صفحة الكاتب : محمد السمناوي

الحلقة الأولى/ عشر سنوات عاش الإمام الحسين بعد أخيه الحسن(عليهما السلام) ماذا كان يفعل؟
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذه هي الحلقة الاولى من سلسلة الاحداث التي وقعت بعد شهادة الامام الحسن (عليه السلام) اقام الإمام الحسين (عليه السلام) مع جده ست سنوات، ومع أبيه ثلاثين سنة، ومع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشرا، وبقي بعد أخيه عشرا، فكان عمره الشريف ٥٦، وقيل ٥٧ سنة(١).
نحن في كل سنة نتحدث عن يوم واحدة من أيام الإمام الحسين هو يوم عاشوراء يوم واحد فقط من عمره الشريف بل ساعة من ساعات يوم عاشوراء كيف بنا لو تم إحياء ذكرى الحسين من يوم ولادته الى شهادته، وهذا ما يحتاج إلى وقت طويل وقد كُتُبَ في ذلك الكتب والمصنفات بل الموسوعات.
عاش الإمام الحسين عشرة سنوات بعد أخيه الحسن هذه الفترة الزمنية ماذا كان يصنع وماهي الأهداف التي حققها ؟، وما هي المواقف والخطط التي قام بها الإمام الحسين بعد شهادة أخيه الحسن (عليه السلام)؟.
يقع الحديث في هذا البحث عن السنوات العشرة فقط التي عاشها الإمام الحسين (عليه السلام) بعد شهادة الإمام الحسن( عليه السلام) .
فلو أخذنا فترة زمنية محددة وتم تسليط الضوء على جميع أحداثها ودراستها دراسة تحليلية لكانت الفائدة عظيمة وجليلة، خصوصا اذا تم تصنيفها بحسب الأحداث التي وقعت بعد شهادة الامام الحسن(عليه السلام) .
مثلا لو رجعنا الى بعد شهادة الامام علي عليه السلام نجد أن اول حدث هو إصرار الخوارج على الحرب مع اهل الشام وهذه الطبقة من الخوارج تحمل افكار لا تنسجم مع روح الاسلام فهؤلاء لا يعتقدون بمقامات ال البيت عليهم السلام، لذا يجد الباحث أنهم( الخوارج) رفضوا وابوا مبايعة الامام الحسن وطلبوا من الامام الحسين ان يمد لهم يد البيعة ، ليبايعوه فرفض ذلك واجابهم: معاذ الله ! ان أقبل ذلك مادام اخي الحسن حيا فرجعوا وبايعوا الحسن(عليه السلام).
مما ينبغي الاشارة إليه في هذا السياق ان الامام الحسين كان شديد الاحترام والتقدير والمحبة لأخيه الامام الحسن احتراما ومحبة شديدة . فإذا دخل مجلسا فيه أخاه الحسن (عليه السلام) لم يتكلم قط احتراما واجلالا . اي أن لسانه لا يعمل كما في كثير من المواقف التي تحصل بين الائمة وتلامذتهم كما عن أبي عبد الله الصادق ومحمد بن مسلم حيث اخبره الاخير ان لسانه لا يعمل وهكذا حال الحسن والحسين عندما كانا صغارا لا يتكلمون بمحضر أبيهم الامام علي (عليه السلام).
بعد أحداث الصلح مع معاوية واجه الحسين (عليه السلام) اعتراض الشيعة بالوقوف مع خيار أخيه الحسن( عليه السلام) على الرضا بالصلح والالتزام به وصرح على ذلك بقوله: ان الحسن هو امامي ويلزم علي متابعته واطاعته.
بعد معاهدة الصلح مع معاوية غادر الامام الحسين( عليه السلام) برفقة أخيه الحسن(عليه السلام) من الكوفة سنة ٤١ مصاحبا أخاه متوجها منها نحو المدينة .
(موقف الامام الحسين من صلح الامام الحسن (عليهما السلام )
ان الاعتقاد بأن لائمة اهل البيت (عليهم السلام) دورا عاما مشتركا يسعون جميعا الى تحقيقه وأنهم حزب متكامل ومنظومة متكاملة البرنامج والهدف من أولهم الى اخرهم ولذا كان الحسين يؤيد ما يقوم به الحسن ويتبناه ولا يحيد عنه ناهيك انه امام معصوم مفترض الطاعة بالنص القرآني، والنصوص التاريخية تؤكد هذه الحقيقة فقد دعم الحسين جميع قرارات أخيه الحسن طيلة فترة إمامته وكان حريصا على حياة أخيه وتهدئة ثائرة الشيعة وكان يأمرهم بالصبر والترقب ويوصيهم بالتخفي عن أعين السلطة والتربص(٢).
ولذا قال عدي بن حاتم للامام الحسين يا ابا عبد الله شريتم الذل بالعز وقبلتم القليل وتركتم الكثير... دع الحسن وما رآى من هذا الصلح واجمع اليك شيعتك من اهل الكوفة وغيرها وولني وصاحبي يعني (عبيدة بن عمر) هذه المقدمة فلا يشعر ابن هند الا ونحن نقارعه بالسيوف فأجابه انا قد عاهدنا ولا سبيل لنقضها(٣).
فليكن كل رجل حلسا من احلاس بيته مادام هذا الانسان حيا(٤)، وكان الإمام الحسين يقول لقيس بن سعد بن عبادة الانصاري حينما صالح الحسن معاوية انظر قيس الى الحسين فقال ياقيس انه امامي يعني الحسن(5)، ومما يدل ان الحسن والحسين كانا كارهان لهذا الصلح لولا أنهما اضطرا اليها اضطرارا لجهة الحرص على مصالح اسلامية كبرى فكانت مثل اكل الميتة الذي يخشى أن يموت جوعا(6).
ولا يختلف موقف بقية الامام اهل البيت عن موقف الحسنين (عليهما السلام) بالنسبة إلى هذا الصلح فقد روي الامام الباقر( عليه السلام) انه قال : (والله الذي صنعه الحسن بن علي (عليه السلام) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس (7).
لما استقر الصلح بين الحسن ومعاوية خرج الحسن الى المدينة فأقام بها كاظما غيظه، لازما منزله منتظرا لامر الله الى ان تم لمعاوية عشر سنين من امارته وعزم البيعة لابنه يزيد فدسالى جعدةبنت الاشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن ع من حملها على سمه فسقته السم ولقد سقي السم مرارا ولكن هذه المرة كانت مختلفة ولقد لفظ قطعة من كبده فجعل يقلبها بعود بيده، وبقي مريضا أربعين يوما ولما حضرته الوفاة استدعى الحسين (عليه السلام ) فقال يا اخي اني مفارقك ولاحق بربي عز وجل وقد سقيت السم .. فإذا انا قضيت فغمضمي وغسلني وكفني واحملني على سريري الى قبر جدي ص واله لاجدد به عهدا ثم ردني الى قبر جدتي فاطمة بنت فادفني هناك (8).
في الحلقة الثانية سوف يكون البحث عن أهم المواقف والمواجهات التي قام بها الإمام الحسين(عليه السلام) تجاه معاوية بن ابي سفيان، وماذا لو لم يلتزم الإمام الحسين (عليه السلام) ببنود المعاهدة والصلح؟ هذا ماسوف يتم الإجابة عليه في البحث القادم.

المصادر والمراجع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مغنية، محمد جواد، المجالس الحسينية، لا- د، لا - ت، ط١، ص١٣١.
٢ـ ياسين، كاظم، تاريخ السبطين سيرة الإمامين الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة، دار جواد الائمة عليهم السلام، بيروت، ط١، ٢٠١٢م، ص١١١.
3ـ الدنيوري، أبي حنيفة (ت282هــ)،الاخبار الطوال ، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: جمال الدين الشيال ، دار إحيار الكتب العربي، القاهرة، ط1، 1960، ص٢٢٠ .
٤ـ الدنيوري، ابن قتيبة، (ت276هــ)، الإمامة والسياسة، تحقيق: طه محمد الزيني، مؤسسة الحلبي وشركاءه، ( لا ــ ط)، ج1، ص142.
5ـ المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار(ت1111هـ)، تحقيق: محمد باقر البهبودي، مؤسسة الوفاء، دار احياء التراث العربي، بيروت، ط2، 1983، ج44، ص61.
6- ياسين كاظم، مصدر سابق، ص١١٣.
7-الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي،(ت329هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط4، مطبعة الحيدري، 1362ش، الناشر: محمد الاخوندي، ج٨، ص٣٣٠، ح٥٠٦.
8-مقاتل الطالبيين ص٧٤، شرح نهج البلاغة لان ابي الحديد ج١٦، ص٤٩، مروج الذهب ج٢، ص٤٢٧، وترجمة الامام الحسن (عليه السلام)، ضمن تاريخ دمشق ص٢٠٧- ٢٠٨، وبحار الانوار ج٤٤، ص١٥٦، ١٥٤، والإرشاد ج٢، ص١٧، و جامع احاديث الشيعة، ج٣، ص٣٩٨، وغيرها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/18



كتابة تعليق لموضوع : الحلقة الأولى/ عشر سنوات عاش الإمام الحسين بعد أخيه الحسن(عليهما السلام) ماذا كان يفعل؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو سجى ، في 2019/07/30 .

ورد في كنتب سليم ابن قيس انه لما مات الحسن بن علي عليه السلام لم يزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان فلم يبقى وليٌ لله إلا خائفاً على دمه او مقتول او طريد او شريد ولم يبق عدو لله الا مظهراً حجته غير مستتر ببدعته وضلالته.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net