صفحة الكاتب : عبد الحسين بريسم

حوار : الشاعر الناقد المسرحي عبدالخالق كيطان
عبد الحسين بريسم
  في كل مكان وصله المسرحيون العراقيون كانت ثمة تجربة وثمة حراك
 
لقد نالت المؤسسات الفنية العراقية نصيبها من الإهمال، ومن السرقة أيضاً ما يتطلب مراجعة جادة لانقاذها من الشلل الذي أصابها.
 
 
 
حوار وتصوير  عبدالحسين بريسم
 
يعد الكاتب  المسرحي والشاعر عبدالخالق كيطان واحد من الاسماء الشابة المتالقة في عالمي المسرح والشعر على  طريق واحد فهو يمسك رمانتيهما في يد وفي اخرى يعمل في مجالات الاعلام ويواصل دراسته العليا مواليد مدينة العمارة 1969 .. العراق.  بكالوريوس نقد وتأليف مسرحي من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، العام 1992  فاز بجائزة الشاعر العراقي الكبير الراحل عبد الوهاب البياتي  للعام 1998 عن مجموعته الشعرية (نازحون) والتي صدرت في العام ذاته عن دار الجندي في دمشق. في العام 2000 أصدر مجموعته الشعرية الثانية (صعاليك بغداد) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمان وبيروت .  في العام 2007 صدرت مجموعته الشعرية الثالثة المعنونة:( الانتظار في ماريون)، عن دار الفارابي في بيروت.. له عدد من المخطوطات، ومنها: مجموعته الشعرية الرابعة المعنونة: مزامير متأخرة.وكتاب يتحدث فيه على شكل (سيرة مبكرة للألم) عن انتفاضة الشعب العراقي للعام 1991 وهو بعنوان (شارع دجلة) .. وكتاب ثالث مخطوط بعنوان (عقد البنفسج/ مقالات في المسرح العراقي المحاصر) يمثل مجموعة من الدراسات والمقالات التي تتناول المسرح العراقي في عقد التسعينيات من القرن الماضي كانت نشرت في عدد من الصحف العراقية والعربية .  وبعد 1998، وهو عام مغادرته العراق إلى الأردن. وفي العاصمة الأردنية عمان كان أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد العام للكتاب والصحفيين العراقيين، عمان 2000 ، وأنتخب عضواً في هيئة تحرير مجلة (المسلة) الصادرة عنه.في العام 2008 كرمه اتحاد الأدباء العراقيين بدرع الجواهري ضمن احتفالية كبيرة أقامها نادي الشعر العراقي التابع للاتحاد.وفي العام ذاته كرمته مؤسسة الصادق بدرع خاص كما نال لقب سفير الكلمة الحرة ضمن احتفالية كبيرة اقامتها مؤسسة نزار عبد الواحد الاعلامية في مدينة العمارة.يحرر مجلة دفاتر الثقافية على الانترنت منذ العام 2006. من هذا السفر في عالم الشعر والمسرح والنقد والكتابة المسرحية كان هذا الحوار مع الشاعر والكاتب والناقد المسرحي عبدالخالق كيطان 
 
                                                                           كيف ترى الواقع الفني في  المسرح العراقي؟
اثبت  التجارب المسرحية العراقية خارج العراق وهي عديدة حقا ومتنوعة تنوع المنافي والمنائي التي يزدحم العراقيون فيها، وفي كل مكان وصله المسرحيون العراقيون كانت ثمة تجربة وثمة حراك وثمة محاولة وبالطبع تتأثر تلك التجارب بالامكنة او الحاضنات المكانية لها.هكذا صرنا نقرأ مثلا عن تجارب عديدة في المونو دراما بسبب ضيق الحال الذي يعانيه منتجو تلك المسرحيات وصرنا نقرأ عن ادعاءات وبطولات دون كيشوتية ليس لها رصيد ابداعي.. صرنا نقرأ عن مجهودات فردية نادرة في بلاد بعيدة يجب ان نقف احتراما لاصحابها الذين كانوا مبدعين في بلادهم قبل هجرتهم مشهد المسرح العراقي في المنافي والمنائي شاسع جدا ولايمكن الاحاطة به ولكني استطيع الحديث هنا عن مشاهداتي في العاصمة الاردنية عمان والقليل النادر في استراليا. بالطبع لن نتحدث هنا عن تقنيات مسرحية وديكورات وازياء.. بل عن مواضيع معينة.. اما ما اسمع به الان عن حركة مسرحية في العاصمة السورية فلا يعدو كونه -كما ازعم- محاولات حثيثة لنقل تجربة المسرح الاستهلاكي العراقي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي البائسة والفجة بنجومها وكتابها ومهرجيها ايضا.. ثمة ايضا في هذا السياق وجود مسرح عراقي جيد في الامارات العربية المتحدة وفي بعض الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية نتمنى لها التواصل. واتمنى شخصيا لاصحاب ذلك الوجود الافادة من وجودهم ذاك على مستوى تطوير مهاراتهم الابداعية والفنية.
 
بين الشعر والكتابات الأخرى، المسرح والصحافة والنقد؟
 
- ما زلت أعتقد أن الشعر شأن شخصي بالدرجة الأساس، وأعني بالشعر  هنا كتابته، أما الكتابات الأخرى فالموضوع يختلف فيها..  وأنا منذ زمان بعيد كنت أجتهد على ان أبقي نصي شخصياً، بمعنى أنه ينطلق مني إلى العالم وليس العكس.. ثمة من يعتقد بغير ذلك، والكل حرّ في إعتقاده. ممارساتي الكتابية الأخرى تقلب هذه المعادلة، ولهذا أعتقد أن هذا يكمل ذاك والعكس صحيح.. لا أعتقد بأن العمل في مناطق كتابية أخرى يضر بالشعر، على العكس تماماً، بل أجد من الضروري جداً لشاعر ما أن ينوع مناطق الكتابة عنده، الزمن الذي نعيش فيه زمن معقد ولكن نظم الإتصال فيه حاولت أن تحدّ من تلك التعقيدات... العيش في المنافي يمنحك ثقافة جديدة تستطيع أن تحولها إلى كتابة مؤثرة، وليس بالضرورة أن تكون هذه الكتابة شعراً... أما المسرح، فهو كما قيل (أبو الفنون)، تجد فيه الشعر والسرد والموسيقى والأزياء والتشخيص وعلم النفس والتشريح وعلم الجمال والتأريخ إلخ.. والكتابة في المسرح وعنه تمثل ممارسة من أجمل الممارسات الإبداعية التي عرفتها، ربما تكون الكتابة في الحقول الفنية كلها ممتعة بالمستوى ذاته (السينما، التشكيل، النحت، الموسيقى، الأزياء.. إلخ)، ولكن المسرح يختلف عن تلك الفنون بحيويته، وأعني قدرته على صياغة علاقات حيوية دائماً بإعتباره فعلاً حياً، وليس لحظة مستعادة.
     = كيف تجد واقع النقد المسرحي في العراق
                                                                   
ــــ ان وجود ظاهرة مسرحية  متقدمة في بلد ما تنتج ظاهرة نقد وتنظير متميزة وهذا لم يحصل في العقدين الاخيرين من عمر مسرحنا الطويل.. وانا هنا لا اتحدث من تجارب متناثرة هنا وهناك ولا عن عروض مخصصة للافادة منها خارج العراق.. كما وجدت ان اكثر ما يكتب في العراق كان بعيدا عن خشبة المسرح ، قريبا من متون الكتب مما يدلل ان ما يقدم من مسرح اما ان يكون نادرا او غير مهم بالنسبة للنقاد.
 = كتب النقد حول المسرح من اين اتى هذا الحب له وانت شاعر قبل هذا 
 
ــــ في المراحل الاولى من دراستي الاكاديمية في كلية الفنون الجميلة وجدت انني لا اصلح للاخراج او التمثيل بالرغم من انني امضيت وقتا قبل الدراسة كممثل في مدينتي العمارة.. وكثيرا ما كنت احصل على جوائز التمثيل في المهرجانات الشبابية المسرحية.. ولا اقول ذلك للدعاية..!
لكنني ادركت بوعي انني لا اصلح للوقوف على خشبة المسرح الا لالقي قصيدة شعر او كلمة ما.. وهذا ما حدث.. واجدني اليوم سعيدا جدا باختياري ذلك الطريق وغير نادم عليه بالمرة..
= كيف تجد واقع المسرح العراقي بين عهدين الماضي والحاضر
 
ـــ تمر الظاهرة المسرحية اليوم بظروف صعبة جدا نتيجة غياب قاعات العرض وكذلك العائق الامني رغم التحسن الواضح اليوم وعلينا ان نعمل بجد من اجل استعادة مسرح الرشيد وكذلك منتدى المسرح اذا لم نكن قادرين على تأسيس مسارح جديدة ــــ ولا ارى ولا افهم سر تعالي السياسيين في العراق ازاء الثقافة العراقية الوطنية اننا نريد ان نعيد المياه الى المسرح والسينما وجميع الفنون المرئية وعلى السياسيين ان يساعدوننا في ذلك لا ان يتفرجوا ولا يبالوا امام دعواتنا لان ذلك حق للعراقيين لا جدال فيه .. وهو في النتيجة حقنا في الحياة..
 = كيف كانت تجربتك ايام الدراسة في الاهتمام باقامة بالمسرح  
ــــ الاصرار وحده هو الذي ميز تلك الفترة وقد ادركت انني يجب ان ابحث عن ما يناسبني فكانت الكلمة وبقيت مصرا على ذلك وساعدني في ذلك اصرار اساتذتي منهم د. فاضل خليل رئيس قسم المسرح  انذاك ود. عبدالمرسل الزيدي عميد الكلية ود. عقيل مهدي استاذ فلسفة الجمال ود. مالك المطلبي ود. شفيق المهدي الذين دعموا موقفي بافتتاح فرع للنقد المسرحي في الكلية.
وهكذا تحول  الاصرار الى حقيقة لكن الغريب ان الفرع لم يستمر سوى لدورتين فقط، لان الطلبة يميلون الى التطبيقات العملية وليس النظرية كما موجود في فرع النقد واعتقد اننا اليوم بحاجة ماسة الى فرع تخصصي للنقد المسرحي وادعو من خلال جريدتكم الاساتذة في كلية الفنون لترغيب الطلبة بهذا الاتجاه.. كما اجدد دعوة المرحوم د. علي جواد طاهر بضرورة ان يتمتع طلبة النقد بفرص الايفاد الى خارج العراق للاستزادة  والافادة من العلوم المسرحية والنظرية ـــ لكن من يصغي ؟! 
حتى في ايفاد الوفود الفنية لا يتم اصطحاب ناقد ما لمرافقتهم وهذا خلل بين واضيف يقول عبدالخالق ان اغلب الفنانين المخرجين والممثلين ينظرون الى النقاد نظرة ازدراء واعتبارهم مجرد تابعين وعليهم دائما ان يطبطبوا على الاكتاف وينظرون الى النقد وكأنه هــــادم لنرجسيتهم الكبيرة
 = ماذا تريد من الثقافة العراقية، خاصة ما يتعلق بالفنون الجماعية كالمسرح والسينما والتلفزيون والموسيقى والغناء. 
 
لقد تحققت بالفعل نجاحات محسوبة في قطاعات ثقافية مهمة، تقف الصحافة على رأسها، وكذلك ما خص ترتيب البيت الثقافي من الداخل، اتحاد الأدباء ونقابة الصحافيين على وجه الخصوص، وأولت الصحف المحلية الصادرة بعد سقوط النظام السابق أهمية ملحوظة للنتاج الثقافي العراقي بضفتيه القادمة من خارج الحدود أو التي تعيش تحت لهيب النار، والذي يطلع على الصفحات الثقافية للصحف العراقية اليوم يطلع على تجارب لافتة في الشعر والقصة والنقد أيضا، ناهيك من فن المقالة الذي ازدهر بسرعة هو الآخر في العراق الجديد. ونؤشر في هذا السياق ذلك الحضور اللافت لأسماء غابت أو غيبت في العقود السابقة عن مشهد الثقافة العراقية، وهي مؤشرات تدلل بوضوح على عافية هذا المشهد الذي يراد منه الكثير. 
= كيف تجد المعوقات التي تقف في طريق تقدم المسرح والفنون الاخر في المشهد العراقي
إن مشكلة الفنون الجماعية تنحصر بخاصيتها الجماعية بشكل خاص، فانتاج مسرحية واحدة يتطلب تضافر جهود العشرات من ذوي الاختصاص، وتجميع هؤلاء ليس بالمهمة السهلة في العراق اليوم، بالرغم من قيام عدد محمود من أهل الحرفة بتجميع شتات بعضهم في دائرة المسارح العريقة في بغداد. على أن هؤلاء لم يستطيعوا لحد الآن تقديم ولو نتاج واحد يضعهم في مركز الحدث والمشهد كما كانوا على الدوام. وفي هذا السياق تبدو مهمة السينما أشد تعقيداً بسبب ندرة المواد الخام اللازمة للانتاج السينمائي، وهي مشكلة كانت السينما العراقية تعاني منها منذ عقود، حتى أيام الرخاء النسبي، فقد كانت المواد الخام التي تصل إلى العراق تذهب لانتاج أفلام مخطط لها من قبل النظام العراقي وتصرف لها ميزانيات ضخمة، فيما الحديث عن محطة تلفزيونية وما يتبعها من نتاج تلفزيوني درامي أو برامجي أصبح اليوم في حكم النكتة، فالجميع لا يعرف سبباً واضحاً لتلكؤ إدارة الاحتلال ومجلس الحكم العراقي في إطلاق قناة تلفزيونية عراقية جديدة تلم عندها المئات من الكوادر الاعلامية التلفزيونية العراقية التي كانت تعمل في ثلاث محطات تلفزيونية أيام الحكم السابق: (تلفزيون بغداد ، الشباب وقناة العراق الفضائية). 
= هل هناك غياب الى الفنون العراقية ومن ضمنها المسرح عن المهرجانات العربية والعالمية
 إذا كان ثمة صوت يبرر غياب الفنون العراقية عن عدد من المهرجانات التخصصية المقامة أخيراً في عدد من العواصم العربية (قرطاج والقاهرة وأبوظبي) على اعتبار أن لهذا الغياب أسبابه الواقعية، فإن حضوراً لافتاً لمجامع عمل عراقية أخرى سوف يدحض مثل هذه التبريرات ، وليست النجاحات التي حققتها الفرق الرياضية العراقية بعد سقوط الصنم بمثال مفبرك هنا على أية حال. 
في الوضع العراقي المعاصر يبدو سهلاً أن تنظم أمسية شعرية أو ندوة ثقافية أو معرض مشترك لعدد كبير من الرسامين العراقيين، ولكن العمل على تنظيم مهرجان مسرحي يبدو من الصعوبة بمكان، اذ أن ما كان مقرراً له قد تم تأجيله مرات عديدة، بالرغم من أن المهرجان المزمع عقده سوف يكون بمشاركة عدد من المسرحيات التي كانت قد أنتجت قبل حرب إسقاط نظام صدام بشهور. وإذا كان واحد من المسرحيين الشباب قد غامر فقدم مسرحية مرتجلة أعقبت بأسابيع انتهاء الحرب فإن ذلك لا يعني البتة تواصل النشاط المسرحي العراقي. وفي الحقيقة، نحن نقرأ هنا وهناك عن وجود تمارين مسرحية لأكثر من عرض، ولكن لحد الآن تبدو هذه الأخبار للترويج الإعلامي ليس إلا.. لقد نالت المؤسسات الفنية العراقية نصيبها من الإهمال، ومن السرقة أيضاً ما يتطلب مراجعة جادة لانقاذها من الشلل الذي أصابها.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحسين بريسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/30



كتابة تعليق لموضوع : حوار : الشاعر الناقد المسرحي عبدالخالق كيطان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net