صفحة الكاتب : حنان الزيرجاوي

محادثة قبل السحر
حنان الزيرجاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اعتادت أن تتلو بعض من آيات القرآن الكريم قبل أن تخلد إلى النوم، فكل ليلة تمسك كتاب الله فتقبله وتضعه على رأسها، وتقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم لتشعر بالطمأنينة، والسعادة الغامرة لتسافر في عالم الملكوت، وتسبح في فضاء إللانهية، وهي تتأمل في بليغ نطقه، وتتدبر جميل معانيه، وختمت تلاوتها بالآية الكريمة: 

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم}ٌ.
فآوت إلى فراشها وهي تردد هذه الآية الكريمة، وتسبح الله وتحوقله، سبحانك ربي كيف لمن يعاشره الإنسان ويحبه، ويغدق عليه مما رزقه الله، ويقابل هذا الإحسان بالعداء والبغض،
هل فعلا من يفعلون ذلك يحملون قلبا بشريا وعواطف واحاسيس؟

كيف لمن يُحسن إليه يقابل ذلك الإحسان بالإساءة؟

كانت تدور في رأسها تلك الأسئلة، وغيرها وهي تقلب صفحات التاريخ لتقف على تلك النماذج وتشمأز نفسها، كلما تذكرت واحدة منهن، وانتهى بها المطاف الى خائنة فاقت الأخريات في كل شيء، فبدأت تخالجها أفكارها
 كيف تجرأت هذه اللعينة على امام معصوم كالامام الجواد ؟!

فأخذتها الغفوة عنوة ليسري بها عالم أحلامها إلى زمن كان الإنسان يخشى من ان يقال له شيعي.
وهنا التفتت لترى باب ذلك الزمان قد فتح مصراعيه ليتلقفها باكف حنان، ودمعة حزن ليهمس باذنها: 

اراك مشوشة البال تغرقين ببحر أفكار تكاد تسلبك رغيد نومك .

التفت إليه فأجبته: 
 نعم ... نعم ..

سبرت أغوار ذلك العالم الذي لم أألفه، ولم يتسنى لي أن أرى ملامحه قدحت في قلبي التفاتة، وناديت في ذلك العالم .
يامن يسمع صوتي ....
انادي .....هل من مجيب على ندائي ؟ 

وفي صخب عالم لم يألف الهدوء سرى إلى سمعي صوت لا اكاد اميز نبراته، وهو يهمس في أذني....
ماذا ... ماذا ... ماذا...
فأجبته وأنا تهزني قشعريرة خوف: نعم... نعم .... 
فاعاد....
ماذا تريدين وسط هذا الصخب ؟
هنا استجمعت قواي وكأني اصارع موج جارف.
هل لي بإجراء مكالمة عبر اثير زمنكم؟

مكالمة !!!!

قالها متعجبا ومستغربا،
ماذا تقصدين بمكالمة؟

في عالمنا الذي اعيش فيه من يريد أن يكلم شخص تبعده المسافات يتصل عبر اثير زماننا.

مهلا ...  مهلا ....
 
دعيني ألف بل دعيني استبق الزمان لأهيأ لكِ ماتطلبين.

مرت برهة صمت قاتلة، وإذا به يهمس لي ثانيا: 
 تفضلي .... تفضلي أيها المتطفلة على الزمان فأثيرنا تحت امرك.
تكلمت في اثيرهم دون معرفة رقم هاتف وناديت اريد أن أتكلم مع ام الفضل.

فادهشتني سرعة الإجابة اي ام فضل تريدين؟

فلدينا الكثير الكثير،
أهي صالحة أم طالحة؟

فاجبت...

بل هي طالحة؟

اي نوع من الذنوب ارتكبت؟

فاجبت لا أعلم عنها، وعن ذنوبها كثيرا لكن اعلم لها ذنبا يفوق كل الذنوب، هي قاتلة لبعلها وهو خير خلق الله في زمانه. 

فقهقه رويدا ....

وقال : أها ... ام الفضل بنت المأمون. 

فقلت نعم .

فبادرني أن الاتصال بها صعب جدا جدا..
ولكن انتظري قليلا...

واذا بصوت يرتجف، ويتلعثم في الكلمات...

أنا أم الفضل من يناديني..

فدهشت وارتعدت فرائصي ثم هدأت قليلا وأنا اخاطب نفسي..

هذا طلبك ... هذا مرادك 
فبادرتها بالسؤال ...

كيف تجرأتي على قتل امام معصوم؟!

وكيف للمرأة الرقيقة الحنونة أن تفعل مافعلتي؟!

فإذا بذلك الصوت المرتعش يجيبني: 

كنت في زمان غير زمانكم،
كنت احمل بغضا وحقدا، وحسدا لو وجهته حول جبل لتضعضع،
فقد غُذيت وتربيت وطعمت حقدا، وبغضا لأهل هذا البيت،
بحقدي وبغضي هذا كنت اتمنى تقطيعه ارباً ارباً .
ولكن لم يتسنى لي ذلك.

ولما جاءت الفرصة وطلب مني أن ادس له سما فرحت فرحا شديدا، وكم كنت في نشوة الفرح وانا أراه يتناوله،
كنت مأمورة بدس السم فقط، ولكن بغضي لهم جعلني افرغ البيت من الماء لاني أعلم المسموم يطلب الماء، واوصدت الأبواب جميعا بشكل محكم، وخرجت وأنا أشعر بالزهو لإنتصار إرادتي. 

هنا انقطع صوتها ..

ناديت ... ناديت ....

لم يجبني أحد. 

وأنا انادي واذا بامي توقظني...

وهي مفزوعة ... ما بكِ ... ما بكِ
فانتبهت اني كنت في عالم ليس عالمي،
استغفرت الله وتوضأت، وجلست على سجادتي وأنا ابكي وابكي وابكي على مصيبة إمامي الجواد سلام الله عليه الذي مات عطشانا كجده الحسين سلام الله عليه .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حنان الزيرجاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/02



كتابة تعليق لموضوع : محادثة قبل السحر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net