صفحة الكاتب : سجاد العسكري

تربة سجودنا وطئتها أقدام الراقصات!
سجاد العسكري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

   عبر الزمن والتاريخ والحضارة شعوب تحتفي بما تركه السلف من تراث وقداسة التي تصنع هوية الأمم وتعكس وطنيتها لوحدة الأرض وتألف الشعب للحفاظ على هذا الإرث في صنع مستقبل معاصر متقدم وفق اطار ماضي خاضع للثقافة والحضارة الإنسانية للشعوب , فبالرغم من تقدم الذي يشهده العالم فلا زالت المجتمعات تستخدم التراث الغير المادي بشكل يومي في عموم العالم ,بأعتباره  ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية وكذلك اعتزازها به ,والمحافظة عليه من الاندثار.
   فالتراث هو الارث الذي تركه اسلافنا وله قيمة علمية وفنية وادبية وقد يكون مادي كالكتب والاثار وغيرها , وقد يكون غير مادي -معنوي – كالأخلاق والاداب وروح التضحية والشهادة ,وقد يشترك مع هذا الارث القداسة كالقران الكريم والسنة المعصوم عليه السلام , وكذلك التضحية والشهادة من قبل الانبياء والصالحين والعلماء ,كما هي دماء شهداء كربلاء التي اعطت لهذه الارض قداسة لعظم تضحيتهم من اجل الحفاظ على الارث النبوي والعدالة الاجتماعية التي جاء بها الاسلام فاكتسبت خصوصيتها من هذه الدماء الزكية التي سالت عليها . 
في هذه المقدمة عنيت مدينة كربلاء المقدسة التي جمعت بين التراث والقداسة ,فوراء نشأة المدن وتكونها عدة اسباب منها قربها من مصادر المياه , او لوقوعها على طريق تجاري او لسبب ديني فتبداء بقدسية المكان من تقديم خدمات للزوار وتتحول الى مناطق استراحة فاسواق ثم الى مدن عامرة  , فكربلاء كانت ارض لم تسكن الا بعد حدوث واقعة كربلاء واستشهد فيها الامام الحسين واهل بيته واصحابه عليهم السلام , فدفن فيها وشيد عليها الأضرحة الشريفة فأصبحت مقصد الزوار وتتحول الى شوارع واسواق ومدن حتى اصبحت من اكثر المدن المقدسة زيارة في العالم .
  اما تربتها فهي حرم الله الامن في حديث عن ابي الجارود عن علي بن الحسين عليه السلام :( أتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق ارض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وأنها إذا بدل الله الأرضين رفعها الله كما هي برمتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روض من رياض الجنة، وأفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون), فهل يجوز لحرم الله الامن ان تتراقص وتتمايل فوقه الراقصات ,مالكم كيف تحكمون.
  ومن جانب اخر ان ابرز مظاهر العبودية هو السجود على التراب الطاهر , ولتربة كربلاء فضيلة عظيمة كما ورد في الروايات لتعظيم وتقبيل هذه التربة من قبل النبي المصطفى "ص" والامام علي عليه السلام  والسجاد والصادق وغيرهم كانت لهم مواقف في تعظيم هذه التربة العطرة الزكية , فاصبحت هذه التربة لأتباع اهل البيت عليهم السلام موضع للسجود والتبرك وشفاء المرضى كما جاء بالاثر الشريف للائمة الاطهار ,فبعد هذا تجعلون من اطهر تربة للسجود بان تتمايل وتطئها اقدام الراقصات .
  فهنا نتكلم عن قداسة كربلاء التي يريد البعض الظال وبما تمليه ميوله وغرائزه الشيطانية ان يدنس هذه الارض الطاهرة عبر مفهوم عدم خلط الاوراق , باعتبار الحفل الراقص في ملعب كربلاء يمثل وجهة حضارية للعالم , وهم بهذا يغالطون انفسهم فكل البلدان تفخر بأرثها وحضارتها لتصدره عبر المحافل المتنوعة , اما اصحاب الحفل قد نأوا عن انفسهم من ان يعكسوا وجه العراق الحضاري عموما وكربلاء ارض الحدث خصوصا بل عمدوا الى استيراد ثقافة مستهجنة وجهت بالرفض من اغلب الاوساط التي لها اثر وحس وطني حقيقي .
   اما اصوات البعض الناشزة هي اما جاهلة بهذه الاعتبارات او مسيرة وفق مخططات استهداف الاماكن المقدسة التي تعكس هيبة وحفظ المجتمع عبر مراحل العراق التاريخية , فعندما صدرت الفتوى بالجهاد الكفائي من ارض الحسين عليه السلام تلاقفتها المدن الاخرى بالسمع والطاعة وتلبية لهذا النداء الحضاري الذي يفرق بين الحق والباطل ,لأنها ارض الشهداء والعلماء والامجاد.
   فاليسمع المنسلخون من تراثهم ومقدساتهم , وكذا المسؤولين ,بان ارض كربلاء ليست حكرا على البعض , ولا ادارة امورها ايضا , بل هي لكل المؤمنين والمدافعين عن عقيدة اهل البيت عليهم السلام .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سجاد العسكري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/03



كتابة تعليق لموضوع : تربة سجودنا وطئتها أقدام الراقصات!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net