صفحة الكاتب : د . ابراهيم بحر العلوم

ثلاثية السيادة: الأرض، الجو والسياسة الخارجية 
د . ابراهيم بحر العلوم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حرب الطائرات المسيرة كشفت عن عجز الحكومة العراقية في الدفاع عن سيادة اجوائها فضلاً عن عجز أجهزتها للكشف عن طبيعة التفجيرات التي استهدفت مخازن العتاد طوال الأشهر الماضية. فمنذ صيف العام الماضي وحتى الامس القريب شهد العراق تفجيرات متكررة في مناطق مختلفة من العراق بداية من تفجير مخازن العتاد للفرقة العباسية القتالية في كربلاء وانتهاءً بتفجير اكداس العتاد في قاعدة بلد الجوية قبل يومين، وما بين هذين التفجيرين حدثت العديد منها ولعل أهمها تفجير امرلي ومعسكر الصقر،  وتشير الاحصائيات الى ما يقارب العشرين تفجيراً، ومعظم هذه التفجيرات اصابت مخازن العتاد التابعة الى الحشد الشعبي والقليل منها الى الشرطة الاتحادية، ورغم تشكيل الحكومة للجان تحقيقية لمعرفة أسباب هذه التفجيرات الا ان نتائج التحقيقات لم تكشف للشعب، وبقي الشعب حائراً في أسباب عجز حكومته وبرلمانه في الدفاع عن سيادته اولاً وفي إمكانية الحفاظ على ممتلكاته، على افتراض ان هذه الأسلحة تعود ملكيتها الى الشعب العراقي،  ولنا ان نؤكد على الأمور الاساسية التالية:

أولا: حصر السلاح بيد الدولة: ان استهداف مخازن سلاح الحشد دون غيره من مخازن الأسلحة التابعة للجيش العراقي او الشرطة الاتحادية يحمل رسالة بان هذا السلاح ليس في عهدة الحكومة الاتحادية ولا يمتلك الغطاء الشرعي الذي يحول دون استنزافه، وبغض النظر عمن يقف وراء استهدافه، فإن هذا السلاح أصبح مصدر قلق بعد أن كان عاملاً مهماً لتحقيق النصر على الإرهاب.  بعودة ملكية هذا السلاح للشعب العراقي، فكان من الأولى للحكومة العراقية ان تتصرف بمسؤولية عالية في الحفاظ على ممتلكات الشعب الدفاعية وعدم السماح بإنتهاك سيادتها، من خلال الإسراع بتطبيق الامر الديواني الصادر في بداية شهر تموز الماضي والذي كان منتظراً ان نرى نتائجه في بداية الشهر الحالي، والذي أشار الى ضرورة جرد السلاح الموجود لدى الحشد الشعبي وتخزينه بشكل سليم في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية وتحت اشراف حكومي، وبالتالي تحقق الكتل السياسية احد اهم برامجها السياسية التي تعهدت به الى الشعب في حملاتها الانتخابية بضرورة حصر السلاح بيد الدولة. 

ثانيا: إدارة الحشد الشعبي: كشف بيانا الحشد الصادرين يوم امس (21 اب 2019) عن وجود اختلاف في إدارة مؤسسة الحشد الشعبي رغم كونها مؤسسة امنية خاضعة للحكومة العراقية، وهذا ما يضعف مؤسسة الحشد ويكشف عن نسيجها الإداري غير المتجانس مما يعرضها للإنهيار والتفكك. ان الحكمة في حماية هذه المؤسسة تتطلب من المشرفين عليها توحيد وجهات النظر والإتفاق على مجموعة مباديء أولها تقديم مصلحة العراق العليا على باقي المصالح والعمل ضمن سياسة الحكومة العراقية وتوجهاتها.

ثالثاً: السياسة الخارجية: في ظل التداعيات التي تواجهها المنطقة وتحديداً فيما يتعلق بالصراع الأميركي الإيراني، تبنت الدولة العراقية مبدأين أساسيين: الأول النأي بالعراق عن الصراع وعدم الانخراط في الحصار الأميركي المفروض على الجارة ايران، وان للعراق خصوصيته بالحفاظ على علاقاته الإقليمية والدولية بالشكل المتوازن الذي يجنبه مآسي جديدة. 
لقد كشفت الأحداث الأخيرة في البلاد وتحول العراق إلى ساحة تصفية الحسابات ضمن الصراع الأمريكي - الإيراني ضعف الحكومة وجهازها الدبلوماسي والقيادات السياسية في ترجمة هذين المبدأين إلى خطة عمل واضحة لإقناع الطرفين الأمريكي والإيراني برؤية العراق والإلتزام بها   ان نأي أي بلد بنفسه عن أحداث خطيرة تدور في محيطه الإقليمي تتطلب قدرات دبلوماسية عالية وعمل دؤوب تحت الأضواء وزيارات مكوكية لدول التأثير مثمرة وهادفة تحمل رؤية وعرضاً واقعياً مدعومة بتوافق وطني حولها ودعم من القادة السياسيين في البلد والإبتعاد عن التصريحات المثيرة، اما ان تغض النظر الحكومة عن ذلك فهذا مرفوض أيضا، على الدبلوماسية العراقية ممارسة دورها الطبيعي في الحفاظ على سيادة العراق من الخروقات وما توصلت اليه من نتائج أولية تشير الى فواعل خارجية مما يتطلب بعد التأكد من ذلك هو تقديم شكوى الى مجلس الامن للخروقات التي حدثت انسجاماً مع مبادئ القانون الدولى. 
رابعاً: سيادة العراق: في الوقت الذي نطالب بحصر السلاح بيد الدولة، نطالب الدولة بحصر سيادتها على أجواء العراق، فلا يتحقق التوازن بدون المسك بالامرين، فلذلك نرى ان إصرار الحكومة العراقية على ضرورة تنسيق التحالف الدولي مع الجهات الحكومية قضية ضرورية لتحقيق السيادة، فهناك تلازم في واجبات الحكومة لفرض سيطرتها ارضاً وجواً، وهنا تبرز براعة وحنكة الحكومة في إدارة الازمة.   
الشعب العراقي يتطلع الى الحكومة لابعاد العراق عن ساحة الصراع بدبلوماسية وحكمة ووعي وتوازن، وعلى الحكومة وقياداتها السياسية ان تجد السبل الكفيلة لحماية السيادة العراقية، فلا يمكن ان تحقق تقدماً في ملف حصر السلاح على الأرض ما لم نحقق تقدما مماثلاً في حصر استخدام السلاح جواً. 22. اب 2019


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ابراهيم بحر العلوم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/22



كتابة تعليق لموضوع : ثلاثية السيادة: الأرض، الجو والسياسة الخارجية 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net