صفحة الكاتب : سوسن عبدالله

آداب الإنصات
سوسن عبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يجهل معظم الناس اليوم أهمية الاصغاء خاصة في ظل التطورات الافتصادية والسلوكية، وما يلزم تلك التطورات من سرعة واستغلال الوقت، فضلاً عن سرعة دوران عملية الزمان الذي قد غابت عنه عملية الانصات، وهي عملية تبادلية، إذا أردت أن ينصت لك الآخرون، فينبغي أن تنصت انت لهم، وهذا الاصغاء له تأثير عظيم في مجال العلاقات الاجتماعية والعملية والدبلوماسية.. ومن هنا للانصات الجيد جزء لا يتجزأ من الحديث الفعال، وهو وسيلة لكسب ثقة الناس وتأييدهم، لذلك نمد مائدة الحوار مع الست (بان محمد العبودي) استشارية اسرية فنسألها: - ما مفهوم الانصات وما أهميته؟ المستشارة الأسرية: هو التركيز العميق بما يقوله المتحدث وسط خضوع كامل لكافة الجوارح، بعيداً عن التصنع والتكلف، وهو يختلف عن الاستماع؛ لأن الاستماع هو مجرد وصول الموجات الصوتية، لو كنت أنا أعمل وأستمع الى اذاعة معينة مثلاً، ستكون هناك مشتتات ثانية تؤثر، لا يكون هناك تركيز تام؛ لكون التركيز التام هو أن أبعد هذه المشتتات، وأجعل هذا الصوت أو هذا الشخص هو موقع اهتمام، محور الاهتمام بكلامه، كذلك معرفة الى أي نقطة يحب أن يصل من خلال كلامه، وهذا الأمر له أهمية كبيرة، وتتركز أهميته بعدة نقاط، منها التأكد من معلومة معينة، عندما أتكلم مع شخص؛ لكوني في نهاية الحديث أريد أن اتخذ قراراً معيناً، لهذا فإن الانصات سيوصلني الى مرحلة بأن أتخذ القرار بصورة صحيحة؛ لكوني أحطت بكل الكلام، وحاولت بكل جوارحي أن أفهم فكرة المقابل، والى أين يريد أن يصل بها، ولذلك أهمية في أن الناس يشعرون باهتمامك، ولو كانت لدي مشكلة أو مشاعر معينة، أحب أن يشعرني الآخرون بأني أنا شخص مهم لديهم وكلامي مهم، لهذا هو يقوي الصلة بين الأصدقاء وبين الأباء والأبناء وبين الأسر بشكل عام. كذلك يخلق علاقات طيبة مع كل الناس؛ لكون الناس تحب من يستمع لها، لا تحب أن المقابل مجرد يلقي عليها محاضرة ونصائح، وهو أمر جيد أنك تنصحني لكن بنفس الوقت اعطني نصيحة، استمع ما في داخلي، بماذا أحس؟ ماذا يدور في ذهني؟ لكن مع الأسف نفتقد في مجتمعنا هذه الثقافة، وهي ثقافة الانصات سواء التربوية أو في البيت. - ماهي أنواع الانصات؟ المستشارة الأسرية: للإنصات أنواع كثيرة قد يتصور البعض أن الانصات شيء مهم وعليه أن يسكت، قد أسكت، لكن أنا مشغول بالهاتف، والشخص المقابل يتكلم، او قد اركز نظري على امور اخرى، وبهذا انا لم أعط اي انتباه لهذا الشخص، هنا بدأ الانصات السلبي، وهو أسوأ انواع الانصات، وكأني أتعمد أن اتجاهله، وان يكن الأمر غير قصدي، لكن حركتنا ولغة الجسد تبين للمقابل اني متجاهل كلامه، رغم اني لا أتحدث، لكن بسبب تعابيري ينعكس ذلك. كذلك هناك انصات مصطنع، فحواه مجرد النظر لعينيك، والاجابة بنعم، لكن دون تركيز، وكأني أبيّن للشخص المقابل متى تكمل حديثك..! صحيح منصت لك، لكن بتكرار: نعم، نعم.. الناس تشعر بأنك ليس معهم، وأحياناً ممكن أن أشعر بأن الشخص ليس معي حتى عن طريق المراسلة بالهاتف وهذه مشكلة. كثيراً ما يحدث تأخير بالإجابة، أو أنت تكتب اكثر من كلمة وجوابه يكون ملخصاً بكلمة واحدة، أو أحياناً يعطيك اجابة غير الذي انت تكتبه..! هنا نرى مدى الاحباط الذي يصاب به الشخص؛ لكونه يشعر بأنه ليس محط اهتمام، بالأخص اذا كان من اقرب الناس لك، هذه مشكلة تولد بعداً نفسياً كبيراً بين شخصين. وكذلك في الحياة الزوجية هذا أمر مهم، كثير من الحالات تصل الى الطلاق؛ بسبب عدم وجود تواصل، أساس التواصل الانصات، أن أتحدث، أعبر لك عن ما في داخلي، لماذا لا تسمعني؟ وهذا ما تشتكي منه اليوم الزوجات بأن الزوج لا يشعر بها، وهذا يولد شعورا سلبيا والابتعاد فيما بينهم. - إذن، أهم انواع الانصات، الانصات الصادق؟ المستشارة الأسرية: الانصات العقلي الفعلي الصادق وهو الانصات الجاد صادق الفهم من دون أن أفكر بالرد، وانما بقصد أن أفهم الموضوع من منظار المتحدث. أيضاً الانصات الاختياري وهو مهم جداً، وهذا ما يقع فيه الأهل، أن أسمع ما يعجبني وأترك الباقي، تحسس المقابل أنه لا شيء، وهذا من أحد أنواع الانصات التي تعتبر سلبية..! - كيف نفهم الأبناء فن الانصات؟ المستشارة الأسرية: يتعلم الأبناء من خلال وجود القدوة في حياتهم، لابد أن تكون انت منصتاً جيداً لهم، ليكونوا منصتين لك عادة سواء في المدرسة او في البيت، يتعلم الأبناء عن طريق الخوف، يمكنه أن ينصت لك؛ لكونه يخاف منك، قد يساء له بطريقة معينة، لكن هذا الخوف ليس عن وعي، ممكن لو وصل الى مرحلة عمرية معينة لا ينصت لك، وربما لا يسمعك، لهذا كن أنت القدوة له وهذا يبدأ من عمر جداً صغير، قد يكون قريباً من السنة. هناك أبحاث كثيرة دائماً تدل على أن المرأة من فترة الحمل تتكلم مع الطفل؛ لأن الطفل يسمع أمه، لذا ينبغي أن تتعود هي على هذا التواصل، عادة الأهل يقولون عن طفلهم أنه صغير ولا يستطيع ربط الكلمات، فلا يستحق أن أستمع له، وأنا لديّ أعمال كثيرة، وهنا تكمن أهمية كيف أبدأ من الصغر الانصات، هنا يكون التركيز في هذه المرحلة العمرية، كل ما تعطيه بالنهاية ستراه. جميل أن أعطي الطفل الوقت الكافي ليعبر عن رأيه، كثير من الأمهات تشتكي ابنها بالمدرسة، هناك من يأخذ أشياءه ولا يقول للمعلم، أو فلان يتهمه بأشياء معينة أمام المعلم، والمعلم يؤنبه ولا يدافع عن نفسه، والأم تتألم بسبب هذا الشيء وتقول: بأن ابني ضعيف الشخصية، هنا عليكِ أن تراجعي نفسك، أنتِ كيف تعاملتِ مع الابن؟ هل تسمحين له بأن يتكلم حتى اثناء وجود الكبار؟ صحيح الاحترام واجب، لكن لا بأس ان يعطي رأيه، بأن يشارككم الآراء، فهو لا يؤثر، ولا يقلل من احترام المقابل، بالعكس انت ستقوين شخصية الطفل، يولد وهو يمتلك شخصية الواثق بنفسه، وهذه الأشياء كلها مكتسبة؛ لكون الطفل يولد صفحة بيضاء، والأهل هم الذين يكتبون الثقة بالنفس في هذه الصفحة، والتدوين الذي يبدأ عند الطفل من عمر ستة أشهر، هل تسمح الأم اليوم للطفل أن يأكل بنفسه؟ اكيد لا تسمح للطفل أن يأكل بنفسه بحجة انه سيسقط الطعام على الأرض، أو يوسخ الملابس، صحيح ما تفكر به الأم، لكن هذه النعمة ممكن رفعها عن الارض بسهولة، والملابس غسلها، وتنظيف الطفل لا يأخذ اكثر من خمس دقائق. علينا ان نركز على الجانب الايجابي، عندما اقوي شخصية الطفل، بأن يوصل الاكل الى فمه، أعطيه ثقة بنفسه وهو بعمر السنتين، اجعليه يختار ملابسه، اليوم الابن بعمر 12 سنة والأم هي التي تختار ملابسه..! من المهم والضروري جداً تخصيص ساعة للأبناء للتكلم معهم، هذه العادة ستبين للطفل أنه يوجد وقت، ويوجد من يستمع له، فعندما نخصص وقتا ثابتا لنبعد هموم الدنيا ومشاغلها في هذا الوقت المخصص للأبناء، علينا ان ننصت لهم بالعين، أتكلم معه وأنظر اليه بكل مودة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سوسن عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/18



كتابة تعليق لموضوع : آداب الإنصات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net