أسرة.

يمكننا أن نذهب إلى أن العلاقة الزوجية التي تربط الرجل بالمرأة في ظل سيطرة الماديات على الحياة لم تعد سكينة ورحمة مثل ما وصفها القرآن الكريم عندما قال تعالي : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ". بل أصبحت أعقد من ذلك بكثير وأصبح الزواج مثل ذلك الغول الذي يخاف الشباب الاقتراب منه، إذ طغت الماديات على حياة الإنسان فأصبح يعاني، لأن بناء أسرة بمعناها الصحيح والقويم يستلزم تحقيق الكثير من المتطلبات والحاجيات، ما يجعل من تكوين أسرة مسألة معقدة، ومعقدة أكثر خصوصا مع فئة تؤمن أن المال هو كل شيء في هذه الحياة، يستطيع أن يحقق لها ما حرمت منه أيام الصبا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابراهيم بن مدان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/01



كتابة تعليق لموضوع : العلاقة الزوجية من بناء الأسرة إلى تعويض نقائص نفسية..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net