صفحة الكاتب : امجد الدهامات

الوراثة السياسية
امجد الدهامات

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الطبيعي جداً أن يرث الأبن من أبيه الأموال والعقارات، لكن من غير المقبول أن يرث منهُ المنصب أو المكانة السياسية، ليس المنصب الحكومي فقط بل حتى زعامة الحزب والنفوذ السياسي، مع العلم أن الحزب إذا كان قائماً على شخص معين أو عائلة معينة لا يصح أن يُطلق عليه أسم حزب، فقيادة الحزب لابد أن تكون متاحة أمام جميع أعضائه ويحق لهم الترشح لقيادته عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية، وهذا ينطبق على جميع الأحزاب مهما أختلفت مسمياتها (حزب، حركة، تيار، تجمع، كتلة، ... ألخ).

إذن، متى تكون الوراثة السياسية مقبولة؟ ومتى لا تكون مقبولة؟

من المعروف أن الأنظمة الملكية قائمة على مبدأ الوراثة ولهذا فقد تأسست عائلات ملكية عريقة في بريطانيا، هولندا، تايلند، اليابان، ... ألخ، لكن في الجمهوريات، وخاصة الديمقراطية منها، فأن الطريق الحصري للوصول إلى السلطة هو الانتخابات، وعندها لا يستطيع أي رئيس أن يورث الحكم لأحد أفراد أسرته إلا اذا نجح بالانتخابات بشكل ديمقراطي مثلما حصل في أمريكيا (جورج بوش الأب والابن)، وفي كندا رئيس الوزراء الحالي (جاستن ترودو) هو أبن رئيس الوزراء الأسبق (بيير ترودو)، في كوريا الجنوبية (بارك غيون هي) هي أبنة الرئيس الأسبق (بارك تشونغ هي)، ومثل هذه النماذج طبيعية ومقبولة لأنها تأتي عن طريق ديمقراطي بحت.

وهناك طريقة ثانية مقبولة إلى حدٍ هي الطريقة الأسيوية القائمة على الديمقراطية لكن ضمن الإطار العائلي، ولعل أبرزها في سيرلانكا حيث خدمت السيدة (سيريمافو باندرانايكا) بمنصب رئيس الوزراء لمدة (18) سنة بعد اغتيال زوجها رئيس الوزراء (سولومون باندرانايكا) عام (1959) ثم أصبحت ابنتها (شاندريكا كماراتونغا) رئيسة للجمهورية واللطيف أنها عينت أمها بمنصب رئيس الوزراء، أما ابنها (أنورا باندرانايكا) فقد أصبح رئيساً للبرلمان.

وهناك مثال آخر هو السيدة (انديرا غاندي) التي تولت منصب رئيس وزراء الهند الذي تولاه قبلها والدها (جواهر لال نهرو) ثم تولى المنصب أبنها (راجيف غاندي)، والآن حفيدها (راهول غاندي) هو رئيس حزب المؤتمر الوطني.

وكذلك في باكستان فقد تولت السيدة (بنازير بوتو) منصب رئيس الوزراء وهي أبنه (ذو الفقار علي بوتو) الذي تولى منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، أما زوجها (آصف علي زرداري) فقد أصبح رئيساً للجمهورية ويشغل أبنها (بيلاوال بوتو زرداري) الآن منصب رئيس حزب الشعب.

لكن الوراثة غير المقبولة هي التي تتم بالقوة وبدون إرادة الشعب وتصويته، إذ يورث الرئيس الدكتاتور منصبه لأبنه وكأنه ملك مطلق الصلاحيات، وقد بدأت هذه الحالة في جمهورية (هايتي) بعد وفاة الدكتاتور (فرانسوا دوفالييه) (1957-1971) فورثه أبنه (جان كلود دوفالييه) (1971-1986) رغم ان عمره (19) سنة فقط! ثم تكررت في دول عديدة.

لكن الحالة الأغرب هي في كوريا الشمالية التي حكمها (كيم إيل سونغ) لمدة (46) عاماً، ثم ورثه أبنه (كيم جونغ إيل) لمدة (17) عاماً، والآن يحكم الحفيد (كيم جونغ أون) منذ عام (2011)، ومبعث الغرابة أن الدولة تطبق النظرية الشيوعية والتي بدورها تحارب الوراثة أصلاً! صحيح أنها لا تؤمن بالديموقراطية على الطريقة الغربية لكنها على الأقل تعمل وفق انتخابات ولو شكلية داخل الحزب الشيوعي نفسه، لكن في كوريا استولت عائلة (كيم) على الحكم ويبدو أنها لن تسلمه! وكذلك في كوبا إذ ورث (راؤول كاسترو) حكم أخيه (فيديل كاسترو) بعد ان حكمها لمدة (49) سنة!

هذه الحالة منتشرة بكثرة في دول العالم الثالث وخاصة منطقة الشرق الأوسط ومن ضمنها العراق، وهي حالة ملفتة للنظر وتحتاج إلى دراسات كثيرة لا يستوعبها هذا المقال القصير.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امجد الدهامات
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/22



كتابة تعليق لموضوع : الوراثة السياسية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net